تفسير الأحلام لإبن سيرين
رؤيا الصالحين لبعض رضي الله عنهم
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن العباس الأخميمي بمصر قال حدثنا أبو جعفر محمد بن سلامة الطحاوي قال حدثنا محمد بن إبراهيم بن جناد، وإبراهيم بن أبي داود وأبو أمية قالوا: حدثنا سليمان بن حرب واللفظ لابن جناد قال حدثنا حماد بن زيد عن الحجاج الصواف وأبي الزبير عن جابر أن الطفيل بن عمرو أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله هل لك في حصن حصنه ومنعه حصين كان لدوس في الجاهلية فأفتى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ذكر الله تعالى للأنصار، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هاجر إليه الطفيل بن عمرو وهاجر معه رجل من قومه فاحتوى المدينة فمرض فخرج فأخذ مشاقص وقطع بها براجمه وشخبت يداه حتى مات، فرآه الطفيل بن عمرو في هيئة حسنة، فقال: ما صنع بك ربك، فقال: غفر لي بهجرتي إلى المدينة إلى نبيه صلوات الله عليه وسلامه، فقال: ما لي أراك مغطياً يديك، فقال: قيل لي أنه لا تصلح منك ما أفسدت، فقال: قصها على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم وليديه فاغفر.
أخبرنا أبو يعقوب إسحاق بن بدران الفقيه بمكة قال حدثنا إبراهيم بن محمد قال حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: قال محمد حدثني مالك بن ضيغم قال سمعت بكر بن معاذ يذكر عن عنبسة الخواص أن رجلاً من الصدر الأول دخل المقابر فمر بجمجمة بادية من بعض القبور فحزن حزناً شديداً وواراها بالثرى ثم التفت يميناً وشمالاً فلم ير أحداً ولم ير إلا قبراً، قال فحدث نفسه، فقال: لو كشف لي عن بعضهم فسألته عما أرى، قال فأتى في منامه فقيل له: لا تغتر بتشييد القبور من فوقهم، فإن القوم قد بليت خدودهم في التراب فمن بين مسرور ينتظر ثواب الله، ومن بين مغموم أشفى على عقابه فإياك والغفلة عما رأيت، فاجتهد الرجل بعد ذلك اجتهاداً كثيراً حتى مات.
أخبرنا أبو علي الحسن بن الحسن بن شيظم البلخي قال حدثنا الحسن بن محمد قال حدثنا أحمد بن أبي صالح الكرابيسي قال: سمعت إبراهيم الدلال إبن أخي مكي بن إبراهيم يقول: سمعت إبن عيينة يقول: رأيت سفيان الثوري في النوم فقلت ما صنع الله بك قال فذكر شيئاً، قلت بما نجاك الله قال بقلة معرفتي بالناس، قال فقلت له أوصني، قال: أقلل من معرفة الناس.
أخبرنا أبو سهل بشر بن أحمد المهرجاني قال أخبرنا جعفر بن محمد العرائي حدثنا محمد بن الحسين البلخي عن عبد الله بن المبارك عن أبي بكر بن أبي مريم الغساني عن عطية بن قيس عن عوف بن مالك الأشجعي أنه كان مؤاخياً لرجل من قيس يقال له محلم ثم أن محلماً حضره الموت فأقبل عليه عوف، فقال: يا محلم إذا أنت وردت فأرجع إلينا وأخبرنا بالذي صنع بك، فقال إن كان ذلك يكون لمثلي فعلت، فقبض محلم ثم أقام عوف بعده عاماً فرآه في المنام، فقال: يا محلم ما صنعت وما صنع بكم قال: وفينا أجورنا كلنا إلا خواص قد هلكوا في الشر الذين يشار إليهم بالأصابع والله قد وفيت أجري كله حتى وفيت أجر هرة ضلت في أهلي قبل وفاتي بليلة، وأصبح عوف فغدا على إمرأة محلم، فلما دخل قالت له: مرحباً زوراً أضيفاً بعد محلم، فقال عوف: هل رأيت محلماً بعد وفاته قالت: نعم رأيته ونازعني ابنتي ليذهب بها معه فأخبرها عوف بالذي رأى وما ذكره من الهرة التي ضلت، قالت لا علم لي بذلك خدمي.
أخبرنا أبو يعقوب إسحاق بن بدران الفقيه بمكة عن إبراهيم بن العرر عن إبن أبي الدنيا عن محمد بن الحسين عن سعيد بن خالد بن زيد الأنصاري عن رجل من أهل البصرة ممن يحضر القبور قال: حضرت قبراً ذات يوم فوضعت رأسي قريباً منه فأتتني امرأتان في منامي، فقالت إحداهما: يا عبد الله نشدتك الله ألا صرفت عنا هذه المرأة ولم تجاورنا بها، قال فاستيقظت فزعاً فإذا بجنازة إمرأة قد جيء بها فقلت القبر وراءكم فصرفتهم إلى ذلك القبر، فلما كان الليل إذا بالمرأتين في منامي تقول إحداهما: جزاك الله عنا خيراً فلقد صرفت عنا شراً طويلاً، قلت: ما بال صاحبتك لا تكلمني كما تكلميني قالت: إن هذه ماتت عن غير وصية وحق لمن مات عن غير وصية أن لا يتكلم إلى يوم القيامة.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي بن حماد عن أبي سعيد إسماعيل بن إبراهيم قال: سمعت أبا إسحاق الخواص بالشام يقول: كان رجل يخدم داود الطائي ويكنى بأبي عبد الله، فقال له: إن مت فاغسلني ولا تخبر بي أحداً، قال، فلما أن مات رأيته في المنام على نجيب في هودج له أربعة آلاف باب بستائر مرخاة والريح تخفق فقلت يا داود ادع الله أن يلحقني بك، فقال: احفظ عني ثلاثاً: داو قروح بطنك بالجوع واقطع مفاوز الدنيا بالأحزان وآثر حب الله تعالى على هواك ولا تبال متى تلقى.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن بكر بن هارون عن أبي محمد المرعشي عن أحمد بن محمد بن الحجاج قال: تفقهت للشافعي ولمالك ولأحمد بن حنبل رضي الله عنهم وجميع من يوصل إليه الفقه فاختلفت على أقاويلهم واختلافاتهم في المسائل فأحببت أن آخذ بأصح أقوالهم فسألت الله تعالى أن يريني النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فوقع في روعي أنك سترى ليلة الجمعة، فلما كان ليلة الجمعة في السحر وأنا قد فرغت من وردي وقد قعدت على ظهري منتظراً المؤذن غلبتني عيناي فوقع في روعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قادم علي فدخل رجل نجراني عليه طيلسان وثياب بيض فسلم وجلس ثم قدم النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وقبلت بين عينيه، ورأيته على النعت الذي كان معي وعلى الصفة التي كانت معي ومعه جماعة من أصحابه فجلس وجلست بين يديه فسألته من مسائل ثم انتهيت إلى ما كان في نفسي من الفقه فسألته عن مسألة، فقال: إني على ما يقول هذا وأومأ إلى الداخل قبله، ثم سألته عن أخرى، فقال: على ما يقول هذا ثم سألته على مسائل الاختلاف فكان يومي بيده ويقول على ما يقول هذا فوقع في روعي أنه أحمد بن حنبل، فقلت يا رسول الله لقد ابتلي فيك، فصبر، فقال لي: انظر ما فعل الله به ثم التفت إلي، فقال: تصلي معنا الغداة فقلت يا رسول الله ما أحوجني إلى ذلك، فأقيمت الصلاة وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى.
أخبرنا الوليد بن أحمد عن عبد الرحمن بن أبي حاتم عن محمد بن يحيى الواسطي عن محمد بن الحسين عن يحيى بن بسطام الأصغر عن يحيى بن ميمون عن واصل موالي إبن عيينة عن رجل من بلحرث يقال له صالح البراد قال: رأيت زرارة بن أوفى بعد موته في منامي فقلت يرحمك الله ماذا قيل لك وماذا قلت فأعرض عني فقلت ماذا صنع الله بك فأقبل علي، فقال: تفضل علي بوجوده وكرمه، قال: قلت وأبو العلاء يزيد أخو مطرف قال بخ بخ صار إلى رضوان الله عز وجل، قلت وأخوه مطرف قال: ذاك في الدرجات العلا، قلت فأي الأعمال أنفع عندكم قال: التوكل وقصر الأمل.
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد ويحيى عن محمد بن إبراهيم العدوي عن أبي عمرو عبد الرحمن بن أبي وصافة عن أبي القاسم البزار قال: قال علي بن الموفق: حججت نيفاً وخمسين حجة وجعلت ثوابها للنبي صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم ولأبوي وبقيت حجة واحدة، قال: فنظرت إلى أهل الموقف بعرفات وضجيج أصواتهم فقلت اللهم إن كان في هؤلاء واحد لم يتقبل حجة فقد وهبت له هذه الحجة ليكون ثوابها له.
المنازعات والمخاصمات وما يتصل بها
أما البغض: غير محمود لأن المحبة نعمة من الله تعالى والبغض ضدها وضد النعمة الشدة، وقد ذكر الله تعالى فضله على المؤمنين برفع العداوة الثابتة بينهم بمحبة الإسلام، فقال تعالى ” إذا كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً “.
والبغي: راجع على الباغي والمبغى عليه منصور لقوله تعالى ” إنما بغيكم على أنفسكم ” وقال تعالى ” ثم بغي عليه لينصرنه الله “.
والتهدد: ظفر للمتهدد بالمتهدد وأمن له وأمان.
وأما الحسد: هو فساد للحاسد وصلاح للمحسود.
وأما الخداع: فالخادع مقهور والمخدوع منصور لقوله تعالى ” وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله “.
والخصومة: مصالحة، فمن رأى أنه خاصم خصماً صالحه.
والخيانة: هي الزنا.
والنقب: مكر.
وإن رأى كأنه نقب في بيت وبلغ، فإنه يطلب إمرأة ويصل إليها بمكر.
وإن رأى كأنه نقب في مدينة، فإنه يفتش عن دين رجل عالم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا مدينة العلم وعلي بابها.
وإن رأى كأنه نقب في صخر، فإنه يفتش عن دين سلطان قاس.
وأما الرفس: فمن رأى رجلاً يرفسه برجله، فإنه يعيره بالفقر ويتصلف عليه بغناه.
وأما الضرب: فإنه خير يصيب المضروب على يدي الضارب إلا أن يرى كأنه يضربه بالخشب، فإنه حينئذ يدل على أنه يعده خيراً فلا يفي له به.
ومن رأى كأن ملكاً يضربه بالخشب، فإنه يكسوه، وإن ضربه على ظهره، فإنه يقضي دينه، وإن ضربه على عجزه، فإنه يزوجه، وإن ضربه بالخشب أصابه منه ما يكره، وقيل إن الضرب يدل على التغيير، وقيل إن الضرب وعظ.
ومن رأى كأنه يضرب رجلاً على رأسه بالمقرعة وأثرت في رأسه وبقي أثرها عليه، فإنه يريد ذهاب رئيسه، فإن ضرب في جفن عينه، فإنه يريد هتك دينه، فإن قلع أشفار جفنه، فإنه يدعوه إلى بدعة، فإن ضرب جمجمته، فإنه قد بلغ في تغييره نهايته وينال الضارب بغيته، فإن ضربه على شحمة أذنه أو شقها وخرج منها دم، فإنه يفترع إبنة المضروب، وقيل إن كل عضو من أعضائه يدل على القريب الذي هو تأويل ذلك العضو، وقيل إن الضرب هو الدعاء، فمن رأى أنه يضرب رجلاً، فإنه يدعو عليه، فإن ضربه وهو مكتوف، فإنه يكلمه بكلام سوء ويثني عليه بالقبيح.
والخدش: هو الطعن والكلام.
وأما الرضخ: فمن رأى كأنه يرضخ رأسه على صخرة، فإنه لا ينام ولا يصلي العتمة لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما الرجم: فمن رأى كأنه يرجم إنساناً، فإنه يسب ذلك الإنسان.
وأما السب: فهو القتل.
ومن رأى كأن إنساناً أسمعه شتماً نالت منه أذى ثم يظفر به وينتصر عليه، وقيل هو حق يجب للمشتوم على الشاتم كما أن عليه أي المفتري الحد له، وإن كان الشاتم ملكاً فالمشتوم أحسن حالاً من الشاتم لأنه مبغي عليه والمبغي عليه منصور.
ومن رأى كأنه يصيح وحده، فإن قوته تضعف، فإن رفع صوته فوق عالم، فإنه يرتكب معصية لقوله تعالى ” لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي “. والعلماء ورثة الأنبياء.
وأما السخرية: فهي الغبن، فمن رأى كأنه سخر به، فإنه يغبن.
وأما الصفع: إذا كان على جهة المزاح فاتخاذ يد عند المصفوع.
وأما العداوة: فمن رأى كأنه يعادي رجلاً، فإنه يظهر بينهما مودة لقوله تعالى ” عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة “.
والغيبة: راجعة بمضرتها إلى صاحبها، فإن اغتاب رجلاً بالفقر ابتلي بالفقر، وإن اغتابه بشيء آخر ابتلى بذلك الشيء.
وأما الغيظ: فمن رأى كأنه مغتاظ على إنسان، فإن أمره يضطرب وماله يذهب لقوله تعالى ” ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً “.
وأما الغضب: فإن غضب على إنسان من أجل الدنيا، فإنه رجل متهاون بدين الله، وإن غضب لأجل الله تعالى، فإنه يصيب قوة وولاية لقوله تعالى ” ولما سكت عن موسى الغضب “.
وأما الغالب في النوم: فمغلوب في اليقظة.
وأما اللطم: فمن رأى كأنه يلطم إنساناً، فإنه يعظه وينهاه عن غفلة.
وأما المقارعة: فمن رأى أنه يقارع رجلاً أصابته القرعة، فإنه لم يظفر به ويغلبه في أمر حق، فإن وقعت القرعة له ناله هم وحبس ثم يتخلص لقوله عز وجل ” فساهم فكان من المدحضين “.
وأما المصارعة: فإن اختلف الجنسان فالمصارع أحسن حالاً من المصروع كالإنسان والسبع، فإن كان المصارعة بين رجلين فالصارع مغلوب.
وأما الذبح: فعقوق وظلم.
والهدية: خطبة، فمن رأى أنه أهدى إلى أحد هدية أو أهدي إليه شيء خطبت إليه إبنته أو إمرأة من أقربائه وحصل النكاح لقوله تعالى ” وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون “. فكانت بلقيس مرسلة بالهدية وكان سليمان خاطباً لها، وقيل إن الهدية المحبوبة تدل على وقوع صلح بين المهدي والمهدى إليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا.
وأما إستراق السمع: فهو كذب ونميمة لقوله تعالى ” يلقون السمع وأكثرهم كاذبون “. ويقتضي أن يصيب مسترق السمع مكروه من جهة السلطان لقوله تعالى ” إلاً من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين “.
وأما الاستماع: فمن رأى كأنه يستمع، فإن كان تاجراً استقال من عقدة بيع، وإن كان والياً عزل لقوله تعالى ” إنهم عن السمع لمعزولون “.
وإن رأى كأنه يستمع على إنسان، فإنه يريد هتك ستره وفضيحته.
ومن رأى كأنه يسمع أقاويل ويتبع أحسنها، فإنه ينال بشارة لقوله تعالى ” فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه “.
وإن رأى كأنه سمع صوتاً طيباً صافياً، فإنه ينال ولاية.
وإن رأى كأنه يسمع ويجعل نفسه أنه لا يسمع، فإنه يكذب ويتعود ذلك لقوله تعالى ” يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم “.
وأما الاختيار: من رأى كأنه مختار في قومه، فإنه يصيب رياسة لقوله تعالى ” وربك يخلق ما يشاء ويختار “.
وأما إخراج الرجل من داره ومستقره: فإنه يدل على نجاته من الهموم.
وحكي أن رجلاً أتى بعض المعبرين، فقال: رأيت كأن جيراني أخرجوني من داري، فقال له المعبر: ألك عدو قال: نعم، قال: وهل أنت في حزن قال: نعم، قال: البشارة، فإن الله تعالى ينجيك من شر كل عدو ويفرج عنك كل هم وحزن لقوله تعالى في قوم لوط ” أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون فأنجيناه وأهله “.
وأما البرهان: من رأى في منامه كأنه يأتي ببرهان على شيء، فإنه في خصومة مع إنسان والحجة له عليه فيها لقوله تعالى ” هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين “.
وأما الدعاء: فمن دعا ربه في ظلمة، فإنه ينجو من غم.
وإن رأى أنه يدعو رجلاً، فإنه يتضرع إليه مخافة منه.
وأما الهاتف: فمن رأى أنه سمع صوت هاتف بأمر أو نهي أو بشارة أو نذارة فهو كما سمعه بلا تفسير، وكذلك كلام الموتى، وكذلك كلام كل الطيور لصاحب الرؤيا مبشر بنيل ملك عظيم وعلم وفقه.
وأما الكلام بلغات شتى: من رأى ذلك فإنه يملك ملكاً عظيماً.
وأما المشاورة: فكل فاسق شاور عفيفاً إقترب إلى التوبة، وكل عفيف شاور فاسقاً فقد دنا إلى بدعة، وإن شاور عفيفاً أراد صلاحاً، وإن شاور فاسقاً فاسق حصل له ترياق من السموم.
وأما التدلي: من رأى كأنه تتدلى من سطح إلى أرض بحبل، فإنه يتورع في جميع أحواله ويترك طلب حاجاته استعمالاً للورع.
وإن رأى أنه يسقط من سطح إلى أرض، فإنه يقنط من رجل كان يأمله أو يسقط من مرتبته بسبب كلام يتكلم به.
وإن رأى كأنه في سقوطه وقع في وحل.
وأما التعزية: من رأى كأنه عزى مصاباً نال أمناً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من عزى مصاباً فله مثل أجره.
وإن رأى كأن عزى نال بشارة لقوله تعالى ” وبشر الصابرين “.
وأما تغيير الاسم: من رأى كأنه يدعى بغير إسمه، فإن دعي باسم قبيح، فإنه يظهر به عيب فاحش أو مرض فادح، فإن دعي باسم حسن مثل محمد أو علي أو حسن أو سعيد نال عزاً وشرفاً وكرامة على حسب ما يقتضيه معنى ذلك الإسم.
وأما تزكية المرء نفسه: فإنها تدل على اكتسابه إثماً لقوله تعالى ” فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى “.
وإن رأى كأن شاباً مجهولاً يزكيه، فإنه يصيب ذكراً حسناً جميلاً في عامة الناس، وإن كان الشيخ والشاب معروفين نال بسببهما رياسة وعزاً.
وأما التملق: من رأى كأنه يتملق إنساناً في شيء من متاع الدنيا فذلك مكروه.
وإن رأى كأنه يتملق له في علم يريد أن يعلمه إياه أو عمل من أعمال البر يستعين به عليه، فإنه ينال شرفاً ويصح دينه ويدرك طلبته لما روي في الآثار أن الملق ليس من أعمال المؤمن إلا في طلب العلم، وقيل إن الملق لمن تعود ذلك في أحواله غير مكروه في التأويل ولمن لم يتعود ذلك ذلة ومهانة.
وأما التوديع: من رأى كأنه يودع امرأته، فإنه يطلقها، وقيل إن التوديع يدل على مفارقة المودع المودع بموت أو غيره من أسباب الفراق، ويدل على افتراق الشريكين وعزل الوالي وخسران التاجر، وقيل إن التوديع محبوب في التأويل وهو يدل على مراجعة المطلقة ومصالحة الشريك وربح التاجر وعود الولاية إلى الوالي وبرء المريض وذلك لأنه من الوداع ولفظه يتضمن الودع وهو الدعة والراحة وأيضاً، فإن الوداع إذا قلب صار عادوا وأنشد:
إذا رأيت الوداع … فافرح ولا يهمنك البعاد
وانتظر العود عن قريب … فإن قلب الوداع عادوا
وأما التواري: من رأى أنه توارى، فإنه تولد له بنت لقوله تعالى ” يتوارى من القوم “. وقيل من رأى كأنه توارى في بيت، فإنه يفر لقوله تعالى ” إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فراراً “.
وأما النورة: فقد حكي أن قتيبة بن مسلم رأى بخراسان كأنه نور جسده فحلقت النورة الشعر حتى انتهت إلى عورته فلم تحلقها فرفعت رؤياه إلى ابن سيرين، فقال: أنه يقتل ولا يوصل إلى عورته يعني حرمه، فكان الأمر كما عبره.
والتنور: في موضع السنة إذا ذهب بشعر العانة دليل الفرج فإذا لم يذهب بشعر العانة فدليل ركوب الدين وزيادة الحزن.
وأما التهاون: من رأى في منامه كأنه تهاون بمؤمن، فإن دينه يختل ويقنط من رجل يرجوه وتستقبله ذلة.
ومن رأى كأن غيره تهاون به وكان شاباً مجهولاً ظفر بعدوه، وإن تهاون به شيخ مجهول افتقر لأنه جده.
وأما التمطي: فملالة من أمر أو كسل في عمل.
وأما الحراسة: إن رأى أن غيره يحرسه، فإنه يقع في محنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما دام أصحابه يحرسونه كان في محنة، فلما فرج الله تعالى عنه قال لأصحابه: ارجعوا فقد عصمني الله.
وإن رأى كأنه يحرس غيره كيلا يظلم، فإنه يأمن شر الشيطان، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة أعين لا تمسها النار، عين حرست في سبيل الله، وقيل إن حارس الغير يرزق الجهاد لهذا الخبر الذي رويناه.
وأما الحطب: من رأى أنه يحتطب في الأرض، فإنه يكون مكثاراً تماماً لقوله تعالى ” وامرأته حمالة الحطب “. يعني النميمة، وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: المكثار كحاطب الليل.
وأما الحفر: من حفر أرضاً وكان التراب يابساً نال قدره مالاً، وإن كان رطباً، فإنه يمكر بإنسان لأجل ما يناله ويناله من ذلك المكان تعب بقدر رطوبة التراب.
وأما الحلف: من الأصل هو دليل غرور وخداع لقوله تعالى ” وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور ” وقوله ” فيحلفون له كما يحلفون لكم “. والحلف الصادق ظفر وقول حق لقوله تعالى ” وإنه لقسم لو تعلمون عظيم “. والحلف الكاذب خذلان وذلة وارتكاب معصية وفقر لقوله تعالى ” ولا تطع كل حلاف مهين “. ولما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اليمين الكاذبة تدع الديار بلاقع.
وأما الدغدغة: فمن رأى كأنه يدغدغ رجلاً، فإنه يحول بينه وبين حرفته.
وأما الذرع: فمن ذرع ثوباً بشبره أو أرضاً أو خيطاً، فإنه يسافر سفراً بعيداً، فإن مسحه بعقد إصبع، فإنه يتحول من محلة إلى محلة.
وأما رعي النجوم: فإنه يدل على ولاية.
وأما الرحمة: من رأى كأنه يرحم ضعيفاً، فإن دينه يقوى ويصح لقوله صلى الله عليه وسلم: من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا فليس منا.
وإن رأى كأنه مرحوم، فإن الله يغفر له.
وإن رأى كأن رحمة الله تنزل عليه نال نعمة لقوله تعالى ” ولولا فضل الله عليكم ورحمته “. وهي النعم.
وإن رأى كأنه رحيم فرح، فإنه يرزق حفظ القرآن لقول تعالى ” قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا “. قالوا الرحمة هنا القرآن.
وأما السؤال: من رأى أنه يسأل، فإنه يطلب العلم ويتواضع لله ويرتفع.
وأما الشغل: من رأى كأنه مشغول، فإنه يتزوج بكراً ويفترعها لقوله تعالى ” إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون “.
والشفاعة: قيل إنها تدل على غش، وقيل إنها تدل على عز وجاه، فإنه لا يشفع من لا جاه له.
وأما الطلب: فمن رأى كأنه يطلب شيئاً، فإنه ينال مناه لما قيل من طلب شيئاً ناله أو بعضه.
ومن رأى كأن أحداً يطلبه، فإنه هم يصيبه.
وأما العلو: فمن رأى كأنه يريد أن يعلو على قوم فعلاً، فإنه يستكبر ثم يذل لقوله تعالى ” تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لاً يريدون علواً في الأرض ولاً فساداً والعاقبة للمتقين “.
وإن رأى كأنه لا يريد العلو نال رفعه.
وأما العفو: فمن رأى كأنه عفا عن مذنب ذنباً، فإنه يعمل عملاً يغفر له الله تعالى به لقوله تعالى ” وليعفوا وليصفحوا ألاً تحبون أن يغفر الله لكم “.
ومن رأى كأن غيره عفا عنه طال عمره ونال رفعة.
وأما العظم: فمن رأى كأنه عظم حتى صارت جثته أعظم من هيئة الناس، فإنه دليل موته.
وأما العمل الناقص: فيدل على الإياس عن المرجو ووقوع الخلل في الرياسة.
وأما العقد: فهو على القميص عقد تجارة وعلى الحبل صحة دين وعلى المنديل إصابة خادم وعلى السراويل تزوج إمرأة وعلى الخيط إبرام أمر هو فيه من ولاية أو تزويج أو تجارة، فإن انعقد الخيط تيسر ما يطلبه، وإن لم ينعقد تعسر مرامه وتعذر مطلوبه.
وإن رأى كأن العقدة وقعت على شيء من هذه الأشياء من غير أن يعقدها، فإنه تدل على ضيق وغم من قبل السلطان.
وإن رأى كأن غيره فتحها كان ذلك الغير سبب فرجه عنه.
وإن رأى كأنه فتحها بعد جهد، فإنه ينجو من ذلك بعد جهد.
وإن رأى كأنها انفتحت بنفسها، فإن الله تعالى يفرج عنه من حيث لا يحتسب.
وأما العدد: فيختلف باختلاف المعدود.
وإن رأى كأنه يعد دراهم فيها اسم الله فهو يسبح.
وإن رأى كأنه يعد دنانير فيها اسم الله تعالى، فإنه يستفيد علماً.
وإن رأى فيها نقش صورة، فإنه يشتغل بأباطيل الدنيا.
وإن رأى كأنه يعد لؤلؤاً، فإنه يتلو القرآن.
وإن رأى كأنه يعد جوهراً، فإنه يتعلم العلم أو يدرسه.
وإن رأى كأنه يعد خرزاً، فإنه مشتغل بما لا يعنيه.
وإن رأى كأنه يعد بقرات سماناً، فإنه تمضي عليه سنون خصبة.
وإن رأى كأنه يعد جمالاً وحمولاً، فإن كان سلطاناً أفاد من أعدائه مالاً قيمته توافق تلك الحمول، وإن كان دهقاناً أمطر زرعه، وإن كان تاجراً نال ربحاً كثيراً.
وإن رأى كأنه يعد جاورساً، فإنه يقع في شدة وتعب في معيشته، وكذلك العدد في كل شيء سواه يرجع إلى جوهره.
والعجب: في التأويل ظلم، فمن رأى كأنه أعجب بنفسه أو بغناه أو بقوته، فإنه يظلم.
وأما عتق العبد: فهو موت المعتق.
وإن رأى حراً كأنه قد أعتق، فإنه يضحي عن نفسه أو يضحي غيره عنه، وإن كان صاحب الرؤيا مريضاً نال العافية، وإن كان مديوناً وجد قضاء ديونه.
والعجلة: في التأويل ندامة كما أن الندامة عجلة.
وأما العتاب: يدل على المحبة.
وإن رأى كأنه يعاتب نفسه، فإنه يعمل عملاً يندم عليه ويلوم عليه نفسه لقوله تعالى ” يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها “.
وأما غزل المرأة: إن رأت المرأة كأنها تغزل وتسرع الغزل، فإن غائباً لها يقدم، وإن رأت كأنها تبطئ الغزل، فإنها تسافر ويسافر زوجها، فإن انقطعت فلكة المغزل، انتقض تدبير السفر وانتقض تدبير الغائب للرجوع.
وإن رأت كأنها تغزل سحاباً، فإنها تسعى إلى مجالس الحكمة.
وإن رأت كأنها تغزل قطناً، فإنها تخون زوجها.
وإن رأى رجل كأنه يغزل قطناً وكتاناً وهو في ذلك يتشبه بالنساء، فإنه ينال ذلاً ويعمل عملاً حلالاً، فإن كان الغزل دقيقاً، فإنه عمل بتقتير، وإن كان غليظاً، فإنه سفر في نصب وتعب.
وغسيل اليدين بالأشنان: يدل على قطع الصداقة ويدل على انقطاع الخصومة، وقيل إنه نجاة من الخوف، وقيل إنه إياس من مرجو، وقيل إنه توبة من الذنوب.
وأما فعل الخير: من رأى كأنه يعمل خيراً، فإنه ينال مالاً.
وإن رأى كأنه أنفق مالاً في طاعة الله، فإنه يرزق مالاً لقوله تعالى ” وما تنفقوا من خير يوف إليكم “.
وأما الفراسة وتوسم بعض الغائبات: فيدل على كثرة الخير والأمن من السوء لقوله تعالى ” ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء “.
وأما الفتل: من رأى كأنه يفتل حبلاً أو خيطاً أو يلويه على نفسه أو على قصبة أو خشبة، فإنه سفر.
وأما القوة: من رأى فضل قوة لنفسه، فإن اقترن برؤياه ما يدل على الخير كانت قوته في أمر الدين وإلا كانت قوته في أمر الدنيا، وقيل إن القوة ضعف لقوله تعالى ” من بعد قوة ضعفاً “.
وأما كثرة العدد: من رأى كثرة العدد والزحام والبؤس، فإن كان والياً كثرت جنوده وارتفع إسمه وسلطانه، وإن كان تاجراً كثر معاملوه، وإن كان داعياً كثر مستجيبوه.
وأما كلام الأعضاء: يدل كل عضو على افتقار من هو تأويل ذلك العضو من أقرباء صاحب الرؤيا.
وأما اللوم: من رأى كأنه يلوم غيره على أمر، فإنه يفعل مثل ذلك الأمر فيستحق اللوم لما قيل: وكم لائم لام وهو مليم، فمن رأى كأنه يلوم نفسه على أمر، فإنه يدخل في أمر متشوش مضطرب يلام عليه ثم يخرجه الله تعالى من ذلك وتظهر براءته من ذلك للناس فيخرج من ملامتهم لقوله تعالى في قصة يوسف عليه السلام ” إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي “.
وأما البيعة: من رأى كأنه بايع أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأشياعهم، فإنه يتبع الهدى ويحافظ على الشرائع.
وإن رأى كأنه بايع أميراً من أمراء الثغور، فإنه بشارة له ونصرة له على أعدائه وجد في العبادة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر لقوله تعالى ” إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة “. إلى قوله ” وبشر المؤمنين “.
وإن رأى كأنه بايع فاسقاً، فإنه يعين قوماً فاسقين، فإن بايع تحت شجرة، فإنه ينال غنيمة في مرضاة الله تعالى لقوله تعالى ” لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة “.
وأما نسج الثوب: يدل على سفر، فإن نسج ثوبه ثم قطعه، فإن الأمر الذي هو طالبه قد بلغ آخره وانقطع، وإن كان في خصومة انقطعت، وإن كان في حبس فرج عنه، ونسج القطن والصوف والشعر والأبريسم كله سواء.
ورؤيا الثوب مطوياً سفر ونشر الثوب قدومه من سفر أو قدوم غائب له.
وأما الوعد: فمن رأى كأنه وعد وعداً حسناً فهو لاقيه.
وإن رأى كأن عدوه وعده خيراً أصابه مكروه من عدوه أو من غيره.
وإن رأى كأن عدوه وعده شراً أصاب خيراً من عدوه أو من غيره، ونصيحة العدو غش لقوله تعالى في قصة آدم عليه السلام حكاية عن إبليس ” هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى “. وكل أفعال العدو بعدوه فتأويلها ضدها.
والوحدة: في التأويل ذل وافتقار وعزل الملك.
ووزن المال: بين المتبايعين غرامة.
وأما الإرضاع: إن رأت إمرأة كأنها ترضع إنساناً، فإنه انغلاق الدنيا عليها أو حبسها لأن المرضع كالمحبوس ما لم يخل الصبي ثديها وذلك لأن ثديها في فم الصبي ولا يمكنها القيام، وكذلك الذي يمص اللبن كائناً من كان من صبي أو رجل أو امرأة، وإن كانت المرضع حبلى سلمت بحملها.
وأما تنفس الصعداء: دليل على أنه يعمل ما يتولد منه حزن.
وأما البكاء: سرور.
وخفقان القلب: ترك أمر من خصومة أو سفر أو تزويج.
وأما الصبر: من رأى كأنه يصبر على ضر نال رفعة وسلامة لقوله تعالى ” أولئك يجزون الغرفة بما صبروا “.
واجتماع الشمل: دليل الزوال لقبوله تعالى ” حتى إذا أخذت الأرض زخرفها ” الآية، وأنشد:
إذا تم أمر بدا نقصه … توقع زوالاً إذا قيل تم
والمعانقة: مخالطة ومحبة.
وإن رأى كأنه عانقه ووضع رأسه في حجره، فإنه يدفع إليه رأس ماله ويبقى عنده.
وأما القبلة: بالشهوة فظفر بالحاجة وتقبيل الصبي مودة بين والد الصبي وبين الذي قبله، وتقبيل العبد مودة بين المقبل وسيده.
وإن رأى كأنه قبل والياً ولي مكانه، وإن قبل سلطاناً أو قاضياً قبل ذلك السلطان أو القاضي قوله، وإن قبله السلطان أو القاضي نال منهما خيراً.
وإن رأى كأن رجلاً قبل بين عينيه، فإنه يتزوج.
والعض: كيد، وقيل حقد، وقيل العض يدل على فرط المحبة لأي معضوض كان من آدمي أو غيره، فإن عض إنساناً وخرج منه دم كان الحب في إثم، فإن عض إصبعه ناله هم في مخاطرة دينه.
وأما المص: أخذ مال، فإن مص ثدييه أخذ من إمرأته مالاً، وكذلك كل عضو يدل على قريب.
وأما القرص: طمع، فإن بقي في يده من قرصه لحم نال من طمعه، وإن قرص إليته، فإنه يخونه.
والنور: في التأويل هو الهدى والظلمة هي الضلالة.
والخراب: ضلالة لمن رأى أنه فيها إذا كان صاحب دنيا.
ومن رأى أن عامراً تساقط وخرب، فإن ذلك مصائب تصيب أهل ذلك الموضع.
أنواع المعاملات الجارية بين الناس
البيع: يختلف في التأويل بحسب اختلاف المبيع.
ومن رأى كأنه يباع أو ينادى عليه، فإنه إن كان مشتريه رجلاً ناله هم، وإن اشترته إمرأة أصاب سلطاناً أو عزاً وكرامة، وكلما كان ثمنه أكثر كان أكرم، وإنما قلنا إن البيع في الرؤيا يقتضي إكرام المبيع لقوله تعالى في قصة يوسف عليه السلام ” وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه “. وكل ما كان شراً للبائع كان خيراً للمبتاع، وما كان خيراً للبائع فهو شر للمبتاع، وقيل إن البيع زوال ملك والبائع مشتري والمشتري بائع، والبيع إثارة على المبيع، فإن باع ما يدل على الدنيا آثر الآخرة عليها، وإن باع ما يدل على الآخرة آثر الدنيا عليها، وإلا استبدل حالاً بحال على قدر المبيع والثمن، وبيع الحر ذلته وحسن عاقبته لقصة يوسف عليه السلام.
وأما الرهن: فمن رأى كأنه رهينة في موضع، فإن رؤياه تدل على أنه قد اكتسب ذنوباً كثيرة لقوله تعالى ” كل نفس بما كسبت رهينة “. وقيل إن المرهون مأسور.
وإن رأى كأنه رهن عنده رهن، فإنه يظلم في شيء ويبخس حقه ثم يصل إلى حقه بسبب الراهن الذي رهن عنده الرهن والمرهون مأسور بذنب أو دين عند المرتهن، وكذلك الراهن حتى يفك رهنه.
وأما الإجارة: فإن المستأجر رجل يخدع صاحب الإجارة ويغره ويحثه على أمر مضطرب، وإذا انخدع له تبرأ منه وتركه في الهلكة.
وأما الشركة: فهي دليل على الإنصاف، فمن رأى كأنه شارك رجلاً، فإن كل واحد منهما ينصف صاحبه في أمر يكون بينهما.
وإن رأى كأنه شارك شيخاً مجهولاً، فإنه جده ويدل على أنه ينال إنصافاً في تلك السنة ممن كانت بينه وبينه معامله.
وإن رأى كأنه شارك شاباً مجهولاً، فإنه يجده من عدوه الإنصاف مع خوفه من بليته وظلمه وأذيته.
وأما الوديعة: فمن رأى كأنه أودع رجلاً صرة، فإنه سره، وقيل إن المودع غالب والمودع.
وأما العارية: فمن رأى كأنه استعار شيئاً أو أعاره، فإن كان ذلك الشيء محبوباً، فإنه ينال خيراً لا يدوم، فإن كان مكروهاً أصابته كراهية لا تدوم، وذلك أن العارية لا بقاء لها، وقيل من استعار من رجل دابة، فإن المعير يحتمل مئونة المستعير.
وأما القرض: فمن رأى أنه يقرض الناس لوجه الله تعالى، فإنه ينفق مالاً في الجهاد لقوله تعالى ” إن تقرضوا الله “.
وأما الضمان: فمن رأى كأنه ضمن عن إنسان شيئاً لرجل، فإنه يعلمه أدباً من آداب ذلك الرجل.
وأما الكفالة: تجري مجرى القيد في التأويل وتدل على الثبات في الأمر وسواء في ذلك الكافل والمكفول، وقيل من تكفل للإنسان فقد أساء إليه.
وإن رأى كأن إنساناً تكفل به، فإنه يرزق رزقاً جليلاً لقوله تعالى ” وكفلها زكريا “.
وإن رأى كأنه تكفل صبياً، فإنه ينصح عدواً، لقوله تعالى ” يكفلونه لكم وهم له ناصحون “.
وأما قضاء الدين: فمن رأى كأنه قضى ديناً أدى حقاً، فإنه يصل رحماً أو يطعم مسكيناً وييسر عليه أمر متعذر من أمور الدين وأمور الدنيا، وقيل إن أداء الحق رجوع عن السفر كما أن الرجوع عن السفر أداء للحق.
وأما الإمهال: فيدل على العذاب لقوله تعالى ” فمهل الكافرين أمهلهم رويداً “.
وإن رأى كأنه أمهل رجلاً في غضب، فإنه يعذبه عذاباً شديداً.
في السفر والمشي والركوب والطيران
السفر: يدل على الانتقال من مكان إلى مكان وعلى الانتقال من حال إلى حال وعلى المساحة، فمن رأى كأنه يسافر، فإنه يمسح أرضاً كما لو رأى أنه يمسح أرضاً، فإنه يسافر.
وأما الرجوع من السفر فيدل على أداء حق واجب عليه، وقيل إنه يدل على الفرج من الهموم والنجاة من الأسواء ونيل النعمة لقوله تعالى ” فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء “. وربما تدل هذه الرؤيا على توبة الرائي من الذنوب لقوله تعالى ” لعلهم يرجعون “. فإن معنى التوبة الرجوع عن المعصية.
ومن رأى كأنه ركب دابة، فإنه يركب هو غالباً، وقيل إن ركوب الدواب كلها نيل عز ومراد، فإن لم يحسن ركوبها، فإنه يدل على اتباع الهوى، فإن ركبها وأحسن الركوب وضبط الدابة سلم من فتنة الهوى ونال المنى.
وأما المشي: فمن رأى كأنه يمشي مستوياً، فإنه يطلب شرائع الإسلام ويرزق خيراً.
وإن رأى كأنه يمشي في السوق دل على أن في يده وصية، وإن كان أهلاً للوصية نالها لقوله تعالى ” مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق “.
وإن رأى كأنه يمشي حافياً دل على حسن دينه وذهاب غمه، وقيل إن هذه الرؤيا تدل على مصيبة في المرأة وطلاقها.
وأما القفز: من رأى كأنه يقفز قفزات في الأرض بفرد رجل لعله به لا يقدر معها على المشي، فإنه يصيبه نائبة يذهب فيها نصف ماله ويتعيش بالباقي في مشقة وتعب.
وأما الوثوب: من رأى كأنه وثب إلى رجل، فإنه يغلبه ويقهره لأن الوثوب يدل على القوة وقوة الإنسان في قدميه.
وإن رأى كأنه وثب من مكان إلى خير منه، فإنه يتحول من حال إلى حال أرفع منه عاجلاً.
وإن رأى كأنه وثب من الأرض حتى بلغ قرب السماء سافر حتى وافى مكة.
وإن رأى كأنه ركب عنق إنسان، فإنه يموت ويحمل المركوب جنازته، وقيل إن ركوب عنق الإنسان يدل على أمر صعب، فإن أسقطه من عنقه، فإن ذلك الأمر الذي طلبه لا يتم.
وأما الهرولة: في أي موضع كان ظفر بالعدو، والقصد في المشي تواضع لله تعالى لقوله ” اقصد في مشيك “.
والغيبة في الأرض من غير حفر إذا طال عمقها وظن أنه يموت فيها ولا يصعد منها مخاطرة بالنفس وتغرير بها في طلب الدنيا أو الموت في ذلك.
والركض: على الدابة أو على الرجلين دال على سرعة ما يطلبه وعلى النجاة والأمن ممن يخافه لقول موسى كما أخبر عنه تعالى في القرآن ” ففررت منكم لما خفتكم “. إلا أن يكون هربه من الله تعالى أو من ملك الموت، فإنه مدرك هالك وبلوغ الغايات والمنى والكمال دال على النقص والزوال.
وأما الطيران: فقد حكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأني أطير بين السماء والأرض، فقال: أنت تكثر المنى.
ومن رأى كأنه طاف فوق جبل، فإنه ينال ولاية يخضع له فيها الملوك، وقيل من رأى كأنه يطير، فإن كان أهلاً للسلطان ناله، وإن سقط على شيء ملكه، وإن لم يصلح للولاية دل على مرض يصيبه يشرف منه على الموت أو خطأ منه يقع في دينه، فإن طار من سطح إلى سطح، فإنه يستبدل بامرأته إمرأة أخرى، وقيل الطيران دليل السفر إذا كان بجناح، فإنه انتقال من حال إلى حال، فإن بلغ طيرانه منتهاه، فإنه ينال في سفره خيراً، وإذا طار من أرض إلى أرض نال شرفاً وقرة عين لما قيل: وإذا نبا بك منزل فتحول، فإن طار من أسفل إلى علو بغير جناح نالت أمنيته وارتفع بقدر ما علا، فإن طار كما تطير الحمامة في الهواء نال عزاً.
وإن رأى كأنه طار حتى توارى في جو السماء ولم يرجع، فإنه يموت.
ومن رأى أنه طار من داره إلى دار مجهولة، فإنه يتحول من داره إلى قبره.
ومن رأى أنه طار عرضاً في السماء دل على أنه يسافر سفراً أو ينال شرفاً، ومن وثب من موضع إلى موضع تحول من حال إلى حالة، والوثب البعيد سفر طويل، فإن اعتمد في وثبه على عصا اعتمد على رجل قوي منيع.
في النكاح
من رأى أنه عريس ولم ير إمرأته ولا عرفها ولا سميت ولا نسبت له إلا أنه سمي عريساً، فإنه يموت أو يقتل إنساناً ويستدل على ذلك بالشواهد، فإن هو عاين إمرأته أو عرفها أو سميت له، فإنه بمنزلة التزويج.
ومن رأى أنه تزوج أصاب سلطاناً بقدر المرأة وفضلها وخطرها ومعنى إسمها وجمالها إن عرف لها إسماً أو نسب.
وإن رأى أنه طلق امرأته، فإنه يعزل عن سلطانه إلا أن يكون له نساء حرائر وإماء، فإنه نقصان شيء من سلطانه.
وإن رأى بعض أبناء الدنيا أنه ينكح زانية أصاب دنيا حراماً.
وجميع النكاح في المنام إذا احتلم صاحبه فوجب عليه الغسل فليس برؤيا.
وإن رأى رجل أنه يأتي إمرأة معروفة، فإن أهل بيتها يصيبون خيراً في دنياهم.
وإن رأى أنه لم يغشاها ولكن نال منها بعض اللمم، فإن غنى أهل بيتها يكون دون ذلك لأن الغشيان أفضل وأبلغ.
وإن رأى أو رؤي له أنه ينكح أمه أو أخته أو ذات الرحم، فإن ذلك لا يراه إلا قاطع لرحمه مقصر في حقهم فهو يصل رحمه ويراجع.
وإن رأى أن إمرأته متصنعة مضطجعة معه فوق ما هي في هيئتها ومخالفة لذلك، فإنها سنة مخصبة تأتي عليه ويعرف وجه ما يناله منها، فإن كانت إمرأة مجهولة فهو أقوى ولكن لا يعرف صاحبها وجه ما يناله من السنة.
وإن رأى أنه ولد له غلام أصابه هم شديد، فإن ولد له جارية أصاب خيراً، وكذلك شراء الغلام والجارية.
ولو رأت إمرأة لها زوج إنها تزوجت بآخر أصابت خيراً وفضلاً، وأما إن تزوجت المرأة زوجاً غير زوجها في المنام، فإنه نفع يدخل عليها أو على أهل بيتها أو زوجها من شريك يشاركه أو ولد يعاونه أو صانع يخدمه ويعمل له، وأما من نكح إمرأته في المنام، فإنه يظفر بما يحاوله في أمور صناعته.
وإن رأى الرجل المتزوج أنه تزوج بأخرى أصاب سلطاناً، ولو تزوج بعشر كان ذلك له صالحاً، كل ذلك إذا عاين إمرأته أو سميت له أو عرفها، وكذلك المرأة إذا تزوجت برجل مجهول ولم تعاينه ولا عرفته ولا سمي لها، فإنها تموت.
ومن رأى أنه يدخل على حرم المملوك أو يضاجعهن، فإنها حرمة تكون له بأولئك الملوك إن كان في الرؤيا ما يدل على بر وخير وإلا فإنه يغتاب تلك الحرم.
وقال القيرواني: أما عقد النكاح للمرأة المجهولة إذا كان العاقد مريضاً مات، وإن كان مفيقاً عقد عقداً على سلطان أو شهد شهادة على مقتول لأن المرأة سلطان والوطء كالقتل والذكر كالخنجر والرمح سيما الإفتضاض الذي فيه جريان الدم عن الفعل، وإن كانت معروفة أو نسبت له أو كان أبوها شيخاً، فإنه يعقد وجهاً من الدنيا إما داراً أو عبداً أو حانوتاً أو يشتري سلعة أو ينعقد له من المال ما تقر به عينه، وإن تأجل وقته حتى يدخل بالزوجة وينال منها حاجته فيتعجل ما قد تأجل.
ورؤيا المضاجعة في الفراش الواحد واللحاف الواحد والمخالطة تجري مجرى النكاح والقبلة.
وإن رأى كأنه تزوج بأربعة نسوة يستفيد مزيداً من الخير لقوله تعالى ” فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع “.
وإن رأى كأنه تزوج إمرأته رجل آخر وذهب بها إليه، فإنه يزول ملكه إن كان من الملوك وتبطل تجارته إن كان من التجار.
وإن رأى أنه زوج إمرأته لرجل وذهب بذلك الرجل إلى امرأته، فإنه يصيب تجارة رابحة زائدة، والعرس لمن يتخذه مصيبة ولمن يدعى إليه سرور وفرح إذا لم ير طعاماً.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين فذكر له أنه ينكح أمه، فلما فرغ منها نكح أخته وكأن يمينه قطعت، فكتب ابن سيرين جوابه في رقعة حياء من أن يكلم الرجل بذلك، فقال: هذا عاق قاطع للرحم بخيل بالمعروف مسيء إلى والدته وأخته.
ومن رأى كأن الخليفة نكحه، نال ولاية، وإن نكحه رجل من عرض الناس أصاب فرجاً من الهموم وشفاء من الأمراض.
ومن رأى كأن شيخاً مجهولاً ينكح امرأته، فإنه ينال ربحاً وزيادة، فإن الشيخ جده، فإن نكحها شاب، فإن عدواً له يخدمه ويحثه على الظلم وسوء المعاملة، والمنكوح إذا كان محبوساً فرج عنه.
ومن رأى كأنه ينكح أمه الميتة في قبرها، فإنه يموت لقوله تعالى ” منها خلقناكم وفيها نعيدكم “.
ومن رأى كأنه نكح جارية نال خيراً.
وإن رأى أنه ينكح إمرأة على غير وجه الإباحة، فإنه يطلب أمراً من غير وجهه ولا ينتفع به.
وإن رأى الرجل كأنه ينكح عبده أو أمته نال زيادة في ماله وفرحاً بما ملكه.
وإن رأى كأن عبده يجامعه، فإن عبده يستخف به، وقيل من رأى كأنه طلق زوجته استغنى لقوله تعالى ” وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته “. وقيل إن هذه الرؤيا تدل على أن صاحبها يفارق ملكاً كان يصحبه، فإن النساء ذات كيد كالملوك والطلاق فراق، وقيل إن طلاق المرأة للوالي عزله وللصانع ترك حرفته، فإن طلقها رجعية، فإنه يرجع إلى شغله.
ورؤيا الوطء يدال على بلوغ المراد مما يطلبه الإنسان أو هو فيه أو يرجوه من دين أو دنيا كالسفر والحرث والدخول على السلطان والركوب في السفن وطلب الضال لأن الوطء لذة.
ورؤيا افتضاض البكر العذراء يدل على معالجة الأمور الصعاب كلقيا بعض السلاطين كالحرب والجلاد وافتتاح البلدان وحفر المطامير والآبار وطلب الكنوز والدواوين والبحث عن العلوم الصعاب والحكمة المخفية والدخول في سائر الأمور الضيقة، فإن فتح وأولج في منامه نجح في مطلوبه في يقظته، وإن انكسر ذكره أو حفي رأسه وأتته شهوته دون أن يولجه ضربه جده أو ضعفت حيلته أو استماله هواه عما أراد، أو بذل له مال عما طلبه حتى تركه على قدر المطالب في اليقظة.
ومن رأى أنه غيور، فإنه حريص.
وأما نكاح المحرمات: فإن وطأه إياهن صلات من بعد إياس وهبات في الأم خاصة من بعد قطيعة لرجوعه إلى المكان الذي خرج منه بالنفقة والإقبال من بعد الصد إلا أن يطأهن في أشهر الحج أو يكون في الرؤيا ما يدل عليه، فإنه يطأ بقدمه الأرض الحرام ويبلغ منها مراده، وإن كانت قد تمت لذته وتكون نطفته ماله الذي ينفقه في ذلك المكان الطيب الذي لا يمله طالب، وإن رجع منه طالبته نفسه بالعودة إليه، ومن أحرز في يده شيئاً من نطفة أو رآها في ثوبه نال مالاً من ولد أو غيره.
وأما مناكحة الميت: فإن المفعول به ينال من الفاعل خيراً، فأما الحي فلعله ينال من ميراثه أو من أحد من أهل بيته أو عقبه، وأما الميت فلعل الحي يتصدق عنده أو يصل أهله أو يترحم عليه، وإن كانت المنكوحة الميتة مجهولة، فإنه يحيا له أمر ميت يطلبه إما أرض خربة يعمرها أو بئر مهدومة يحفرها أو أرض ميتة يحرثها أو مطلب ميت يحييه بالطلب ووجود البيئة والأنصار إلا أن يضعف ذكره عند المجامعة أو يكسل عند الشهوة، فإنه يحاول ذلك ويعجز عنه.
وإن رأى أنه ينكح ذا حرمة من الموتى، فإن الفاعل يصل المفعول به بخير من صدقة أو نسك أو دعاء.
وإن رأى ميتاً معروفاً ينكح حياً وصل إلى الحي المنكوح خير من تركة الميت أو من وارثه أو عقبه من علم أو غيره، والقبلة بعكس ذلك لأن الفاعل فيها يصيب خيراً من المفعول به ويقبله.
وإن رأى أنه ينكح ميتاً معروفاً، فإن المفعول به يصيب من الفاعل خيراً من دعاء أو صلة.
ومن رأى أنه تزوج بامرأة ميته ودخل بها، فإنه يظفر بأمر ميت يحتاله وهو في الأمور بقدر جمال تلك المرأة، فإن لم يكن دخل بها ولا غشيها، فإن ظفره بذلك الأمر يكون دون ما لو دخل بها.
ولو رأت إمرأة أن رجلاً ميتاً تزوجها ودخل بها في دارها أو عندها، فإن ذلك نقصان في مالها وتغير حالها وتفريق أمرها، فإن كان دخل بها الميت في دار الميت فهي مجهولة، فإنها تموت، وإن كانت الدار معروفة للميت فهي على ما وصفت نقصان في مالها، وقيل لو رأت إمرأة أن ميتاً نكحها، فإنها تصيب خيراً من موضع لا ترجوه كما أن الميت لا يرجى، وكذلك نكاح الرجل الميت، ومن نكح إمرأة في دبرها حاول أمراً من غير وجهه.
ولو رأت إمرأة أن زوجها الميت ينكحها فإن كانت مريضة أو كان عندها مريض لحقه واتصل به وإلا كان ذلك شتاتاً في بيتها أو علة في جسمها إلا أن يكون مع ذلك ما يدل على الصلاح مثل أن يقول لها إني لست بميت أو ترى أنه مع ذلك قد دفع إليها تبناً أو وهبها شعيراً، فإنه خير يحيا لها لم تكن ترجوه أو قد يئست من ميراثه أو عقبه أو من زوج إن كانت أرملة أو من غائب يقدم عليه إن كان لها غائب.
وأما نكاح الأنعام: المعروفة منها دليل على الإحسان إلى من لا يراه أو النفقة في غير الصواب إن كانت مجهولة ظفر بمن تدل عليه تلك الدابة من حبيب أو عدو ويأتي في ذلك ما لا يحل له منه، فإن كانت الدابة هي التي نكحته كان هو المغلوب المقهور إلا أن يكون عند ذلك غير مستوحش ولا كان من الدابة أو السبع وشبهه إليه مكروه، فإنه ينال خيراً من عدوه أو ممن لم يكن يرجوه، وقد يدل ذلك على وطء المحرمات من الإناث والذكران إذا كان مع ذلك شاهد يقويه.
وإن رأى أنه ينكح بهيمة معروفة، فإنه يصل بخيره من لا حق له في تلك الصلة ولم يؤجر على ذلك، فإن كانت البهيمة مجهولة، فإنه يظفر بعدو له في نفسه ويأتي في ظفره به ما لا يحل له ولا استحق العدو ذلك منه، وكذلك لو كان ما ينكح غير البهيمة من الطير والسباع ما خلا الإنسان.
وأما الوطء في الدبر، فإنه يطلب أمراً عسيراً من غير وجهه ولعله لا يتم له ويذهب فيه ماله ونفقته ويتلاشى عنده عمله لأن الدبر لا تتم فيه نطفة ولا تعود منه فائدة كما يعود من الفرج.
والزنى: من رأى كأنه زنى، فإنه يخون، وقيل يرزق الحج، وقيل إن الزنا بامرأة رجل معروف طلب مال ذلك الرجل وطمع فيه، والزاني بامرأة شابة واضع ماله في أمر محكم غير مضيع له، وإن أقيم الحد على هذا الزاني دل على استفادة فقه وعلم في الدين إن كان من أهل العلم وعلى قوة الولاية وزيادتها إن كان والياً.
ومن رأى أنه يجمع بين زان وزانية ولا يرى الزانية، فإنه رجل دلال يعرض متاعاً ويتعذر عليه.
ورؤية الحيض: يدل للحامل على غلام.
وإن رأى الرجل أنه حائض وطىء مالا يحل وطؤه وأتى محرماً.
وإن رأى أنه نكح إمرأته وهي معرضة عنه فربما الثابت عليه دنياه، وإن رآها حاضت كسدت صناعته.
ومن رأى أن إمرأته حائض انغلق عليه أمره، فإن ظهرت انفتح عليه ذلك الأمر، فإن جامعها عند ذلك تيسر أمره.
وأما الجنابة: فمن رأى أنه جنب اختلط عليه أمره، فإن اغتسل ولبس ثوبه خرج من ذلك، وكذلك المرأة.
وأما القبلة: للشهوة، فإنها تجري مجرى النكاح ولغير الشهوة، فإن الفاعل يقبل على المفعول ويقصد إليه بمجيئه أو بسؤال وحاجة فينالها إن كان قد أمكنه منها أو تبسم له ولم يدفعه عنها ولا أنكر فعله ذلك عليه.
وأما النظر إلى الفرج: فمن رأى كأنه نظر إلى فرج إمرأته أو غيرها من النساء نظر شهوة أو مسه، فإنه يتجر تجارة مكروهة.
وإن رأى أنه نظر إلى إمرأة عريانة من غير علمها، فإنه يقع في خطأ وزلل.
وأما تشبه المرأة بالرجل: فإن رأت المرأة كأن عليها كسوة الرجال وهيئتهم، فإن حالها يحسن إذا كان ذلك غير مجاوز للقدر، فإن كانت الثياب مجاوزة للقدر، فإن حالها يتغير مع خوف وحزن.
وإن رأت كأنها تحولت رجلاً كان صلاحها لزوجها.
وأما التخنث: فمن رأى كأنه مخنث أصاب هولاً وغماً.
الأضداد كالصعود والهبوط
من رأى أنه صعد جبلاً دل على حزن وسفر، فإن صعد في السماء حتى بلغ نجومها، فإنه يصيب شرفاً ورياسة.
وإن رأى أنه لما صعد فيها تحول نجماً من النجوم التي يهتدي به نال الإمامة.
والهبوط من السماء بعد صعودها ذل بعد العز، وقيل هو نيل نعمة الدنيا مع رياسة الدين، وإذا رأى الهبوط من الجبل نال الفرح، وقيل إنه يدل على تغيير الأمر وتعذر المراد.
وأما البخل: فهو الذم.
وإن رأى أنه يبخل، فإنه يذم كما أنه لو يرى أنه يذم، فإنه يبخل.
وإنفاق المال: على الكره دليل اقتراب الأجل لقوله تعالى ” وانفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت “. وإذا أنفق عن طيب نفس منه أصاب خيراً ونعمة لقوله تعالى ” وانفقوا خيراً لأنفسكم “. وقوله تعالى ” وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه “.
وأما الهبة: فمن رأى كأنه وهب لرجل عبداً، فإنه يرسل إليه عدوأ.
واللجاجة: فرار، فمن رأى كأنه يلج، فإنه يفر من أمر هو فيه كائناً ما كان من ولاية أو تجارة أو صناعة أو خصومه ويدل أيضاً على نفور الناس عن موعظة واعظ أو تعظيم عالم لقوله تعالى ” بل لجوا في عتو ونفور “.
وأما المصالحة: فمن رأى كأنه يدعو غريماً إلى الصلح من غير قضاء دين، فإنه يدعو ضالاً إلى الهدى، ومصالحة الغريم على شطر المال نيل خير.
وأما الكبر: فمن رأى كأنه تكبر لتمسكه بدور الدنيا وفوزه بنعيمها، فإنه يدل على نفاد عمره.
والتبختر: بدعة في الدين، لقوله تعالى ” واقصد في مشيك “. ويدل على إصابة شرف في الدنيا زائل عن قريب.
والتواضع: ظفر وعلو ورفعة لما روي في الأخبار من تواضع لله رفعه الله.
والكذب: دليل على أن صاحب الرؤيا لا عقل له، خصوصاً إذا رأى كأنه يكذب على الله لقوله تعالى ” يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون “.
والصدق: الإيمان، فمن رأى من الكفار أنه صدق، فإنه يؤمن كما لو رأى مؤمن أنه آمن، فإنه يصدق.
وأما الفقر: فمن رأى أنه فقير، فإنه يصيب طعاماً كثيراً لقوله تعالى حكاية عن موسى ” رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير “.
والغنى: هو الفقر، فمن رأى أنه يغتني، فإنه يفتقر.
وأما الخوف: فيدل على التوبة وكل خائف تائب، وقيل من رأى كأنه خائف فاز من الخوف، ونال رياسة.
ورؤيا الأمن خوف.
وأما الغم: فدال على السرور، وقيل هو الغم بعينه.
والفرح: هو الغم، لقوله تعالى ” لا يحب الفرحين “.
وأما الجحود: فعلى ضربين: جحود حق وجحود باطل، فمن رأى أنه جحد باطلاً، فإنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
ومن رأى كأنه جحد حقاً، فإنه يكفر لقوله تعالى ” وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون “.
وأما الإقرار: إن رأى أنه أقر بعبودية إنسان فهذا إقرار بعداوته، والإقرار على النفس بالذنب والمعصية نيل عز وشرف وتوبة لقوله تعالى حاكياً عن آدم وحواء ” قالا ربنا ظلمنا أنفسنا “. والإقرار بقتل الإنسان يدل على نيل ولاية أو رياسة أو أمن لقصة موسى قتلت منهم نفساً.
وأما الإحسان: فيدل على نجاة صاحب الرؤيا.
والإساءة: تدل على هلاكه.
وارتكاب الذنب: يدل على ركوب صاحبه الدين كما أن الدين يدل على ارتكاب الآثام.
والتوبة: تدل على نيل ملك وإصابة شرف وبركة بعد احتمال بلية.
ذكر أنواع من البلايا
أما اليأس من الأمر: هو دليل الفرج والنجاة لقوله تعالى ” فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا ” وقوله تعالى ” حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا “.
وأما اليتيم: من رأى كأنه يتيم، فإن غيره يلعب في أمره إمرأة أو مال أو تجارة وما أشبه ذلك.
والوجع: ندامة من ذنب، وقيل إن من رأى أنه مستريح، فإنه يكد.
والكد: راحة.
والفزع: يدل على اكتساب مظالم وارتكاب مآثم.
ومن رأى أنه مات من الفزع مات فقيراً والمظالم باقية في ذمته.
والعزل: عهد كما أن العهد عزل، وقد قيل أنه يدل على طلاق المرأة.
وعبوس الوجه: يدل على بنت لقوله تعالى ” وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودأ وهو كظيم “.
وأما التعثر: فمن رأى كأن إبهام رجله عثرت في الأرض، اجتمع عليه دين، فإن خرج منها دم نابتة نائبة، وقيل إنه يصيب مالاً حرامأ.
وأما العري: فمن رأى أنه نزع ثيابه ظهر له عدو مكاتم غير مجاهر بالعداوة بل يظهر المودة والنصيحة، وقال الله تعالى ” يا بني آدم لا يفتنكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما “.
وإن رأى كأنه عريان في محفل، فإنه يفتضح، وإن كان عرياناً في موضع وحده، فإن عدوه يطلب عثراته فلا يجد مراده من هتك ستره.
والطرد: غير محمود في التأويل، فمن رأى أنه طرد أحداً من أهل الفضل أو هول أو صاح عليه، فإنه يقع في أمر هائل ويغلبه عدوه.
وأما السرقة: فإن السارق المجهول ملك الموت، والسارق المعروف يستفيد من المسروق منه علماً أو موعظة أو منفعة.
وإن رأى كأن سارقاً مجهولاً دخل بيته وسرق طسته أو ملحفته أو قمقمته ماتت إمرأته وسرقة الدار أيمة تتزوج.
والسفه: جهل، فمن رأى أنه سفه جهل لقوله تعالى “. فإن كان الذي عليه الحق سفيهاً “.
والذلة: نصرة في التأويل.
والخسران: ذنب.
والخيانه: زنا.
والحبس: ذل وهم، وقيل إن الحبس في السجن يدل على نيل ملك بدليل قصة يوسف، والحبس في البيت المجصص المجهول المنفرد عن البيوت دليل الموت والقبر.
وإن رأى كأنه موثق في بيت مغلق عليه، فإنه ينال خيراً.
والحمل الثقيل: فجار السوء.
وإصابة البؤس: دليل الإفتقار.
والضلالة عن الطريق: خوض في باطل، والاهتداء بعد الضلالة إصابة الخير والفلاح.
أكل الإنسان لحم نفسه
من رأى أنه أكل لحم نفسه، فإنه يأكل من مدخور ماله ومكنوزه، فإن أكل لحم غيره، فإن أكله نيئاً يغتابه أو أحد أقربائه، وإن أكله مطبوخاً أو مشوياً، فإنه يأكل رأس مال غيره.
ومن رأى كأنه يعض لحم نفسه ويقطعه ويطرحه إلى الأرض، فإنه رجل لماز.
وأكل المرأة لحم المرأة مساحقة أو مغالبة، وأكل المرأة لحم نفسها دليل على إنها تزني وتأكل كد فرجها، وأكل لحم الرجل في التأويل مثل أكل لحم المرأة، وكذلك أكل لحم الشاب أقوى في التأويل من أكل لحم الشيخ.
وإن رأى أنه يأكل لحم لسان نفسه أصاب منفعة من قبل لسانه، وربما دلت هذه الرؤيا على تعود صاحبها السكوت وكظم الغيظ والمداراة.
وإن رأى أنه يأكل من رؤوس الناس أو يطعمها غيره أو ينال منها شعراً أو عظاماً، فإنه يصيب مالاً من رؤساء الناس وعظمائهم، فإن أكل من أدمغتهم، فإنه يصيب من ذخائر أموالهم، وكذلك رؤوس البهائم والسباع إلا إنها دون رؤوس الناس في الشرف.
وإن رأى رؤوس الناس مقطوعة في بلدة أو محلة أو بيت أو على باب دار، فإن رؤوس الناس يأتون ذلك الموضع ويجتمعون فيه، وقيل من رأى أنه يأكل لحم نفسه أصاب مالاً وسلطاناً عظيماً.
وإن رأى أنه يأكل لحم مصلوب أو لحم أبرص أو لحم مجذوم، فإنه يصيب مالاً عظيماً حراماً.
وإن رأى أنه عانق رجلاً ميتاً أو حياً، فإنه تطول حياته، وكذلك المصافحة.
ومن رأى أنه يأكل من لحم نفسه أو لحم غيره وكان لم يأكل أثر ظاهر أكل من ماله أو من مال غيره، فإن لم يكن له أثراً اغتاب إنساناً من أهل بيته أو غيرهم، ومن أكل لحم المصلوب أكل مالاً حراماً من رجل رفيع القدر إذا كان لما يأكل أثر.
النوم والإستلقاء
النعاس: أمن لقوله عز وجل ” إذ يغشيكم النعاس أمنة منه “. والنوم غفلة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا، وورد في الدعاء: نبهنا من نوم الغافلين.
وأما الإستلقاء: فمن رأى كأنه مستلق على قفاه قوي أمره وأقبلت دولته وصارت الدنيا تحت يده لأن الأرض مسند قوي ولأن من استلقى على قفاه وكان فمه منفتحاً فخرج منه أرغفة، فإن تدبيره ينتقص ودولته تزول وبفوز بأمر غيره.
وإن رأى كأنه منبطح، فإنه يذهب ماله وتضعف قوته ولا يشعر بجري الأحوال ولا يدري كيف تصرف الأمور، وذلك أنه إذا نام على هذه الصفة جعل.
والتثاؤب: مرض وطيب النكهة حسن المحضر.
والضحك: حزن، لقوله تعالى ” فليضحكوا قليلاً “. وهو أيضاً بشارة بغلام لقوله تعالى ” فضحكت فبشرناها بإسحق “. والتبسم محمود.
والغطيط في النوم: يدل على غفلة صاحب الرؤيا وانخداعه لمن خدعه، وأما رفع الصوت فارتفاع على قوم في منكر بدليل قوله تعالى ” واغضض من صوتك “.
والإنتباه من النوم: يدل على حركة الجد وإقباله.
وقال القيرواني: إن النوم على البطن ظفر بالأرض والمال والأهل والولد.
والرقاد على الظهر: تشتيت وذلة وموت، وربما دل على فراغ بالأعمال والراحة من الأحزان إذا كان حامداً لله عز وجل.
والنوم على الجنب: خير أو مرض أو موت.
ومن رأى أنه مضطجع تحت أشجار كثر نسله وولده.
العطش والجوع
أما العطش: في التأويل هو خلل في الدين، فمن رأى أنه عطشان وأراد أن يشرب من نهر فلم يشرب، فإنه يخرج من حزن لقوله تعالى في قصة طالوت ” إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني “. وقيل من أراد أن يشرب فلم يشرب لم يظفر بحاجته، ومن شرب الماء البارد أصاب مالاً حلالاً، وإذا رأى أنه ريان من الماء دل على صحة دينه واستقامته وصلاح حاله فيها.
وأما الجوع: فإنه ذهاب مال وحرص في طلب معاش.
والأكل: يختلف في أحواله، وقيل الجوع خير من الشبع والري خير من العطش، وقيل من رأى أنه جائع أصاب خيراً ويكون حريصاً.
ومن رأى أن غيره دعاه إلى الغداء دلت رؤياه على سفر غير بعيد لقوله تعالى ” لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا “. فإن دعاه إلى الأكل نصف النهار، فإنه يستريح من تعب، فإن دعاه في العشاء، فإنه يخدع رجلاً ويمكر به قبل أن يخدعه هو.
ومن رأى أنه أكل طعاماً وانهضم، فإنه يحرص على السعي في حرفته.
والشبع: تحصيل المعاش وعود المال.
أثاث البيت وأدواته وأمتعته
الطست: جارية أو خادم، فمن رأى كأنه يستعمل طستاً من نحاس، فإنه يبتاع جارية تركية لأن النحاس يحمل من الترك، وإن كان الطست من فضة، فإن الجارية رومية، وإن كان من ذهب، فإنها إمرأة جميلة تطالبه بما لا يستطيع وتكلفه ما لا يطيق، وقيل إن الطست إمرأة ناصحة لزوجها تدله على سبب طهارته ونجاته.
والباطية: جارية مكرة غير مهزولة.
والبرمة: رجل تظهر نعمه لجيرانه، وقيل إن القدر قيمة البيت.
والكانون: زوجها الذي يواجه الأنام ويصلي تعب الكسب وهو يتولى في الدار علاجها مستورة مخمرة، وقد يدل الكانون على الزوجة والقدر على الزوج فهي أبداً تحرقه بكلامها وتقتضيه في رزقها وهو يتقلى ويتقلب في غليانها داخلاً وخارجاً، ومن أوقد ناراً ووضع القدر عليها وفيها لحم أو طعام، فإنه يحرك رجلاً على طلب منفعة.
وإن رأى كأن اللحم نضج وأكله، فإنه يصيب منه منفعة ومالاً حلالاً، وإن لم ينضج، فإن المنفعة حرام، وإن لم يكن في القدر لحم ولا طعام، فإنه يكلف رجلاً فقيراً ما لا يطيقه ولا ينتفع منه بشيء.
وقدر الفخار: رجل تظهر نعمته للناس عموماً ولجيرانه خصوصاً.
والمرجل: قيم البيت من نسل النصارى.
والمصفاة: خادم جميل.
والجام: هو حبيب الرجل والمحبوب منه يقدم عليه من الحلاوة وذلك لأن الحلو على الجام يدل على زيادة المحبة في قلب حبيبه له، فإن قدم الجام وعليه شيء من البقول أو من الحموضات، فإنه يظهر في بيت حبيبه منه عداوة وبغضاء.
والسلة: في الأصل تدل على التبشير والإنذار.
وإن رأى فيها ما يستحب نوعه أو جنسه أو جوهره فهي مبشرة، وإن كان فيها ما لا يستحب فهي منذرة.
الصندوق: إمرأة أو جارية، وذكر القيرواني الصندوق بلغته وسماه التابوت، فقال إنه يدل على بيته وعلى زوجته وحانوته وعلى صدره ومخزنه، وكذلك العتبة، فما رؤي فيه أو خرج منه إليه رآه فيما يدل عليه من خير أو شر على قدر جوهر الحادثة، فإن فيه بيتاً دخلت صدره غنيمة، وإن كانت زوجته حاملاً ولدت ابناً، وإن كان عنده بضاعة خسر فيها أو ندم عليها وعلى نحو هذا.
والتابوت: ملك عظيم.
وإن رأى أنه في تابوت نال سلطاناً إن كان أهلاً له لقوله تعالى ” إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت “. وقيل إن صاحب هذه الرؤيا خائف من عدو وعاجز عن معاداته وهذه الرؤيا دليل الفرج والنجاة من شره بعد مدة، وقيل من رأى هذه الرؤيا من له غائب قدم عليه، وقيل من رأى أنه على تابوت، فإنه في وصية أو خصومة وينال الظفر ويصل إلى المراد.
والحقة: قصر، فمن رأى كأنه وجد حقة فيها لآلىء، فإنه يستفيد قصراً فيه خدم.
والسفط: إمرأة تحفظ أسرار الناس.
والصرة: سر، فمن رأى أنه استودع رجلاً صرة فيها دراهم أو دنانير أو كيساً، فإن كانت الدراهم أو الدنانير جياداً، فإنه يستودعه سراً حسناً، وإن كانت رديئة استودعه سراً رديئاً.
وإن رأى كأنه فتح الصرة، فإنه يذيع ذلك السر.
والقربة: عجوز أمينة تستودع أموالاً بالقوارير.
والكيس: يدل على الإنسان فمن رآه فارغاً فهو دليل موت صاحب الكيس، وقيل إن الكيس سر كالصرة، وقيل من رأى كأن في وسطه كيساً دل على أنه يرجع إلى صدر صالح من العلم، فإن كانت فيه دراهم صحاح، فإن ذلك العلم صحيح، وإن كانت مكسرة، فإنه يحتاج في عمله إلى دراسة.
وحكي أن رجلاً أتى أبا بكر رضوان الله عليه، فقال: رأيت كأنني نفضت كيسي فلم أجد فيه إلا علقة، فقال: الكيس بدن الإنسان والدرهم ذكر وكلام والعلقة ليس لها بقاء.
وإن رأى الإنسان أنه نفض كيسه أو هميانه أو صرته مات وانقطع ذكره من الدنيا، قال فخرج الرجل من عند أبي بكر فرمحه برذون فقتله.
والهميان: جار مجرى الكيس، وقيل إن الهميان مال، فمن رأى كأن هميانه وقع في بحر أو نهر ذهب ماله على يدي ملك.
وإن رأى كأنه وقع في نار ذهب ماله على يدي سلطان جائر.
والمقراض: رجل قسام، فمن رأى كأن بيده مقراضاً اضطر في خصومة إلى قاض، وإن كانت أم صاحب الرؤيا في الأحياء، فإنها تلد أخاً له من أبيه، وقيل إن المقراض ولد مصلح بين الناس.
وقال القيرواني: من رأى بيده مقراضاً، فإن كان عنده ولد آتاه آخر، وكذلك في العبيد والخدم، وإن كان عازباً، فإنه يتزوج، وأما من سقط عليه من السماء مقراض في مرض أو في الوباء، فإنه منقرض من الدنيا.
ومن رأى أنه يجز به صوفاً أو وبراً أو شعراً من جلد أو ظهر دابة، فإنه يجمع مالاً بفهمه وكلامه وشعره وسؤاله أو بمنجله وسكينه، وأما من جز به لحى الناس وقرض به أثوابهم، فإنه رجل خائن أو مغتاب كما قال الشاعر:
كأن فكيك للأعراض مقراض … ومنه فلان يقرض فلاناً
والإبرة: تدل على المرأة والأمة لثقبها وإدخال الخيط فيها بشارة بالوطء وإدخال غير الخيط فيها تحذير لقوله تعالى ” ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط “. وأما إن خاط بها ثياب الناس، فإنه رجل نصحهم أو يسعى بالصلاح بينهم لأن النصاح هو الخيط في لغة العرب والإبرة المنصحة والخياط الناصح، وإن خاط ثيابه استغنى إن كان فقيراً واجتمع شمله إن كان مبدداً وانصلح حاله إن كان فاسداً.
ومن رأى أنه رفأ بها قطعاً، فإنه يتوب من غيبة أو يستغفر من إثم إذا كان رفوه صحيحاً متقناً وإلا اعتذر بالباطل وتاب من تباعة ولم يتحلل من صاحب الظلامة ومنه يقال من اغتاب فقد خرق، ومن تاب فقد رفأ، والإبرة رجل مؤلف أو إمرأة مؤلفة.
وإن رأى كأنه يأكل إبرة، فإنه يفضي بسره إلى ما يضر به.
وإن رأى كأنه غرز إبرة في إنسان، فإنه يطعن ويقع فيه من هو أقوى منه.
وحكي أن رجلاً حضر ابن سيرين، فقال: رأيت كأنني أعطيت خمس إبر ليس فيها خرق، فعبر رؤياه بعض أصحاب ابن سيرين، فقال: الإبر الخمس التي لا ثقب فيهن أولاد والإبرة المثقوبة ولد غير تمام فولد له أولاد على حسب تعبيره.
والإبرة في التأويل سبب ما يطالب من صلاح أمره أو جمعه أو التئامه، وكذلك لو كانت اثنتين أو ثلاثة أو أربعة فما كان منها بخيط، فإن تصديق إلتئام أمر صاحبها أقرب ومبلغ ذلك بقدر ما خاط به، وما كان من الإبر قليلاً يعمل به ويخيط به خير من كثير لا يعمل بها وأسرع تصديقاً.
وإن رأى أنه أصاب إبرة فيها خيط أو كان يخيط بها، فإن يلتئم شأنه ويجتمع له ما كان من أمره متفرقاً ويصلح.
وإن رأى أن إبرته التي يخيط بها أو كان فيها خيط انكسرت أو انخرمت، فإنه يتفرق شأن من شأنه، وكذلك لو رأى أنه انتزعت منه أو احترقت، فإن ضاعت أو سرقت، فإنه يشرف على تفريق ذلك الشأن ثم يلتئم.
الخيط والحبل: بينة، فمن رأى أنه أخذ خيطاً، فإنه رجل يطلب بينة في أمر هو بصدده لقوله تعالى ” حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود “.
وإن رأى كأنه فتل خيطاً فجعله في عنق إنسان وسحبه أو جذبه، فإنه يدعو إلى فساد، وكذلك إذا رأى أنه نحر جملاً بخيط، وأما الخيوط المعقدة فتدل على السحر.
ومن رأى أنه يفتل حبلاً أو خيطاً أو يلوي ذلك على نفسه أو على قصبة أو خشبة أو غير ذلك من الأشياء، فإنه سفر على أي حال كان.
وإن رأى أنه يغزل صوفاً أو شعراً أو أي غزل مما يغزل الرجال مثله، فإنه يصيب خيراً في سفره.
وإن رأى أنه يغزل القطن والكتان أو القز وهو في ذلك متشبه بالنساء، فإنه ينال ذلك ويعمل عملاً حلالاً غير مستحسن للرجال ذلك.
وإن رأت إمرأة إنها تغزل من ذلك شيئاً، فإن غائباً لها يقدم من سفر.
وإن رأت إنها أصابت مغزلاً، فإن كانت حاملاً ولدت جارية وإلا أصابت أختاً، فإن كان في المغزل فلكة تزوجت بنتها أو أختها، فإن انقطع سلك المغزل أقام المسافر عنها.
وإن رأت خمارها انتزع منها أو انتزع كله، فإنها يموت زوجها أو يطلقها، فإن احترق بعضه، أصاب الزوج ضر وخوف من سلطان، وكذلك لو رأت فلكتها سقطت من مغزلها طلق ابنتها زوجها أو أختها، فإن كان خمارها سرق منها وكان الخمار ينسب في التأويل إلى رجل أو امرأة، فإن إنساناً يغتال زوجها في نفسه أو في ماله أو في بعض ما يعز عليه من أهله، فإن كان السارق ينسب إلى امرأة، فإن زوجها يصيب إمرأة غيرها حلالاً أو حراماً، وكذلك مجرى الفلكة.
وقال القيرواني: الحبل هو سبب من الأسباب، فإن كان من السماء فهو القرآن والدين وحبل الله المتين الذي أمرنا أن نعتصم به جميعاً فمن استمسك به قام بالحق في سلطان أو علم، وإن رفع به مات عليه، وإن قطع به ولم يبق بيده منه شيء أو انفلت من يده فارق ما كان عليه، وإن بقي في يده عنه شيء ذهب سلطانه وبقي عقده وصدقه وحقه، فإن وصل له وبقي على حاله عاد إلى سلطانه، فإن رفع به من بعد ما وصل له غدر به ومات على الحق، وإن كان الحبل في عنقه أو على كتفه أو على ظهره أو في وسطه فهو عهد يحصل في عنقه وميثاق إما نكاح أو وثيقة أو نذر أو دين أو شركة أو أمانة قال الله تعالى ” إلا بحبل من الله وحبل من الناس “.
وأما الحبل على العصا فعهد فاسد وعمل رديء وسحر، قال الله تعالى ” فألقوا حبالهم وعصيهم “. وأما من فتل حبلاً أو قاسه أو لواه على عود أو غيره، فإنه يسافر، وكذلك كل لي وفتل، وقد يدل الفتل على إبرام الأمور والشركة والنكاح.
وأما مغزل المرأة ولقاطتها: يدلان على نكاح العازب وشراء الأمة وولادة الحامل أنثى، وأما من غزل من الرجال ما يغزله الرجال، فإنه يسافر أو يبرم أمراً يدل على جوهر المغزول أو يتغزل في شعر، فإن غزل ما يغزله النساء، فإن ذلك كله ذلة تجري عليه في سفر أو في غيره أو يعمل عملاً ينكر فيه عليه وليس بحرام، وأما غزل المرأة، فإنه دليل على مسافر يسافر لها أو غائب يقدم عليها لأن المغزل يسافر عنها ويرجع إليها وإلا أفادت من عمل يدها وصناعتها.
وقد حكي عن ذي القرنين أنه قال: الغزل عمر الرجل.
وإن رأى كأنه غزل أو نسج وفرغ من النسخ، فإنه يموت، وفلكة المغزل زوج المرأة وضياعها تطليقه إياها ووجودها مراجعته إياها ونقضها الغزل نكثها العهد.
وأما المشط: يدل على سرور ساعة لأنه يطهر وينظف ويزين زينة لا تدوم، وقيل المشط عدل، وقيل إن التمشيط يدل على أداء الزكاة والمشط بعينه يدل على العلم وعلى الذي ينتفع بأمره وكلامه كالحاكم والمفتي والمعبر والواعظ والطبيب فمن مشط رأسه أو لحيته، فإن كان مهموماً سلى همه وإلا عالج زرعه ونخله أو ماله مما يصلحه ويدفع الأذى عنه من كلام أو حرب ونحوه.
وأما المرآة: فمن نظر وجهه فيها من العزاب، فإنه ينكح غيره ويلقي وجهه، وإن كان عنده حمل أتى مثله ذكراً كان الناظر أم أنثى، وقد يدل على فرقة الزوجين حتى يرى وجهه في أرض غيره وفي غير المكان الذي هو فيه وقد تفرق فيه بنية الناظر فيها وصفته وآماله، فإن كان نظره فيها ليصلح وجهه أو ليكحل عينيه، فإنه ناظر في أمر أخوته مروع متسنن، وقد تدل مرآته على قلبه فما رأى عليها من صدأ كان ذلك إثماً وغشاوة على قلبه، والناظر في مرآة فضة يناله مكروه في جاهه، والنظر في المرآة للسلطان عزله عن سلطانه ويرى نظيره في مكانه، وربما فارق زوجته وخلف عليها نظيره، وقيل المرآة مروءة الرجل ومرتبته على قدر كبر المرآة وجلالتها.
وإن رأى وجهه فيها أكبر، فإن مرتبته فيها ترتفع، وإن كان وجهه فيها حسناً، فإن مروءته تحسن.
وإن رأى لحيته فيها سوداء مع وجه حسن وهو على غير هذه الصفة في اليقظة، فإنه يكرم على الناس ويحسن فيهم جاهه في أمر الدنيا، وكذلك إن رأى لحيته شمطاء مكهلة مستوية.
وإن رآها بيضاء، فإنه يفتقر ويكثر جاهه ويقوى دينه.
وإن رأى في وجهه شعراً أبيض حيث لا ينبت الشعر ذهب جاهه وقوي دينه، وكذلك النظر في مرآة الفضة يسقط الجاه، وقيل المرآة امرأة.
وإن رأى في المرآة فرج إمرأة أتاه الفرج.
والنظر في المرآة المجلوة يجلو الهموم وفي المرآة الصدئة سوء حال.
وإن رأى كأنه يجلو مرآة، فإنه في هم يطلب الفرج منه، فإن لم يقدر على أن يجلوها لكثرة صدئها، فإنه لا يجد الفرج، وقيل إنه إذا رأى كأنه ينظر في مرآة، فإن كان عازباً تزوج، وإن كانت إمرأته غائبة اجتمع معها، وإن نظر في المرآة من ورائها ارتكب من إمرأته فاحشة وعزل إن كان سلطاناً ويذهب زرعه إن كان دهقاناً.
والمرأة إذا نظرت في المرآة وكانت حاملاً، فإنها تضع بنتاً تشبهها أو تلد ابنتها بنتاً، فإن لم يكن شيء من ذلك تزوج زوجها أخرى عليها نظيرها فهي تراها شبهها، وكذلك لو رأى صبي أنه نظر في مرآة وأبواه يلدان، فإنه يصيب أخاً مثله ونظيره، وكذلك الصبية لو رأت ذلك.
والمذبة: دالة على الرجل الذاب والرجل المحب.
الصفحة القادمة
أدوات الركبان والفرسان
الآكاف: إمرأة أعجمية غير شريفة ولا حسيبة تحل من زوجها محل الخادمة، وركوب الرجل الآكاف يدل على توبته عن البطالة بعد طول تنعمه فيها.
والسرج: إذا انفرد عن الدابة فهو امرأة، ويدل على المجلس الشريف والمقعد الرفيع، وإن كان على الدابة فهو من أدواتها، فإن كانت الدابة تنسب إلى المرأة فهو فرجها وقد يكون بطنها، وركابها فرجها وحزامها صداقها ولجامها عصمتها والزمام مال وقوة، وقيل إن السرج المفرد يدل على إمرأة عفيفة حسناء غنية.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأني على دابة وأخذت في مضيق فبقي السرج فيه وتخلصت أنا والدابة، فقال ابن سيرين: بئس الرجل أنت، إنه يعرض لك أمر تخذل فيه امرأتك، فلم يلبث الرجل أن سافر مع إمرأته فقطع عليه اللصوص الطريق فخلى إمرأته في أيديهم وأفلت نفسه، وقيل إن السرج إصابة مال، وقيل إصابة ولاية، وقيل بل هو استفادة دابة، وقيل من رأى كأنه ركب سرجاً نصر في أموره.
وأما المركب: مال رجل شريف ورياسة، وكثرة حليه ارتفاع الرياسة والذكر، وكون حليه من ذهب لا يضر ويدل على جارية حسناء، وكونه من حديد قوة صاحب الرؤيا، وكونه من رصاص يدل على وهن أمره وديانته، وكونه من فضة مطلية بالذهب يدل على جوار وغلمان حسان، وكون السرج واللجام واللبب بلا حلي يدل على تواضع راكبه وكونه باطنه خير من ظاهره.
والمقود: مال أو آداب أو علم يحجزه عن المحارم.
والسوط: سلطان وانقطاعه في الضرب ذهاب السلطان وانشقاقه انشقاق السلطان، وضرب الدابة بالسوط يدل على أن صاحبه يدعو إلى الله تعالى في أمر، فإن ضرب رجلاً بالسوط غير مضبوط ولا ممدود اليدين، فإنه يعظه وينصحه، فإن أوجعه، فإنه يقبل الوعظ، فإن لم يوجعه لم يتعظ، وإن سال منه الدم عند الضرب فهو دليل الجور، وإن لم يسل فهو دليل الحق، فإن أصاب الضارب من دمه، فإنه يصيب من المضروب مالاً حراماً، واعوجاج السوط عند الضرب يدل على اعوجاج الأمر الذي هو فيه أو على حمق الذي يستعين به في أمره، وإن أصابه السوط تدل على الاستعانة برجل أعجمي متصل بالسلطان يقبل قوله.
وإن رأى كأن سوطاً نزل عليه من السماء وعلى أهل بلده، فإن الله تعالى يسلط عليه أو عليهم سلطاناً جائراً بذنب قد اكتسبوه لقوله تعالى ” فصب عليهم ربك سوط عذاب “.
ومن رأى في يده سوطاً مخروزاً، فإنها ولاية وعمالة في الصدقات.
وإن رأى أنه ضرب بسوطه حماره، فإنه يدعو الله في معيشته، فإن ضرب بها فرساً قد ركبه وأراه ركضه، فإنه يدعو الله في أمر فيه عسر.
وأما الصولجان: ولد أهوج، وقيل رجل منافق معوج، واللعب به استعانة برجل هذه صفته، وقيل إن الكرة قلب الإنسان والصولجان لسانه، فإن لعب بهما على المراد جرى أمره في خصومة أو مناظرة على مراده.
وأما الغاشية: فمال أو خادم أو امرأة، وقيل إنها غير محبوبة في المنام لقوله تعالى ” فآمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله “.
والرحالة: إمرأة حرة من قوم مياسير.
والحزام: نظام الأمر.
والزمام: طاعة وخصوم.
والخطام: زينة.
والهودج: إمرأة لأنها من مراكب النساء.
واللجام: حسن التدبير وقوة في المال ونيل رياسة ينقاد له بها ويطاع ويدل على الورع والدين والعصمة والمكنة فمن ذهب ذلك من يده، ومن رأس دابته تلاشى أمره وفسد حاله وحرمت زوجته وكانت بلا عصمة تحته، وكذلك من ركب دابة بلا لجام فلا خير فيه.
ومن رأى أنه ملجم بلجام، فإنه يكف عن الذنوب، وروي في الحديث التقي ملجم.
البسط والستور والسرادقات
البساط: دنيا لصاحبه وبسطه بسط الدنيا وسعته سعة الرزق وصفاقته طول العمر.
وإن رأى كأنه بسط في موضع مجهول أو عند قوم لا يعرفهم، فإنه ينال ذلك في سفر، وصغر البساط ورقته قلة الحياة وقصر العمر، وطيه طي النعيم والعمر.
ومن رأى كأنه على بساط نال السلامة إن كان في حرب، وإن لم يكن في حرب اشترى ضيعة، وبسط البساط بين قوم معروفين أو في موضع معروف يدل على اشتراك النعمة بين أهل ذلك الموضع، وقيل إن بسط البساط ثناء لصاحبه الذي يبسط له وأرضه الذي يجري عليه أثره، كل ذلك بقدر سعة البساط وثخانته ورقته وجوهره.
وإن رأى أنه بسط له بساط جديد صفيق، فإنه ينال في دنياه سعة الرزق وطول العمر، فإن كان البساط في داره أو بلده أو محلته أو في قومه أو بعض مجالسه أو عند من يعرفه بمودته أو بمخاطبته إياه حتى لا يكون شيء من ذلك مجهولاً، فإنه ينال دنياه تلك على ما وصفت، وكذلك يكون عمره فيها في بلده أو موضعه الذي هو فيه أو عند قومه أو خلطائه، وإن كان ذلك في مكان مجهول وقوم مجهولين، فإنه يتغرب وينال ذلك في غربة، فإذا كان البساط صغيراً ثخيناً نال عزاً في دنياه وقلة ذات يد، وإن كان رقيقاً قدر رقة البسط واسعاً، فإنه ينال دنيا واسعة وعمره قليل فيها، فإذا اجتمعت الثخانة والسعة والجوهر اجتمع له طول العمر وسعة الرزق.
وإن رأى أن البساط صغيراً خلقاً فلا خير فيه.
وإن رأى بساطه مطوياً على عاتقه قد طواه أو طوي له فهو ينقله من موضع إلى موضع، فإن انتقل كذلك إلى موضع مجهول فقد نفد عمره وطويت دنياه عنه وصارت تبعاته منها في عنقه.
وإن رأى في المكان الذي انتقل إليه أحداً من الأموات فهو تحقيق ذلك.
وإن رأى بساطاً مطوياً لم يطوه هو ولا شهد طيه ولا رآه منشوراً قبل ذلك وهو ملكه، فإن دنياه مطوية عنه وهو مقل فيها ويناله فيها بعض الضيق في معيشته، فإن بسط له اتسع رزقه وفرج عنه.
ويدل البساط على مجالسة الحكام والرؤساء وكل من يوطأ بساطه، فمن طوى بساطه تعطل حكمه أو تعذر سفره أو أمسكت عنه دنياه، وإن خطف عنه أو احترق بالنار مات صاحبه أو تعذر سفره، وإن ضاق قدره ضاقت دنياه عليه، وإن رق جسم البساط قرب أجله أو أصابه هزال في جسده أو أشرف على منيته.
والوسادة والمرفقة: خادمة فما حدث فيها ففيهم.
والمخادة: الأولاد، والمساند هي العلماء.
وأما الفراش: فدال على الزوجة وحشو لحمها أو شحمها، وقد يدل الفراش على الأرض التي يتقلب الإنسان عليها بالغفلة إلى أن ينتقل عنها إلى الآخرة، وقيل للفراش المعروف صاحبه أو هو بعينه أو موضعه، فإنه امرأته، فما رؤي به من صلاح أو فساد أو زيادة على ما وصفت في الخدم كذلك يكون الحدث في المرأة المنسوبة إلى الفراش.
وإن رأى أنه استبدل بذلك الفراش وتحول إلى غيره من نحوه، فإنه يتزوج أخرى ولعله يطلق الأولى إن كان ضميره أن لا يرجع إلى ذلك الفراش، وكذلك لو رأى أن الفراش الأول قد تغير عن حاله إلى ما يكره في التأويل، فإن المرأة تموت أو ينالها ما ينسب إلى ما تحولت إليه، فإن كان تحول إلى ما يستحب في التأويل، فإنه مراجعة المرأة الأولى بحسن حال وهيئة بقدر ما رأى من التحول فيه.
وإن رأى فراشه تحول من موضع إلى موضع، فإن إمرأته تتحول من حال إلى حال بقدر فضل ما بين الموضعين في الرفق والسعة والموافقة لهما أو لأحدهما.
وإن رأى مع الفراش فراشاً آخر مثله أو خيراً منه أو دونه، فإنه يتزوج أخرى على نحو ما رأى من هيئة الفراش ولا يفرق بين الحرائر والإماء في تأويل الفراش لأنهن كلهن نساء وتأويل ذلك سواء.
ومن رأى أنه طوى فراشه فوضعه ناحية، فإنه يغيب عن إمرأته أو تغيب عنه أو يتجنبها.
وإن رأى مع ذلك شيئاً يدل على الفرقة والمكارة، فإنه يموت أحدهما عن صاحبه أو يقع بينهما طلاق.
وإن رأى فراشاً مجهولاً في موضع مجهول، فإنه يصيب أرضاً على قدر صفة الفراش وهيئته.
وإن رأى فراشاً مجهولاً أو معروفاً على سرير مجهول وهو عليه جالس، فإنه يصيب سلطاناً يعلو فيه على الرجال ويقهرهم لأن السرير من خشب والخشب من جوهر الرجال الذي يخالطهم نفاق في دينهم لأن الأسرة مجالس الملوك، وكذلك لو رأى كأن فراشه على باب السلطان تولى ولاية.
وإذا أولنا الفراش بالمرأة فلين الفراش طاعتها لزوجها وسعة الفراش سعة خلقها وكونه جديداً يدل على طراوتها وكونه من ديباج إمرأة مجوسية وكونه من شعر أو صوف أو قطن يدل على إمرأة غنية وكونه أبيض إمرأة ذات دين وكونه مصقولاً يدل على إمرأة تعمل ما لا يرضي الله وكونه أخضر إمرأة مجتهدة في العبادة والجديد إمرأة حسناء مستورة والمتمزق إمرأة لا دين لها، فمن رأى كأنه على فراش ولا يأخذه النوم، فإنه يريد أن يباشر إمرأته ولا يتهيأ له ذلك.
وإن رأى كأن غيره مزق فراشه، فإنه يخونه في أهله.
وأما السرير: من رأى أنه على سرير، فإنه يرجع إليه شيء قد كان خرج عن يده، وإن كان سلطاناً ضعف في سلطانه ثم يثبت بعد الضعف لقوله تعالى ” وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب “. وإن كان يريد التزويج فذلك نكاح امرأة، وإن كان على سرير وعليه فرش فذلك زيادة رفعة وذكر على قوم منافقين في الدين، وإن لم يكن عليه فرش، فإنه يسافر، وقيل السرير وجميع ما ينام عليه يدل على المرأة وعلى جميع المعاش، وكذلك تدل الكراسي، وأرجل السرير تدل على المماليك وخارجه على المرأة خاصة وداخله على صاحب الرؤيا وأسفله على الأولاد والإناث.
والسرير دال على كل ما يسر المرء به ويشرف من أجله ويقربه، والعرب تقول: ثل عرشه إذا هدم عزه.
ومن رأى نفسه على سرير مجهول، فإن لاق به الملك ناله وإلا جلس مجلساً رفيعاً، وإن كان عازباً تزوج، وإن كانت حاملاً ولدت غلاماً، وكل ذلك إن كان عليه فرش فوقه أو كان له جمال، وإن كان لا فرش فوقه، فإن راكبه يسافر سفراً بعيداً، وإن كان مريضاً مات، وإن كان ذلك في أيام الحج وكان يؤمله ركب محملاً على البعير أو سفينة في البحر أو جلس فيها على السرير.
السرادق والفسطاط والقبة والخباء: السرادق سلطان في التأويل فإذا رأى الإنسان سرادقاً ضرب فوقه، فإنه يظفر بخصم سلطاني، وقيل من رأى له سرادقاً مضروباً، فإن ذلك سلطان وملك ويقود الجيوش لأن السرادق للملوك والفسطاط كذلك إلا أنه دونه والقبة دون الفسطاط والخباء دون القبة.
ومن رأى للسلطان أنه يخرج من شيء من هذه الأشياء المذكورة دل على خروجه عن بعض سلطانه، فإن طويت باد سلطانه أو فقد عمره، وربما كانت القبة امرأة، تقوله ضرب قبة إذا بنى بأهله والأصل في ذلك أن الداخل بأهله كان يضرب عليها قبة ليلة دخوله بها فقيل لكل داخل بأهله بان بأهله.
قال عمر وبن معدي كرب:
ألم يأرق له البرق اليماني … يلوح كأنه مصباح بان
ومن رأى أنه ملك الفساطيط أو استظل بشيء منها، فإن ذلك يدل على نعمة منعم عليه بما لا يقدر على أداء شكرها.
والمجهول من السرادقات والفساطيط والقباب إذا كان لونه أخضر أو أبيض مما يدل على البر، فإنه يدل على الشهادة أو على بلوغه لنحوها بالعبادة لأن المجهول من هذه الأشياء يدل على البر، فإنه يدل على قبور الشهداء والصالحين إذا رآه أو يزور بيت المقدس، وقيل إن الخيمة ولاية وللتاجر سفر، وقيل إنها تدل على إصابة جارية حسناء عذراء لقوله تعالى ” حور مقصورات في الخيام “. والقبة اللبدية سلطان وشرف.
وأما الشراع: من رأى كأن شراعاً ضرب له، فإنه ينال عزاً وشرفاً.
وأما الستر: فهو هم فإذا رآه على باب البيت كان هماً من قبل النساء.
وإن رآه على باب الحانوت فهو هم من قبل المعاش، فإن كان على باب المسجد فهو هم من قبل الدين، فإن كان على باب دار فهو هم من قبل الدنيا والستر الخلق هم سريع الزوال والجديد هم طويل والممزق طولاً فرج عاجل والممزق عرضاً تمزق عرض صاحبه والأسود من الستور هم من قبل ملك والأبيض والأخضر فيها محمود العاقبة، وهذا كله إذا كان الستر مجهولاً أو في موضع مجهول، فإذا كان معروفاً فبعينه في التأويل، وقيل الستور كلها على الأبواب هم وخوف مع سلامة.
وإذا رأى المطلوب أو الخائف أو الهارب أو المختفي كأن عليه ستراً فهو ستر عليه من إسمه وأمن له، وكلما كان الستر أكبر كان همه وغمه أعظم وأشنع.
والستور قليلها وكثيرها ورقيقها وصفيقها إذا رؤيت على باب أو بيت أو مدخل أو مخرج، فإنه هم لصاحبه شديد قوي ومأزق منه وضعف وصغر، فإنه أهون وأضعف في الهم، وليس ينفع مع الشر لونه إن كان من الألوان التي تستحب لقوته في الهم والخوف كما وصفت، وليس في ذلك عطب بل عاقبته إلى سلامة.
وما كان من الستور على باب الدار الأعظم أو على السوق العظمى أو ما يشبه ذلك فالهم والخوف في تأويله أقوى وأشنع، وما رؤي من الستور لم يعلق على شيء من المخارج والمداخل فهو أهون فيما وصفت من حالها وأبعد لوقوع التأويل، وكذلك ما رؤي أنه تمزق أو قلع أو ألقي أو ذهب، فإنه يفرج عن صاحبه الهم والخوف، والمجهول من ذلك أقوى في التأويل وأشده، وأما المعروف من الستور في مواضعها المعروفة، فإنه هو بعينه في اليقظة لا يضر ذلك ولا ينفع حتى يصير مجهولاً لم يعرفه في اليقظة.
واللحاف: يدل على أمن وسكون وعلى إمرأة يلتحف بها.
والكساء: في البيت قيمة أو ماله أو معاشه، وأما شراؤه واستفادته مفرداً أو جماعة فأموال وبضائع كاسدة في منام الصيف ونافقة في منام الشتاء، وأما اشتماله لمن ليس ذلك عادته من رجل أو إمرأة فنظراء سوء عليه وإساءة تشمله، فإن سعى به في الأماكن المشهورة اشتهر بذلك وافتضح به، وإن كان ممن عادته أن يلبسه في الأسفار والبادية عرض له سفر إلى المكان الذي عادته أن يلبسه إليه.
وأما الكلة: فدالة على الزوجة التي يدخل بين فخذيها لحاجته، وربما دلت على الغمة لأنها تغم من تحتها، وكذلك الستور، إلا أن الغمة التي يدل الستر عليها لا عطب فيها.
وأما الطنفسة: تأويلها كالبساط.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأنني على طنفسة إذ جاء يزيد بن عبد الملك فأخذ الطنفسة من تحتي فرص بها ثم قعد على الأرض، فقال ابن سيرين: هذه الرؤيا لم ترها أنت وإنما رآها يزيد بن المهلب، وإن صدقت رؤياه هزمه يزيد بن عبد الملك.
وأما اللواء: فمن رأى أنه أعطي لواء وسار بين يديه أصاب سلطاناً ولا يزال في ذوي السلطان بمنزلة حسنة.
ومن رأى أن لواءه نزع منه نزع من سلطان كان عليه.
والألوية والرايات دالة على الملوك والأمراء والقضاة والعلماء، وكذلك المظلة أيضاً.
ومن رأى في يده لواء أو راية، فإن ذلك يدل على الملك والولاية، وربما دل على العز والأمان مما يخافه ويحذره من سلطان أو حاكم، وربما دل على ولاء الإسلام، وعلى ولادة الحامل الغلام أو على تزويج الرجل أو المرأة أيهما رأى ذلك.
الصنم وأهل الملل الزائغة
المستحق للعبادة هو الله تعالى فمن عبد غيره فقد خاب وخسر، فمن رأى كأنه يعبد غيره دل على أنه مشتغل بباطل مؤثر لهوى نفسه على رضا ربه، فإن كان لك الصنم الذي عبده من ذهب، فإنه يتقرب إلى رجل يبغضه الله تعالى ويصيبه منه ما يكره وتدل رؤياه على ذهاب ماله مع وهن دينه، وإن كان ذلك الصنم من فضة، فإنه يحصل له سبب يتوصل به إلى إمرأة أو جارية على وجه الخيانة والفساد إن كان ذلك الصنم من صفر أو حديد أو رصاص، فإنه يترك الدين لأجل الدنيا متاعها وينسى ربه، وإن كان ذلك الصنم من خشب، فإنه ينبذ دينه وراء ظهره يصاحب والياً ظالماً أو رجلاً منافقاً ويكون متحلياً بالدين لأجل أمر من أمور دنيا لا من أجل الله تعالى، وقيل أن رؤية الصنم تدل على سفر بعيد، وقيل إذا رأى ولم ير عبادته نال مالاً وافراً.
وإن رأى كأنه يعبد نجماً أو شجرة، فإنه رجل دينه دين الصابئين وهم من القوم زين وصفهم الله تعالى فقال ” مذبذبين بين ذلك “. وقيل إن هذه رؤيا تدل على أن صاحبها يتقرب إلى خدمة رجل جليل يتهاون بدينه.
وإن رأى كأنه يعبد النار، فإنه يعصي الله تعالى بطاعة الشيطان أو يطلب الحرب، فإن لم يكن للنار لهب، فإنه حرام يطلبه بدينه لأن الحرام نار.
وإن رأى أنه تحول كافراً، فإن اعتقاده يوافق اعتقاد ذلك الجنس من الكفار.
وإن رأى كأنه تحول مجوسياً، فإنه قد نبذ الإسلام وراء ظهره بارتكاب الفواحش.
وإن رأى كأنه يهودي، فإنه يترك الفرائض فتصيبه عقوبتها قبل الموت ويتلقاه ذل لأن اليهود اعتدوا بأخذ الحيتان يوم السبت وعصوا أمر الله وعفوا عما نهوا عنه فمسخهم الله تعالى قردة.
وإن رأى كأنه قيل له يا يهودي وعليه ثياب وهو تارك لتلك التسمية، فإنه في ضيق ينتظر الفرج وسيفرج الله تعالى عنه برحمته لقوله تعالى ” إنا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء “.
وإن رأى كأنه تحول نصرانياً، فإنه يكفر نعم الله تعالى ويصفه بما هو متنزه عنه متقدس، وقيل من رأى كأنه يهودي ورث عمه.
وإن رأى كأنه نصراني ورث خاله أو خالته.
وإن رأى كأنه يضرب بالناقوس، فإنه يفشي بين الناس خبراً باطلاً.
وإن رأى أنه يقرأ التوراة والإنجيل ولا يعرف معانيهما، فإن مذهبه فاسد، ورأيه موافق لرأي اليهود والنصارى، قال الله تعالى ” وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون “.
وإن رأى كأنه صار جاثليقاً، زالت نعمته وانقضى أجله.
وإن رأى أنه صار راهباً، فإنه مبتدع مفرط في بدعته لقوله تعالى ” ورهبانية ابتدعوها “. وقيل إن صاحب هذه الرؤيا يضيق عليه معاشه وتتعسر عليه أموره ويصحبه في جميع الأمور ذلك وخوف ورهبة لا تزايله، ويدل أيضاً على أنه مكار خداع كياد مبتدع داع إلى بدعته بالله العياذ من ذلك.
وإن رأى كأن يده تحولت يد كسرى، فإنه يجري على يده ما جرى على أيدي الأكاسرة والجبابرة من الظلم والفساد ولا تحمد عاقبته.
وإن رأى كأن يده تحولت كما كانت أولاً، فإنه يتوب ويرجع إلى ربه جل جلاله، وكل فرعون يراه الرجل في منامه فهو عدو الإسلام وصلاح حاله يدل على فساد حال أهل الإسلام وإمامهم، وهذا أصل في الرؤيا مستمر، فإن كل من رأى عدوه في منامه سيء الحال كان تأويل رؤياه صلاح حاله هو، وكل من رأى عدوه حسن الحال كان تأويلها فساد.
وإن رأى كأنه تحول أحد فراعنة الدنيا، فإنه ينال قوة وتضاهي سيرته سيرة ذلك الجبار ويموت على شر، وكذلك إذا رأى كأن بعض أموات الجبابرة حي في بلد ظهرت سيرته في تلك البلد.
والتحير في كل الأديان جحود.
ومن رأى كأنه متحير لا يعرف لنفسه ديناً، فإنه تنسد عليه أبواب المطالب وتتعذر عليه الأمور حتى لا يظفر بمراد ولا ينال مراماً مع اقتضاء رؤياه وهن دينه.
والكفر: في التأويل يدل على غنى لقوله تعالى ” كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى “. وقد يدل على الظلم لقوله ” والكافرون هم الظالمون “. ويدل على مرض لا ينفع صاحبه علاج لقوله تعالى ” سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون “. فكثرة الكفار كثرة العيال، والشيخ الكافر عدو قديم العداوة ظاهر البغضاء والشيخ المجوسي عدو لا يريد هلاك خصمه والشيخ اليهودي عدو يريد هلاك خصمه، والشيخ النصراني عدو لا تضر عداوته.
ومن رأى كأنه فسد دينه سفه على الناس وأذاهم كما لو رأى أنه سفه فسد دينه لقوله تعالى ” وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا “.
الزنار والمسح: يدلان على ولد إذا كانا فوق ثياب جدد وانقطاعهما موت الولد، وإذا كانا تحت الثياب دلا على النفاق في الدين، وإذا كانا مع ثياب رديئة دلا على فساد الدين والدنيا.
الكنيسة: دالة على المقبرة وعلى دار الزانية وعلى حانوت الخمر ودار الكفر والبدع وعلى دار المعازف والزمر والغناء وعلى دار النوح والسواد والعويل وعلى جهنم دار من عصى ربه وعلى السجن، فمن رأى نفسه في كنيسة، فإن كان فيها ذاكراً له تعالى أو باكياً أو مصلياً إلى الكعبة، فإنه يدخل جبانة لزيارة الموتى أو لصلاة على جنازة، وإن كان بكاؤه بالعويل أو كان حاملاً فيها ما يدل على الهموم، فإنه يسجن في السجن.
وإن رأى فيها ميتاً فهو في النار محبوس مع أهل العصيان، وإن دخلها حياً مؤذناً أو تالياً للقران، فإن كان في جهاد غلب هو، ومن معه على بلد العدو، وإن كان في حاضرة دخل على قومه في عصيان أو بدع وإلحاد فوعظهم وذكرهم وحجهم وقام بحجة الله فيهم، وإن كان من يرى معهم ويصلي بصلاتهم ويعمل مثل أعمالهم، فإن كان رجلاً خالط قوماً على كفر أو بدعة أو زناً أو خمر أو على معصية كبيرة كالغناء والزمر وضرب البربط والطبل سيما إن كان قد سجد معهم للصليب لأنه من خشب، وإن كان إمرأة حضرت في عرس فيه معازف وطبول فخالطتهم أو في جنازة فيها شق وسواد ونوح وعويل فشاركتهم.
الصومعة: تدل على السلطان وعلى الرئيس العالي الذكر بالعلم والعبادة، وكذلك المنازل بمكانها ومنافعها وجوهرها ومعروفها ومجهولها يستدل على تأويلها وحالة المنسوب إليها فما أصابها أو نزل بها من هدم أو سقوط أو غير ذلك عاد تأويله على من دلت عليه، وما كان منها في الهواء أو الجبانة أو في البرية فدالة على قبور الأشراف ونفوس الشهداء على قدر ألوانها وجوهر بنائها وما كان منها أسود اللون أو مملوءاً بالخنازير فهي كنائس، والبيعة مجراها في التأويل.
وأما الناووس: فإذا رأى فيه الموتى دل على بيت مال حرام، وإذا رآه خالياً من الموتى فيدل على رجل سوء يأوي إليه رجال سوء.
القلم والدواة والورق والكتابة والشعر
القلم والكتابة: القلم يدل على ما يذكر الإنسان به وتنفذ الأحكام بسببه كالسلطان والعالم والحاكم واللسان والسيف والولد الذكر، وربما دل على الذكر والمداد نطفته وما يكتب فيه منكوحه، وربما دل على السكة والأصابع أزواجه ومداده بذره وإنما يوصل إلى حقائق تأويله بحقائق الكتبة وزيادة الرؤيا والضمائر وما في اليقظة من الآمال، وقيل إن القلم يدل على العلم، فمن رأى أنه أصاب قلماً، فإنه يصيب علماً يناسب ما رأى في منامه أنه كان يكتبه به، وقيل إنه دخول في كفالة وضمان لقوله تعالى ” وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم “.
وحكي أن رجلاً قال لابن سيرين: رأيت كأني جالس وإلى جنبي قلم فأخذته فجعلت أكتب به وأرى عن يميني قلماً آخر فأخذته وكتبت بهما جميعاً، فقال: هل لك غائب قال: نعم، قال: فكأنك به قد قدم عليك.
وإن رأى كاتب كأن بيده قلماً أو دواة، فإنه يأمن الفقر لحرفته.
وإن رأى كأنه استفاد دواة الكتابة بأسرها، فإنه يصيب في الكتابة رياسة جامعة يفوق فيها أقرانه من الكتاب، وهكذا كل من رأى أنه استفاد أداة واحدة من أدوات حرفته أمن بها الفقر.
وإن رأى أنه أصاب حرفة جامعة، فإنه ينال فيها رياسة جامعة، والسكة الذي يقطع به القلم يدل على إبن كيس محسود، وقيل إن من رأى في يده سكيناً من حديد، فإنه يعاود إمرأة قد فارقته من قبل، لقوله تعالى ” قل كونوا حجارة أو حديداً أو خلقاً مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة “. والقلم الأمر والنهي والولاية على كل حرفة والقلم قيم كل شيء، وقيل القلم ولد كاتب.
ورأى رجل كأنه نال قلماً فقص رؤياه على معبر فقيل له: يولد لك غلام يتعلم علماً حسناً.
ومن رأى أنه يكتب في صحيفة، فإنه يرث ميراثاً، قال الله تعالى ” إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى “. فإن رأى أنه يكتب في قرطاس، فإنه جحود ما بينه وبين الناس.
والكتابة في الأصل حيلة والكاتب محتال.
وإن رأى أنه رديء الخط، فإنه يتوب ويترك الحيل على الناس ويتوب.
وإن رأى أنه أمي لا يحسن الكتابة، فإنه يفتقر إن كان غنياً أو يجن إن كان عاقلاً أو يلحد إن كان مذنباً أو يعجز إذا كان ذا حيلة.
وإذا رأى الأمي أنه يحسن الكتابة، فإنه في كرب وسيلهمه الله تعالى سبباً يتخلص به من كربه وتمزيق الكتاب ذهاب الحزن والغم.
وإن رأى أن الإمام أعطاه قرطاساً، فإنه يقضي له حاجة يرفعها عليه.
ويدل القرطاس على أمر ملتبس عليه لقوله تعالى ” تجعلونه قراطيس تبدونها “.
وأما الدواة: فخادمة ومنفعة من قبل إمرأة وشأن من قبل ولد، فمن رأى أنه يكتب من دواة اشترى خادمة ووطئها ولا يكون لها عنده بطء ولا مقام، وقيل من رأى أنه أصاب دواة، فإنه يخاصم إمرأته وغيرها، فإن كان ثم شاهد خير تزوج ذا قرابة له.
وحكي أن رجلاً رأى كأنه يليق دواة فقص رؤياه على معبر، فقال: هذا رجل يأتي الذكران.
وقال أكثر المعبرين أن الدواة زوجة ومنكوح، وكذلك المحبرة إلا إنها بكراً وغلام، والقلم ذكر، وإن كانت إمرأته كان مدادها مالها أو نفعها أو همها وبلاءها سيما إن سود وجهه أو ثوبه، وقد تدل الدواة على القرحة والقلم على الحديد والمداد على المدة لمن رأى أن بجسمه دواة وهو يستمد منها بالقلم.
والنقش: يدل على فرح وشرف ما لم يتلطخ به الثوب، فإن تلطخ به الثوب دل على مرض وعلى أن الذي لطخه به يقع فيه ويرميه بعيب وتظهر براءته من ذلك العيب للناس، وربما يلطخ ثوبه في اليقظة كما رآه، والمداد سؤدد ورفعة في مدد والكتاب قوة، فمن رأى بيده كتاباً نال قوة لقوله تعالى ” يا يحيى خذ الكتاب بقوة “.
والنقش على يد الرجل حيلة تعقب الذل وللنساء حيلة للأكتساب.
والكتاب: خبر مشهور إن كان منشوراً، وإن كان مختوماً فخبر مستور، وإن كان في يد غلام، فإنه بشارة، وإن كان في يد جارية، فإنه خبر في بشارة وفرح، وإن كان في يد امرأة، فإنه توقع أمر في فرح، فإن كان منشوراً والمرأة متنقبة، فإنه خبر مستور يأمره بالحذو، فإن كانت متطيبة حسناء، فإنه خبر وأمر فيه ثناء حسن، فإن كانت المرأة وحشية، فإنه خبر في أمر وحش.
ومن رأى في يده كتباً مطوية، فإنه يموت قريباً لقوله تعالى ” يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب “.
وإن رأى أنه أخذ من الإمام منشوراً، فإنه ينال سلطاناً وغبطة ونعمة إن كان محتملاً ذلك وإلا خيف عليه العبودية.
وإن رأى أنه أنفذ كتاباً مختوماً إلى إنسان فرده إليه، فإن كان سلطاناً وسرى إليه جيش، فإنهم مهزومون، وإن كان تاجراً خسر في تجارته، وإن كان خاطباً لم يتزوج.
وإن رأى كتابه بيمينه فهو خير، فإن كان بينه وبين إنسان مخاصمة أو شك أو تخليط، فإنه يأتيه البيان، وإن كان في عذاب يأتيه الفرج لقوله تعالى ” وأنزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى “. وإن كان معسراً أو مهموماً أو غائباً، فإنه يتيسر عليه أمره ويرجع إلى أهله مسروراً.
وأخذ الكتاب باليمين خير كله، فإن أعطى كتابه بشماله، فإنه يندم على فعل فعله، ومن أخذ كتاباً من إنسان بيمنه، فإنه يأخذ أكرم شيء عليه، لقوله تعالى ” لأخذنا منه باليمين “.
وإذا رأى الكافر بيده مصحفاً أو كتاباً عربياً، فإنه يخذل أو يقع في هم وغم أو كربة وشدة، ومن نظر في صحيفة ولم يقرأ ما فيها فهو ميراث يناله، وقيل من رأى كأنه مزق كتاباً ذهبت غمومه ورفعت عنه الفتن والشرور ونال خيراً، وكذلك المؤمن إذا رأى بيده كتاباً فارسياً يصيبه ذل وكربة.
ومن رأى أنه أتاه كتاب مختوم انقاد لملك وتحقيقه ختمه، لأن بلقيس انقادت لسليمان عليه السلام حين ألقى إليها كتاباً مختوماً وكان من سبب الكتاب دخولها في الإسلام.
ومن رأى أنه وهبت له صحيفة فوجد فيها رقعة ملفوفة فهي جارية وبها حبل، وقال ابن سيرين: من رأى أنه يكتب كتاباً، فإنه يكسب كسباً حراماً لقوله تعالى ” فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون “.
ومن رأى كأن آية من القرآن مكتوبة على قميصه، فإنه رجل متمسك بالقرآن، والكتابة باليد اليسرى قبيحة وضلالة، وربما يولد له أولاد من زنا أو يصير شاعراً.
ومن رأى أنه يقرأ وجه صحيفة، فإنه يرث ميراثاً، فإن قرأ ظهرها، فإنه يجتمع عليه دين لقوله تعالى ” اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً “.
وإن رأى أنه يقرأ كتاباً وكان حاذقاً في قراءته، فإنه يلي ولاية إن كان أهلاً لها أو يتجر تجارة إن كان تاجراً بقدر حذقه فيه.
وإن رأى أنه يقرأ كتاب نفسه، فإنه يتوب إلى الله من ذنوبه لقوله عز وجل ” واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة “.
ومن رأى كأنه كتب عليه صك، فإنه يؤمر بأن يحتجم، فإن كتب عليه كتاب ولا يدري ما في الكتاب، فإنه قد فرض الله عليه فرضاً وهو يتوانى فيه لقوله تعالى ” وكتبنا عليهم فيها “.
وإن رأى أنه يكتب عليه كتاب، فإن عرف الكاتب، فإنه يغشه ويضله ويفتنه في دينه لقوله تعالى ” كتب عليه أنه من تولاه “.
ورؤيا الكتب مطوية أخبار مخفية، وإن كانت منشورة فهي أخبار ظاهرة.
والإسطرلاب: خادم الرؤساء وإنسان متصل بالسلطان، فمن رأى أنه أصاب إسطرلابا، فإنه يصحب إنساناً كذلك وينتفع به على قدر ما رأى في المنام، وربما كان متغيراً بالأمر ليست له عزيمة صحيحة ولا وفاء ولا مروءة.
والشاعر: رجل غاو يقول ما لا يفعل والشعر قول الزور.
ومن رأى أنه يقول الشعر ويبتغي به كسباً، فإنه يشهد بالزور.
وإن رأى أنه قرأ قصيدة في مجلس، فإنه حكمة تميل إلى النفاق، فإن سمع الشعر، فإنه يحضر مجالس يمال فيها الباطل.
وأما التكلم بكل لسان: فمن رأى كأنه أعجمي فصار فصيحاً، فإنه شرف وعز أو ملك حتى لا يكون له فيه نظير إن كان والياً، وإن كان تاجراً، فإنه يكون مذكوراً في الدنيا، وكذلك في كل حرفة.
ومن رأى أنه يتكلم بكل لسان، فإنه يملك أمراً كبيراً من الدنيا ويعز لقوله تعالى حكاية عن يوسف ” إني حفيظ عليم “. يعني بكل لسان، والكاتب ذو حيلة وصناعة لطيفة مثل الإسكافي والقلم كالأشفى والإبرة، والمداد كالشيء الذي يحزم به من خيوط وسيور، وكالحجام وقلمه مشرطته ومداده دمه وكالرقام والرفاء ونحوهما، وربما دل على الحراث والقلم كالسكة والمداد كالبذر.
الحبوب والزرع والبقول
بذر البذور في الأرض يدل في التأويل على الولد، والبذور والحبوب التي هي من الأدوية، فإنها كتب مستنبطة فيها الزهد والورع.
الحرث والزراعة: تدل الأرض الخصبة على المرأة لأنها تحرث وتبذر وتسقى وتحمل وتلد وترضع إلى حين الحصاد.
واستغناء النبات عن الأرض فسنبله ولدها أو مالها، وربما دل على السوق وسنبله أرزاقها وأرباحها وفوائدها لكثرة أرباح الزرع وحوائجه وربحه وخسارته ويدل على ميدان الحرب وحصيد سنبله حصيد السيف، وربما دل على الدنيا وسنبله جماعة الناس صغيرهم وكبيرهم وشيخهم وكهلهم لأنهم خلقوا من الأرض وسبوا ونبتوا كنبات الزرع كما قال تعالى ” والله أنبتكم من الأرض نباتاً “. وقد تدل السنابل في هذا الوجه على أعوام الدنيا وشهورها وأيامها وقد تأولها يوسف الصديق عليه السلام بالسنين، وقد تدل على أموال الدنيا ومخازنها ومطامرها لجمع السنبلة الواحدة حباً كثيراً، وربما دلت المزارع على كل مكان يحرث فيه للآخرة يعمل فيه للأجر والثواب كالمساجد والرباطات وحلق الذكر وأماكن الصدقات لقوله تعالى ” من كان يريد الآخرة نزد له في حرثه ومن كان حرث الدنيا نؤته منها “.
ومن رأى أنه حرث في الدنيا مزرعة نكح زوجته، فإن نبت زرعه حملت امرأته، وإن كان عازباً تزوج، وإلا تحرك سوقه وكثرت أرباحه، وربما سلفه وفرقه، وإلا تألف في القتال جمعه إن كان مقصده.
ومن رأى زرعاً يحصد، فإن كان ذلك ببلد فيه حرب أو موقف الجلاد والنزال هلك فيه من الناس بالسيف كنحو ما يحصد في المنام بالمنجل، وإن كان ذلك ببلد لا حرب فيه ولا يعرف ذلك به وكان الحصاد منه في الجامع الأعظم أو بين المحلات أو بين سقوف الدور، فإنه سيف الله بالوباء أو الطاعون، وإن كان ذلك في سوق من الأسواق كثرت فوائد أهلها ودارت السعادة بينهم بالأرباح، وإن كان ذلك في مسجد أو جامع من مجامع الخير وكان الناس هم الذين تولوا الحصاد بأنفسهم دون أن يروا أحداً مجهولاً يحصد لهم، فإنها أجور وحسنات ينالها كل من حصد.
وأما رؤية الحصاد في فدادين الحرث، فإن كان ذلك بعد كمال الزرع وطيابه فهو صالح فيه، وإن كان قبل تمامه فهو جائحة في الزرع أو نفاق في الطعام.
ومن رأى كأنه بذر بذراً فعلق، فإنه ينال شرفاً، فإن لم يعلق أصابه هم.
الحنطة: مال حلال في عناء ومشقة وشراء الحنطة يدل على إصابة المال مع زيادة في العيال وزراعة الحنطة عمل في مرضاة الله تعالى والسعي في زراعتها يدل على الجهاد.
وإن رأى كأنه زرع حنطة فنبت شعيراً، فإنه يدل على أن ظاهره خير من باطنه، وإن زرع شعيراً فنبت حنطة فالأمر بضد الأول، وإن زرع حنطة فنبت دماء، فإنه يأكل الربا، والسنبلة الخضراء خصب السنة والسنبلة اليابسة النابتة على ساقها جدب السنة لقوله تعالى في قصة يوسف.
والسنابل المجموعة في يد إنسان أو في بيدر أو في وعاء مال يصيبها مالكها من كسب غيره أو علم يتعلمه.
وحكي أن أعشى همذان رأى كأنه باع حنطة بشعير فأخبر الشعبي برؤياه، فقال: إنه استبدل الشعر بالقرآن.
ومن رأى أنه التقط مفرق السنابل من زرع يعرف صاحبه أصاب مالاً متفرقاً من صاحبه.
وإن رأى كأن الزرع يحصد في غير وقته، فإنه يدل على موت في تلك المحلة أو حرب، فإن كانت السنابل صفراً فهو يدل على موت الشيوخ، وإن كانت خضراً فهو موت الشباب أو قتلهم، والحنطة في الفراش حبل المرأة، وقيل من رأى أنه زرع زرعاً فهو حبل امرأته.
وإن رأى أنه يحرث في أرض لغيره وهو يعرف صاحبها، فإنه يتزوج امرأته.
ومن رأى أنه بذر بذراً في وقته، فإنه قد عمل عملاً خيراً، فإن كان والياً أصاب سلطاناً، وإن كان تاجراً نال ربحاً، وإن كان سوقياً أصاب بغلة، وإن كان زاهداً نال ورعاً، فإن نبت ما زرع كان الخبر مقبولاً، فإن حصده فقد أخذ أجره.
ومن رأى أنه يأكل حنطة يابسة أو مطبوخة ناله مكروه، فمن رأى أن بطنه أو جلده أو فمه قد امتلأ حنطة يابسة أو مطبوخة فذلك فناء عمره وإلا فعلى قدر ما بقي فيه يكون ما بقي من عمره، ومن مشى بين زرع مستحصد مشى بين صفوف المجاهدين، وقيل إن الزرع أعمال بني آدم إذا كان معروفاً يشبه موضعه مواضع الزرع في طوله، يقال في المثل: من يزرع خيراً يحصد غبطة، ومن يزرع شراً يحصد ندامة، قال الشاعر:
إذا أنت لم تزرع وأبصرت حاصداً … ندمت على التفريط في زمن البذر
وإن خالف الزرع هذه الصفة، فإنهم رجال يجتمعون في حرب، فإن حصدوا قتلوا، قال الله عز وجل ” ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه “.
وإن رأى أنه أكل حنطة خضراء رطبة، فإنه صالح ويكون ناسكاً في الدين.
ومن رأى أنه له زرعاً معروفاً، فإن ذلك عمله في دينه أو دنياه، ويستدل بأي ذلك ما كان على كلام صاحب الرؤيا ومخرجه، فإن كان في دينه، فإن ثواب عمله في دينه بقدر ذلك الزرع ومبلغه ومنفعته، وإن كان في دنياه كان مالاً مجموعاً يصير إليه ومجازاة عن عمل، فإن كان عمله في أمور دنياه فرأى ثوبه على قدر ما يرى من حال الزرع فلا يزال ذلك المال مجموعاً حتى يخرج الحب من السنبل، وإذا خرج تفرق ذلك المال عن حاله الأول إلا أنه شريف من المال في كد أو نصب ولا سيما إن كانت حنطة، وإن كان شعيراً فهو أجود وأهنأ مع صحة جسم وخفة مئونة، فإن كان دقيقاً، فإنه مال مفروغ منه وهو خير من الحنطة وخير من الخبز لأن الخبز قد مسته النار.
الشعير: مال مع صحة جسم لمن ملكه أو أكله وهو خير من الحنطة، وقيل إنه ولد قصير العمر لأنه طعام عيسى عليه السلام، وحصده في أوانه مال يصير إليه ويجب لله تعالى فيه حق لقوله تعالى ” وآتوا حقه يوم حصاده “. وزرعه يدل على عمل يوجب رضا الله تعالى.
والشعير الرطب خصب وشراء الشعير من الحناط إصابة خير عظيم، ومن مشى في زرع الشعير أو شيء من الزرع رزق الجهاد.
ورؤيا الشعير على كل حال خير ومنفعة ورزق.
الأرز: مال فيه تعب وشغب وهم.
والذرة والجاورس: مال كثير قليل المنفعة خامل الذكر.
وأما الباقلاء والعدس والحمص والماش والحبوب التي تشبه ذلك مطبوخاً ومقلياً على كل حال: تؤول بالهم والحزن لمن أكلها أو أصابها رطباً ويابساً والكثير منها مال، وقيل إن الباقلاء الخضراء هم واليابسة مال وسرور، وقيل إن العدس مال دنيء.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأني أحمل حمصاً حاراً، فقال أنت رجل تقبل امرأتك في شهر رمضان.
والسمسم: مال نام لا يزال في زيادة لدسم السمسم ويابسه أقوى من رطبه.
التين: مال كثير وخصب لمن أصابه أو أدخله منزله.
وقد حكي عن ابن سيرين أنه نظر إلى تين في اليقظة، فقال: لو كان هذا في النوم، وقيل من رأى التين في منامه فليخط الكيس وهو مال لمن أصابه ويكون أثره ظاهراً عليه كثيراً.
وأما البطيخ: فهو مرض أو رجل ممراض، وقيل إن إصابته إصابة هم من حيث لا يحتسب، وقيل إن الأخضر الفج منه الذي لم ينضج صحة جسم.
ومن رأى كأنه مد يده إلى السماء فتناول بطيخاً، فإنه يطلب ملكا ويناله سريعاً.
وحكي أن رجلاً رأى كأنه رمي في داره بالبطيخ فقص رؤياه على معبر، فقال له: يموت بكل بطيخة واحد من أهلك، فكان كذلك.
والبطيخ الأخضر الهندي رجل ثقيل الروح بارد في أعين الناس.
وأما القثاء: يدل على حبل إمرأة صاحب الرؤيا، وقيل إنه مكروه كالبقل والعدس.
وأما القرع: وهو اليقطين، فإن شجرته رجل عالم أو طبيب نفاع قريب إلى الناس مبارك، وقيل إنها رجل فقير، واليقطين للمريض شفاء.
ومن رأى كأنه أكله مطبوخاً، فإنه يجد ضالاً أو يحفظ علماً بقدر ما أكل منه أو يجمع شيئاً متفرقاً والذي يستحب من المطبوخات في المنام: القرع واللحم والبيض.
وإن رأى أنه أكل القرع نيئاً، فإنه يخاصم إنساناً ويصيبه فزع من الجن، والاستظلال بظل القرع أنس بعد وحشة وصلح بعد المنازعة.
ومن رأى كأنه اجتنى من البطيخة قرعاً، فإنه يبرأ من مرض بسبب دواء أو دعاء والأصل فيه قصة يوسف عليه السلام.
والقرنبيط: رجل قروي يعتريه حدة.
والكرنب: رجل فظ غليظ بدوي، فمن رأى بيده طاقة كرنب، فإنه في طلب شيء لا يدركه دون أن يكون فظاً غليظاً.
الخيار والقثاء: هم وحزن فمن أكله، فإنه يسعى في أمر يثقل عليه، خصوصاً الأصفر منه، فإنه في أوانه رزق وفي غير أوانه مرض.
وإن رأى أنه يأكله وكانت إمرأته حاملاً ولدت جارية، وقيل الخيار إذا قطع بالحديد، فإنه جيد للمرضى وذلك لأن الرطوبة تتميز عنه، وقال: القثاء تدل على حبل المرأة صاحب الرؤيا.
والجزر: هم وحزن لمن أصابه أو أكله.
ومن رأى بيده جزراً، فإنه يكون في أمر صعب يسهل عليه، وقيل من رأى كأنه يأكل الجزر، فإنه ينال خيراً ومنفعة.
والباذنجان: في غير وقته رزق في تعب.
والبصل: منهم من كرهه لقوله تعالى ” وبصلها “. وقيل يدل على ظهور الأشياء الخفية، وكذلك سائر البقول ذوات الرائحة، وقيل هو مال وتقشير البصل يدل على التملق إلى رجل.
والثوم: ثناء قبيح، وقيل إنه مال حرام وأكله مطبوخاً يدل على التوبة من معصية.
وروي أن رجلا أتى أبا هريرة وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في المسجد والناس يدخلون يسلمون عليه فجئت لأدخل عليه فإذا رجال معهم سياط فمنعوني أن أدخل قال دعوني حتى أدخل، فقالوا إنك أكلت ثوماً وطردوني، فقال أبو هريرة: هذا مال خبيث أكلته.
وأما السلق: قيل أنه يدل على خير، وكذلك الملوخيا والقطف.
السلجم: إمرأة قروية جلدة صاحبة فضول، وقيل هو هم وحزن، فإن كان نابتاً فهم أولاد يتجددون.
الشبت: أمر يرى في المستقبل.
العنصل: رجل فاسق يثنى عليه بالقبيح.
العروق: مال معه مرض.
العفص: مال تام يبقى.
العصفر: فرح فيه نعي لحمرته وهو عدة الرجل لعمل يعمله.
الفجل: رزق حلال، وقيل إنه يدل على الحج وهذا قول بعيد، وقيل من أصاب فجلاً أو أكله، فإنه يعمل عملاً في خير يعقبه ندامة.
القت وسائر ما يأكله الدواب: رزق كبير.
القطن: مال دون الصوف وندفه تمحيص للذنوب.
الكمأة: رجل دنيء أو إمرأة دنيئة لا خير فيها إذا كانت واحدة أو اثنتين أو ثلاثة، فإن كثرت فهي رزق ومال بلا نصب لقوله صلى الله عليه وسلم: الكمأة من المن، ولأن المن كان يسقط عليهم بلا مؤنة ولا نصب، وكذلك الكمأة تنبت بلا بذور ولا حرث ولا سقي ماء، وقيل إنها إذا كانت مالاً يكون ذلك المال من قبل النساء والعطر يجري في مجرى الكمأة أو دونها.
الكراويا والكمون: مال تطيب به الأموال.
الكراث: رزق من رجل أصم، وقيل من أكله أكل مالاً حراماً شنيعاً في قبح ثناء، وقيل هو مطل الفقراء لحقوقهم، وقيل هو رزق، ومن أكل كراثاً، فإنه يقول قولاً يندم عليه، وأكل الكراث مطبوخاً يدل على التوبة.
الطرخون: رجل رديء الأصل لأن أصله حرمل ينقع في الخل سنة ليلين ثم يزرع.
وأما البقول: فمنهم من قال إنها صالحة وقيل إنها جميعها مكروهة لقوله عز وجل ” أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير “. ولأنه لا دسم فيها ولا حلاوة وقيل إنها تجارة لا بقاء لها وولاية لا ثبات لها وولد ومال لا بقاء لهما، وإذا دلت على الحزن فلا بقاء لذلك الحزن.
والبقلة رجال ذوو إحسان، فمن رأى أنه جمع من بستانه باقة بقل، فإنه يجمع عليه من قرابات نسائه شر وخصومة، فإن كانت طاقة بقل، فإنها نذير له ليحذر من الشر، فإن عرف جوهرها، فإنها حينئذ ترجع إلى الطبائع، واليابس من البقل مال يصلح به الأموال، وأكثر المعبرين يجعلون البقول هماً وحزناً وتكون البقلة النابتة رجلاً إن كان موضعها مستشنعاً مجهولاً فيه ذلك، وكذلك جميع النباتات إذا كان الأصل والأصلان في بيت أو دار أو مسجد مستشنع فيه نبات ذلك، فإنه رجل قد دخل على أهل ذلك الموضع بمصاهرة أو مشاركة.
وحكى أن رجلاً أتى إلى سعيد بن المسيب، فقال: رأيت كأن بقلاً أخضر قد نبت في بيت عائشة رضي الله عنها والناس ينظرون إليه متعجبين فجاء عبد الملك بن مروان فاقتلع ذلك البقل، فقال له سعيد بن المسيب: إن صدقت رؤياك، فإن الحجاج يطلق أسماء بنت جعفر بن أبي طالب، فعرض أن عبد الملك خاف ميل الحجاج إلى أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأجل أسماء فكلفه أن يطلقها فطلقها.
البندق: رجل سخي غريب ثقيل الروح مؤلف بين الناس ويقال أنه مال في كد، فمن أكله نال مالاً بكد، وقيل البندق وكل ما كان له قشر يابس يدل على صخب وعلى حزن.
البنفسج: جارية ورعة والتقاطها تقبيلها.
الأقحوان: التقاطه من سفح جبل إصابة جارية حسناء من ملك ضخم، وقيل إن الأقحوان أصهار الرجل من قبل امرأة، فمن رأى كأنه التقطه، فإنه يتخذ بعض أقرباء إمرأته صديقاً.
وأما الآس: يدل على اليأس لاسمه، وقيل هو رجل واف بالعهود، فمن رأى على رأسه إكليل آس رجل كان أو إمرأة فهو زوج يدوم بقاؤه أو إمرأة باقية، وكذلك إن شمه، ومن رآه في داره فهو خير باق ومال دائم.
وإن رأى أنه أخذ من شاب آساً، فإنه يأخذ من عدو له عهداً باقيا.
وإن رأى أنه يغرس آساً، فإنه يعمل الأمور بالتدبير، والآس دباق وعمارة باقية وولاية وفرح باق.
الشمار: يدل على ثناء حسن.
السوسن: هو ثناء حسن، وقيل إنه يدل على السوء لإشتقاق السوء من إسمه.
وأما الريحان: قال أكثر المعبرين أن الرياحين كلها إذا رؤيت مقطوعة، فإنها تدل على هم وحزن، وإذا رأيت ثابتة في مواضعها، فإنها تدل على راحة أو زوج أو ولد، وبلغنا عن علي بن عبيد أنه قال: كنت عند سفيان الثوري، فقال له رجل: رأيت البارحة كأن ريحانة رفعت إلى السماء من قبل المغرب حتى توارت بالسماء، فقال له سفيان: إن صدقت رؤياك فقد مات الأوزاعي، فوجدوه قد مات في تلك الليلة.
ويدل الريحان على الولد إذا كان نابتاً في البستان ويدل على المرأة إن كان مجموعاً في حزمة ويدل على المصيبة إذا كان مقطوعاً مطروحاً في غير موضعه أو لم يكن له ريح، وقيل إن الريحان نعمة لقوله تعالى ” فروح وريحان وجنة نعيم “. وهو بالفارسية شاسيرم والشاة تدل على الملك والحماحم حمى الأسنة.
والمرزنجوش: يدل على صحة الجسم وغرسه يدل على إبن كيس صحيح الجسم ويدل أيضاً على التزويج بامرأة تدوم عشرتها.
وإن رأت إمرأة كأنها شمت مرزنجوشاً، فإنها تلد ابناً مؤمناً.
اللينوفر: مال حلال يجمع من وجهه وينفق من وجهه.
وأما النرجس: فمن رأى على رأسه إكليلاً من نرجس تزوج إمرأة حسناء أو اشترى جارية حسناء لا تدوم له، والمرأة إذا رأته على رأسها كذلك، وإن كان لها زوج، فإنه يطلقها أو يموت.
وحكي أن إمرأة رأت كأن زوجها ناولها طاقة نرجس وناول ضرتها طاقة آس فقصت رؤياها على معبر، فقال: يطلقك ويتمسك بضرتك لأنه عهد الآس أبقى من عهد النرجس، وقيل النرجس سرور.
ورأى رجل له أربع نسوة كأن أربع طاقات نرجس نابتة على ضفة نهر وكأنه رمى ثلاث طاقات منهن بثلاثة أحجار فقصفهن ورمى الرابعة فلم تنقصف فقص رؤياه على معبر، فقال: إنك ذو نسوة أربعة وإنك تطلق منهن ثلاثة ولا تطلق الرابعة فكان كذلك، وقيل إن صفرة النرجس تدل على الدنانير وبياضها على الدراهم ينالها صاحب الرؤيا وأنشد:
لما أطلنا عنه تغيمضا … أهدى لنا النرجس تعريضا
فدلنا ذاك على أنه … قد اقتضى الصفر أو البياضا
وقال الشاعر:
ليس للنرجس عهد … إنما العهد للآس
اللفاح: مرض ودنانير فمن التقط لفاحاً مرضت إمرأته وأصاب منها دنانير كثيرة.
المنثور: رجل يموت طفلاً أو فرح لا يدوم أو ولاية تزول أو تجارة تنتقل أو إمرأة تفارق.
الكزبرة: رجل نافع في الدنيا والدين واليابسة منها مال تصلح به الأموال.
الصمغ: فضل مال.
البلسان: مال مبارك.
القطران: مال من خيانة وتلطخ الثياب من خلل في المعاش وصبه على إنسان رميه ببهتان.
والخشخاش: مال هنيء لمن أكله أو أصابه.
والخردل: سم فمن أكله سقي سماً أو شيئاً مراً أو يقع في همة رديئة، وقيل بل ينال مالاً شريفاً في تعب.
والحرمل: مال يصلح به مال فاسد والحبة الخضراء منفعة من رجل غريب شديد.
والحناء: عدة الرجل لعمله الذي يعمله.
وأما الحلفاء: فقد حكي أن رجلاً رأى في منامه كأن الحلفاء نبتت على ركبتيه فقص رؤياه على معبر، فقال: هو للشركاء في عمل واسع خير وبركة وللمدبرين يأس رجائهم وللمرضى موتهم فعرض لصاحب الرؤيا جميع ذلك.
والخضر: كلها سوى الحنطة والشعير والسمسم والجاورس والباقلاء هي الإسلام.
ومن رأى كأنه يسعى في مزرعة خضرة، فإنه يسعى في أعمال البر والنسك.
أما الأنواع الأخرى من النباتات: ما كان من النبت دواء يتعالج به فهو خارج عن الأموال والأرزاق ودال على العلوم والحكم والمواعظ، وقد يدل على المال الحلال المحض، وإن كانت حامضة الطعم، فإنه تعود حموضتها على ما ينال من الهم والخصومة في نيلها والتعب.
وما كان منه سموم قاتلة فدال على الغصب من الحرام وأخذ الدنيا بالدين وأبواب الربا وعلى البدع والأهواء وكل ما يخرج من الأفواه ويدخلها من الأسواء.
ومن رأى الهندباء وأمثالها كالكزبرة ونحوها من ذوات المرارة والحرارة فهموم وأحزان وأموال حرام، وقد قيل إن آدم حين هبط إلى الأرض ووقع بالهند علقت رائحته بشجرة في حين حزنه وبكائه على نفسه، وقد تدل على همومه على الآخرة والثواب بجواهر الجنة المضاف إليها دون الكزبرة والكراويا وأمثالها.
وما كان من نبت الأرض مما جاء فيه نهي في الكتاب أو السنة أو سبب مذموم في القديم فهو دال على المقدور في الكلام والرزق كالشبت والحطب والثوم والقثاء والعدس والبصل.
وما كان له من النبات اسم يغلب عليه في اشتقاقه لمعنى أقوى من طبعه أو مؤيد لجوهره حمل عليه مثل النعناع يشتق منه النعاة والنعي مع أنه من البقول، وكذلك الجزر وهي الأسفنار به أسف ونار.
وما كان من النبات ينبت بلا بذر وليس له في الأرض أصل مثل الكمأة والفطر فدال في الناس على اللقيط والحمل وولد الزنا، ومن لا يعرف نسبه وتدل من الأموال على اللقطة والهبة والصدقة ونحو ذلك، فمن رأى كأنه في مرج أو حشيش يجمعه أو يأكله نظرت في حاله، فإن كان فقيراً استغنى، وإن كان غنياً ازداد غنى، وإن كان زاهداً في الدنيا راغباً عنها عاد إليها وافتتن بها، وإن انتقل من مرج إلى مرج سافر في طلب الدنيا وانتقل من سوق إلى آخر، ومن صناعة إلى غيرها.
والمرج: أما المرج المعقول النبات المعروف الجواهر بأنواع الكلأ والنواوير فهو الدنيا وزينتها وأموالها وزخرفها لأن النواوير تسمى زخرفاً ومنه سمي الذهب زخرفاً.
والحشيش معايش للدواب والأنعام وهو كأموال الدنيا التي ينال منها كل إنسان ما قسم له ربه وجعله رزقه لأنه يعود لحماً ولبناً وزبداً وسمناً وعسلاً وصوفاً وشعراً ووبراً فهو كالمال الذي به قوام الأنام، وربما دل المرج على كل مكان تكسب الدنيا وتنال منه وتعرف به وتنسب إليه كبيت المال والسوق، وقد تدل النواوير خاصة على سوق الصرف والصاغة وأماكن الذهب.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أول المرج بالدنيا وغضارتها وأنه عليه الصلاة والسلام قال: الدنيا خضرة حلوة فالحلوة الكلأ وكل ما حلا على أفواه الإبل دل على الحلال وكل حامض فيه يدل على الحرام وعلى كل ما ينال بالهم والنصب والمرارة.
الروضة: وأما الروضة المجهولة الجوهر التي لا يوصف نبتها إلا بخضرتها فداله على الإسلام لنضارتها وحسن بهجتها، وقد تأولها بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تدل من الإسلام على كل مكان فضل وموضع يطاع الله فيه كقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلق الذكر وجوامع الخير وقبول أهل الصلاح لقوله عليه الصلاة والسلام: ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة، وقوله عليه الصلاة والسلام: القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، وقد تدل الروضة على المصحف وعلى كل كتاب في العلم والحكمة من قولهم الكتب روضة الحكماء ونزهة العلماء، وربما دلت الروضة على الجنة ورياضها فمن خرج من روضة إلى سبخة أو إلى أرض سوداء أو محترقة أو إلى حيات وعقارب أو إلى رماد أو زبل أو إلى سقوط في بحر نظرت في حاله، فإن كان ميتاً أبدل بالجنة ناراً وبالنعيم عذاباً، وإن رؤي ذلك لمسلم حي خرج من الإسلام بكفر أو بدعة، أو خرج من شرائطه وصفات أهله بكبيرة ومعصية.
ومن رأى نفسه في روضة وهو يأكل من خضرتها أو يجمع مما فيها، فإن كان ذلك في إبان الحج أو كان فيها يؤذن في المنام حج، وإن كان بمكة مؤهلاً لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم تم له ذلك وزار قبره وكان ما أكله أو جمعه ثواباً وأجراً يحصل له، فإن رؤي ذلك لكافر أسلم من كفره ودخل الإسلام صدره، وإن كان مذنباً تاب عن حاله وانتقل من تخليطه، وإن كان طالباً للعلم والقرآن نال ذلك على قدر ما أكله منها في المنام أو جمعه وإلا كان ذلك ثواب جمع حضره في يومه أو غد من ليلته مثل جمعة يشهدها أو جنازة يصلي عليها أو قبور قوم صالحين يزورها.
والتبن: مال قليله وكثيره كيفما تصرفت به الحال لأنه علف الدواب وهو خارج من الطعام وشريك التراب.
الخشب اليابس: نفاق، قال الله تعالى ” كأنهم خشب مسندة “. والخشب رجال فيهم نفاق في دينهم، رأى رجل كأن في يده اليمنى غصناً وفي يده اليسر خشبة وهو يقومها فيقوم الغصن ولا تتقوم الخشبة، فقص رؤياه على معبر، فقال: لك ابنان أحدهما من أمة والآخر من حرة تؤدبهما فتؤدب إبن الأمة فيقبل أدبك وتعظ إبن الحرة فلا يتعظ بوعظك، فكان كذلك، ورأى رجل كأنه لابس ثوباً من خشب وكان يسير في البحر فعرض له أن سيره كان بطيئاً، وإنما دل البحر والخشب على السفينة.
الأشجار والثمار
البستان: دال على المرأة لأنه يسقى بالماء فيحمل ويلد، وإن كان البستان إمرأة كانت شجرة قومها وأهلها وولدها ومالها، وكذلك ثماره، وقد يدل البستان المجهول على المصحف الكريم لأنه مثل البستان في عين الناظر وبين يدي القارئ لأنه يجني أبداً من ثمار حكمته وهو باق بأصوله مع ما فيه من ذكر الناس وهو الشجرة القديمة والمحدثة، وما فيه من الوعد والوعيد بمثابة ثماره الحلوة والحامضة، وربما دل مجهول البساتين على الجنة ونعيمها لأن العرب تسميه جنة، وكذلك سماه الله تعالى بقوله ” أيود أحدكم أن تكون تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار “. وربما دل البستان على السوق وعلى دار العرس فشجره موائدها وثمره طعامها، وربما دل على كل مكان أو حيوان يستغل منه ويستفاد فيه كالحوانيت والخانات والحمامات والمماليك والدواب والأنعام وسائر الغلات لأن شجر البستان إذا كان فهو كالعقدة لمالكها أو كالخدمة والأنعام المختلفة لأصحابها، وقد يدل البستان على دار العالم والحاكم والسلطان الجامعة للناس والمؤلفة بين سائر الأجناس، فمن رأى نفسه في بستان نظرت في حاله وزيادة منامه، فإن كان في دار الحق فهو في الجنة والنعيم والجنان، وإن كان مريضاً مات من مرضه وصار إليها إن كان البستان مجهولاً، وإن كان مجاهداً نال الشهادة سيما إن كان فيه إمرأة تدعوه إلى نفسها ويشرب فيه لبناً عسلاً من أنهاره وكانت ثماره لا تشبه ما قد عهده، وإن لم يكن شيء من ذلك ولا دلت الرؤيا على شهادة نظرت إلى حاله، فإن كان عازباً أو من قد عقد نكاحاً تزوج أو دخل بزوجته ونال منها، ورأى فيها على نحو ما عاينه في البستان منه في المنام من خير أو شر على قدر الزمان، وإن كانت الرؤيا في أدبار الزمان وإبان سقوط الورق من الشجر، دل على ما يكرهه من الفقر ورعاية المتاع أو سقم الجسم، وإن كان ذلك في إقبال الزمان وجريان الماء في العيدان أو بروز الثمر وينعها فالأمر في الإصلاح بضد الأول، وإن رأى ذلك من له زوجة ممن يرغب في مالها أو يحرص على جمالها اعتبرته أيضاً بالزمنين وبما صنع في المنام من قول أو سقي أو أكل ثمرة أو جمعها، وإن رأى ذلك من له حاجة عند السلطان أو خصومة عند الحاكم عبرت أيضاً عن عقبى أمره ونيله وحرمانه بوقته وزمانه وبما جناه في المنام من ثماره الدالة على الخير أو على الشر على ما يراه في تأويل الثمار.
ومن رأى معه فيه جماعة ممن يشركونه في سوقه وصناعته فالبستان سوق القوم يستدل أيضاً على نفاقها وكسادها بالزمانين والوقتين، وكذلك إن وقعت عينه في حين دخوله إليه على مقبل حمامه أو فندقه أو فرنه فدلالة البستان عائدة على ذلك المكان فما رأى فيه من خير أو شر عاد عليه إلا أن يكون من رآه فيه من أجير أو عبد يبول فيه أو يسقيه من غير سواقيه أو من بئر غير بئره، فإنه رجل يخونه في أهله أو يخالفه إلى زوجته أو أمته، فإن كان هو الفاعل لذلك في البستان وكان بوله دماً أو سقاه من غير البحر وطئ إمرأة إن كان البستان مجهولاً وإلا أتى من زوجته ما لا يحل له إن كان البستان بستانه مثل أن يطأها بعدما حنث فيها أو ينكحها في الدبر أو في الحيض، وقيل إن البستان والكرم والحديقة هو الإستغفار والحديقة إمرأة الرجل على قدر جمال الكرم وحسنه وقوته وثمرته مالها وفرشها وحليها وذهبها، وشجره وغلظ ساقه سمنها وطوله طول حياتها وسعته سعة في دنياها.
وإن رأى كرماً مثمراً فهو دنيا عريضة.
ومن رأى أنه يسقي بستانه، فإنه يأتي أهله، ومن دخل بستاناً مجهولاً قد تناثر ورقه أصابه هم.
ومن رأى بستانه يابساً، فإنه يجتنب إتيان زوجته.
ورأى بعض الملوك كأن مجامير وضعت في البلد تدخن بغير نار، ورأى البذور تبذر في الأرض، ورأى على رأسه ثلاثة أكاليل، فقص رؤياه على معبر، فقال: تملك ثلاث سنين أو ثلاثين سنة ويكثر النبات والثمار في زمانك وتكثر الرياحين، فكان كذلك.
الشجر: المعروف عددها هم الرجال وحالهم في الرجال بقدر الشجرة في الأشجار.
وإن رأى أنه زاول منها شيئاً، فإنه يزاول رجلاً بقدر جوهر الشجرة ومنافعها.
وإن رأى له نخلاً كثيراً، فإنه يملك رجالاً بقدر ذلك إذا كانت النخل في موضع لا يكاد النخل تكون في مثل ذلك الموضع، وإن كانت في مثل بستان أو أرض تصلح ذلك، فإن جماعة النخل عند ذلك عقدة لمن ملكها.
وإن رأى أنه أصاب من ثمرها، فإنه يصيب من الرجال مالاً أو من العقدة مالاً ويكون الرجال أشرافاً والعقدة شريفة على ما وصفت من حال النخل وفضله على الشجر في الخصب والمنافع، وإن كانت شجرة جوز، فإنه رجل أعمى شحيح نكد عسر، وكذلك ثمره هو مال لا يخرج إلا بكد ونصب.
وإن رأى أنه أصاب جوزاً يتحرك وله صوت، فإن الجوز إذا تحرك أو صوت أو لعب به، فإنه صحب ويظفر المقامر بصاحبه وكل ما يقامر به كذلك إذا قمر صاحبه ظفر بما طلب وأصل ذلك كله حرام فاسد.
وإن رأى أنه على شجرة جوز، فإنه يتعلق برجل أعمى ضخم، فإن نزل منها فلا يتم ما بينه وبين ذلك الرجل، فإن سقط منها أو مات، فإنه يقتل على يد رجل ضخم أو ملك، فإن انكسرت به هلك ذلك الرجل الضخم وهلك الساقط إذا كان رأى أنه مات حين سقط، فإن لم يمت حين سقط، فإنه ينجو، وكذلك لو رأى أن يديه أو رجليه انكسرتا عند ذلك، فإنه يشرف على هلاك وينال بلاء عظيماً إلا أنه ينجو بعد ذلك.
وكل شجرة عظيمة تجري مجرى الجوز وتنسب في جوهرها مثل الجوز إلى العجم، وربما دلت الشجرة أيضاً على النساء لسقيها وحملها وولادتها لثمرها، وربما دلت على الحوانيت والموائد والعبيد والخدم والدواب والأنعام وسائر الأماكن المشهورة بالطعام والأموال كالمطامر والمخازن، وربما دلت على الأديان والمذاهب لأن الله تعالى شبه الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة وهي النخلة وقد أولها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجل المسلم وأول الشجرة التي أمسكها في المنام بالصلاة التي أمسكها على أمته.
وقال المفسرون أنه إذا دلت الشجرة على عمل صاحبها وعلى دينه ونفسه دل ورقها على خلقه وجماله وملبسه وشعبها على نسبه وإخوانه واعتقاداته، ويدل قلبها على سرائره وما يخفيه من أعماله ويدل قشرها على ظاهره وجلده وكل ما تزين به من أعماله ويدل ماؤها على إيمانه وورعه وملكه وحياته لكل إنسان على قدره، وربما رتبوها على خلاف هذا الترتيب وقد ذكرته في البحور، فمن رأى نفسه فوق شجرة أو ملكها في المنام أو رؤي ذلك له نظرت في حاله وفي حال شجرته، فإن كان ميتاً في دار الحق نظرت إلى صفة الشجرة، فإن كانت الشجرة كبيرة جميلة حسنة فالميت في الجنة ولعلها شجرة طوبى فطوبى له وحسن مآب، وإن كانت شجرة قبيحة ذات شوك وسواد وسوء رائحة، فإنه في العذاب ولعلها شجرة الزقوم قد صار إليها لكفره أو لفساد طعمته، وإن رأى ذلك المريض انتقل إلى أحد الأمرين على قدره وقدر شجرته، وإن كان حياً مفيقاً نظرت إلى حاله، فإن كان رجلاً طالب نكاح أو إمرأة لزوج نال أحدهما زوجاً على قدر حال الشجرة وهيئتها إن كانت مجهولة أو على طبع نحو طبعها ونسبها وجوهرها إن كانت معروفة، وإن كان زوج كل واحد منهما في اليقظة مريضاً نظرت إلى الزمان في حين ذلك، فإن كانت تلك الشجرة التي ملكها أو رأى نفسه فوقها في إقبال الزمان قد جرى الماء فيها فالمريض سالم قد جرت الصحة في جسده وظهرت علامات الحياة على بدنه، وإن كان في إدباره فالمريض ذاهب إلى الله تعالى وصائر إلى التراب والهلاك، وإن رآها في حانوته أو مكان معيشته فهي دالة على كسبه ورزقه، فإن كانت في إقباله أفاد استفاد، وإن كانت في إدباره خسر وافتقر، وإن رآها في مسجد فهي دالة على دينه وصلواته، فإن كانت في إدبار الزمان، فإنه غافل في دينه لاه عن صلواته، وإن كانت في إقباله فالرجل صالح مجتهد قد تمت عماله وزكت طاعته.
ومن رأى أنه ملك شجراً كثيراً، فإنه يلي على جماعة ولاية تليق به إما إمارة أو قضاء أو فتوى أو إمامة محراب أو يكون قائداً على رفقه ورئيساً على سفينة أو في دكان في صناع تحت يده وعلى هذا ونحوه.
ومن رأى جماعتها في دار، فإنها رجال أو نساء أو كلاهما يجتمعان هناك على خير أو شر.
وإن رأى ثمارها عليها والناس يأكلون منها، فإن كانت ثمارها تدل على الخير والرزق فهي وليمة وتلك موائد الطعام فيها، وإن كانت ثمارها مكروهة تدل على الغم فهو مأتم يأكلون فيه طعاماً، وكذلك إن كان في الدار مريض، وإن كان ثمرها مجهولاً نظرت، فإن كان ذلك في إقبال الشجر كان طعامها في الفرح، وإن كان في إدبارها كان مصيبة سيما إن كان في اليقظة قرائن أحد الأمرين.
ومن رأى أنه التقط من شجرة ثمراً غير ثمرها، فإنه مشتغل بحرام أو طالب شيئاً لا يجاب له أو راسم رسوماً جائرة، واقتطاف الثمر من الشجرة يدل على نيل علم من عالم والتقاطها من أصل الشجرة مخاصمة رجل، وقيل إن الفواكه للفقراء غنى وللأغنياء زيادة مال لقوله تعالى ” وفاكهة وأبا متاعاً لكم ولأنعامكم ” وللخائفين أمن قال الله تعالى ” يدعون فيها بكل فاكهة آمنين “. وقيل إن الفواكه الرطبة رزق لا بقاء له لأنها تفسد سريعاً، واليابسة رزق كثير باق.
ومن رأى كأن فاكهة تنثر عليه، فإنه يشتهر بالصلاح والخير.
ومن رأى كأنه يقتطف من شجرة موصولة غير ثمرها، فإن رؤياه تدل على صهر سار بار وشريك صالح.
ومن رأى في الشتاء شجراً مثمراً فاستحسن ذلك، فإنه يحتاج إلى رجل يظن أنه موسر، فإن لم يجن من ثمرها شيئاً نجا منه على السواء، وإن جنى منه، فإنه ينفق من ماله على ذلك بقدر ما جنى.
وكل ما كان من الثمار في غير إبانه مكروهاً صرفت بكروهه فما كان أصفر اللون كان مرضاً كالسفرجل والزعرور والبطيخ مع ضرره في غير إبانه وغير أصفرها هموم وأحزان، فإن كانت حامضة كانت ضرباً بالسياط لأكلها سيما إن كان عدداً لأن ثمر السوط طرفه، والشجر التي هي أصل الثمر في إدبارها عصاً يابسة، وما كان له اسم في اشتقاقه فائدة حمل تأويله على لفظه إن كان ذلك أقوى من معانيه كالسفرجل الأخضر في غير وقته تعب وأصفره مرض.
ومن رأى أنه أصاب من الثمر شيئاً، فإن ذلك لا بأس به في وقته إذا كان فيه ما يستحب مما وصفت من أنواع الخير من الرزق والدين، ومن العلم، فإن كان ضميره أن تلك الثمار من ثمار الجنة، فإنه علم ودين لا شك فيه وإلا فعلى ما وصفت الشجرة الموقرة رجل مكثر، ومن التقط من شجرة وهو جالس، فإنه مال يصيبه بلا كد ولا تعب، فإن كلمته الشجرة بما وافقه كان ما يقال من ذلك أمراً عجباً يتعجب الناس منه، وقيل إن الشجرة إمرأة وذلك إذا كان معها ما يشبه المرأة وينبغي لتلك المرأة أن تكون أم ملك أو إمرأة أو بنت ملك أو خادم ملك.
ومن رأى شجرة سقطت أو قطعت أو احترقت أو كسرتها رياح شديدة، فإنه رجل أو إمرأة يهلكان أو يقتلان يستدل على الهلاك بجوهرها أو بمكانها وبما في اليقظة من دليلها، فإن كانت في داره فالعليل فيها من رجل أو إمرأة هو الميت أو من أهل بيته وقرابته وإخوانه أو مسجون على دم أو مجاهد أو مسافر، وإن كانت في الجامع، فإنه رجل أو إمرأة مشهوران يقتلان أو يموتان موتة مشهورة، فإن كانت نخلة فهو رجل عالي الذكر بسلطان أو علم أو إمرأة ملك أو أم رئيس، فإن كانت شجرة زيتون فعالم واعظ أو عابر أو حاكم أو طبيب ثم على نحو هذا يعبر سائر الشجر على قدر جوهرها ونفعها وضرها ونسبها وطبعها.
ومن رأى أنه غرس شجرة فعلقت أصاب شرفاً أو اعتقد لنفسه رجلاً بقدر جوهرها لقول الناس: فلان غرس فيه إذا اصطنعه، وكذلك إن بذر بذراً فعلق أو لم يلق ذلك، فإنه هم وغرس الكرم نيل شرف، وقيل من رأى في الشتاء كرماً حاملاً أو شجرة، فإنه يعتبر بامرأة أو رجل قد ذهب مالهما أو يظنهما غنيين.
ومن رأى أنه يغرس في بستانه أشجاراً، فإنه يولد له أولاد ذكور أعمارهم في طولها وقصرها كعمر تلك الأشجار.
وإن رأى أشجاراً نابتة وخلالها رياحين نابتة، فإنهم رجال يدخلون ذلك الموضع للبكاء والهم والمصيبة.
وشجر السدر: رجل شريف حسيب كريم فاضل مخصب بحسب الشجرة وكرم ثمرتها.
والنبق: مال غير منقوش وليس شيء من الثمار يعدله في ذلك خاصة.
وشجر الزيتون: رجل مبارك نافع لأهله وثمره هم وحزن لمن أصابه أو ملكه أو أكله.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأن قائلاً يقول: إن شئت لي أن تنال العافية من مرضك فخذ لا ولا فكله، فقال ابن سيرين: إنما ذلك يدل على أكل الزيتون لأن الله تعالى قال ” زيتونة لا شرقية ولا غربية “.
وحكي أيضاً عنه أن رجلاً أتاه، فقال: رأيت كأني أصب الزيت في أصل شجرة الزيتون، فقال له: ما قصتك قال: سبيت وأنا صبي صغير فأعتقت وبلغت مبلغ الرجال قال فهل لك إمرأة قال لا ولكني اشتريت جارية قال: انظر، فإنها أمك، فرجع الرجل من عنده وما زال يفتش عن أحوال الجارية حتى وجدها أمه.
وحكي عنه أيضاً أن رجلاً أتاه، فقال: رأيت كأني عمدت إلى أصل زيتون فعصرته وشربت ماءه، فقال له ابن سيرين: اتق الله، فإن رؤياك تدل على أن امرأتك أختك من الرضاعة، ففتش عن الأمر فكان كما قال.
وشجرة السفرجل: رجل عاقل لا ينتفع بعقله والصفرة ثمرها.
وشجر اللوز: رجل غريب.
وشجر الخلاف: رجل مخالف لمن والاه مخالط لمن عاداه.
وشجرة الرمان: رجل صاحب دين ودنيا وشوكها مانع له من المعاصي وقطع شجرة الرمان قطع الرحم.
والشجرة المجهولة الجوهر: فمن رآها في دار، فإن ناراً تجتمع هناك أو يكون هناك بيت نار لقوله تعالى ” جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً “. وربما كانت الشجرة في الدار أو في السوق مشاجرة بين قوم إذا كانت الشجرة مجهولة لقوله تعالى ” يحكموك فيما شجر بينهم “.
وأما الشجر العظام التي لا ثمر لها مثل السرو والدلب: فرجال صلاب ضخام لا خير عندهم وما كان من الأشجار طيب الريح، فإن الثناء على الرجل الذي تنسب إليه تلك الشجرة مثل ريح تلك الشجرة وكل شجرة لها ثمر، فإن الرجل الذي ينسب إليها مخصب بقدر ثمرها في الثمار في تعجل إدراكها ومنافعها، والشجر التي لها شوك رجل صعب المرام عسر، ومن أخذ ماء من شجرة، فإنه يفيد مالاً من رجل ينسب إلى نوع تلك الشجرة.
الكرم والعنب: الكرم دال على النساء لأنه كالبستان لشربه وحمله ولذة طعمه ولا سيما أن السكر المخدر للجسم يكون منه وهو بمثابة خدران الجماع مع ما فيه من العصير وهو دال على النكاح لأنه كالنطفة، وربما دل على الرجل الكريم الجواد النافع لكثرة منافع العنب فهو كالسلطان والعالم والجواد بالمال فمن ملك كرماً كما وصفناه تزوج إمرأة إن كان عازباً أو تمكن من رجل كريم ثم ينظر في عاقبته وما يصير من أمره إليه بزمان الكرم في الإقبال والإدبار، فإن كان ذلك في إدبار الزمان وكانت المرأة مريضة هلكت من مرضها، وإن كانت حاملاً أتت بجارية، وإن كان يرجو فرجاً أو صلة أو مالاً من سلطان أو على يد حاكم أو سلطان أو إمرأة كالأم والأخت والزوجة حرم ذلك وتعذر عليه، وإن كان عقد نكاحها تعذر عليه وصول زوجته إليه، وإن كان موسراً افتقر من بعد يسر، وإن كان في إقبال ونفاق في سوقه وصناعته تعذرت وكسدت، وإن كان ذلك في إقبال الزمان والصيف فالأمر على ذلك بالضد منه ويكون جميع ذلك صالحاً.
والعنب الأسود في وقته مرض وخوف، وربما كان سياطاً لمن ملكه على قدر عدد الحب ولا ينتفع بسواد لونه مع ضر جوهره، والعنب الأبيض في وقته عصارة الدنيا وخيرها وفي غير وقته مال يناله قبل الوقت الذي كان يرجوه.
والزبيب كله أسوده وأحمره وأبيضه خير ومال.
ومن رأى أنه يعصر كرماً فخذ بالعصير واترك ما سواه وهو أن يخرج الملك ويملك من ملك العصير غصباً، وكذلك عصير القصب وغيره لأن العصير ومنافعه يغلب ما سواه من أمره مما يكون معه مما لم تمسه النار إلا ما يتفاضل فيه جوهره، وقيل من التقط عنقوداً من العنب نال من إمرأته مالاً مجموعاً، وقيل النقود ألف درهم، وقيل إن العنب الأسود مال لا يبقى، وإذا رآه مدلى من كرمه فهو برد شديد وخوف، وقد قال بعض المعبرين: العنب الأسود لا يكره لقوله تعالى ” تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً “. وكان زكريا عليه السلام يجده عند مريم فهو لا يكره وأكثر المعبرين يكرهونه، وقيل إنه كان بجوار إبن نوح حين دعا عليه أبوه وكان أبيض اللون، فلما تغير لونه تغير ما حوله من العنب فأصل الأسود من ذلك، وما كان من الثمار لا ينقطع في كل أبان وليس له حين ولا جوهر يفسده فهو صالح كالتمر والزبيب، وما كان منها يوجد في حين ويعدم في حين غيره فهي في إبانها صالحة إلا ما كان له منها اسم مكروه أو خبر قبيح وفي غير إبانها فهو مكروه في المآل، وما كان له أصل يدل على المكروه فهو في إقباله هم وغم وفي غير حينه ضرب أو مرض كالتين، لأن آدم عليه السلام خصف عليه من ورقه وعوتب عليه عند شجرته وهو مهموم نادم فلزم ذلك في كل حين ولزم شجرته وورقه كذلك.
والتين: مال كثير وشجرته رجل غني كثير المال نفاع يلتجئ إليه أعداء الإسلام وذلك لأن شجرة التين مأوى الحيات والأكل منه يدل على كثرة النسل، وقيل التين رزق يأتي من جهة العراق وأكل القليل منه رزق بلا غش وأكثر المعبرين على أن التين محمود لأن الله تعالى عظمه حيث أقسم به في القرآن وقد كرهه من المعبرين جماعة وذكروا أنه يدل على الهم والحزن واستدلوا بقوله تعالى في قصة آدم وحواء عليهما السلام ” ولا تقربا هذه الشجرة “. وقيل إن التين حزن وندامة لمن أكله أو أصابه.
والخوخ الأخضر: توجع من هم أو أخ وأصفره مرض.
والعناب: في وقته ما ينوبه من شركة أو قسمة وأخضره في غير وقته نوائب تنوبه وحوادث تصيبه ويابسه في كل حين رزق آزف وشجرته رجل كامل العقل حسن الوجه، وقيل رجل شريف نفاع صاحب سرور وعز وسلطنة.
والإجاص: في وقته رزق أو غائب جاء أو يجيء وفي غير وقته مرض جاء إن كان أصفر أو هم جاء إن كان أخضر.
وإن رأى مريض أنه يأكل إجاصاً، فإنه يبرأ.
والخرنوب: خراب من إسمه ولما يروى عن سليمان عليه السلام فيه.
العصير والعصر: صالح جداً فمن تولى ذلك في المنام نظرت في حاله، فإن كان فقيراً استغنى، وإن كانت رؤياه للعامة كأنهم يعصرون في كل مكان العنب أو الزيت أو غيرهما من سائر الأشياء المعصورات وكانوا في شدة أخصبوا وفرج عنهم، وإن رأى ذلك مريض أو مسجون نجا من حاله بخروج المعصور من حبسه، وإن رأى ذلك من له غلات أو ديون اقتضاها وأفاد فيها، وإن رأى ذلك طالب العلم والسنن تفقه وتعصر له الرأي من صدره انعصاراً، وإن رأى ذلك أعزب تزوج فخرجت نطفته وأخصب عيشه، وإن كان العصير كثيراً جداً وكان معه تين أو خمر أو لبن كان ذلك سلطاناً.
ومن رأى كأنه عصر العنب وجعله خمراً أصاب حظوة عند السلطان ونال مالاً حراماً لقصة يوسف عليه السلام.
والطيب: في الأصل ثناء حسن، وقيل هو للمريض دليل الموت.
وأما العنبر: فهو مال من جهة رجل شريف، والمسك وكل سواد من الطيب كالقرنفل والمسك والجوزبوا فسؤدد أو سرور وسحقه ثناء حسن، وإذا لم يكن لسحقه رائحة طيبة دل على إحسانه إلى غير شاكر.
والكافور: حسن ثناء مع بهاء.
والزعفران: ثناء حسن إذا لم يمسه، وطحنه مرض مع كثرة الداعين له.
والذريرة: ثناء حسن.
وماء الورد: مال وثناء حسن وصحة جسم.
والتبخر: حسن معاشرة الناس، والأدهان كلها هموم إلا الزئبق، فإنه ثناء حسن.
ومن رأى أنه تبخر نال ربحاً وخيراً ومعيشته في ثناء حسن.
والزيت: بركة إن أكله أو شربه أو أدهن به لأنه من الشجرة المباركة.
الصفحة القادمة
النار وأدواتها والمواقد
النار: دالة على السلطان لجوهرها وسلطانها على ما دونها مع ضرها ونفعها، وربما دلت على جهنم نفسها وعلى عذاب الله، وربما دلت على الذنوب والآثام والحرام وكل ما يؤدي إليها ويقرب منها، من قول أو عمل، وربما دلت على الهداية والإسلام والعلم والقرآن لأن بها يهتدى في الظلمات مع قول موسى عليه السلام ” أو أجد على النار هدى “. فوجد وسمع كلام الله تعالى عندها بالهدى، وربما دلت على الأرزاق والفوائد والغنى لأن بها صلاحاً في المعاش للمسافر والحاضر كما قال الله عز وجل ” نحن جعلناها تذكرة ومتاعاً للمقوين “.
ويقال لمن افتقر أو مات خمدت ناره، لأن العرب كانت تقدمها هداية لابن السبيل والضيف المنقطع كي يهتدي بها ويأوي إليها فيعبرون بوجودها عن الجود والغنى وبخمودها عن البخل والفقر، وربما دلت على الجن لأنهم خلقوا من نار السموم، وربما دلت على السيف والفتنة إذا كان لها صوت ورعد وألسنة ودخان، وربما دلت على العذاب من السلطان لأنها عذاب الله وهو سلطان الدارين، وربما دلت على الجدب والجراد، وربما دلت على الأمراض والجدري والطاعون، فمن رأى ناراً وقعت من السماء في الدور والمحلات، فإن كانت لها ألسنة ودخان فهي فتنة وسيف يحل في ذلك المكان سيما إن كانت في دور الأغنياء والفقراء ومغرم يرميه السلطان على الناس سيما إن كانت في دور الأغنياء خاصة، فإن كانت جمراً بلا ألسنة فهي أمراض وجدري أو وباء سيما إن كانت عامة على خلط الناس، وأما إن كان نزول النار في الأنادر والفدادين وأماكن الزراعة والنبات، فإنها جدب يحرق النبات أو جراد يحرقه ويلحقه، وأما من أوقد ناراً على طريق مسلوك أو ليهتدي الناس بها إن وجدها عند حاجته إليها، فإنها علم وهدى يناله أو يبثه وينشره إن كان لذلك أهلاً وإلا نال سلطاناً وصحبة ومنفعة وينفع الناس معه، وإن كانت النار على غير الطريق أو كانت تحرق من مر بها أو ترميه بشررها أو تؤذيه بدخانها أو حرقت ثوبه أو جسمه أو ضرت بصره، فإنها بدعة يحدثها أو يشرف عليها أو سلطان جائر يلوذ به أو يجور عليه على قدر خدمته لها أو فراره منها، وأما إن كانت ناراً عظيمة لا تشبه نار الدنيا قد أوقدت له ليرمى فيها كثر أعداؤه وأرادوا كيده فيظفر بهم ويعلو عليهم ولو ألقوه فيها لنجا لنجاة إبراهيم عليه السلام، وكل ذلك إذا كان الذين فعلو به أعداءه أو كان المفعول به رجلاً صالحاً، وأما إن رآها تهدده خاصة أو كان الذين تولوا إيقادها يتوعدونه فليتق الله ربه ولينزع عما هو عليه من أعمال أهل النار من قبل أن يصير إليها فقد زجر عنها إذ خوف بها.
ومن رأى النار عنده في تنور أو فرن أو كانون أو نحو ذلك من الأماكن التي يوقد فيها، فإنها غنى ومنفعة تناله سيما إن كانت معيشته من أجل النار وسيما إن كان ذلك أيضاً في الشتاء.
وإن رأى ناره خمدت أو طفئت أو صارت رماداً أو أطفأها ماء أو مطر، فإنه يفتقر ويتعطل عن عمله وصناعته، وإن أوقدها من لا يتعيش منها في مثل هذه الأماكن ليصلح بها طعاماً طلب مالاً أو رزقاً بخدمة سلطان أو بجاهه ومعونته أو بخصومة أو وكالة أو منازعة وسمسرة وإلا هاج كلاماً وشراً وكلام سوء، وأما من رآها أضرمت في طعام أو زيت أو في شيء من المبيعات، فإنه يغلو ولعل السلطان يطلبه فيأخذ الناس فيه أمواله.
ومن رأى أنه أكل النار، فإنه مال حرام ورزق خبيث يأكله ولعله أن يكون من أموال اليتامى لما في القرآن.
وإن رأى النار تتكلم في جرة أو قربة أو وعاء من سائر الأوعية الدالة على الذكور والإناث أصاب المنسوب إلى ذلك الوعاء صرع من الجن ومداخله حتى ينطق على لسانه، وقيل النار حرب إذا كان لها لهب وصوت، فإن لم يكن الموضع الذي رؤيت فيه أرض حرب، فإنها طاعون وبرسام وجدري أو موت يقع هناك.
وقال أبو عمرو النخعي لرسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت ناراً خرجت من الأرض فحالت وبيني وبين إبن لي ورأيتها تقول: لظى لظى بصير وأعمى أطعموني آكلكم كلكم أهلكم ومالكم، فقال عليه الصلاة والسلام: تلك فتنة تكون في آخر الزمان تقتل الناس الناس أمامهم ثم يشتجرون اشتجار أطباق وخالف بين أصابعه ويحسب المسيء أنه محسن ودم المؤمنين عند المؤمنين أحل من شرب الماء.
وإن رأى ناراً عالية ساطعة لها ضوء كبير ينتفع بها الناس، فإنه رجل سلطاني نفاع.
وإن رأى أنه قاعد مع قول حول نار يأمن غوائلها كان ذلك نعمة وبركة وقوة لقوله تعالى ” أن بورك من في النار ومن حولها “.
وإن رأى ناراً أخرجت من داره نال ولاية أو تجارة أو قوة في حرفة.
وإن رأى ناراً سقطت من رأسه أو خرجت من يده ولها نور وشعاع وكانت إمرأته حبلى ولدت غلاماً ويكون له نبأ عظيم.
وإن رأى شعلة نار على باب داره ولم يكن لها دخان، فإنه يحج، وإن رآها وسط داره، فإنه يعرس في تلك الدار، فإن آنس ناراً في ليلة مظلمة نال قوة وظفراً وسروراً ونعمة وسلطاناً لقصة موسى عليه السلام.
ومن رأى في تنوره ناراً موقدة حملت إمرأته إن كان متأهلاً.
وإن رأى ناراً نزلت من السماء فأحرقته ولم يؤثر فيه الحرق نزل داره الجند.
وإن رأى ناراً خرجت من إصبعه، فإنه كاتب ظالم، فإن خرجت من فمه، فإنه غماز، فإن خرجت من كفه، فإنه صانع ظالم.
ومن رأى أنه أوقد ناراً في خراب ودعا الناس إليها، فإنه يدعوهم إلى الضلالة والبدعة ويجيبه من أصابته.
وأتى ابن سيرين رجل، فقال: رأيت كأني أصلي بخفي بالنار فوقعت إحداهما في النار فاحترقت وأصابت النار من أخرى سفعاً، فقال ابن سيرين: إن لك بأرض فارس ماشية قد أغير عليها وذهب نصفها وأصيب من النصف الآخر شيء قليل، فكان كذلك.
ومن رأى كأنه في نار لا يجد لها حراً، فإنه ينال صدقاً وملكاً وظفراً على أعدائه لقصة إبراهيم.
ومن رأى ناراً أو لهيباً أو شرراً طفئ، فإنه يسكن الشغب والفتنة والشحناء في الموضع الذي طفئت فيه.
ومن رأى ناراً توقد في داره يستضيء بها أهلها طفئت، فإن قيم الدار يموت، فإن كان ذلك في بلد فهو موت رئيسه العالم، فإن انطفأت في بستانه فهو موته أو موت عياله، فإن انطفأت وفي بيته ريح فأضاءت بها دخل بيته اللصوص.
وإن رأى أنه أوقد ناراً وكان في اليقظة في حرب، فإن أطفأت قهر، وإن كان تاجراً لم يربح.
ومن رأى بيده شعلة من نار أصاب سعة من السلطان، فإن أشعلها في ناس أوقع بينهم العداوة وأصابهم بضر.
وإن رأى تاجر ناراً وقعت في سوقه أو حانوته كان ذلك نفاق تجارته إلا أن ما يتناوله من ذلك حرام، والعامة تقول في مثل هذا وقعت النار في الشيء إذا نفق.
وقدح النار: تفتيش عن أمر حتى يتضح له، فمن رأى كأنه قدح ناراً ليصطلي بها استعان رجلاً قاسي القلب له سلطنة ورجلاً قوياً ذا بأس على شدة فقر وانتفاع به، فإنهما إذا اجتمعا يؤسسان أساس ولايات السلطان ويدلان عليها لأن الحجر رجل قاس والحديد رجل ذو بأس والنار سلطان، والمرأة إذا رأت إنها قدحت ناراً، فانقدحت وأضاءت بنفحتها ولدت غلاماً.
ومن رأى أنه قرع حجراً على حجر، فانقدحت منهما نار، فإن رجلين قاسيين يتقاتلان قتالاً شديداً ويبطش بهما في قتالهما لأن الشرارة بالسيوف، وقيل الزناد قدحه يدل على نكاح العازب، فإن علقت النار، فإن الزوجة تحبل ويخرج الولد بين الزوجين، وربما دل على الشر بينهما أو بين خصمين أو شريكين والشرر كلام الشر بينهما، فإن أحرقت ثوباً أو جسماً كان ذلك الشر يجري في مال أو عرض أو جسم، وإن أحرقت مصحفاً أو بصراً كان ذلك قدحاً في الدين.
ومن رأى أنه أجج ناراً ليصطلي بها هاج أمراً يسد به فقره لأن البرد فقر.
وقد سئل ابن سيرين عن رجل رأى على إبهامه سراجاً، فقال: هذا رجل يعمى ويقوده بعض ولده، فإن أججها ليشوي بها لحماً أنار أمراً فيه غيبة للناس، فإن أصاب من الشواء أصاب رزقاً قليلاً مع حزن، فإن أججها ليطبخ بها قدراً فيها طعام أثار أمراً يصيب فيه منفعة من قيم بيته، فإن لم يكن في القدر طعام هاج رجلاً بكلام وحمله على أمر مكروه، وما أصابت النار فأحرقت من بدن أو ثوب فهو ضرر ومصائب، ومن قبس ناراً أصاب مالاً حراماً من سلطان، ومن أصابه وهج النار اغتابه الناس.
ومن رأى أنه يسجر تنوراً، فإنه ينال ربحاً في ماله ومنفعة في نفسه.
وإن رأى في دار الملك تنوراً، فإن كان للملك أمر مشكل استنار واهتدى، وإن كان له أعداء ظفر بهم.
وإن رأى أنه يبني تنوراً وكان للولاية أهلاً نال ولاية وسلطاناً وينجو من عدوه إن كان له عدو، ومن أصاب تنوراً بغير رماد تزوج إمرأة لا خير فيها.
والكي بالنار: لذعة من كلام سوء.
والشرارة: كلمة سوء، ومن تناثر عليه الشرر سمع من الكلام ما يكرهه.
والرماد: كلام باطل لا ينتفع به، ومن أوقد ناراً على باب سلطان، فإنه ينال ملكاً وقوة، وقيل إن الرماد مال حرام، وقيل هو رزق من قبل سلطان، فمن رأى الرماد، فإنه يتعب في أمر السلطان ولا يحصل له إلا العناء، وقيل هو علم لا ينفع.
والدخان: هول وعذاب من الله تعالى وعقوبة من السلطان، فمن رأى دخاناً يخرج من حانوته، فإنه يقع فيه خير وخصب بعد هول وفضيحة ويكون ذلك من قبل السلطان، فإن كان دخان تحت قدر فيها لحم ناضج، فإنه خير وخصب وفرج بعد هول يناله.
ومن رأى الدخان قد أضله فهو حمى تأخذه، ومن أصابه حر الدخان فهو غم وهم.
والحطب: نميمة وإيقاده بالنار سعاية إلى السلطان.
والفحم: من الشجر رجل خطير، وقيل هو مال حرام، وقيل هو رزق من السلطان، والفحم الذي لا ينتفع به بمنزلة الرماد باطل من الأمر، فإن كان فحماً ينتفع به في وقود فهو عدة الرجل في العمل الذي يدخل فيه الفحم لأن فيه من المنافع، رأى سيف بن ذي يزن كأن ناراً هوت من السماء إلى أرض عدن وسقط في كل دار من دورها جمرة، فانطفأت وصارت فحمة، فقصها على معبري مملكته، فقالوا: إن الحبشة تستولي على بلدك، فكان كذلك.
والكانون: إذا كان من حديد فهو إمرأة من أهل بيت ذي بأس وقوة، وإذا كان من صفر فمن أهل بيت أمتعة الدنيا وزينتها، وإن كان من خشب فمن بيت قوم فيهم نفاق، وإن كان من جص فمن أهل بيت مشبهين بالفراعنة، وإذا كان من طين فمن أهل بيت الدين، وإذا كان فيه النار دل على الدولة، وإذا كان خالياً من النار دل على العطلة.
والمنارة: خادم فما رؤي فيها من حدث في ترسها أو عمودها أو كرسيها، فإن تأويلها في الخادم والترس أشرف قطاعها وتأويله رأس الخدم.
السراج: هو قيم بيت، فمن رأى أنه اقتبس سراجاً نال علماً ورفعة.
وإن رأى أنه يطفئ سراجاً، فإنه يبطل أمر رجل يكون علي الحق ولكنه لا يبطل لقوله تعالى ” يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره “.
ومن رأى كأنه يمشي بالنهار في سراج، فإنه يكون شديد الدين مستقيم الطريقة لقوله تعالى ” ويجعل لكم نوراً تمشون به “.
وإن رأى كأنه يمشي بالليل في سراج، فإنه يتهجد إن كان من أهله وإلا اهتدى إلى أمر تحير فيه لأن الظلمة حيرة والنور هدى، وربما يكون في معصية فيتوب عنها.
وإن رأى كأن سراجاً يزهر من أصابعه أو من بعض أعضائه، فإنه يتضح له أمر مبهم حتى يتيقنه ببرهان واضح.
وإن رأى كأن له سراجاً داخله سلطان أو عالم أو رزق مبارك.
وإن رأى كأن له سراجاً ضوءه كضوء الشمس، فإنه يحفظ القرآن ويفسره والسراج زيادة نور القلب وقوة في الدين ونيل المراد، وقيل السراج ولد تقي عالم فقيه أو تاجر منفق سخي.
ومن رأى في داره سراجاً ولد له غلام مبارك.
ومن رأى كأن في يده سراجاً أو شمعة أو ناراً فطفئ، فإن كان سلطاناً عزل أو تاجراً خسر أو مالكاً ذهب ماله لقوله تعالى ” كمثل الذي استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون “. والسراج في البيت للعازب إمرأة يتزوجها وللمريض دليل العافية، وإذا كان وقوده غير مضيء، فإنه يدل على غم، والسرج كلها تدل على ظهور الأشياء الخفية.
والمسرجة قيمة البيت لقيامها بصلاحهم، وربما دلت على زوجته والسراج على زوجها، وربما كان المصباح زوجة والفتيلة زوجها، وربما كانت ولدها الخارج من بطنها، وربما دل السراج على كل من يهتدي به وما يستضاء بنوره من عين وغيرها، فمن رأى سراجاً أطفئ مات من يدل عليه من المرضى من عالم أو قيم أو ولد أو يعمى بصر صاحبه أو يصاب في دينه على قدره وزيادة منافعه.
وإن رأى في بيته سراجاً مضيئاً كانت إمرأته أو ولده حسن الذكر.
والفتيلة: قهرمانة تخدم الناس.
وإن رأى إنها احترقت كلها، فإن القهرمانة تموت، فإن وقعت منها شرارة في قطن واحترق، فإنها تخطئ خطأ وتزل زلة.
والشمعة: سلطان أو ولد رفيع خطير سخي منفق ونقرة الشمع مال حلال يصل إليه صاحبه بعد مشقة لمكان تذويبه حتى يستخرج منه العسل.
والقنديل: ولد له بهاء ورفعة وذكر وصوت ومنفعة إذا أسرج في وقته كان مسرجاً، فإنه قيم بيت أو عالم، والقناديل في المساجد العلماء وأصحاب الورع والقرآن قال أبو عيينة: رأيت قناديل المسجد قد طفئت فمات مسعر بن كدام.
الماء والأبار والمساقي
الماء: يدل على الإسلام والعلم وعلى الحياة والخصب والرخاء لأن به حياة كل شيء كما قال الله تعالى ” لأسقيناهم ماء غدقاً لنفتنهم فيه “. وربما دل على النطفة لأن الله تعالى سماها ماء والعرب تسمي الماء الكثير نطفة ويدل على المال لأنه يكسب به فمن شرب ماء عذباً صافياً من بئر أو سقاء ولم يستوعب آخره، فإن كان مريضاً أفاق من علته ودامت حياته ولم تتعجل وفاته، وإن لم يكن مريضاً تزوج إن كان عازباً لتلذذه بشربه ونزول الماء من أعلاه إلى ذكره، وإن كان متزوجاً ولم ينكح أهله في ليلة اجتمع معها وتلذذ بها، وإن لم يكن شيء من ذلك أسلم إن كان كافراً ونال علماً إن كان صالحاً وللعلم طالباً وإلا نال ديناً حلالاً إن كان تاجراً إلا أن يدخل على الماء ما يفسده فيدل ذلك على حرامه وإثمه مثل أن يشربه من دور أهل الذمة فإما علم فاسد أو وطء رديء أو مال خبيث.
ومن رأى كأن الماء كدراً أو مراً أو فاسداً، فإنه يمرض أو يفسد كسبه أو يتمرر عيشه أو يتغير مذهبه لكل إنسان على قدره وما يليق به وبالمكان الذي شرب منه والإناء الذي كان فيه، وأما من حمل ماء في وعاء، فإن كان فقيراً أفاد مالاً، وإن كان عازباً تزوج، وإن كان متزوجاً حملت زوجته أو أمته منه إن كان هو الذي أفرغ الماء في الوعاء أو زوجته أو خادمه من بئره أو وزيره أو قريبه.
وأما جريان الماء في البيوت ودخوله إلى الدور فلا خير فيه، فإن كان ذلك عاماً في الناس دخلت عليهم فتنة أو مغرم أو سبي أو أسقام أو طواعين، وإن كان ذلك في دار مخصوصة نظرت في أمرها، فإن كان فيها مريض مات فسعى الناس إليه في نعيه بالبكاء والدموع، وكذلك إن سالت في البيت ميازيب أو انفجرت فيه عيون، فإنها عيون باكية على موت المريض أو عند وداع المسافر أو في شر ومضاربة بين ساكنيه أبلاء يحل فيه من مرض أو سلطان.
وجريان الماء أو ركوده يدل على اجتماع جمع من الناس، وجريانه في أماكن النبات يؤذن بالخصب وكثرته وغلبته على المساكن والدور من عيون الأرض أو سيولها بلاء من الله عز وجل على أهل ذلك المكان إما طاعون جارف أو سيف مبيد إن تهدمت له المساكن وغرق فيه الناس وإلا كان عذاباً من السلطان أو جائحة من الجوائح.
وإن رأى أنه أعطي ماء في قدح دل ذلك على الولد، وإن شرب ماء صافياً في قدح نال خيراً من ولده أو زوجته لأن الزجاج من جوهر النساء والماء جنين، وقيل من رأى كأنه يشرب ماء سخناً أصابه غم.
وإن رأى أنه ألقى في ماء صاف سر مفاجأة، وقيل إن عين الماء لأهل الصلاح خير ونعمة لقوله تعالى ” فيهما عينان تجريان “. ولغير أهل الصلاح مصيبة.
وانفجار الماء من حائط حزن من الرجال مثل أخ أو صهر أو صديق.
وإن رأى أن الماء انفجر وخرج من الدار، فإنه يخرج من الهموم كلها، وإن لم يخرج منها، فإنه هم دائم، فإن كان ذلك المكان صافياً فهو حزن في صحة جسم، وهذا كله في العين إذ لم تكن جارية، فإن كانت جارية فهو خير جار لصاحبه حياً وميتاً إلى يوم القيامة، وقيل من رأى كأن في داره عين ماء جارية، فإنه يشتري جارية، وإذا رأى كأن عيوناً انفجرت، فإنه ينال أموالاً في توبيخ.
والماء الحار الشديد الحرارة إذا رأى كأنه استعمله بالليل أو بالنهار أصابته شدة من قبل السلطان، وإذا رأى كأنه استعمله بالليل أصابه فزع من الجن، والماء الكدر عسر وتعب وشربه مرض، وزبد الماء مال لا خير فيه، ومن شرب من ماء البحر وهو كدر أصابه هم من الملك.
ومن رأى كأنه نظر في ماء صاف فرأى وجهه فيه كما يراه في المرآة، فإنه ينال خيراً كثيراً.
وإن رأى وجهه فيه حسناً، فإنه يحسن إلى أهل بيته، وصب الماء إنفاق المال في غير ظروفه من صرة أو ثوب دليل الغور لأنه يظن أنه أحرزه ولم يحرزه، والوضوء من ماء لا يكره صافياً كان أو كدراً حاراً أو بارداً بعد أن يكون نظيفاً يجوز به الوضوء لأن الوضوء أقوى في التأويل من مخارج الماء واختلافه، ويكره من العيون ماء كدر لم يجر.
ومن رأى كأنه شرب ماء كثيراً أكثر من عادته في اليقظة، فإن عمره يطول، وقيل إن شرب الماء سلامة من العدو ومضغه معالجة الكد والشدة في المعيشة، وبسط اليد في الماء تقليب مال وتصرف فيه.
ومن رأى أنه في ماء عميق كثير ونزل فيه فلم يبلغ قعره، فإنه يصيب دنيا كثيرة ويتمول، وقيل بل يقع في أمر رجل كبير.
وسئل ابن سيرين عن إمرأة رؤي لها إنها تسقي الماء، فقال: لتتق الله هذه المرأة ولا تسعى بين الناس بالكذب.
وجاءه رجل، فقال: رأيت كأني أشرب من خرق ثوبي ماء لذيذاً بارداً، فقال: اتق الله ولا تخلون بامرأة لا تحل لك، فقال: إنما هي إمرأة خطبتها إلى نفسي.
ومن رأى كأنه يشرب ماء كثيرأ عذباً كان طول حياة وطيب عيش، فإن شربه من البحر نال مالاً من الملك، وإن شربه من النهر ناله من رجل حاله في الرجال كحال ذلك النهر في الأنهار، وإن استقاه من بئر أصاب مالاً بحيلة ومكر.
ومن رأى أنه يستقي ماء ويسقي به بستاناً وحرثاً أفاد مالاً من امرأة، فإن أثمر البستان أو سنبل الزرع أصاب من تلك المرأة مالاً وولداً وسقي البستان والزرع مجامعة امرأته.
والماء الصافي: رخص الأسعار وبسط العدل.
والماء الراكد: أضعف من الماء الجاري في كل حال، وقيل إن الماء الراكد حبس، فمن رأى أنه سقط في ماء راكد فهو في حبس وغم والماء المالح غم، وأما الأسود إذا نزح من البئر، فإنها إمرأة يتزوجها ولا خير فيها، وقيل إن رؤية الماء الأسود خراب الدور وشربه ذهاب البصر، والماء الآسن عيش نكد والماء الفاسد مال حرام والماء الأصفر مرض وغور الماء عزل وذل وزوال النعمة لقوله تعالى ” قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين “.
والمشي فوق الماء: غرور ومخاطرة، فإن خرج منه قضيت حوائجه.
والاغتسال بالماء البارد: توبة وشفاء من المرض والخروج من الحبس وقضاء الدين والأمن من الخوف.
والماء في قدح زجاج: ولد، فإن انكسر القدح وبقي الماء ماتت الأم وبقي الولد، وإن ذهب الماء وبقي القدح مات الولد وبقيت الأم.
السواقي: الساقية تدل على مجرى الرزق ومكانه وسببه كالحانوت والصناعة والسفر ونحو ذلك، وربما دل على القروح لمدها بالماء فهي مجراه مع سبقها البساتين، وربما دلت على السقاء والسقاية لحملها للماء ومجيئها به، وربما دلت على محجة طريق السفر لسير المسافرين عليها كالماء، وربما دلت على الخلق لأنه ساقية الجسم، وربما دلت على حياة الخلق إن كانت للعامة أو حياة رأسها إن كانت خاصة.
ومن رأى ساقية تجري بالماء من خارج المدينة إلى داخلها في أخدود بماء صاف والناس يحمدون الله عليها أو يشربون من مائها ويملئون آنيتهم منها، فانظر إلى ما فيهم، فإن كانوا في وباء انجلى عنها وأمدهم الله سبحانه بالحياة، وإن كانوا في شدة أتاهم الله بالرخاء إما بمطر دائم أو رفقة بالطعام، وإن لم يكونوا في شيء من ذلك أتتهم رفقة بأموال كثيرة لشراء السلع وما كسد عندهم من المتاع، وإن كان ماؤها كدراً أو مالحاً أو خارجاً على الساقية مضراً بالناس، فإنه سوء يقدم على الناس وشر فيهم إما سقم عام كالزكام في الشتاء والحمى في الصيف أو خبر مكروه على المسافرين أو غنائم حرام وأموال خبيثة تدخل على قدر الرؤيا وزياداتها، وأما من رآها جارية إلى داره أو حانوته فدليلها عائد عليه في خاصته على قدر صفائها وطيب مائها واعتدال جريانها، ومن رآها جارية إلى بستانه أو فدانه نظرت في حاله، فإن كان عازباً تزوج أو اشترى جارية ينكحها، فإن كانت له زوجة أو جارية وطئها وحملت منه إن شربت أرضه أو بستانه أو نبت نباته.
وإن رأى جريانها شنعاً بخلاف ما تجري السواقي به إن كان ماؤها دماً، فإن أهله ينكحها غيره إما في عصمته أو من بعد فرقه على قدر حاله وما في زيادة منامه، وقيل الساقية التي يسدها الرجل الواحد ولا يغرق فيها فهي حياة طيبة لمن ملكها خاصة إذا نقص الماء من مجراه المحدود في الأرض، فإن فاض عن مجراه يميناً وشمالاً فهو هم وحزن وبكاء لأهل ذلك الموضع، وكذلك لو جرت الساقية في خلال الدور والبيوت، فإنها حياة طيبة للناس.
وحكي أن رجلاً رأى ساقية مملوءة زبلاً وكناسة وقد كان أخذ مجرفة ونظف تلك الساقية وغسلها بماء كثير لتكون جرية الماء فيها سريعة صافية فعرض له أنه أصبح من الغد وقد احتقن وأسهل طبيعته.
الحوض: رجل سلطان شريف نفاع.
وإن رأى حوضاً ملآن، فإنه ينال كرامة وعزاً من رجل سخي، فإن توضأ منه، فإنه ينجو من هم.
القنوات: القناة تدل على خادم الدار لما يجري فيها من أوساخ الناس وأهلها، وربما دلت على الفرج الحرام سيما الجارية في الطرقات والمحلات المبذولة لكل من يطأ عليها ويبول فيها لقذارتها لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كنى عن الفاحشة بالقاذورة، وربما دلت على الفرج والغمة لأنه فرج أهل الدار إذا جرت وهمهم إذا انحسرت أو انسدت، فمن رأى قناة داره قد انسدت حملت خادمه أو نشزت زوجته أو منعته نفسها فاهتم لذلك أو سدت عليه مذاهبه فيما هو له في اليقظة طالب من رزق أو نكاح أو سفر أو خصومة، وقد يدل ذلك على حصر يصيبه من تعذر البول.
وأما القناة المجهولة، فمن بال فيها دماً أو سقط فيها وتخضب بمائها وتلطخ بنجاستها أتى إمرأة حراماً بزنا أو غير ذلك إن لاق ذلك به وإلا وقع في غمة وورطة من سبب خادم أو إمرأة أو غير ذلك على قدر زيادة الرؤيا وما في اليقظة.
والناعورة: خادم يحفظ أموال الناس في السر، وقيل الدواليب والنواعير دوران التجارات والأموال وانتقال الأحوال على السفر.
الجرة: أجير منافق يجري على يديه مال ويؤتمن عليه وشرب الماء منها مال حلال وطيب عيش، فمن رأى أنه شرب نصف مائها فقد نفد نصف عمره، فإن شرب أقل أو أكثر فتأويله ما بقي أو نفد من عمره، وكذلك في سائر الأواني فقس عليه، وقيل الجرة إمرأة أو خادم أو عبد، وربما دلت إذا كانت مملوءة زيتاً أو عسلاً أو لبناً لأهل الدنيا على المطمورة والمخزن والكيس وعلى العقدة، ومن بدرة فأقل، وكذلك سائر أوعية الفخار من الكيزان والقلال وغيرها تجري مجرى الجرة.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأني أشرب من قلة ضيقة الرأس، قال تراود جارية عن نفسها.
وسئل ابن سيرين عن رجل أخذ جرة وأوثق فيها حبلاً وأدلاها في ركية، فلما امتلأت الجرة انحل الحبل وسقطت الجرة، فقال: الحبل ميثاق والجرة إمرأة والماء فتنة والركية مكر وهذا رجل بعثه صاحب له يخطب عليه إمرأة فمكر الرجل وتزوجها، فقال: امرأتك حامل قال: نعم، قال: فإنها تموت ويبقى الولد.
الكيزان: هي الجواري والخدم والمستحبون للنكاح والوطء فمن شرب منها أفاد مالاً من جهنم وانكسار مؤنهم، وقيل من رأى أنه شرب ماء في موضع غير مألوف على ظهر سفرة في إناء مجهولة من يد ساق مجهول، فإنه قد نفد من عمره بقدر ما شرب من الإناء، وربما كان ذلك نفاد رزقه من البلدة الذي هو فيها أو المحلة أو السوق وأشباه ذلك، وكل ماء عذب في إناء فهو مال مجموع حلال.
والبرادة: قيل هي إمرأة رئيسة رفيعة نافعة ذات خدم كثيرة.
والخابية: إمرأة خيرة والشرب منها مال يناله من قبلها.
ومن رأى كأنه استقى ماء وصبه في خابية، فإنه يحتال مالاً ويودعه لامرأة، والخابية تجري مجرى الزير.
زير الماء: وهو الحب يدل على قيم الدار ويدل على مخزنه وحانوته وعلى زوجته الحاملة لمائه والقربة دالة على نحو ما دل عليه.
البربخ: رجل حازم قد جرب السلطان، وإذا جرى الماء فيه، فإنه وال، وإذا لم يجر فيه، فإنه معزول.
الدلو: رجل يستخرج أموالاً بالمكر، فمن رأى أنه يدلو من بئر ماء ويحوي الماء في إنائه، فإنه يحوي مالاً من مكر.
وإن رأى أنه يفرغه في غير إناء، فإنه لم يلبث معه ذلك الماء حتى يذهب وتذهب منافعه عنه، فإن سقاه بستانه، فإنه يصيب به إمرأة ويصيب منها إصابة، فإن أثمر البستان أصاب منها ولداً على نحو ما يرى من تمام ذلك.
وإن رأى بئراً عتيقة فسقى منها إبلاً أو أناساً أو بهائم فهو يعمل خير الأعمال وأشرفها من البر على قدر قوته وجده فيه وهو بمنزلة الراعي الذي يفرغ الماء من البئر على رعيته من الإبل والشاء.
ومن رأى أنه يدلو من بئر عتيقة ويسقي الحيوان فهو مراء لدين أو لدنيا بقدر قوته عليها.
وإن رأى أنه يدلو لنفسه خاصة فهو يبلغ في عمله بمصلحة دنيا بمقدار قوته لنزعة الدلو لدنياه خاصة، وقيل الدلو يدل على من ينسب إلى المطالبة ومنه دلونا إليه بكذا وكذا أو توسلنا فمن أدلى دلوه في بئر نظرت في حاله، فإن كان طالب نكاح نكح فكان عصمته وعهده النكاح والدلو ذكره وماؤه نطفته والبئر زوجته، وإن كان عنده حمل أتاه غلام كما في قوله تعالى ” فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام “. وإلا أفاد فائدة من سفر أو مطلب لأن السيارة وجدوا يوسف عليه السلام حين أدلوا دلوهم فشروه وباعوه بربح وفائدة.
وإن كان المستقي بالدلو طالباً للعلم كانت البئر أستاذه الذي يستقي منه علمه وما جمعه من الماء فهو حظه وقسمه ونصيبه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت كأني على قليب أنزع على غنم سود ثم أخذ أبو بكر الدلو بعد ونزع ذنوباً أو ذنوبين وفي نزعه ضعف والله يغفر له ثم أخذ الدلو من بعده عمر بن الخطاب وخالط الغنم غنم بيض فاستحالت الدلو في يده غرباً فلم أر عبقرياً من الرجال يفري فريك يا إبن الخطاب.
وحكي أن رجلاً أتى إبن عباس، فقال: رأيت كأني أدليت دلواً في بئر وامتلأ ثلثا الدلو وبقي الثلث، فقال: غبت عن أهلك منذ ستة أشهر وامرأتك حامل وستلد لك غلاماً، فقال: ما الدليل قال: لأني جعلت البئر إمرأة والبشارة التي كانت في الجب كان يوسف عليه السلام فعلمت أنه غلام، وأما ثلثا الدلو فستة أشهر والثلث الباقي ثلاثة أشهر، فقال: صدقت قد ورد كتابها بأنها حامل منذ ستة أشهر.
والبكرة: رجل نفاع مؤمن يسعى في أمور الناس من أمور الدنيا والدين، فمن رأى أنه يستقي بها ماء ليتوضأ به، فإنه يستعين برجل مؤمن معتصم بدين الله تعالى لأن الحبل دين، فإن توضأ وتم وضوءه به، فإنه يكتفي كل هم وغم ودين.
البحار والأنهار والسفن
البحر: أما البحر فدال على كل من له سلطان على الخلق كالملوك والسلاطين والجباة والحكام والعلماء والسادات والأرواح لقوته وعظيم خطره وأخذه وعطائه وماله وعلمه ماؤه وموجه رجاله أو صولاته أو حججه وأوامره وسمكه رعيته ورجاله أرزاقه وأمواله أو مسائله وحكمه ودوابه قواده وأعوانه وتلاميذه وسفنه عساكره ومساكنه ونساؤه وأمناؤه وتجارته وحوانيته أو كتبه ومصاحفه وفقهه، وربما دل البحر على الدنيا وأهوالها تعز واحداً وتموله وتفقر آخر وتقتله وتملكه اليوم وتقتله غداً وتمهد له اليوم وتصرعه بعده، وسفنه أسواقها ومواسمها وأسفارها الجارية تغني أقواماً وتفقر آخرين، ورياحه أرزاقها وإقبالها وحوادثها وطوارقها وأسقامها وسمكه رزقها وحيوانه، وربما دل البحر على الفتنة الهائجة المضطربة الفائضة وسفنه عصمة الله تعالى لمن عصم فيها وأمواجه ترادفها وسمكه أهلها الخاطئون فيها الذين لا يرحم صغيرهم كبيرهم بل يأكله ويستأكله ويهلكه إن قدر عليه ودوابه رؤساؤها وقادتها وأهل البأس والسر فيها، وربما دل على جهنم وسفنه كالصراط المنصوب عليها فناج ومخدوش مسلم ومكدوس وغريق في النار وأمواجه زفيرها، فمن رأى نفسه في بحر أو رؤى له ذلك، فإن كان ميتأ فهو في النار لقوله تعالى ” أغرقوا فادخلوا ناراً “. فكيف بالميت إن كان غريقاً، وإن كان مريضاً اشتدت به علته وعظم بحرانه، فإن غرق فيه مات من علته، وإن لم يكن مريضاً داخل سلطاناً إن كان ذلك في الصيف وفي هذه البحر أو يسبح في العلم ويخالط العلماء أو يتسع في الأموال والتجارة على قدر سبحه في البحر واقتداره على الماء، فإن غرق في حاله ولم يمت في غرقه ولا أصابه وجل ولا غم تبحر فيما هو فيه ومنه قولهم غرق فلان في الدنيا وغرق في النعيم والعلم ومع السلطان، فإن مات شي غرقه فسد دينه وساء قصده في مطلوبه لاجتماع المولد والغرق.
ومن رأى إن دخله أو سبح فيه في الشتاء والبرد أو في حين ارتجاجه نزل به بلاء من السلطان إما سجن أو عذاب أو يناله مرض واستسقاء ورياح ضارة أو يحصل في فتنة مهلكة، فإن غرق في حينه قتل في محلته أو فسد دينه في فتنة، ومن أخذ من مائه فشربه أو اقتناه جمع مالاً من سلطان مثله أو كسب من الدنيا نحوه.
ومن رأى أنه دخل البحر فأصابه من قعره وحل أو طين أصابه هم من الملك الأعظم أو من سلطان ذلك المكان، ومن قطع بحراً أو نهراً إلى الجانب الآخر قطع همساً وهولاً أو خوفاً وسلم منه، وقيل من رأى البحر أصاب شيئاً كان يرجوه.
ومن رأى أنه خاض البحر، فإنه يدخل في عمل الملك ويكون منه على غرر، فإن شرب ماءه كله، فإنه يملك الدنيا ويطول عمره ويصيب مثل مال الملك أو مثل سلطانه أو يكون نظيره في ملكه، فإن شربه حتى روي منه، فإنه ينال من الملك مالاً يتمول به مع طول حياته وقوته، فإن استقى منه، فإنه يلتمس من الملك عملاً ويناله بقدر ما استقى منه، فإن صبه في إناء، فإنه يجني مالاً كثيراً من ملك أو يعطيه الله تعالى دولة يجمع فيها مالاً والدولة أقوى وأوسع وأدوم من البحر لأنها عطية الله.
ومن رأى أنه اغتسل من البحر، فإنه يكفر عنه ذنوبه ويذهب همه بالملك، ومن بال في البحر، فإنه يقيم على الخطايا.
ومن رأى البحر من بعيد، فإنه يرى هولاً، وقيل يقرب إليه شيء يرجوه.
ورؤيا البحر هادئاً خير من أن تكون أمواجه مضطربة.
والموج شدة وعذاب لقوله تعالى ” غشيهم موج كالظلل ” وقال تعالى ” وحال بينهما الموج “.
وحكي أن تاجراً رأى كأنه يمشي في البحر ففزع فزعاً شديداً لهيبة البحر فقص رؤياه على معبر، فقال: إن كنت تريد السفر، فإنك تصيب خيراً، وذلك أن رؤياه تدل على ثبات أموره.
ورأى رجل كأن ماء البحر غاض حتى ظهرت حافتاه، فقصها على إبن مسعدة، فقال: بلاء ينزل على الأرض من قبل الخليفة أو قحط في البلدان أو سلب مال الخليفة، فما كان إلا يسيراً حتى قتل الخليفة ونهب ماله وقحطت البلدان.
ومن رأى كأنه أخرج من البحر لؤلؤة استفاد من الملك مالاً أو جارية أو علماً.
ومن رأى أن ماء البحر أو غيره من المياه زاد حتى جاوز الحد وهو معنى المد حتى دخل الدور والمنازل والبيوت فأشرف أهلها على الغرق، فإنه يقع هناك فتنة عظيمة، والأصل في الماء الغالب هم وفتنة لأن الله تعالى سمى غلبته وكثرته طغياناً وقال إن الغرق يدل على ارتكاب مصيبة كبيرة وإظهار بدعة والموت في الغرق موت على الكفر.
وإن رأى الكافر إذا رأى أنه غرق في الماء، فإنه يؤمن لقوله تعالى ” حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت ” الآية.
ومن رأى كأنه غرق وغاص في البحر، فإن السلطان يهلكه.
وإن رأى كأنه غرق وجعل يغوص مرة ويطفو مرة ويحرك يديه ورجليه، فإنه ينال ثروة ودولة.
وإن رأى كأنه خرج منه ولم يغرق، فإنه يرجع إلى أمر الدين، خصوصاً إذا رأى على نفسه ثياباً خضراً، وقيل من رأى أنه مات غريقاً في الماء كاده عدوه والغرق في الماء الصافي غرق في مال كثيرة.
والمشي فوق الماء في بحر أو نهر يدل على حسن دينه وصحة يقينه، وقيل بل يتيقن أمراً هو منه في شك، وقيل يسافر سفراً في خطر على توكل.
ومن رأى كأن الماء يجري على سطحه أصابته بلية من السلطان دالة على رجل المسلط الذي لا يقدر عليه إلا بملاطفة لجريانه وسلطانه، والراكد منه أهون مراماً وألطف أمراً ويدل على المحارب القاطع للطريق، فإن كان مسافراً قطع عليه الطريق لص أو أسد أو عقله عن سفره مطر أو سلطان أو صاحب مكس، وإن كان حاضراً نالته غمة وبلية لقوله تعالى ” مبتليكم بنهر “. وأما سلطان يقدم إليه سيما إن دخل فيه، فإما أن يسجنه أو يأمر بضربه أو يناله حزن إذا كان قد ناله منه وجل أو منعه من الخلاص منه تياره فإما مرض يقع فيه من برد أو استسقاء فكيف إن كان ذلك في الشتاء وكان ماؤه كدراً فهو أشد في جميع ما يدل عليه، فإن قطعه وجاوزه أو خرج منه نجا من كل ما هو فيه من الغم والأسقام، ومن كل ما يدل عليه من البلايا والأحزان.
وكل بحر أو نهر أو واد جف، فإنه ذهاب دولة من ينسب إليه، فإن عاد الماء عادت الدولة.
والبحيرة: تدل على إمرأة ذات يسار تحب المباشرة لأن البحيرة واقفة لا تجري وهي تقتل من يقع فيها ولا تدفعه.
أما السباحة: فمن رأى أنه يسبح في البحر وكان عالماً بلغ في العلم حاجته، فإن سبح في البر، فإنه يحبس وينال ضيقاً في محبسه ويمكث فيه بقدر صعوبة السباحة أو سهولتها وبقدر قوته.
وإن رأى أنه يسبح في واد مستوياً حتى يبلغ موضعاً يريده، فإنه يدخل في عمل سلطان جائر جبار يطلب منه حاجة يقضيها له ويتمكن منه ويؤمنه الله تعالى على قدر جريه في الوادي، فإن خافه، فإنه يخاف سلطاناً كذلك، وإن نجا، فإنه ينجو منه، وإن دخل لجة البحر وأحسن السباحة فيها، فإنه يدخل في أمر كبير وولاية عظيمة ويتمكن من الملك وينال عزاً وقوة، وإن سبح على قفاه، فإنه يتوب ويرجع عن معصية، ومن سبح وهو يخاف، فإنه ينال خوفاً أو مرضاً أو حبساً وذلك بقدر بعده من البر، وإن ظن أنه لا ينجو منه، فإنه يموت في ذلك الهم، وإن كان جريئاً في سباحته، فإنه يسلم من ذلك العمل.
وإن رأى سلطان أنه يريد أن يسبح في بحر والبحر مضطرب بموجه، فإنه يقاتل ملكاً من الملوك، فإن قطع البحر بالسباحة قتل ذلك الملك، وقيل إذا رأى الإنسان كأنه قد نجا من الماء سباحة قبل انتباهه من نومه فهو خير من أن ينتبه وهو في الماء يسبح، وقيل من رأى كأنه يسبح خاصم خصماً وغلب خصمه ونصر عليه.
والنهر الكبير: رجل منيع ذو سلطان ودخول السلطان إليه وصفاء الماء عدل السلطان ورجوع الماء إلى وراء عزل السلطان وعلو الماء فوق المقدار علو من ذلك السلطان فوق مقداره وصعوده السطح قهر السلطان رعيته وإخلاله بالجذوع أسره للرجال وذهاب الماء بالطعام إغارة السلطان على أموالهم وذهابه بالفرش سبيه لنسائهم وحفر النهر إصابة مال، وكذلك الماء فيه، وكذلك رؤية الرجل الماء في بستانه رزق يساق إليه لقوله تعالى ” نسوق الماء إلى الأرض الجرز “.
ومن رأى أنه استقى من نهر فشرب أصاب مالاً من رجل خطير كقدر ذلك النهر.
ومن رأى أنه دخل نهراً فأصابه من قعره وحل أو طين أصابه هم من رجل حاله كحالة ذلك النهر في الأنهار.
ومن رأى أنه قطع نهراً إلى الجانب الآخر قطع هماً أو هولاً أو خوفاً وسلم منه إن كان فيه وحل.
وإن رأى كأنه وقع في ماء ثم خرج منه، فإنه يقع في حزن ثم يخرج منه.
وإن رأى كأنه وثب من النهر إلى شطه، فإنه ينجو من شر السلطان وينال ظفراً على الأعداء لقوله تعالى ” فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه “.
ومن رأى أن ماء الوادي غمره من غير أن يغرق فيه، فإنه يصيبه غم غالب، وإن خرج منه نجا من الغم.
وإن رأى الإنسان كأن ماء النهر يختطفه أو شيئاً من دوابه أو متاعه أو يذهب به، فإنه مضر وخسران له.
وإن رأى كأن يجري إلى بيته نهراً صافي الماء دل على يسار ومال، وقيل إن ذلك للغني علة تصيبه ومنفعة تكون لأهل البيت.
وإن رأى نهراً يجري من بيته والناس يشربون منه، فإنه إن كان غنياً أو ذا شرف فذلك يدل على خير ومنافع تكون منه لأهل البلد يكرمهم وينفق عليهم ويأتي منزله قوم كثيرون محتاجون وينالون منه منفعة، وإن كان صاحب الرؤيا فقيراً، فإنه يطرد إمرأته أو إبنه أو أحداً من بيته بسبب زنا أو فعل قبيح.
وإن رأى أنه يجري إلى بيته ماء صافياً دل على يسار ومال.
وأما دجلة: فمن شرب ماءها، فإنه ينال الوزارة إن كان من أهلها ويصيب مال الوزير.
والفرات: من رأى أنه يشرب من ماء الفرات نال بركة ونفعاً ونعمة.
وإن رأى أن ماء الفرات قد يبس، فإنه يموت الخليفة أو يذهب ماله، وربما وقع التأويل على وزير الخليفة.
والنيل: من رأى أنه شرب من نهر النيل، فإنه ينال ذهباً بقدر ما شرب.
السفينة: دالة على كل ما ينجى فيه مما يدل الغرق عليه لأن الله سبحانه نجى بها نوحاً عليه السلام والذين معه مما نزل بالكفار من الغرق والبلاء، وتدل على الإسلام الذي به ينجى من الجهل والفتنة، وربما دلت على الزوجة والجارية التي تحصن وينجى بها من النار والفتن لأن الله سبحانه سماها جارية، وربما دلت على الوالد والوالدة اللذين كانت بهما النجاة من الموت والحاجة لا سيما إنها كالأم الحاملة لولدها في بطنها، وربما دلت على الصراط الذي عليه ينجو أهل الإيمان من النار، وربما دلت على السجن والهم والعقلة إذا ركدت لقصة يونس عليه السلام.
ومن رأى أنه ركب سفينة في البحر، فانظر إلى حاله ومآل أموره، فإن كان كافراً أسلم سيما إن كان صعد إليها من وسط البحر من بعدما أيقن بالهلاك، وإن كان مذنباً تاب من ذنبه، وإن كان فقيراً استغنى من بعد فقره، وإن كان مريضاً أفاق من مرضه إلا أن يكون ركبها مع الموتى وكان في الرؤيا ما يؤكد الموت فيكون ركوبها نجاة من فتن الدنيا، وإن كان مفيقاً وكان طالب علم صحب عالماً أو استفاد علماً ينجو به من الجهل لركوب موسى مع الخضر عليه السلام في السفينة، وإن رأى ذلك مديون قضى دينه وزال همه، وإن رأى ذلك محروم، ومن قدر عليه رزقه، أتاه الله الرزق من حيث لا يحتسب إذا كانت تجري به في طاووسها فيدل ذلك على الربح وطاووس الإقبال، وإن رأى ذلك عازب تزوج إمرأة أو اشترى جارية تحصنه وتصونه.
وإن رأى فيها ميتاً في دار الحق نجا وفاز برحمة الله تعالى من النار وأهوالها، وكذلك لو رأى من هو في البحر كأنه في المحشر وقد ركب على الصراط أو جازه، فإنه ينجو في سفينته وممره من هول بحره وحوادثه إلا أن يكون أصابه في المنام في ممره من النار سوء، فإنه يناله في البحر مثل ذلك ونحوه، وإن جرت بمسجون نجا من سجنه وتسبب في نجاته، وإن وصل إلى ساحل البحر أو نزل إلى البر كان ذلك أعجل وأسرع وأحسن.
وإن رأى السفينة راكدة وأمواج البحر عاصفة دام سجنه إن كان مسجوناً وطال مرضه إن كان مريضاً ودام تعذر الرزق عليه وعجز عن سفر إن حاول ذلك وتعذر عليه الوصول إلى زوجته إن كان قد عقد عصمتها وفتر عن طلب العلم إن كان طالباً لا سيما إن كان ذلك في الشتاء وارتجاج البحر، وقد يدل ذلك على السجن لما جرى على يونس عليه السلام من الحبس في بطن الحوت حين وقفت سفينته، إلا أن عاقبة جميع ما وصفناه إلى خير إن شاء الله ونجاة لجوهر السفينة وما تقدم لها وفيها من نجاة نوح عليه السلام ونجاة الخضر وموسى عليهما السلام ونجاة السفينة من الملك الغاضب لأن الخضر عابها وخلع لوحاً من ألواحها مع حسن عاقبة يونس عليه السلام من بعد حاله وما نزل به، ولذلك قالوا لو عطبت السفينة أو انفتحت لنجا من فيها إلا أن يخرج راكبها إلى البر أو يسعى به فيه فلا خير فيه، فإن كان مريضاً مات وصار إلى التراب محمولاً حملاً شنيعاً، فإن كان في البحر عطب فيه ولعل مركبه تنكسر لجريانه في غير مجراه، بل من عادته في اليقظة إذا دفع بطاووسه إلى البر انكسر وعطب.
وإن رأى طالب علم أن سفينته خرجت إلى البر ومشت به عليه خرج في علمه وجدله إلى بدعة أو نفاق أو فسوق لأن الفسوق هو الخروج عن الطاعة وأصل البروز والظلم ومنع الشيء في غير مكانه فمن ركوب السفينة من الماء الذي به نجاتها وهو عصمتها إلى الأرض التي ليس من عادتها أن تجري عليها فقد خرج راكبها كذلك عن الحق والعصمة القديمة، فإن لم يكن ذلك فلعله يحنث في زوجته ويقيم معها على حالته أو لعله يعتق جاريته ويدوم في وطئها بالملك أو لعل صناعته تكسد ورزقه يتعذر فيعود يلتمسه من حيث لا ينبغي له، وأما إن جرت سفينته في الهواء على غير الماء فجميع ما دلت عليه هالك إما عسكر لما فيها من الخدمة والريش والعدة، وإما مركوب من سائر المركوبات، وقد تدل على نعش من كان مريضاً من السلاطين والحكام والعلماء والرؤساء، وقيل من رأى أنه في سفينة في بحر داخل ملكاً عظيماً أو سلطاناً.
والسفينة نجاة من الكرب والهم والمرض والحبس لمن رأى أنه ملكها.
وإن رأى أنه فيها كان في ذلك إلا أن ينجو، فإن خرج منها كانت نجاته أعجل، فإن كان فيها وهو على أرض يابسة، كان الهم أشد والنجاة أبعد.
وإن رأى وال معزول أنه ركب في سفينة، فإنه يلي ولاية من قبل الملك الأعظم على قدر البحر ويكون الولاية على قدر أحكام السفينة وسعتها وبعد السفينة من البر بعده من العزل، وقيل إن ركوب السفينة في البحر سفر في شدة ومخاطرة وبعدها من البر بعده من الفرج، وإن كان في أمر، فإنه يركب مخاطرة، فإن خرج منها، فإنه ينجو ويعصي ربه لقوله تعالى ” فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون “. فإن كان صاحب الرؤيا قد ذهبت دولته أو كان تاجراً قد ضاعت تجارته، فإن السفينة رجوع ذلك، فإن غرقت السفينة وتعلق منها بلوح، فإن السلطان يغضب عليه إن كان والياً ثم ينجو وترجع إليه الولاية، وإن كان تاجراً فهو نقصان ماله ويعوض عنه، وإن غرقت فهو بمنزلة الغريق.
ومن رأى أنه في سفينة في جوف البحر، فإنه يكون في يدي من يخافه ويكون موته نجاة من شر ما يخافه، وغرق سفينته وتفرق ألواحها مصيبة له فيمن يعز عليه، وقيل إن غرق السفينة سفر في سلامة لقوله تعالى ” سخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره “.
ورؤيا السفينة المشحونة بالناس سلامة لمن كان فيها في سفر لقوله تعالى ” فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون “.
وأخذ مجداف السفينة إصابة علم أو نيل مال من ذي شوكة، وأخذ حبل السفينة حسن الدين وصحبة الصالحين من غير أن يفارقهم لقوله تعالى ” واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا “.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأني في سفينة سوداء لم يبق منها إلا الحبال، قال: أنت رجل لم يبق من دينك إلا الإخلاص وحبال السفينة أصحاب الدين.
الذهب والفضة وسائر المعادن والجواهر
أما معادن الأرض فتدل على الكنوز وعلى المال المحبوس وعلى العلم المكنوز وعلى الكسب المخزون لأنها ودائع الله في أرضه أودعها لعباده لمصالحهم في دنياهم ودينهم فمن وجد منها معدناً أو معدنين أو معادن مختلفة نظرت في حاله، فإن كان حراثاً زراعاً بشرته عن عامه بكثرة الكسب مما تظهر الأرض له من باطنها وأفلاذ كبدها من فوائدها وغلاتها، وإن كان طالباً للعلوم بشرته بنسلها ومطالعتها والظفر بها، فإن أباحها للناس في المنام وامتارها الأنام بسببه في الأحلام دل ذلك على ما يظهر من علمه بالكلام وما ينشره من السنن والأعلام، فإن كان سلطاناً في بحر عدوه أو معروفاً بالجهاد فتح على عددها مدناً من مدن الشرك وسبى المسلمون منها وغنموا، وإن كان كافراً بدعياً ورئيساً في الضلال داعياً كانت تلك فتناً يفتحها على الناس وبلايا ينشرها في العباد لأن الله سبحانه سمى أموالنا وأولادنا فتنة في كتابه ومعادن الأرض أموال صامتة مرقوبة قارة كالعين المدفونة.
الذهب: لا يحمد في التأويل لكراهة لفظه وصفرة لونه وتأويله حزن وغرم مال والسوار منه إذا لبسه ميراث يقع في يده، فمن رأى أنه لبس شيئاً من الذهب، فإنه يصاهر قوماً غير أكفاء، ومن أصاب سبيكة ذهب ذهب منه ماله أو أصابه هم بقدر ما أصاب من الذهب أو غضب عليه سلطان وغرمه.
وإن رأى أنه يذهب الذهب خاصم في أمر مكروه ووقع في ألسنة الناس.
ومن رأى بيته مذهب أو من ذهب وقع فيه الحريق.
ومن رأى عليه قلادة أو فضة أو خرز أو جوهر ولي ولاية وتقلد أمانة.
ومن رأى عليه سوارين من ذهب أو فضة أصابه مكروه مما تملك يداه والفضة خير من الذهب ولا خير في السوار والدملج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت كأن في يدي سوارين من ذهب فنفختها فسقطا فأولتهما مسيلمة الكذاب والعنسي صاحب صنعاء.
ومن رأى أن عليه خلخالاً من ذهب أو فضة أصابه خوف أو حبس وقيد، ويقال خلاخيل الرجال قيودها وليس يصلح للرجال شيء من الحلي في المنام إلا القلادة والعقد والخاتم والقرط، والحلي كله للنساء زينة، وربما كان تأويل السوار والخلخال الزوج خاصة.
والذهب إذا لم يكن مصوغاً فهو غرم، وإذا كان مصوغاً فهو أضعف في الشر لدخول اسم آخر عليه، وقيل إن حلي النساء يدل للنساء على أولادهن فذهبه ذكورهن وفضته إناثهن، وقد يدل المذكر منه على الذكور والمؤنث منه على الإناث.
وحكي أن إمرأة أتت معبراً، فقالت: رأيت كأن لي طستاً من ذهب إبريز، فانكسرت واندفعت في الأرض فطلبتها فلم أجدها، فقال: ألك عبد مريض أو أمة قالت: نعم قال: إنه يموت.
ورأى إنسان كأن عينيه من ذهب فعرض له ذهاب بصره.
ومن رأى كأنه أصاب طستاً من ذهب أو إبريقاً أو كوزاً وله عروة فهو خادم يشتريه أو إمرأة يتزوجها أو جارية فيها سوء خلق، وقيل من رأى كأنه يستخدم أواني الذهب والفضة، فإنه يرتكب الآثام وما رأى من ذلك للموتى أهل السنة فهو بشارة لقوله تعالى ” يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب “.
الفضة: مال مجموع والنقرة منه جارية حسناء بيضاء ذات جمال لأن الفضة من جوهر النساء، فمن رأى أنه استخرج فضة نفرة من معدنها، فإنه يمكر بامرأة جميلة، فإن كانت كبيرة أصاب كنزاً.
وإن رأى أنه يذيب فضة، فإنه يخاصم إمرأته ويقع في ألسن الناس.
وأما الدنانير: فإن الدينار الأحمر العتيق الجيد دين حنيفي خالص والدينار الواحد ولد حسن الوجه والدنانير كنز وحكمة أو ولاية وأداء شهادة، فمن رأى أنه ضيع ديناراً مات ولد أو ضيع صلاة فريضة، والدنانير الكثيرة إذا دفعت إليك أمانات وصلوات.
ومن رأى أنه ينقل إلى منزله أوقار دنانير فهو مال ينقل إليه لقوله تعالى ” فالحاملات وقرا “.
وإن رأى في يده ديناراً، فإنه قد ائتمن إنساناً على شيء فخانه.
والبهرج دين فيه خلاف والمطلية قلة دين وكذب وزور، وقيل إن ابن سيرين كان يقول: الدنانير كتب تجيء أو صكاك يأخذها، وإن كانت الدنانير خمسة فهي الصلوات الخمس، وربما كان الدينار الواحد المفرد ولداً.
وجميع لباس الحلي محمود للنساء وهو لهن زينة وأمور جميلة، وربما دل على ما تفتخر به النساء، وربما دل على أولادهن المذكر منه ذكر والمؤنث منه أنثى وجميعه للرجال مذموم مكروه إلا مالا ينكر لباسه عليهم.
الدراهم: الدراهم الجياد دين وعلم وقضاء حاجة أو صلاة والنقية دنيا صاحب الرؤيا ومعاملته كل أحد على الوفاء وبقاء الكسب والأمانة، والصحاح ونثارها على رجل سماع كلام حسن صحيح، وعددها أعداد أعمال البر لأنها مكتوب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله ولا تتم الأعمال إلا بذكر الله تعالى.
وإن رآها إنسان، فإنه يتم له أمر الدين والدنيا.
وإن رأى معه صحاحاً واسعة حساناً، فإنه دين، فإن كان من أبناء الدنيا نال دنيا واسعة ورزقاً حسناً، وإن كانت إمرأة حبلى ولدت غلاماً حسناً، والدراهم الكثيرة إذا أصابها إفادة خير كثير من فرح وسرور.
وإن رأى أن له على إنسان دراهم جياداً صحاحاً، فإنه له عليه شهادة حق، وإن طالبه بها فهو مطالبته إياه بالشهادة، فإن ردها كذلك فهو شهادة بالحق والصحة، فإن ردها مكسرة مال في الشهادة، فإن ضيع درهماً حسناً، فإنه ينصح جاهلاً ولا يقبل منه.
والدراهم المزغلة تدل على غش وكذب وخلاف وخيانة في المعيشة أو اجتراء على الكبائر والتي لا نقش فيها كلام ليس فيه ورع، والتي نقشها صور بدعة في الدين وفسق والمقطعة خصومة لا ينقطع، وقيل بل ينقطع فيها المقال، وأخذها خير من دفعها لأن دفعها هم، فإن سرق درهماً وتصدق به، فإنه يروي مالا يسمعه.
وإن رأى معه عشرة دراهم فصارت خمسة نقص ماله.
وإن رأى خمسة صارت عشرة تضاعف ماله، وقيل الدراهم في الرؤيا دليل شر وجميع ما ختم بالسكة، وقيل الدراهم تدل على كلام تواتر في الأشياء الجليلة، وقيل الدراهم كلام وخصومة إذا كانت بارزة، فإن أعطى دراهم في صرة أو كيس استودع سراً، وربما كان الدرهم الواحد ولداً والفلوس كلام رديء وصعب والدراهم الجياد كلام حسن والدراهم الرديئة كلام سوء.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأني في كمي دينارين فسقطا فكنت أطلبهما، فقال: أنظر قد فقدت من كتبك شيئاً، قال فنظرت فإذا قد فقدت حجتين.
وحكي أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: رأيت كأني أصبت أربعة وعشرين ديناراً معدودة فضيعتها كلها فلم أجد منها إلا أربعة، فقال: أنت تصلي وحدك وتضيع الجماعات.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأني أصبت درهماً كسروياً، فقال: تنال خيراً فلم يمس حتى أفاده، ثم أتى آخر، فقال: رأيت كأني أصبت درهماً عربياً، فقال له إنك تضرب، فعرض له أنه ضرب مائة مقرعة، فقيل لابن سيرين كيف عرفت ذلك، فقال: إن الكسروي عليه ملك وتاج والعربي عليه ضرب هذا الدرهم.
وأتاه آخر، فقال: رأيت كأني أضرب الدراهم، فقال: أشاعر أنت، فقال: نعم.
ورأى رجل كأنه وضع درهماً تحت قدمه وكان هذا الدرهم منقوش عليه اسم الله تعالى فقص رؤياه على معبر، فقال: إنك سترتد عن الدين، فارتاع صاحب الرؤيا وقام فقصد الجهاد ليسلم دينه، فلما أن تراءي الجمعان أسرته الكفار وضرب بألوان العذاب إلى أن ارتد عن دينه.
وجاء رجل آخر، فقال: كأني أطأ وجه النبي صلى الله عليه وسلم بقدمي، فقال له ابن سيرين: بت البارحة وخفك في رجلك قال نعم، قال انزعه، فنزعه فسقط منه درهم عليه اسم الله واسم رسول الله.
الكنز: يدل على حمل المرأة لأن الذهب غلمان والفضة جواري، وربما دل على مال بكثرة أو علم للعالم، ورزق للتاجر وولاية لأهلها في عدل، وقد قيل أن الكنز يدل على الاستشهاد والكنوز أعمال ينالها الإنسان في بلاد كثيرة، وقيل من رأى كأنه وجد كنزاً فيه مال فيدل على شدة تصيبه.
وحكي أن إمرأة رأت بنتاً لها ميتة، فقالت لها: يا بنية أي الأعمال وجدت خيراً، فقالت: عليك بالجوز فاقسميه في المساكين، فقصت رؤياها على ابن سيرين، فقال: لتخرج هذه المرأة الكنز الذي عندها فلتتصدق به، فقالت المرأة: استغفر الله إن عندي كنزأ دفنته من أيام الطاعون.
ورأى رجل ثلاث ليال متواليات كأنه أتاه آت، فقال له اذهب إلى البصرة، فإن لك بها كنزاً فاحمله فلم يتلفت إلى رؤياه حتى صرح له بالقول في الليلة الثالثة فعزم على الذهاب إلى البصرة وجمع أمتعته، فلما أن وردها جعل يطوف في نواحيها مقدار عشرة أيام فلم يظهر له شيء وأيس ولام نفسه على ما تجشم فدخل يوماً خربة فرأى فيها بيتاً مظلماً ففتشه فوجد فيه دفتراً فأخرجه ونظر فيه فلم يعلم منه شيئاً وقد كان مكتوباً بالعبرانية ولم يجد أحداً بالبصرة يقرأه، فانطلق به إلى شاب في بغداد، فلما نظر فيه الشاب طلب منه أن يبيعه إياه فأبى وقال: ترجمه بالعبرانية لي لأدفعه من بعد إليك فترجمه له وكان ذلك الكتاب في التعبير.
التاج: وأما التاج إذا رأته المرأة على رأسها، فإنها تتزوج برجل رفيع ذي سلطان أو غني، وإن كانت حاملاً ولدت غلاماً، وإن رآه رجل على رأسه، فإنه ينال سلطاناً أعجمياً، فإن دخل عليه ما يصلحه سلم دينه وإلا كان فيه ما يفسد الدين لأن لبس الذهب مكروه في الشرع للرجال وقد يكون أيضاً زوجة ينكحها رفيعة القدر غنية موسرة، وإن رأى ذلك من هو مسجون في سجن السلطان، فإنه يخرجه ويشرف أمره معه كما شرف أمر يوسف عليه السلام مع الملك إلا أن يكون له والد غائب، فإنه لا يموت حتى يراه فيكون هو تاجه والتاج المرصع بالجوهر خير من التاج الذهب وحده.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأن على رأسي تاجاً من ذهب، فقال له: إن أباك في غربة وقد ذهب بصره فورد عليه الكتاب بذلك وقال إن التاج على رأس الرجل رئيسه الذي كان فوقه وقد ذهب عنه شيء يعز عليه وأعز ما عليه بصره.
والإكليل: يجري مجرى التاج، وقيل هو مال زائد وعلم وولد يرزقه والإكليل للمرأة زوج أعجمي وللرجال ذهاب ما ينسب إليه لأن الذهب مكروه.
وإن رأى تاجر وضع الإكليل عن رأسه أو سلبه، فإنه يذهب ماله، فإن وضعه ذو سلطان أصابه خطأ في دينه.
وإذا رأى الملك أن إكليله أو تاجه وضع عن رأسه أو سلب زال ملكه.
القرط في الأذن: أما القرط للرجال، فإنه يعمل عملاً من السماع ولذة الأذن لا تليق إلا بالنساء كالغناء وضرب البربط وإلا فعل ما لا ينبغي له فيغني بالقرآن، فإن لم يكن في شيء من ذلك نظرت إلى الحامل من أهله إما زوجته أو ابنته، فإنها تلد غلاماً إن كان القرط ذهباً، وإن كان القرط فضة ولدت أنثى.
ومن رأى إمرأة أو جارية في أذنيها قرط أو شنف، فإنه يظهر له تجارة في كورة عامرة نزهة فيها إماء وجوار مدللات مزينات لأن المرأة والجارية تجارة والأذن التي وضع عليها القرط إماء ونساء.
وإن رأى في أذنيه قرطين مرصعين باللؤلؤ، فإنه يصيب من زينة الدنيا وجمالها لأن جمال كل شيء اللؤلؤ ويرزق القرآن والدين وحسن الصوت وكمالاً في أموره، فإن كان مع ذلك شنف، فإنه يرزق بنتاً.
وإن رأت إمرأة حبلى ذلك، فإنها ترزق ولداً ذكراً، والقرط والشنف للرجال والنساء سواء، وإن كان القرط من ذهب فرجل مغن، وإن كان من فضة، فإنه يحفظ نصف القرآن.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأن في إحدى أذني قرطاً، فقال له: كيف غناؤك، فقال إني لحسن الصوت.
الخاتم: وأما الخاتم فدال على ما يملكه ويقدر عليه فمن أعطي خاتماً أو اشتراه أو وهب له نال سلطاناً أو ملك ملكاً إن كان من أهله لأن ملك سليمان عليه السلام كان في خاتمه وأيضاً، فإنه مما تطبع به الملوك كتبها والأشراف خزائنها، وقد يكون من الملك داراً يسكنها ويدخلها أو يملكها وفصه بابها وقد يكون إمرأة يتزوجها فيملك عصمتها ويفتض خاتمها أو يولج أصبح بطنه فيها ويكون فصه وجهها وقد يكون أخذ الخاتم من الله عز وجل للزاهد العابد أماناً من الله تعالى من السوء عند تمام الخاتمة وأخذه من النبي صلى الله عليه وسلم أو من العالم بشارة بنيل العلم وكل هذا ما كان الخاتم فضة، وأما إن كان ذهباً فلا خير فيه، وكذلك إن كان حديداً لأنه حلية أهل النار أو نحاساً لما في إسمه من لفظ النحس وما يصنع منها من خواتيم الجن نعوذ بالله من الشر كله، وقيل الخاتم يدل أيضاً على الوالد والمرأة أو شراء جارية أو دار أو دابة أو مال أو ولاية، وإن كان من ذهب فهو للرجل ذل، وقيل من رأى أنه لابس خاتم من حديد، فإنه يدل على خير يناله بعد تعب، وإن كان من ذهب وله فص، فإنه جد.
والخواتم المفرغة والمصمتة هي أبداً خير والمنفوخة التي في داخلها حشو تدل على اغتيال ومكر لأن فيها شيئاً خفياً أو تدل على رجاء لشيء عظيم ومنافع كثيرة لأن عظمها أكبر من وزنها.
ورؤيا الخواتيم من قرن أو عاج محمودة للنساء، وقيل الخاتم سلطان كبير والحلقة أصل الملك والفص هيبته والختم نفاذ السلطان وماله وولاية والخاتم أمره ونهيه والنقش فيه مراده ومنيته، فمن رأى أن الملك طبع بطابعه نالت السلطان من سلطانه سريعاً لا يخالفه لأن الطابع أقوى من الخاتم.
ومن رأى أنه لبس خاتماً من فضة، فأنفذه حيث أراد وجاز له ذلك، فإنه يصيب سلطاناً.
ومن رأى أنه يختم بخاتم الخليفة وكان من بني هاشم أو من العرب، فإنه ينال ولاية جليلة، فإن كان من الموالي أو يكون له أب، فإنه يموت أبوه ويصير خلفاً، وإن لم يكن له أب، فإنه ينقلب أمره إلى خلاف ما يتمنى، وإن رأى ذلك خارجي نال ولاية باطلة.
ومن رأى أنه وجد خاتماً صار إليه مال من العجم أو ولد له ولد أو تزوج.
ومن رأى فص خاتمه تقلقل أشرف سلطانه على العزل.
وإن رأى فصه سقط مات ولده أو ذهب ببعض ماله، ومن انتزع خاتمه وكان والياً فهو عزله أو ذهاب ملكه أو طلاق امرأته، ويكون ذلك للمرأة موت زوجها أو أقرب الناس إليها، وقيل إن الخاتم إذا لبسه الإنسان تجدد له شيء مما ينسب إلى الخاتم.
ومن رأى الحلقة انكسرت وذهبت وبقي الفص، فإنه يذهب سلطانه ويبقى إسمه وذكره وجماله.
والخاتم من ذهب يدل على بدعة ومكروه في الدين وخيانة في ملكه ويجور في رعيته.
والخاتم من حديد يدل على سلطان شجاع أو تاجر بصير ولكنه خامل الذكر.
والخاتم من رصاص يدل على سلطان فيه وهن.
والخاتم ذو الفصين يدل على سلطان ظاهر وباطن، فإن كان ذا الخاتم مما ينسب إلى التجارة فهو ربح، وإن كان منسوباً إلى العلم، فإنه يداوي أصحاب الدين والدنيا.
وضيق الخاتم يدل على الراحة والفرج، ومن استعار خاتماً، فإنه يملك شيئاً لا بقاء له، ومن أصاب خاتماً منقوشاً، فإنه يملك شيئاً لم يملكه قط مثل دار أو دابة أو إمرأة جارية أو ولد.
وإن رأى خواتيم تباع في السوق فهو بيع أملاك رؤساء الناس.
وإن رأى السماء تمطر خواتيم، فإنه ومن تختم بخاتم في خنصره ثم نزعه عنها وأدخله في غيره، فإنه يقود على إمرأته ويدعو إلى الفساد.
وإن رأى أن خاتمه الذي كان في خنصره مرة في بنصره ومرة في الوسطى من غير أن حوله، فإن إمرأته تخونه، ومن باع خاتمه بدراهم أو دقيق أو سمسم، فإنه يفارق إمرأته بكلام حسن أو مال.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأن خاتمي انكسر، فقال إن صدقت رؤياك طلقت امرأتك، فلم يلبث إلا ثلاثة أيام حتى طلقها.
وجاءه رجل، فقال: رأيت كأن في يدي خاتماً أختم به في أفواه الرجال وأرحام النساء، فقال أنت رجل مؤذن تؤذن في غير الوقت في شهر رمضان فتحرم على الناس الطعام والمباشرة.
ومن رأى أنه ختم لرجل على طين، فإن المختوم له ينال سلطاناً من صاحب الخاتم.
ومن رأى أن ملكاً أو سلطاناً أعطاه خاتمه فلبسه وكان أهلاً لذلك نال سلطاناً وإلا رجع ذلك في قوم الذي رآه أو عشيرته أو سميه في الناس أو نظيره فيهم وبيع الخاتم فراق المرأة.
والفص: ولد، فإن كان فص خاتمه من جوهر، فإنه سلطان مع جاه وبهاء ومال كثير وذكر وعز، فإن كان فصه من زبرجد، فإن كان سلطاناً، فإنه شجاع مهيب قوي، وإن كان في الولد، فإنه ولد مهذب راجح كيس، وإن كان فصه خرزاً، فإنه سلطان ضعيف مهين، وإن كان الفص ياقوتاً أخضر، فإنه يولد له ولد مؤمن عالم فهم، وإن كان فص ياقوت أحمر وكان يتوقع ولداً ولد له بنت، وإن أراد التزويج تزوج إمرأة حسناء جميلة ذات دين لقوله تعالى ” كأنهن الياقوت والمرجان “. والخاتم من خشب إمرأة منافقة أو ملك من نفاق، فإن أعطيت إمرأة خاتماً، فإنها تتزوج أو تلد.
المخنقة: للرجال تؤول بالخناق وللمرأة زينة وولد من زوج جوهري، وإن كانت من صفر فمن زوج أعجمي، وإن كانت من خرز، فإنه من زوج دنيء، فإن كانت مفصلة من جوهر ولؤلؤ وزبرجد، فإنها تتزوج بزوج رفيع وتلد منه بنتين وتجد مناها فيه.
الصفحة القادمة
السوق والمسجد ومرافق المدينة
السوق: تدل على المسجد كما يدل المسجد على السوق لأن كليهما يتجر فيه ويربح، وقد يدل على ميدان الحرب الذي يربح فيه قوم ويخسر فيه قوم وقد سمى الله تعالى الجهاد تجارة في قوله ” هل أدلكم على تجارة تنجيكم “. فأهل الأسواق يجاهدون بعضهم بعضاً بأنفسهم وأموالهم، وربما دلت على مكان فيه ثواب أجر وربح كدار العلم والرباط وموسم الحج، ومما يباع في السوق يستدل على ما يدل عليه، وكل ذلك ما كانت السوق مجهولة فسوق اللحم أشبه شيء بمكان الحرب ما يسفك فيه من الدماء وما فيه من الحديد، وسوق الجوهر والبز أشبه شيء بحلق الذكر ودور العلم، وسوق الصرف أشبه شيء بدار الحاكم لما فيها من تصاريف الكلام والوزن والميزان، فمن رأى نفسه في سوق مجهولة قد فاتته فيها صفقة أو ربح في سلعة، فإن كان في اليقظة في جهاد فاتته الشهادة وولى مدبراً، وإن كان في حج فاته أو فسد عليه، وإن كان طالباً للعلم تعطل عنه أو فاته فيه موعداً وطلبه لغير الله، وإن لم يكن في شيء من ذلك فاتته الصلاة الجماعة في المسجد.
ومن رأى أنه يسرق في سوقه في بيعه وشرائه، فإن كان مجاهداً غل، وإن كان حاجاً محرماً اصطاد أو جامع أو تمتع، وإن كان عالماً ظلم في مناظرته أو خان في فتاويه وإلا رأى بصلاته أو سبق إمامه فيها بركوعه أو سجوده أو لم يتم هو ذلك في صلاة نفسه لأن ذلك أسوأ السرقة كما في الخبر.
وأما السوق المعروفة، فمن رآها عامرة بالناس أو رأى حريقاً وقع فيها أو ساقية صافية تجري في وسطها أو كان التبن محشواً في حوانيتها أو ريحاً طيبة تهب من خلالها درت معيشة أهلها وأتتهم أرباح وجاءهم نفاق.
وإن رأى أهل السوق في نعاس أو الحوانيت مغلقة أو كان العنكبوت قد نسج عليها أو على ما يباع كان فيها كساد أو نزلت بأهلها عطلة.
وإن رأى سوقاً انتقلت انتقلت حالة المنتقل إلى جوهر ما انتقلت إليه كسوق البز ترى القصابين فيه، فإنه يكثر أرباح البزازين في افتراق المتاع وخروجه.
وإن رأى فيه أصحاب الفخار والقلال قلت أرباحهم وضعفت مكاسبهم.
وإن رأى فيه أصحاب هرائس ومقالي نزلت فيه محنة إما عن حريق أو نهر أو هدم أو نحوه، وقيل السوق الدنيا واتساع السوق اتساع الدنيا، وقيل السوق تدل على اضطراب وشغب بسبب من يجتمع إليها من العامة، فأما من تعيش من السوق، فإنه دليل خير إذا رأى فيها خلقاً كبيراً أو شغلاً فأما إذا كانت السوق هادئة دلت على بطالة السوقيين.
والحانوت: يدل على كل مكان يستفيد المرء فيه فائدة في دنياه وأخراه كبستانه وفدانه ونخلته وشجرته وزوجته ووالده ووالدته أو كتابه من قول العامة لمن اعتمد مكاناً للفائدة جعله حانوته، فمن رأى حانوته انهدم، فإن كان والده مريضاً مات لأن معيشته منه، وإن كانت أمه مريضة هلكت لأنها كانت تربيه بلبنها وتقويه بعيشها، وكانت زوجته حاملاً أو سقيمة ماتت لأنها دنياه ولذته ومتعته، ومن في بطنها ماؤه وولده الذي هو في التأويل ماله، فإن لم يكن شيء من ذلك تعذرت عليه معيشته وتعطلت عليه الأماكن التي بها قوامه.
ومن رأى أنه يكسر باب حانوت، فإنه يتحول منه.
وإن رأى أبواب الحوانيت مغلقة نالهم كساد في أمتعتهم وانغلاق في تجارتهم.
وإن رأى أبوابها مسدودة ماتوا وذهب ذكرهم.
وإن رآها مفتحة تفتح عليهم أبواب التجارة.
الخان والفندق: فندق الرجل يدل على ما تدل عليه داره من جسمه ومجده وإسمه وذكره وحمامه وفرنه ومجلس قضائه فما جرى عليه عاد عليه، وأما المجهول منها فدال على السفر لأنه منزلهم، وربما دل على دار الدنيا لأنها دار سفر يرحل منها قوم وينزل آخرون، وربما دل على الجباية لأنها منزل من سافر عن بيته وخرج عن وطنه إلى غير بلاده وهو في حين غربته إلى أن يخرج منها مع صحابته وأهل رفقته، فمن رأى كأنه دخل في فندق مجهول مات إن كان مريضاً أو سافر إن كان صحيحاً أو انتقل من مكان إلى مكان، فأما من خرج من فندق إلى فندق فركب دابة عند خروجه أو خرج بها من وسطه نظرت إلى حاله، فإن كان مريضاً خرج محمولاً، وإن كان في سفر تحرك منه وسافر عنه، وكذلك إن رأى رفقة نازلة في فندق مجهول ركباناً أو خرجوا منه كذلك، فإنه يكون وباء في الناس أو الرفاق كما تقدم، أو يخرج بفرق بين الأمرين بأهل الرفقة وأحوالهم في اليقظة ولما لهم ومعروفهم ومجهولهم وبرهم ومراكبهم.
السجن: يدل على ما يدل عليه الحمام، وربما دل على المرض المانع من التصرف والنهوض، وربما دلت على العقلة عن السفر، وربما دل على القبر، وربما دل على جهنم لأنها سجن العصاة والكفرة ولأن السجن دار العقوبة ومكان أهل الجرم والظلم، فمن رأى نفسه في سجن، فانظر في حاله وحال السجن، فإن كان مريضاً والسجن مجهولاً فذلك قبره يحبس فيه إلى القيامة، وإن كان السجن معروفاً طال مرضه ورجيت إفاقته وقيامه إلى الدنيا التي هي سجن لمثله لما في الخبر إنها سجن المؤمن وجنة الكافر، وإن كان المريض مجرما فالسجن المجهول قبره والمعروف دالة على طول إقامته في علته ولم ترج حياته إلا أن يتوب أو يسلم في مرضه.
وإن رأى ميتاً في السجن، فإن كان كافراً فذاك دليل على جهنم، وإن كان مسلماً فهو محبوس عن الجنة بذنوب وتبعات بقيت عليه، وأما الحي السليم إذا رأى نفسه في سجن، فانظر أيضاً إلى ما هو فيه، فإن كان مسافراً في بر أو سفينة أصابته عقلة وعاقة بمطر أو رياح أو عدو أو حرب أو أمر من سلطان، وإن لم يكن مسافراً دخل مكاناً يعصي الله فيه كالكنيسة ودار الفكر والبدع أو دار زانية أو خمار كل إنسان على قدره، وما في يقظته مما ينكشف عند المسألة أو يعرف عنه بالشهرة أو بزيادة منامه من كلامه وأفعاله في أحلامه، وقيل من رأى أنه اختار لنفسه، فإن إمرأة تراوده عن نفسه والله يصرف عنه كيدها ويبلغه مناه لقوله تعالى ” رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه “.
وحكي أن سابور بن أردشير في حياة والده رأى كأنه يبني السجون ويأخذ الخنازير والقردة من الروم فيدخلها فيه وكان عليه أحد وثلاثون تاجاً فسأل المعبر عنه، فقال: تملك إحدى وثلاثين سنة، وأما بناء السجون فبعددها تبني مدائن وتأخذ الروم وتأسر منهم، فكان كذلك، كأنه بعد موت أبيه أخذ ملك الروم وبنى مدينة نيسابور ومدينة الأهواز ومدينة ساوران.
المزبلة: هي الدنيا وبها شبهها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف عليها، والزبل الماء لأنه من تراب الأرض وفضول ما يتصرف الخلق فيه ويتعيشون به من عظام وخزف ونوى وتبن ونحو ذلك مما هو في التأويل أموال، فمن رأى نفسه على مزبلة غير مسلوكة، فانظر إلى حاله وإلى ما يليق به في أعماله، فإن كان مريضاً أو خائفاً من الهلاك بسبب من الأسباب بشرته بالنجاة أو بالقيام إلى الدنيا المشبهة بالمزبلة، وإن رأى ذلك فقير استغنى بعد فقره وكسب أموالاً بعد حاجته، وإن كان له من يرجو ميراثه ورثه لأن الزبل من جمع غيره، ومن غير كسبه.
والمزبلة مثل مال مجموع من ههنا، ومن ههنا بلا ورع ولا نحر لكثرة ما فيها من التخليط والأوساخ والقاذورات، وإن كان أعزب تزوج، وكان الأزبال شوارها وقشها المقشش من كل ناحية والمشترى من كل مكان والمستعار من كل دار، فإن لم تكن ذلك فالمزبلة دكانه وحانوته ولا يعدم أن يكون صرافاً أو خماراً أو سفاطاً أو من يعامل الخدم والمهنة كالفران، وإن كان يليق به القضاء والملك والجباية والقبض من الناس ولي ذلك وكانت الأموال تجيء إليه والفوائد تهدى إليه والمغارم والمواريث لأن الزبل لا يؤتى به إلى المزبلة إلا من بعد الكنس.
والكنس دال على الغرم وعلى الهلاك والموت، وربما كانت المزبلة للملك بيت ماله وللقاضي دار أمينة وصاحب ودائعه، وأما من يقرأ فوق مزبلة، فإن كان والياً عزل، وإن كان مريضاً مات، وإن كان فقيراً تزهد وافتقر.
الطرق الجادة: الطريق هو الصراط المستقيم والصراط هو الدين والاستقامة، فمن يسلك فيه فهو على الطريق المستقيم ومنهاج الدين وشرائع الإسلام ومتمسك بالعروة الوثقى من الحق، فإن ضل الطريق فهو متحير في أمر نفسه ودينه.
وإن رأى أنه يمشي مستوياً على الطريق، فإنه على الحق، فإن كان صاحب دنيا، فإنه يهدي إلى تجارة مربحة.
وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: رأيت كأني أخذت جواد كثيرة فاضمحلت حتى بقيت جادة واحدة فسلكتها حتى انتهيت إلى جبل فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقه إلى جنبه أبو بكر رضوان الله عليه قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون.
وأما الطريق المضلة: ضلالة لسالكها، فإن استرشد وأصاب عاد إلى الحق.
والطريق الخفي: غرور وبدعة.
والطريق المنعرج: إنحراف في المذاهب والأعمال.
وأما السراب: فمن رأى سراباً، فإنه يسعى في أمر قد طمع فيه لا يحصل له منه مقصود لقوله تعالى ” كسراب بقيعة “.
بئر الكنيف: تدل على المطمورة وعلى المخزن وعلى الكيس لما فيها من العذرة الدالة على المال فمن كنسها ورمى بما فيها من العذرة باع ما عنده من السلع الكاسدة أو بعث بماله في سفر أو عامل به نسيئة إن كان ذلك شأنه إذا حمل فيها في الجرار، وإن صب في القناة أو وجدها لا شيء فيها ذهب ماله ودناه فقره، وإن كان فقيراً ذهب همه ونقص حزنه حزن الفقر لكنسها عند إمتلائها في يقظته، وقد يدل على الدين، فإن كان مديوناً قضى دينه لأنها حش.
وإن رأى أنه بال فيها لبناً أو عسلاً أتى دبراً حراماً إن كانت مجهولة، وإن كانت في داره صنع ذلك مع أهله.
الجبانة: تدل على الآخرة لأنها ركابها وإليها يمضي بمن وصل إليها وهي محبس من وصل إليها، وربما دلت على دار الرباط والنسك والعبادة والتخلي من الدنيا والبكاء والمواعظ لأنه أهلها في تزاويهم عن الناس عبرة لمن زارهم وموعظة لمن رآهم وانكشف إليه أحوالهم وأجسامهم المنهوكة وفرقهم المسحوقة وقد سماها النبي صلى الله عليه وسلم حين دخلها وسلم على ساكنيها: دار قوم مؤمنين، وربما دلت على الموت لأنه داره، وربما دلت على دار الكفار وأهل البدع ومحلة أهل الذمة لأن من فيها موتى، والموت في التأويل فساد الدين، وربما دلت على دور المستخفين بالأعمال المهلكة والفساد كدور الزناة ودور الخمور التي فيها السكارى مطرحين كالموتى ودور الغافلين الذين لا يصلون ولا يذكرون الله تعالى ولا ترفع لهم أعمال، وربما دلت على السجن لأن الميت مسجون في قبره فمن دخل جبانة في المنام وكان مريضاً في اليقظة صار إليها ومات من علته ولا سيما إن كان فيها بيتاً أو داراً، فإن لم يكن مريضاً، فانظر، فإن كان في حين دخوله متخشعاً باكياً بعينه أو تالياً لكتاب الله تعالى أو مصلياً إلى القبلة، فإنه يكون مداخلأ لأهل الخير وحلق الذكر ونال نسكاً وانتفع بما يراه أو يسمعه، وإن كان حين دخوله ضاحكاً أو مكشوف السوأة أو بائلاً على القبور أو ماشياً مع الموتى، فإنه يداخل أهل الشر والفسوق وفساد الدين يخالطهم على ما هم عليه، وإن دخلها بالأذان وعظ من لا يتعظ وأمر بالمعروف من لا يأتمر وقام بحق وشهد بصدق بين قوم غافلين جاهلين أو كافرين.
ومن رأى الموتى وثبوا من قبورهم أو رجعوا إلى دورهم مجهولين غير معروفين، فإنه يخرج من السجن أو يسلم أهل مدينة مشركين أو ينبت ما زرعه الناس من الحب في الأرض مما أيسوا منه لدوام القحط على قدر ما في زيادة الرؤيا وما في اليقظة من الشواهد والأمور الظاهرة الغالبة.
وأما السور: سور المدينة المعروف دال على سلطانها وواليها، وأما المجهول منه فيدل على الإسلام والعلم والقرآن وعلى المال والأمان وعلى الورع والدعاء وعلى كل ما يتحصن به من سائر الأعداء وجميع الأسوار من علم أو زوجة أو زوج أو درع أو سيد أو والد أو نحوهم، فمن رأى سور المدينة مهدوماً مات واليها أو عزل عن عمله، وإن رآه ماشياً كما يمشي الحيوان، فإنه يسافر في سلطان إلى الناحية التي مشى عليها في المنام، فإن كان فوقه سافر معه.
ومن رأى أنه بنى سوراً على نفسه أو داره أو على مدينته، فانظر في حاله، فإن كان سلطاناً حفظ من عدوه ودفع الأسواء عن رعيته، وإن كان عالماً صنف في علمه ما فيه عصمة لغيره، وإن كان عبداً ناسكاً حفظ الناس بدعائه ونجا هو من الفتنة به، وإن كان فقيراً أفاد ما يستغني به أو يتزوج زوجة إن كان عازباً تحصنه وتدفع فتن الشيطان عنه.
وإن رأى سوراً مجهولاً وقد تثلم منه ثلم حتى دخل إلى المدينة لصوص أو أسد، فإن أمر الإسلام يضعف أو العلم في ذلك المكان أو ثلم من أركان الدين ركن، فإن كان ذلك فيما رآه كأنه فيما يخصه وكأنه كان فيه وحده دخل ذلك عليه في دينه أو علمه أو في ماله أو في درعه إن كان في الجهاد أو في عقوق والد أو والدة.
القلعة: انقلاع من هم إلى فرج، والقلعة ملك من الملوك يبلغ الملوك من خير إلى شر، فمن رأى كأنه دخل قلعة رزق رزقاً ونسكاً في دينه.
ومن رأى قلعة من بعيد، فإنه يسافر من موضع إلى موضع ويرتفع أمره.
ومن رأى أنه بنى حصناً أحصن فرجه من الحرام وماله ونفسه من البلاء والذل.
وإن رأى أنه خرب حصنه أو داره أو قصره فهو فساد دينه ودنياه أو موت امرأته.
ومن رأى أنه في قلعة أو مدينة أو حصن، فإنه يرزق صلاحاً وذكراً ونسكاً في دينه.
وإن رأى قاعد على شرف حسن، فإنه يستعد أخاً أو رئيساً أو والداً ينجو به، وقيل الحصن رجل حصين لا يقدر عليه أحد، فمن رآه من بعيد، فإنه علو ذكره تحصين فرجه.
ومن رأى أنه تعلق بحصن من داخله أو خارجه فكذلك يكون حاله في دينه، وقيل من رأى أنه تحصن في قلعة نصر.
وأما البرج: فمن رأى أنه على برج أو فيه، فإنه يموت ولا خير فيه لقوله تعالى ” أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة “.
أما خراب العمران: من رأى الدنيا خربة من المزارع والمساكن، ورأى نفسه في خراب مع حسن هيئة من لباس ومركب، فإنه في ضلالة.
ومن رأى حيطان الدار انهدمت من سيل ماء فهو موت أهلها.
وإن رأى الخراب في محلته، فإنه موت يقع هناك.
ومن رأى أنه وثب على بيته فهدمه فهو موت امرأته.
ومن رأى أن بيته سقط عليه وكان هناك غبار فهو حصبة، وربما كان سقوط السقف عليه نكبة.
ومن رأى خراباً عاد عمراناً صحيحاً، فإن ذلك صلاح في دين صاحبه ورجوعه من الضلالة إلى الهدى.
ومن رأى سقوط شيء من داره أو قصره أو بيته إلى داخل وكان له غائب قدم عليه، وإن كان عنده شيء يخطب إليه خطب من إبنة أو أخت أو غيرهما، وإن هدمت الرياح داراً فهو موت من في ذلك على يد سلطان جائر.
والقناطر: القنطرة المجهولة تدل على الدنيا سيما إن كانت بين المدينة والجبانة لأن الدنيا تعبر ولا تعمر، وربما دلت على السفن لأنها كالمسافة والسبيل المسلوك المتوسط بين المكانين، وربما دلت على السلطان والحاكم والمفتي وكل من يتوصل الناس به إلى أمورهم ويجعلون ظفره جسراً في نوازلهم، وربما دلت على الصراط لأنه عقبة في المحشر بينه وبين الجنة.
ومن رأى أنه جاز في المنام على قنطرة عبر الدنيا إلى الآخرة سيما إن لقي من بعد عبوره موتى أو دخل داراً مجهولة البناء والأهل والموضع أو طار به طائر أو ابتلعته دابة أو سقط في بئر أو حفير أو صعد إلى السماء كل ذلك إذا كان مريضاً في اليقظة، وإن لم يكن مريضاً نظرت، فإن كان مسافراً بشرته بانقضاء سفره واستدللت كلى ما تقدم عليه بالذي أفضى عليه عند نزول القنطرة من دلائل الخير والغنى أو الشر والفقر، فإن نزل إلى خصب أو تين أو شعير أو تمر أو إمرأة أو عجوز وصل إلى فائدة ومال، وإن نزل إلى أرض ومسجد نال مراده في سفره إما حج أو غزو أو رباط، وإن تلقته أسد أو حمأة أو جدب أو تبن أو عنب أسود أو سودان أو ماء قاطع أو سيل دافق فلا خير في جميع ما يلقاه في سفره أو حين وصوله إلى أهله، فإن كانت له خصومة أو عند رئيس حاجة نال منها، ورأى منه فيها ما يدل على جميع ما نزل إليه من خير أو شر.
ومن رأى أنه صار جسراً أو قنطرة، فإنه ينال سلطاناً ويحتاج إليه وإلى جاهه وإلى ما عنده.
الأعمدة: العمود يدل على كل من يعتمد عليه وما هو عمدة وعماد ودعامة كالإسلام والقرآن والسنن والفقه والدين والسلطان والفقيه والحاكم والوالد والسيد والزوج والوصي والشاهد والزوجة والحال وبمكان العمود وزيادة المنام وصفات النائم يستدل على تأويل الأمر وحقيقة الرؤيا، فمن رأى عموداً قد مال عن مكانه وكاد أن يسقط من تحت بنائه، فإن كان في الجامع الأعظم، فإن رجلاً من رجال السلطان ينافق عليه أو يهم بالخروج عن طاعته أو عن مذهبه أو رجلاً من العلماء أو الصلحاء يحور عن علمه ويميل عن استوائه لفتنة دخلت عليه أو بلية نزلت به، وإن كان في مسجد من مساجد القبائل، فإنه إمامه أو مؤذنه أو من يعمره ويخدمه، وإن كان في داره ومسكنه، فإن كان صاحب الرؤيا عبداً فالعمود سيده يتغير عليه ويبدو إليه منه ما يكره ويخافه إذا كان قد خاف منه في المنام من سقوطه عليه، وإن كان إمرأة فالعمود زوجها، وإن كان رجلاً فالعمود والده وسقوط العمود مرض المنسوب إليه أو هلك إن كان مريضاً، وكذلك إن ارتفع إلى السماء فغاب فيها أو سقط في بئر أو حفير فلم ير، وإن كان العمود من أعمدة الكنائس فالمنسوب فيما جرى عليه كافر أو مبتدع كالرهبان والشمامسة ورؤوس البدع.
المساجد: المسجد يدل على الآخرة لأنها تطلب فيه كما تدل المزبلة على الدنيا وتدل على الكعبة لأنها بيت الله وتدل على الأماكن الجامعة للرياح والمنفعة والثواب والمعاونة كدار الحاكم وحلقة الذكر والموسم والرباط وميدان الحرب والسوق لأنه سوق الآخرة، ثم يدل كل مسجد على نحوه في كبره واشتهاره وجوهره.
ومن رأى أنه بنى مسجداً في المنام، فإن كان أهلاً للقضاء ناله، وكذلك إن كان موضعاً للفتوى، وقد يدل في العالم على مصنف نافع تصنيفه وفي الوراق على مصحف يكتبه وفي العازب على نكاح وتزويج ولطلاب المال والدنيا على بناء يبنيه تجري عليه غلته وتدوم عليه فائدته كالحمام والفندق والحانوت والفرن والسفينة وأمثاله ذلك لما في المسجد من الثواب الجاري مع كثرة الأرباح فيه في صلاة الجماعة ومجيء الناس إليه من كل ناحية ودخولها فيه بغير إذن.
ومن كان في يقظته مؤثراً للدنيا وأموالها أو كان مؤثراً لآخرته على عاجلته عادت الأمثال الرابحة إلى الأرباح والفوائد في الدنيا له أو إلى الآخرة والثواب في الآجلة التي هي مطلبه في يقظته.
ومن رأى أنه هدم مسجداً، فإنه يجري في ضد من بناه وقد يستدل على ابتذال حالته بالذي يبنيه في مكانه أو يحدثه في موضعه من بعد هدمه، فإن بنى حانوتاً آثر الدنيا على الآخرة، وإن بنى حماماً فسد دينه بسبب امرأة، وإن حفر في مكانه حفيراً أثم من مكر مكره أو من أجل جماعة فرقها عن العلم والخير والعمل أو من أجل حاكم عزله أو رجل صالح قتله أو مكان فيه من عطلة أو نكاح معقود أفسده وأبطله.
وإن رأى نفسه مجرداً من الثياب في مسجد تجرد فيما يليق به من دلائل المسجد، فإن كان ذلك في أيام الحج، فإنه يحج إن شاء الله سيما إن كان يؤذن فيه، وإن كان مذنباً خرج مما هو فيه إلى التوبة والطاعة، وإن كان يصلي فيه على غير حالة إلى غير القبلة بادي السوأة، فإنه يتجرد إلى طلب الدنيا في سوق من الأسواق وموسم من المواسم فيحرم فيه ما أمله ويخسر فيه كل ما قد اشتراه وباعه لفساد صلاته وخسارة تعبه، وقد يدل ذلك على فساد ما يدخل عليه في غفلته من الحرام والربا إن لاق ذلك به.
وأما المسجد الحرام: فيدل على الحج لمن تجرد فيه أو أذن، وإن لم يكن ذلك في أيام الحج بجوهره في ذلك ودليله لأن الكعبة التي إليها الحج فيه، وقد تدل على دار السلطان المحرمة ممن أرادها التي يأمن من دخلها وعلى دار العالم وعلى جامع المدينة وعلى السوق العظيم الشأن الكبير الحرام كسوق الصرف والصاغة لكثرة ما يجب فيها من التحري وما يدخل على أهلها من الحرام والنقص والإثم، وكذلك كل الحرام بما الإنسان فيه مطلوب بالمحفظ من إتيان المحرمات، ومن التعدي على الحيوانات، ومن إماطة الأذى.
وأما جامع المدينة: فدال على أهلها وأعاليه رؤساؤها وأسافله عامتها وأساطينه أهل الذكر والقيام بالنفع في السلطان والعلم والعبادة والنسك ومحرابه إمام الناس ومنبره سلطانهم أو خطيبهم وقناديله أهل العلم والخير والجهاد والحراسة في الرباط، وأما حصره فأهل الخير والصلاح وكل من يجتمع إليه ويصلي فيه، وأما مئذنته فقاضي المدينة أو عالمها الذي يدعي الناس إليه ويرضى بقوله ويقتضى بهديه ويصار إلى أوامره ويستجاب لدعوته ويؤمن على دعائه، وأما أبوابه فعمال وأمناء وأصحاب شرط وكل من يدفع عن الناس ويحفظهم ويحفظ عليهم، فما أصاب شيئاً من هذه الأشياء أو رأى فيه من صلاح أو فساد عاد تأويله على من يدل عليه خاصة أو عامة.
المدينة والقرية
المدينة: تدل على أهلها وساكنيها وتدل على الاجتماع والسواد الأعظم والأمان والتحصين لأن موسى حين دخل إلى مدين قال له شعيب: لا تخف نجوت، وربما دلت القرية على الدنيا والمدينة على الآخرة لأن نعيمها أجل وأهلها أنعم ومساكنها أكبر، وربما دلت المدينة على الدنيا والقرية على الجبانة وذلك إنها بارزة منعزلة عنها مع غفلة أهلها، وربما دلت المدينة المعروفة على دار الدنيا والمجهولة على الآخرة، وربما دلت المدينة المجهولة الجميلة على الجنة والقرية السوداء المكروهة على النار لنعيم أهل المدن وشقاء أهل القرى.
ومن رأى أنه انتقل في منامه من قرية مجهولة إلى مدينة كذلك، فانظر في حاله، فإن كان كافراً أسلم، وإن كان مذنباً تاب، وإن كان صالحاً فقيراً حقيراً، فإنه يستغنى ويعز، وإن كان مع صلاحه خائفاً أمن، وإن كان صاحب سرية تزوج، وإن كان مع صلاحه عليلاً مات، وإن كان ذلك لميت تنقلت حاله وتبدلت داره، فإنما هناك داران إحداهما أحسن من الأخرى فمن انتقل من الدار القبيحة إلى الحسنة الجميلة نجا من النار ودخل الجنة إن شاء الله.
ومن رأى أنه خرج من مدينة إلى قرية مجهولتين فعلى عكس الأول، وإن كانتا معروفتين اعتبرت أسماؤهما وجواهرهما فتحكم للمنتقل بمعاني ذلك كالخارج من غاية إلى مدينة مصر، فإنه يخلص من بغي ويبلغ سؤله ويأمن خوفه لقوله تعالى ” ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين “. فإن كان خروجه من سر من رأى إلى خراسان انتقل في سرور إلى سوء قد آن وقته، وكذلك الخارج من المهدية والداخل إلى سوسة خارج عن هدى وحق إلى سوء وفساد على نحو هذا ومأخذه في سائر القرى والمدن المعروفة.
ودور المدينة تدال على أهلها من الرؤساء وكبراء محلتها وكل درب دال على من يجاوره، ومن يحتاج إليه أهل تلك المحلة في مهماتهم وأمورهم ويرد عنهم حوادثهم بجاهه وسلطانه أو بعلمه وماله، وقيل المدينة رجل عالم إذا رأيتها من بعيد، وقيل المدينة دين والخروج من المدينة خوف لقوله تعالى ” فخرج منها خائفاً يترقب “. ودخول المدينة صلح فيما بينه وبين الناس يدعونه إلى حق قال الله تعالى ” ادخلوا في السلم كافة “.
وإن رأى أن مدينة عتيقة قد خربت قديماً، فإنه يظهر أو يولد هناك عالم أو إمام يحدث هناك ورعاً ونسكاً.
ومن رأى أنه دخل بلداً فرأى مدينة خربة لا حيطان لها ولا بنيان ولا آثار، فإنه إن كان في ذلك اليوم علماء ماتوا وذهبوا ودرسوا ولم يبق منهم ولا من ذريتهم أحد.
وإن رأى أنه يعمر، فإنه يولد من نسل العلماء الباقين ولد يظهر فيه سيرة أولئك العلماء.
ومن رأى مدينة أو بلداً خاليين من السلطان، فإن سعر الطعام يغلو هناك.
وإن رأى مدينة أو بلداً مخصبة حسنة الزرع فذلك خير حال أهلها، وقيل إذا كانت المدن هادئة ساكنة، فإنها في الخصب في ليل على الجدب وفي الجدب دليل الخصب، والأفضل أن يرى الإنسان المدن العامرة الكثيرة الخصب، فإنها تدل على رفعة وخصب.
وإن رأى الجدبة القليلة الأهل دلت على قلة الخير وبلدة الإنسان تدل على الآباء مثال ذلك: أن رجلاً رأى كأن مدينته وقعت من الزلازل فحكم على والده بالقتل.
وحكي أن وكيعاً كان مع قتيبة لما سار من الري إلى خراسان فرأى وكيع في منامه كأنه هدم شريف مدينته ونسفها فسأل المعبر، فقال: أشراف يسقطون من جاههم على يدك ويوسمون فكان كذلك.
وأما أبواب المدينة المعروفة: هي ولاتها أو حكامها، ومن يحرسها ويحفظها.
والقرية المعروفة: تدل على نفسها وعلى أهلها وعلى ما يجيء منها ويعرف بها لأن المكان يدل على أهله كما قال تعالى ” واسأل القرية “. يعني أهلها، وربما دلت القرية على دار الظلم والبدع والفساد والخروج عن الجماعة والشذوذ عن جماعة رأي أهل المدينة ولذا وسم الله تعالى دور الظالمين في كتابه بالقرى، وقد تدل على بيت النمل ويدل بيت النمل على القرية لأن العرب تسميها قرية، فمن هدم قرية أو أفسدها أو رآها خربت وذهب من فيها أو ذهب سيل بها أو احترقت بالنار، فإن كانت معروفة جار عليها سلطان، وقد يدل ذلك على الجراد والبرد والجوائح والوباء، وردم كوة النمل في سقف البيت، وكذلك في المقلوب من صنع ذلك بكوة النمل أو الحيات عدا أهل القرية بالظلم والعدوان وعلى كنيسة أو دار مشهورة بالفسوق.
ومن رأى أنه دخل قرية حصينة، فإنه يقتل أو يقاتل لقوله تعالى ” لا يقاتلوكم جميعاً إلا في قرى محصنة “. وقيل من رأى أنه يجتاز من بلد إلى قرية، فإنه يختار أمراً وضيعاً على أمر رفيع أو قد عمل عملاً محموداً يظن أنه في محمود أو قد عمل خيراً يظن أنه شر فيرجع عنه وليس بجازم.
وإن رأى أنه دخل قرية، فإنه يلي سلطاناً، فإن خرج من قرية، فإنه ينجو من شدة ويستريح لقوله تعالى ” أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها “.
وإن رأى كأن قرية عامرة خربت والمزارع تعطلت، فإنه ضلالة أو مصيبة لأربابها، وإن رآها عامرة فهو صلاح دين أربابها.
مرافق الدار
المطبخ: طباخة.
والأتون: أمر جليل على كل حال وسرور، فمن رأى أنه يبني أتوناً، فإنه ينال ولاية وسلطاناً، وإن لم يكن متحملاً، فإنه يشغل الناس بشيء عظيم.
والرحا والطاحون: تدل على معيشة صاحبها وحانوته وكل من يتعيش عنده أو كل من يخدمه ويصلح طعامه وينكحه من زوجة وأمة، وربما دلت على السفر لدورانها، وربما دلت على الوباء والحرب لسحقها، والعرب والشعراء كثيراً ما يعبرون بها عنهما فمن اشترى رحاً تزوج إن كان عازباً أو زوج إبنته أو إبنه أو اشترى خادماً للوطء أو للخدمة أو سافر إذا كان من أهل السفر، وإن كان فقيراً استفاد ما يكتفي به لأن الرحا لا يحتاج إليها إلا من عنده ما يطحنه فيها.
ومن رأى أنه نصب رحاً ليطحن فيها الناس على ماء أو بحر أو غيره، فإنه يفتح دكاناً أو حانوتاً إن لم يكن له حانوت ويدر فيها رزقه إن كان قد تعذر عليه أو جلس للناس بمساعدة سلطان لحكومة أو منفعة أو أمانة وكان له حس في الناس.
ومن رأى أنه تولى الطحين بيده، فإنه يتزوج أو يتسرى أو يجامع لأن الحجرين كالزوجين والقطب كالذكر والعصمة، وإن كانت بلا قطب كان الجماع حراماً وقد تكون امرأتين يتساحقان، فإن لم يكن عنده شيء من ذلك فلعله يتوسط العقد بين زوجين أو شريكين أو يسافر في طلب الرزق.
والرحا الكبيرة إذا رؤيت في وسط المدينة أو في الجوامع، فإن كانت بلد حرب كان حرباً سيما إن كانت تطحن ناراً أو صخراً، وإلا كانت طاحوناً سيما إن كان المطحون شعيراً معفوناً أو ماء وطيناً ولحماً هزيلاً، وقيل الرحا على الماء رجل يجري على يديه أموال كثيرة سائس للأمور، ومن التجأ إليه حسن جده رأى رحاً تدور در عليه خير بمقدار الدقيق، ومجرى الماء الذي يدخل إلى الرحا من جهة هذا المذكور، وربما كانت الرحا إذا دارت سفراً، فإن دارت بلا حنطة فهو شغب والرحا إذا دارت معوجة يغلو الطعام، ورحا اليد رجلان قاسيان شريكان لا يتهيأ لغيرهما إصلاحهما.
وحكي أن رجلاً رأى كأن رحا تدور بغير ماء فقص رؤياه على معبر، فقال: قد تقارب أجلك.
ورحا الرياح خصومة لا بقاء لها، وانكسار الرحا تدل على فرج صاحبها من الهموم، وقيل تدل على موت صاحبها.
ومن رأى له رحا تطحن أصاب خيراً من كد غيره، والرحا تدل على الحرب لقول العرب فيها رحا الحرب.
الآبار: أما بئر الدار فربما دلت على ربها لأنه قيمها، وربما دلت على زوجته لأنه يدل فيها دلوه وينزل فيها حبله في استخراج الماء وتحمل الماء في بطنها وهي مؤنثة، وإذا كان تأويلها رجلاً فماؤها ماله وعيشه الذي يجود به على أهله وكلما كثر خيره ما لم يفض في الدار فإذا فاض كان ذلك سره وكلامه وكلما قل ماؤه قل كسبه وضعف رزقه وكلما بعد غوره دل على بخله وشحه، وكلما قرب ماؤه من اليد دل ذلك على جوده وسخائه وقرب ما عنده وبذله لماله، وإذا كان البئر إمرأة فماؤه أيضاً مالها وجنينها فكلما قرب من اليد تدانت ولادتها، وإن فاض على وجه الأرض ولدته أو أسقطته، وربما دلت البئر على الخادم والعبد والدابة وعلى كل من يجود في أهله من نفع من بيع الماء وأسبابه أو من السفر ونحوه لأن البئر المجهولة ربما دلت على السفر لأن الدلاء تمضي فيها وتجيء وتسافر وترجع بمنزلة المسافرين الطالعين والنازلين، وربما دلت البئر المجهولة المبذولة في الطرقات المسبلة في الفلوات على الأسواق التي ينال منها كل من أتاها ما قدر له، ودلوه وحمله تشبثه بها، وربما دلت على البحر، وربما دلت على الحمام وعلى المسجد الذي يغسل فيه أوساخ المصلين، وربما دلت على العالم الذي يستقي العلم من عنده الذي يكشف الهموم، وربما دلت على الزانية المبذولة لمن مر بها وأرادها، وربما دلت على السجن والقبر لما جرى على يوسف في الجب، فمن رأى كأنه سقط في بئر مجهولة، فإن كان مريضاً مات، وإن كان في سفينة عطب وصار في الماء، وإن كان مسافراً في البر قطع من الطريق ومكر به وغدر في نفسه، وإن كان مخاصماً سجن وإلا دخل حماماً مكرهاً أو دخل دار زانية.
ومن رأى أنه استقى بالدلو من بئر مجهولة، فإن كان عنده حمل بشر عنه بغلام لقوله تعالى ” فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام “. وإن كانت له بضاعة في البحر أو البر قدمت عليه أو وصلت إليه، وإن كان عنده عليل أفاق ونجا وخلص، وإن كان له مسجون نجا من السجن، وإن كان له مسافر قدم من سفره، فإن لم يكن شيء من ذلك وكان عازباً تزوج، وإلا توسل إلى سلطان أو حاكم في حاجته وتمت له، وكل ذلك إذا طلع دلوه سليماً مملوءاً، والعرب تقول: دلونا إليك بكذا أي توسلنا إليك، وإن لم يكن شيء من ذلك طلب علماً، فإن لم يلق به ذلك فالبئر سوقه واستقاؤه وتسببه فما أفاد من الماء أفاد مثله، وإن مجه أو أراقه أتلفه وأنفقه، قال الشاعر:
وما طلب المعيشة بالتمني … ولكن ألقي دلوك في الدلاء
تجيء بملئها طوراً وطوراً … تجيء بحمأة وقليل ماء
وقيل إذا رأى الرجل البئر فهي إمرأة ضاحكة مستبشرة، وإذا رأته إمرأة فهو رجل حسن الخلق.
ومن رأى أنه احتفر بئراً وفيها ماء تزوج إمرأة موسرة ومكر بها لأن الحفر مكر، فإن لم يكن فيها ماء، فإن المرأة لا مال لها، فإن شرب من مائها، فإنه يصيب مالاً من مكر إذا كان هو الذي احتفر وإلا فعلى يد من احتفر أو سميه أو عقبه بعده.
وإن رأى بئراً عتيقة في محلة أو دار أو قرية يستقي منها الصادرون أو الواردون بالحبل والدلو، فإن هناك إمرأة أو بعل إمرأة أو قيمها ينتفع به الناس في معايشهم ويكون له في ذلك ذكر حسن لمكان الحبل الذي يدلى به إلى الماء لقوله عز وجل ” واعتصموا بحبل الله جميعاً “.
وإن رأى أن الماء فاض من تلك البئر فخرج منها، فإنه هم وحزن وبكاء في ذلك الموضع، فإن امتلأت ماء ولم يفض فلا بأس أن يلقى خير ذلك وشره.
وإن رأى أنه يحفر بئراً يسقي منها بستانه، فإنه يتناول دواء يجامع به أهله.
وإن رأى أن بئره فاضت أكثر مما سال فيها حتى دخل الماء البيوت، فإن يصيب مالاً يكون وبالاً عليه، فإن طرق لذلك حتى يخرج من الدار، فإنه ينجو من هم ويذهب من ماله بقدر ما يخرج من الدار.
ومن رأى أنه وقع في بئر فيها ماء كدر، فإنه يتصرف مع رجل سلطان جائر ويبتلي بكيده وظلمه، وإن كان الماء صافياً، فإنه يتصرف لرجل صالح يرضى به كفافاً.
وإن رأى أنه يهوي أو يرسل في بئر، فإنه يسافر.
والبئر إذا رآها الرجل في موضع مجهول وكان فيها ماء عذب، فإنها دنيا الرجل ويكون فيها مرزقاً طيب النفس طويل العمر بقدر الماء، وإن لم يكن فيها ماء فقد نفذ عمره، وانهدام البئر موت المرأة.
وإن رأى أن رجليه تدلتا في البئر، فإنه يمكر بماله كله أو يغضب، فإن نزل في بئر وبلغ نصفها وأذن فيها، فإنه سفر، وإذا بلغ طريقه نال رياسة وولاية أو ربحاً عن تجارة وبشارة، فإن سمع الأذان في نصف البئر عزل إن كان والياً وخسر إن كان تاجراً، وقيل من رأى بئراً في داره وأرضه، فإنه ينال سعة في معيشته ويسراً بعد عسر ومنفعة، وقيل من أصاب بئراً مطمورة أصاب مالاً مجموعاً.
والفرن: هو مكان معيشة صاحبه وغلته ومكسبه كحانوته وفدانه ومكان متجره لما يأوي إليه من الطعام وما يوقد فيه من النار النافعة وما يربى فيه من زكاة الحنطة المطحونة وريعها وطحن الدواب والأرحية وخدمتها، وربما دل على نفسه فما جرى عليه من خير أو شر أو زيادة أو نقص أو خلاء أو عمارة عاد عليه أو على مكان كسبه وغلته.
وأما الفرن المجهول فربما دل على دار السلطان ودار الحاكم لما فيه من وقيد النار، والنار سلطان يضر وينفع ولها كلام وألسنة، وأما العجين والحنطة التي تجيء إليه من كل مكان وكل دار فهي كالجبايات والمواريث التي تجبى إلى دار السلطان وإلى دار الحاكم ثم يردونها أرزاقاً.
والدواب كالأبناء والأعوان والوكلاء، وكذلك ألواح الخبز، وربما دل على السوق لأن أرزاق الخلق أيضاً تساق إليها ويكون فيها الربح كرماده المطحون والخسارة كنقص المخبوز والحرام والكلام للنار التي فيه فمن بعث بحنطة أو شعير إلى الفرن المجهول، فإن كان مريضاً مات ومضي بماله إلى القاضي، وإن لم يكن مريضاً وكان عليه عشر للسلطان أو كراء أو بقية من مغرم ونحو ذلك أدى ما عليه وإلا بعث بسلعة إلى السوق، فإن كان المطحون والمبعوث به إلى الفرن شعيراً أتاه في سلعته قريب من رأس ماله، وإن كانت حنطة ربح فيها ثلثاً للدينار أو ربعاً أو نصفاً على قدر زكاتها إن كان قد كالها أو وقع في ضميره شيء منها.
والمطمورة: تدل على الأم الكافلة الحاملة المربية لأن قوت الطفل في بطن أمه مكنوز بمنزلة الطعام في المطمورة يقتات منه صاحبه شيئاً بعد شيء حتى يفرغ أو يستغني عنه بغيره، وربما دلت المجهولة على رحبة الطعام جرت فيما تجري الحفائر فيه لأنها حفرة، فمن رأى مطمورة انهدمت أو ارتدمت، فإن كانت أمه عليلة هلكت، وإن كانت عنده حامل، خلصت وردم قبرها لأن قبر الحامل مفتوح إلا أن يأتي في الرؤيا ما يؤكد موتها فيكون ذلك دفنها، وإن لم يكن شيء من ذلك، فانظر، فإن كان عنده طعام فيها في اليقظة باعه وكان ما ردمت به من التراب والأزبال عوضه وهو ثمنه.
وإن رأى طعامه بعينه زبلاً أو تراباً رخص سعره وذهب فيه ماله، وإن لم يكن له فيها طعام ورآها مملوءة بالزبل أو التراب ملأها بالطعام عند رخصه، وإن كانت مملوءة بالطعام حملت زوجته إن كان فقيراً أو أمته، فإن كانت المطمورة مجهولة في جامع أو سماط أو عليها جمع من الناس وكان فيها طعام وهي ناقصة نقص من السعر في الرحبة بمقدار ما نقص من المطمورة، وإن فاضت وسالت والناس يفرقون منها ولا ينقصونها رخص السعر وكثر الطعام.
وإن رأى ناراً وقعت في الطعام كان في الطعام الذي فيها غلاء عظيم أو حادث من السلطان في الرحبة أو جراد أو حجر في الفدادين.
وإن رأى في طعامها تمراً أو سكراً، فإن السعر يغلو والجنس الذي فيها من الطعام يغلو على قدر ما فيها من الحلاوة في القلة والكثرة، فإن كان كقدر نصف طعامها فهو على النصف وإلا فعلى هذا المقدار، وأما من سقط في مطمورة أو حفير مجهولة فعلى ما تقدم في اعتبار السقوط في البئر.
والمعلف: عز لأنه لا يكون إلا لمن له الظهور والدواب، وقيل إنه إمرأة الرجل.
ومن رأى كأن في بيته معلفاً يعتلف عليه دابتان، فإنه يدل على تخليط في إمرأة مع رجلين إما إمرأته أو غيرها من أهل الدار.
وأما الجحر: في الأرض أو الحائط، فإنه الفم، فمن رأى جحراً خرج منه حيوان، فإنه فم يخرج منه كلام بمنزلة ذلك الحيوان وتأويله.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت جحراً ضيقاً خرج منه ثور عظيم، فقال: الجحر هو الفم تخرج منه الكلمة العظيمة ولا يستطيع العود إليه.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأن يزيد بن المهلب عقد طاقاً بين داري ودراه، فقال: ألك أم قال نعم، قال: هل كانت أمة قال لا أدري فأتى الرجل أمه فاستخبرها، فقالت: صدق كنت أمة ليزيد بن المهلب ثم صرت إلى أبيك.
والسرب: كل حفيرة في الأرض مكر، فمن رأى أنه يحفر سرباً أو يحفر له غيره، فإنه يمكر مكراً أو يمكر به غيره.
وإن رأى أنه دخل فيه رجع ذلك المكر إليه دون غيره.
وإن رأى أنه دخله حتى استترت السماء عنه، فإنه تدخل بيته اللصوص ويسرقون أمتعة بيته، فإن كان مسافراً، فإنه يقطع عليه الطريق.
وإن رأى أنه توضأ في ذلك السرب وضوء صلاة أو اغتسل، فإنه يظفر بما سرق منه أو يعوض عاجلاً وتقر عينه لأنه يأخذ بتأويل الماء، وإن كان عليه دين قضاه الله تعالى.
وإن رأى أنه استخرج مما احتفره أو أحفر له ماء جارياً أو راكداً، فإن ذلك معيشة في مكر لمن احتفر.
الحفائر: دالة على المكر والخداع والشباك ودور الزناة والسجون والقيود والمراصد وأمثاله ذلك وأصل ذلك ما يحفر للسباع من الربا لتصطاد فيها إذا سقطت إليها.
الحمام: يدل على المرأة لحل الإزار عنده ويؤخذ الإنسان معه مع خروج عرقه كنزول نطفته في الرحم وهو كالفرج، وربما دل على دور أهل النار وأصحاب الشر والخصام والكلام كدور الزناة والسجون ودور الحكام والجباة لناره وظلمته أو جلبة أهله وحسن أبوابه وكثرة جريان الماء فيه، وربما دل على البحر والأسقام وعلى جهنم، فمن رأى نفسه في حمام أو رآه غيره فيه.
وإن رأى فيه ميتاً، فإنه في النار والحميم لأن جهنم أدراك وأبواب مختلفة وفيها الحميم والزمهرير.
وإن رأى مريض ذلك نظرت في حاله.
وإن رأى أنه خارج من بيت الحرارة إلى بيت الطهر وكانت علته في اليقظة حراً تجلت عنه، فمان اغتسل وخرج منه خرج سليماً، وإن كانت علته برداً تزايدت به وخيف عليه، فإن اغتسل مع ذلك ولبس بياضاً من الثياب خلاف عادته وركب مركوباً لا يليق به، فإن ذلك غسله وكفنه ونعشه، وإن كان ذلك في الشتاء خيف عليه الفالج.
وإن رأى أنه داخل في بيت الحرارة فعلى ضد ما تقدم في الخروج يجري الاعتبار ويكون البيت الأوسط لمن جلس فيه من المرضى دالاً على توسطه في علته حتى يدخل أو يخرج فإما نكسة أو إفاقة، وإن كان غير مريض وكانت له خصومة أو حاجة في دار حاكم أو سلطان أو جاب حكم له وعليه على قدر ما ناله في الحمام من شدة حرارته أو برده أو زلق أو رش، فإن لم يكن شيء من ذلك وكان الرجل عازباً تزوج أو حضر في وليمة أو جنازة وكان فيها من الجلبة أو الضوضاء والهموم والغموم كالذي يكون في الحمام وإلا ناله عنه سبب من مال الدنيا عند حاكم لما فيه من جريان الماء والعرق وهي أموال، وربما دل العرق خاصة على الهم والتعب والمرض مع غمه الحمام وحرارته، فإن كان فيه متجرداً من ثيابه فلأمر مع زوجته، ومن أجلها وناحيتها وناحية أهلها يجري عليه ما تؤذن الحمام به، فإن كان فيه بأثوابه فالأمر من ناحية أجنبية أو بعض المحرمات كالأم والابنة والأخت حتى تعتبر أحواله أيضاً وتنقل مراتبه ومقاماته وما لقيه أو يلقاه بتصرفه في الحمام وانتقاله فيه من مكان إلى مكان.
وإن رأى أنه دخله من قناة أو طاقة صغيرة في بابه أو كان فيه أسد أو سباع أو وحش أو غربان أو حيات، فإنه إمرأة يدخل إليها في زينة ويجتمع عندها مع أهل الشر والفجور من الناس، وقيل الحمام بيت أذى، ومن دخله أصابه هم لا بقاء له من قبل النساء.
والحمام اشتق من إسمه الحميم فهو حم والحم صهر أو قريب، فإن استعمل فيه ماء حاراً أصاب هماً من قبل النساء، وإن كان مغموماً ودخل الحمام خرج من غمه، فإن اتخذ في الحمام مجلساً، فإنه يفجر بامرأة ويشهر بأمره لأن الحمام موضع كشف العورة، فإن بنى حماماً، فإنه يأتي الفحشاء ويشنع عليه بذلك، فإن كان الحمام حاراً ليناً، فإن أهله وصهره وأقرباء نسائه موافقون مساعدون له مشفقون عليه، فإن كان بارداً، فإنه لا يخالطونه ولا ينتفع بهم، وإن كان شديد الحرارة، فإنه يكونون غلاظ الطباع لا يرى منهم سروراً لشدتهم، وقيل إن رأى أنه في البيت الحار، فإن رجلاً يخونه في إمرأته وهو يجهد أن يمنعه فلا يتهيأ له.
وإن رأى أن الحوض امتلأ وجرى الماء من البيت الحار إلى البيت الأوسط، فإنه يغضبه على امرأته، وإن كان الحمام منسوباً إلى غضارة الدنيا، فإن كان بارداً، فإن صاحب الرؤيا فقير قليل الكسب لا تصل يده إلى ما يريد، وإن كان حاراً ليناً واستطابه، فإن أموره تكون على محبة ويكون كسوباً صاحب دولة يرى فيه فرجاً وسروراً، وإن كان حاراً شديد الحرارة، فإنه يكون كسوباً ولا يكون له تدبير ولا يكون له عند الناس محمدة، وقيل من رأى أنه دخل حماماً فهو دليل الحمى النافض.
وإن رأى أنه شرب من البيت الحار ماء سخناً أو صب عليه أو اغتسل به على غير هيئة الغسل فهو هم وغم ومرض وفزع بقدر سخونة الماء، وإن شربه من البيت الأوسط فهي حمى صالبة، وإن شربة من البيت البارد فهو برسام.
وإن رأى أنه اغتسل بالماء الحار وأراد سفراً فلا يسافر، فإن كان مستجيراً بإنسان يطلب منفعته فليس عنده فرج لقوله تعالى ” وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل “. فإذا اجتمع الحمام والاغتسال والنورة فخذ بالاغتسال والنورة ودع الحمام، فإن ذلك أقوى في التأويل.
وإن رأى في محله حماماً مجهولاً، فإن هناك إمرأة ينتابها الناس، وقيل من رأى كأنه يبني حماماً قضيت حاجته.
وحكي أن رجلاً رأى كأنه زلق في الحمام فقصها على معبر، فقال: شدة تصيبك، فعرض له أنه زلق في الحمام، فانكسرت رجله.
والمبرز: امرأة، فإن كان واسعاً نظيفاً غير ظاهر الرائحة، فإن إمرأته حسنة المعاشرة ونظافته صلاحها وسعته طاعتها وقلة تفسده حسن بنائها، وإن كان ضيقاً مملوءاً عذرة لا يجد صاحبه منه مكاناً يقعد فيه، فإنها تكون ناشزة، وإن كانت رائحته سيئة، فإنها تكون سليطة وتشتهر بالسلاطة، وعمق بئرها تدبيرها وقيامها في أمورها، وإن نظر فيها فرأى فيها دماً، فإنه يأتي إمرأته وهي حائض.
وإن رأى بئرها قد امتلأت، فإنه تدبيرها ومنعها للرجل من النفقة الكبيرة مخافة التبذير.
وإن رأى بيده خشبة يحرك بها في البئر، فإن في بيته إمرأة مطلقة، فإن كانت البئر ممتلئة لا يخاف فورها، فإن إمرأته حبلى.
ومن رأى أنه جعل في مستراح، فإنه يمكر به، فإن أغلق عليه بابه، فإنه يموت، وقد تقدم في ذكر الكنيف والمبرز في أول الباب ما فيه كفاية.
البيوت والقصور والبناء
وأما الدور: فهي تدل على أربابها فما نزل بها من هدم أو ضيق أو سعة أو خير أو شر عاد ذلك على أهلها وأربابها وسكانها.
ومن رأى أنه دخل داراً جديدة كاملة المرافق وكانت بين الدور في موضع معروف، فإن كان فقيراً استغنى، وإن كان غنياً ازداد غنى، وإن كان مهموماً فرج عنه، وإن كان عاصياً تاب وعلى قدر حسنها وسعتها إن كان لا يعرف لها صاحباً، فإن كان لها صاحب فهي لصاحبها، وإن كانت مطينة كان ذلك حلالاً، وإن كانت مجصصة كانت ذلك حراماً.
ومن رأى أنه بنى داراً غير داره في مكان معروف أو مجهول، فانظر إلى حاله، فإن كان مريضاً أو عنده مريض فذلك قبره، وإن لم يكن شيء من ذلك فهي دنيا يفيدها إن كانت في مكان معروف، فإن بناها باللبن والطين كان حلالاً، وإن كانت بالآجر والجص والكلس كانت حراماً من أجل النار التي توقد على عمله، وإن كان بناؤه الدار في مكان مجهول ولم يكن مريضاً، فإن كانت باللبن فه وعمل صالح يعمله للآخرة أو قد عمله، وإن كانت بالآجر فهي أعمال مكروهة يندم في الآخرة عليها إلا أن يعود إلى هدمها في المنام، فإنه يتوب منها.
والدار المجهولة هي دار الآخرة لأن الله تعالى سماها داراً، فقال ” وتلك الدار الآخرة “. وكذلك إن كانت معروفة لها اسم تدل على الآخرة كدار عقبة أو دار السلام، فمن رأى نفسه فيها وكان مريضاً أفضى إليها سالماً معافى من فتن الدنيا وشرها، وإن كان غير مريض فهي له بشارة على قدر عمله من حج أو جهاد أو زهد أو عبادة أو علم أو صدقة أو صلة أو صبر على مصيبة يستدل على ما أوصله إليها وعلى الذي من أجله بشر به زيادة الرؤيا وشواهد اليقظة.
وإن رأى معه في المنام كتباً يتعلمها فيها فعلمه أداه إليها، وإن كان فيها مصلياً فبصلاته نالها، وإن كان معه فرسه وسيفه فبجهاده بلغها ثم على المعنى، وأما اليقظة فينظر إلى أشهر أعمالها عند نفسه وأقربها بمنامه من سائر طاعاته إن كانت كثيرة ففيها كانت البشارة في المنام.
ورؤيا الدار المجهولة البناء والتربة والموضع والأهل المنفردة عن الدور ولا سيما إن رأى فيها موتى يعرفهم فهي دار الآخرة، فمن رأى أنه دخلها، فإنه يموت إن لم يخرج منها، فإن دخلها وخرج منها، فإنه يشرف على الموت ثم ينجو.
والدار من حديد طول عمر صاحبها ودولته، ومن خرج من داره غضبان، فإنه يحبس لقوله تعالى ” وذا النون إذ ذهب مغاضبا “.
وإن رأى أنه دخل دار جاره، فإنه يدخل في سره، وإن كان فاسقاً، فإنه يخونه في إمرأته ومعيشته.
وبناء الدار للعازب إمرأة مرتفعة يتزوجها.
ومن رأى داراً من بعيد نال دنيا بعيدة، فإن دخلها وهي من بناء وطين ولم تكن منفردة عن البيوت والدور، فإنه دنيا يصيبها حلالاً.
ومن رأى خروجه من الأبنية مقهوراً أو متحولاً فهو خروجه من دنياه أو مما يملك على قدر ما يدل عليه وجه خروجه.
ومن رأى أنه يهدم داراً جديدة أصابه هم وشر، ومن بنى داراً أو ابتاعها أصاب خيراً كثيراً.
وحكي أن رجلاً من أهل اليمن أتى معبراً، فقال: رأيت كأني في دار لي عتيقة، فانهدمت علي، فقال: تجد ميراثاً فلم يلبث أن مات له ذو قرابة فورث ستة آلاف درهم، ورأى آخر كأنه جالس على سطح دار من قوارير وقد سقط منه عريان فقص رؤياه على معبر، فقال: تتزوج إمرأة من دار الملك جميلة ولكنها تموت عاجلاً فكان كذلك.
وكون الرجل على سطح مجهول نيل رفعة واستعانة برجل رفيع الذكر وطلب المعونة منه.
ودار الرجل تدل على جسمه وتقسيمه وذاته لأنه يعرف بها وتعرف به فهي مجده وذكره وإسمه وسترة أهله، وربما دلت على ماله الذي به قوامه، وربما دلت على ثوبه لدخوله فيه فإذا كانت جسمه كان بابها وجهه، وإذا كانت زوجته كان بابها فرجه، وإذا كانت دنياه وماله كان بابها الباب الذي يتسبب فيه ومعيشته، وإذا كانت ثوبه كان بابها طوقه، وقد يدل الباب إذا انفرد على رب الدار، وقد يدل عليه منه الفرد الذي يفتح ويغلق والفرد الآخر على زوجته الذي يعانقها في الليل وينصرف عنها في الدخول والخروج بالنهار ويستدل فيها على الذكر والأنثى بالشكل والغلق فالذي فيه الغلق هو الذكر والذي فيه العروة هو الأنثى زوجته لأن القفل الداخل في العروة ذكر ومجموع الشكل إذا انفلق كالزوجين، وربما دلا على ولدي صاحب الدار ذكر وأنثى وعلى الأخوين والشريكين في ملك الدار.
ورؤيا سعة الدار تدل على سعة دنياه وسخاؤه وضيقها ضيق دنياه وبخله وجدتها تجديد عمله وتطيينها دينه، وأما إحكامها فإحكام تدبيره ومرمتها سروره.
وقالت النصارى من رأى كأنه يكنس داره أصابه غم أو مات فجأة، وقيل إن كنس الدار ذهاب الغم والله أعلم بالصواب، وقيل إن هدم الدار موت صاحبها.
وشرفات الدار: شرف الدنيا ورياسة.
والحيطان: رجال والسقوف نساء لأن الرجال قوامون على النساء لكونها من فوقها ودفعها للاستواء عنها فهي كالقوام فما تأكدت دلالته رجع إليه وعمل عليه.
والحائط رجل، وربما كان حال الرجل في دنياه إذا رأى أنه قائم عليه، وإن سقط عنه زال عن حاله.
وإن رأى أنه دفع حائطاً فطرحه أسقط رجلاً من مرتبته وأهلكه، والحائط رجل ممتنع صاحب دين ومال وقدر على قدر الحائط في عرضه وإحكامه ورفعته والعمارة حوله بسببه.
ومن رأى حيطان بناء قائمة محتاجة إلى مرمة، فإنه رجل عالم أو إمام قد ذهبت دولته.
وإن رأى أن أقواماً يرمونها، فإن له أصحاباً يرمون أموره.
ومن رأى أنه سقط عليه حائط أو غيره فقد أذنب ذنوباً كثيرة وتعجل عقوبته، والشق في الحائط أو الشجرة أو في الغصن مصير الواحد من أهل بيته واثنين بمنزلة القرطين والحلمتين.
ومن رأى حيطاناً دارسة فهو رجل إمام عادل ذهبت أصحابه وعترته، فإن جددها، فإنهم يتجددون وتعود حالتهم الأولى في الدولة.
وإن رأى أنه متعلق بحائط، فإنه يتعلق برجل رفيع ويكون استمكانه منه بقدر استمكانه من الحائط، ومن نظر في حائط فرأى مثاله فيه، فإنه يموت ويكتب على قبره.
السقف: رجل رفيع، فإن كان من خشب، فإنه رجل غرور.
وإن رأى سقفاً يكاد أن ينزل عليه ناله خوف من رجل رفيع، فإن نزل عليه التراب من السقف فأصاب ثيابه، فإنه ينال بعد الخوف مالاً، فإن انكسر جذع فهو موت صاحب الدار أو آفة تنزل به.
وإن رأى أن عارضته انشقت طولاً بنصفين فلم يسقط فهو جمع ما ينسب إلى ذلك البيت والطرز وغيره مضاعف الواحد اثنان والخشب والجذوع في البناء رجل منافق متحمل لأمور الناس، وكسره موت رجل بهذه الصفة.
البيوت: بيت الرجل يدل على زوجته المستورة في بيته التي يأوي إليها ومنه يقال دخل فلان بيته إذا تزوج فيكنى عنها به لكونها فيه ويكون بابه فرجها أو وجهها ويكون المخدع والخزانة بكراً كابنته أو ربيبته لأنها محجوبة والرجل لا يسكنها، وربما دل بيته على جسمه أيضاً وبيت الخدمة خادمه ومخزن الحنطة والدته التي كانت سبب تعيشه باللبن للنمو والتربية والكنيف يدل على الخادم المبذولة للكنس والغسل، وربما دل على الزوجة التي يخلو معها لقضاء حاجته خالياً من ولده وسائر أهله، ونظر إنسان من كوة بيته يدل على مراقبة فرج زوجته أو دبرها فما عاد على ذلك من نقص أو زراعة أو هدم أو إصلاح عاد إلى المنسوبة إليه مثل أن يقول: رأيت كأني بنيت في داري بيتاً جديداً، فإن كان مريضاً أفاق وصح جسمه، وكذلك إن كان في داره مريض دل على صلاحه إلا إن كان يكون عادته دفن من مات له في داره، فإنه يكون ذلك قبر المريض في الدار سميا إن كان بناؤه إياه في مكان مستحيل أو كان مع ذلك طلاء بالبياض أو كان في الدار عند ذلك زهر أو رياحين أو ما تدل عليه المصائب، وإن لم يكن هناك مريض تزوج إن كان عازباً أو زوج إبنته وأدخلها عنده إن كانت كبيرة أو اشترى سرية على قدر البيت وخطره.
ومن رأى أنه في بيت مجصص جديد مجهول مفرد عن البيوت وكان مع ذلك كلام يدل على الشر كان قبره.
ومن رأى أنه حبس في بيت موثقاً مقفلاً عليه بابه والبيت وسط البيوت نال خيراً وعافية.
ومن رأى أنه احتمل بيتاً أو سارية احتمل مئونة امرأة، فإن احتمله بيت أو سارية احتملت إمرأة مئونته.
ومن رأى أنه دخل بيتاً وأغلق بابه على نفسه، فإنه يمتنع من معصية الله تعالى لقوله تعالى ” وغلقت الأبواب “.
وإن رأى أنه موثق منه مغلق الأبواب والبيت مبسوط نال خيراً وعافية.
وإن رأى أن بيته من ذهب أصابه حريق في بيته.
ومن رأى أنه يخرج من بيت ضيق خرج من هم.
والبيت بلا سقف وقد طلعت فيه الشمس أو القمر فيدل على إمرأة تتزوج هناك.
ومن رأى في داره بيتاً وسعاً مطيناً لم يكن فيه، فإنها إمرأة صالحة تزيد في تلك الدار، فإن كان مجصصاً أو مبنياً بآجر، فإنه إمرأة سليطة منافقة، فإن كانت تحت البيت سرب فهو رجل مكار، فإن كان من طين، فإنه مكر في الدين.
وإن رأى أنه دخل بيتاً مرشوشاً أصابه هم من إمرأة بقدر البلل وقدر الوحل ثم يزول ويصلح.
وإن رأى أن بيته أوسع مما كان، فإن الخير والخصب يتسعان عليه وينال خيراً من قبل امرأة.
ومن رأى أنه ينقش بيتاً أو يزوقه وقع في البيت خصومة وجلبة.
وباب البيت: امرأة، وكذلك اسكفته.
ومن رأى أنه يغلق باباً تزوج امرأة، والأبواب المفتحة أبواب الرزق.
وأما الدهليز: فخادم على يديه يجري الحل والعقد والأمر القوي.
والبيت المظلم: إمرأة سيئة الخلق رديئة، وإن رأته المرأة فرجل كذلك.
والبيت المضيء: دليل خير وحسن أخلاق المرأة.
القصر: للفاسق سجن وضيق ونقص مال وللمستور جاه ورفعة أمر وقضاء دين، وإذا رآه من بعيد فهو ملك، والقصر رجل صاحب ديانة وورع، فمن رأى أنه دخل قصراً، فإنه يصير إلى سلطان كبير ويحسن دينه ويصير إلى خير كثير لقوله تعالى ” تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصوراً “.
ومن رأى كأنه قائم على قصر وكان القصر له، فإنه يصيب رفعة عظيمة وجلالة وقدرة، إن كان القصر لغيره، فإنه يصيب من صاحبه منفعة وخيراً.
الإيوان الأزج: الأزج من اللبن إمرأة قروية صاحبة دين، وبالجص دنيا مجددة، وبالآجر مال يصير إليه حرام، وقيل هو إمرأة منافقة.
ومن رأى أنه يعقد أزجاً بآجر صهريج، فإنه يؤدب ولده.
القبة: قوة فمن رأى أنه بنى قبة على السحاب، فإنه يصيب سلطاناً وقوة بحلمه.
ومن رأى أن له بنياناً بين السماء والأرض من القباب الخضر، فإن ذلك حسن حاله وموته على الشهادة.
وأما البناء: يدل على بناء الرجل بامرأته، وقيل من رأى كأنه يبني بناء، فإنه يجمع أقرباءه وأصدقاءه على سرور.
ومن رأى أنه طين قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه يحج بمال، واللبن إذا كان مجموعاً ولا يستعمل في بناء فهو دراهم ودنانير.
ومن رأى أنه يجدد بنياناً عتيقاً لعالم، فإن تجديد سيرة ذلك العالم، إن كان البناء لفرعون أو ظالم، فإنه تجدد سيرته، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى كأنه يبني بنياناً، فإنه يعمل عملاً.
ومن رأى أنه ابتدأ في بناء فحفره من أساسه وبناه من قراره حتى شيده، فإنه طلب علم أو ولاية أو حرفة وسينال حاجته فيما يروم، وقيل من رأى أنه يبني بنياناً في بلدة أو قرية، فإنه يتزوج هناك امرأة، فإن بناه من خزف فتزيين ورياء، وإن بناه من طين، فإنه حلال وكسب، وإن كان منقوشاً فهو ولاية أو علم مع لهو وطرب، وإن بناه من جص وآجر عليه صورة، فإنه يخوض في الأباطيل.
الغرفة: تدل على الرفعة وعلى استبدال السرية بالحرة لعلو الغرفة على البيت، وتدل على أمن الخائف لقوله تعالى ” وهم في الغرفات آمنون “. وتدل على الجنة لقوله تعالى ” أولئك يجزون الغرفة بما صبروا “. وتدل أيضاً على المحراب لأن العرب تسميها بذلك، فمن بنى غرفة فوق بيته، ورأى زوجته تنهاه عن ذلك وتسخط فعله أو تبكي بالعويل أو كأنها ملتحفة في كساء، فإنه يتزوج على إمرأته أخرى أو يتسرى، وإن كانت زوجته عطرة جميلة متبسمة كانت الغرفة زيادة في دنياه ورفعة، وإن صعد إلى غرفة مجهولة، فإن كان خائفاً أمن، وإن كان مريضاً صار إلى الجنة وإلا نال رفعة وسروراً وعلواً، وإن كان معه جمع يتبعه في صعوده يرأس عليهم بسلطان أو علم أو إمامة في محراب.
وإن رأى عازباً أنه في غرفة تزوج إمرأة حسنة رئيسة متدينة.
وإن رأى له غرفتين أو ثلاثة أو أكثر، فإنه يأمن مما يخاف.
وإن رأى أن البيت الأعلى سقط على البيت الأسفل ولم يضره، فإنه يقدم له غائب، فإن كان معه غبار كان معه مال.
المنظرة: رجل منظور إليه فمن رآها من بعيد، فإنه يظفر بأعدائه وينال ما يتمنى ويعلو أمره في سرور.
وإن رآها تاجر، فإنه يصيب ربحاً ودولة ويعلو نضاره حيث كان ويكون، وبناء المنظرة يجري مجرى بناء الدور.
وأما الإسطوانة: من خشب أو من طين أو من جص أو آجر فهي قيم دار أو خادم أهل الدار وحامل ثقلهم وبيوتهم ويقوى على ما كلفوه فما يحدث فيها ففي ذلك الذي ينسب إليه.
والكوة في البيت أو الطرز والغرفة ملك يصيبه صاحبها وعز وغنى يناله، وللمكروب فرج وللمريض شفاء وللعازب إمرأة وللمرأة زوج، وإذا رأيت الكوة في البيت الذي ليس فيه كوة، فإنها لأهل الولاية ولاية وللتاجر تجارة.
الدرج: تدل على أسباب العلو والرفعة والإقبال في الدنيا والآخرة لقول معرب: ارتفعت درجة فلان وفلان رفيع الدرجة، وتدل على الإملاء والاستدراج لقوله تعالى ” سنستدرجهم من حيث لا يعلمون “. وربما دلت على مراحل السفر ومنازل المسافرين التي ينزلونها منزلة منزلة ومرحلة مرحلة، وربما دلت على أيام العمر المؤدية إلى غايته، ويدل المعروف منها على خادم الدار وعلى عبد صاحبها ودابته فمن صعد درجاً مجهولاً نظرت في أمره، فإن وصل إلى آخره وكان مريضاً مات، فإن في دخل في أعلاه غرفة وصلت روحه إلى الجنة، وإن حبس دونها حجب عنها بعد الموت، وإن كان سليماً ورام سفراً خرج لوجهه ووصل على الرزق إن كان سفره في المال، وإن كان لغير ذلك استدلت بما أفضى إليه أو لقيه في حين صعوده مما يدل على الخير والشر وتمام الحوائج ونقصها مثل أن يلقاه أربعون رجلاً أو يجد دنانير على هذا العدد، فإن ذلك بشارة بتمام ما خرج إليه، وإن كان العدد ثلاثين لم يتم له ذلك لأن الثلاثين نقص والأربعون تمام أتمها الله عز وجل لموسى بعسر ولو وجد ثلاثة وكان خروجه في وعد تم له لقوله تعالى في الثلاثة ” ذلك وعد غير مكذوب “. وكذلك إن أذن في طلوعه وكان خروجه إلى الحج تم له حجه، وإن لم يؤمل شيئاً من ذلك ولا رأى ذلك في أشهر الحج نال سلطاناً ورفعة إما بولاية أو بفتوى أو بخطابة أو بأذان على المنار أو ينجو ذلك من الأمور الرفيعة المشهورة.
ونزول الدرج للرائي إن كان مسافراً قدم من سفر، وإن كان مذكوراً رئيساً نزل عن رياسته وعزل عن عمله، وإن كان راكباً مشى راجلاً، وإن كانت له إمرأة عليلة هلكت، وإن كان هو المريض نظرت، فإن كان نزوله إلى مكان معروف أو إلى أهله وبيته أو إلى تبن كثير أو شعير أو إلى ما يدل على أموال الدنيا وعروضها أفاق من علتها، وإن كان نزوله من مكان مجهول لا يدريه أو برية أو إلى قوم موتى قد عرفهم ممن تقدمه أو كان سقوطه تكويراً أو سقط منها في حفرة أو بئر أو مطمورة أو إلى أسد افترسه أو إلى طائر اختطفه أو إلى سفينة مرسية أقلعت به أو إلى راحلة فوقها هودج فسارت به، فإن الدرج أيام عمره وجميع ما أنزل إليه منها موته حين تم أجله وانقضت أيامه، وإن كان سليماً في اليقظة من السقم وكان طاغياً أو كافراً نظرت فيما نزل إليه، فإن دل على الصلاح كالمسجد والخصب والرياض والاغتسال ونحو ذلك، فإنه يسلم ويتوب وينزل عما هو عليه ويتركه ويقطع عنه، وإن كان نزوله إلى ضد ذلك مما يدل على العظائم والكبائر والكفر كالجدب والنار العظيمة المخيفة والأسد والحيات والمهاوي العظام، فإنه يستدرج له ولا يؤخذ بغتة حتى يرد عليه ما يهلك فيه ويعطب عنده ولا يقدر على الفرار منه.
وتجدد بناء الدرج يستدل به على صلاح ما يدل عليه من فساده، فإن كان من لبن كان صالحاً، وإن كان من آجر كان مكروهاً، وقيل الدرجة أعمال الخير أولها الصلاة والثانية الصوم والثالثة الزكاة والرابعة الصدقة والخامسة الحج والسادسة الجهاد والسابعة القرآن، وكل المراقي أعمال الخير لقوله صلى الله عليه وسلم: اقرأ وارق، فالصعود منها إذا كان من طين أو لبن حسن الدين والإسلام ولا خير فيها إذا كانت من آجر.
وإن رأى أنه على غرفة بلا مرقاة ولا سلم صعد فيه، فإنه كمال دينه وارتفاع درجته عند الله لقوله تعالى ” نرفع درجات من نشاء “.
ورؤيا المرقي من طين للوالي رفعة وعز مع دين وللتجار تجارة مع دين، وإن كانت من حجارة، فإنه رفعة قساوة قلب، وإن كانت من خشب، فإنها مع نفاق ورياء، وإن كانت من ذهب، فإنه ينال دولة وخصباً وخيراً، وإن كانت من فضة، فإنه ينال جواري بعدد كل مرقاة، وإن كانت من صفر، فإنه ينال متاع الدنيا، ومن صعد مرقاة استفاد فهماً وفطنة يرتفع به، وقيل الدرجة رجل زاهد عابد، ومن قرب منه نال رفعة ونسكاً لقوله تعالى ” يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات “. وكل درجة للوالي ولاية سنة.
والسلم الخشب: رجل رفيع منافق والصعود فيه إقامة بنية لقوله تعالى ” أو سلماً في السماء فتاتيهم بآية “. وقيل ان الصعود فيه استعانة بقوم فيهم نفاق، وقيل هو دليل سفر، فإن صعد فيه ليستمع كلاماً من إنسان، فإنه يصيب سلطاناً لقوله ” أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين “.
وقال رجل لابن سيرين: رأيت كأني فوق سلم، فقال: أنت رجل تستمع على الناس، والسلم الموضوع على الأرض مرض وانتصابه صحة.
الطاق: الواسعة دليل على حسن خلق المرأة والضيقة دليل على سوء خلقها، والرجل إذا رأى أنه جالس في طاق ضيق، فإنه يطلق إمرأته جهاراً، وإن كان موضعه من الطاق واسعاً، فإن المرأة تطلق من زوجها سراً، والصفة رئيس يعتمده أهل البيت.
والدرب: دخول الدرب دخول في سوم تاجر أو ولاية وال أو صناعة ذي حرفة، فمن رأى درباً مفتوحاً، فإنه يدخل في عمل كما ذكرت.
الأبواب: الأبواب المفتحة أبواب الرزق وباب الدار قيمها فما حدث فيه فهو في قيم الدار.
وإن رأى في وسط داره باباً صغيراً فهو مكروه لأنه يدخل على أهل العورات وسيدخل تلك الدار خيانة في امرأته، وأبواب البيوت معناه يقع على النساء، فإن كانت جدداً فهن أبكار، وإن كانت خالية من الأقفال فهن ثيبات.
وإن رأى باب دار قد سقط أو قلع إلى خارج أو محترقاً أو مكسوراً فذلك مصيبة في قيم الدار، فإن عظم باب داره أو اتسع وقوي فهو حسن حال القيم.
وإن رأى أنه يطلب باب داره فلا يجده فهو حائر في أمر دنياه.
ومن رأى أنه دخل من باب، فإن كان في خصومة فهو غالب لقوله تعالى ” ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون “. فإذا رأى أبواباً فتحت من مواضع معروفة أو مجهولة، فإن أبواب الدنيا تفتح له ما لم يجاوز قدرها، فإن جاوز فهو تعطيل تلك الدار وخرابها، فإن كانت الأبواب إلى الطريق، فإن ما ينال من دنياه تلك يخرج إلى الغرباء والعامة، فإن كانت مفتحة إلى بيت في الدار كان يناله لأهل بيته.
وإن رأى أن باب داره اتسع فوق قدر الأبواب فهو دخول قوم عليه بغير إذن في مصيبة، وربما كان زوال باب الدار عن موضعه زوال صاحب الدار على خلقه وتغيره لأهل داره.
وإن رأى أنه خرج من باب ضيق إلى سعة فهو خروجه من ضيق إلى سعة، ومن هم إلى فرج.
وإن رأى أن لداره بابين، فإن إمرأته فاسدة، فمن رأى لبابه حلقتين، فإن عليه ديناً لنفسه، وانسداد باب الدار مصيبة عظيمة لأهل الدار.
العتبة: امرأة، فروي أن إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم قال لامرأة إبنه إسماعيل: قولي له غير عتبة بابك، فقالت له ذلك فطلقها، وقيل إن العتبة الدولة والأسكفة هي المرأة والعضادة رئيس الدار وقيمها فقلعها ذلك لقيم الدار بعد العز وتغيبها عن البصر موت القيم كما أن قلع أسكفته تطليق المرأة.
وأما قوائم الباب وحلقته: فتدل على إذن صاحبه وعلى حاجبه وخادمه، فمن رأى شيئاً من ذلك نقصاً أو حدوثاً أو زيادة أو جدة عاد ذلك على المضاف إليه بزيادة الأدلة وشواهد اليقظة.
وحكي أن إمرأة أتت ابن سيرين، فقالت: رأيت في المنام أسكفة بابي العليا وقعت على السفلى، ورأيت المصراعين قد سقطا فوقع أحدهما خارج البيت والآخر داخل البيت، فقال لها: ألك زوج وولد غائبان قالت: نعم، فقال: أما سقوط الأسكفة العليا فقدوم زوجك سريعاً، وأما وقوع المصراع خارجاً، فإن ابنك يتزوج إمرأة غريبة، فلم تلبث إلا قليلاً حتى قدم زوجها وابنها جمع غريبة.
وإن رأى أنه قلع حلقة بابه، فإنه يدخل في بدعة.
الغلق أو القفل: من خشب هو البلط إذا فتح يكون فيه مكر.
ومن رأى أنه يغلق باب داره بالبلط، فإنه محكم في حفظ دنياه، فإن لم يكن له بلط فليس له ضبط في أمر دنياه.
وإن رأى أنه يزيد إغلاق باب داره ولا ينغلق، فإنه يمتنع من أمر يعجز عنه.
وإن رأى غاز أنه يفتح باباً يغلق، فإنه ينقب حصناً أو يفتحه، فإن فتحه رجل، فإنه يمكر بالمنسوب إلى ذلك النقب ويفتح عليه خير من قبل ذلك الرجل.
الأرض وجبالها وصخورها وترابها
أما الأرض فتدل على الدنيا لمن ملكها على قدر اتساعها وكبرها وضيقها وصغرها، وربما دلت الأرض على الدنيا والسماء على الآخرة لأن الدنيا أدنيت والآخرة أخرت سيما أن الجنة في السماء وتدل الأرض المعروفة على المدينة التي هو فيها وعلى أهلها وساكنها، وتدل على السفر إذا كانت طريقاً مسلوكاً كالصحارى والبراري وتدل على المرأة إذا كانت مما يدرك حدودها ويرى أولها وآخرها، وتدل على الأمة والزوجة لأنها توطأ وتحرث وتبذر وتسقى فتحمل وتلد وتضع نباتها إلى حين تمامها، وربما كانت الأرض أماً لأننا خلقنا منها، فمن ملك أرضاً مجهولة استغنى إن كان فقيراً وتزوج إن كان عازباً وولي إن كان عاملاً، وإن باع أرضاً أو خرج منها إلى غيرها مات إن كان مريضاً سيما إن كانت الأرض التي انتقل إليها مجهولة وافتقر إن كان موسراً سيما إن كانت الأرض التي فارقها ذات عشب وكلأ أو خرج من مذهب إلى مذهب إن كان نظاراً، فإن خرج من أرض جدبة إلى أرض خصبة انتقل من بدعة إلى سنة، وإن كان على خلاف ذلك فالأمر على ضده، وإن رأى ذلك مؤمل السفر فهو ما يلقاه في سفره.
وإن رأى كأن الأرض انشقت فخرج منها شاب ظهرت بين أهلها عداوة، فإن خرج منها شيخ سعد جدهم ونالوا خصباً، وإن رآها انشقت فلم يخرج منها شيء ولم يدخل فيها شيء حدث في الأرض حادثة شر، فإن خرج منها سبع دل على ظهور سلطان ظالم، فإن خرج حية فهي عذاب باق في تلك الناحية، وإن انشقت الأرض بالنبات نال أهلها خصباً.
وإن رأى أنه يحفر الأرض ويأكل منها نال مالاً بمكر لأن الحفر مكر.
وإن رأى أرضاً تفطرت بالنبات وفي ظنه أنه ملكه وفرح بذلك دل على أنه ينال ما يشتهي ويموت سريعاً لقوله تعالى ” حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة “.
ومن رأى أنه تولى طي الأرض بيده نال ملكاً، وقيل إن طي الأرض أصاب ميراثاً.
وضيق الأرض يؤول بضيق المعيشة، ومن كلمته الأرض بالخير نال خيراً في الدين والدنيا وكلامها المشتبه المجهول المعنى مال من شبهة.
والخسف بالأرض يؤول بزوال النعم وانقلاب الأحوال والغيبة في الأرض من غير حفر طول غربة في طلب الدنيا أو موت في طلب الدنيا، فإن غاب في حفيرة ليس فيها منفذ، فإنه يمكر به في أمر بقدر ذلك، ومن كلمته الأرض بكلام توبيخ فليتق الله، فإنه مال حرام.
ومن رأى أنه قائم في مكان فخسف به، فإن كان والياً، فإنه تنقلب عليه الدنيا ويصير الصديق عدوه وسروره غماً لقوله تعالى ” فخسفنا به وبداره الأرض “.
وإن رأى محلة أو أرضاً طويت على الناس، فإنه يقع هناك موت أو قال، وقيل يهلك فيه أقوام بقدر الذي طويت عليهم أو ينالهم ضيق وقحط أو شدة، فإن كان ما طوي له وحده فهو ضيق معيشته وأموره.
وإن رأى إنها بسطت له أو نشرت له فهو طول حياته وخير يصيبه.
والمفازة: إسمها مستحب وهي فوز من شدة إلى رخاء، ومن ضيق إلى سعة، ومن ذنب إلى توبة، ومن خسران إلى ربح، ومن مرض إلى صحة.
ومن رأى أنه في بر، فإنه يناله فسحة وكرامة وفرحاً وسروراً بقدر سعة البر والصحراء وخضرتها وزرعها.
والأرض القفر فقر والوادي بلا زرع حج لقوله تعالى ” ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع “.
ومن رأى أنه يهيم في واد، فإنه يقول ما لا يفعل لقوله تعالى عن الشعراء ” ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون “.
الجبل: ملك أو سلطان قاسي القلب قاهر أو رجل ضخم على قدر الجبل وعظمه وطوله وقصره وعلوه، ويدل على العالم والناسك ويدل على المراتب العالية والأماكن الشريفة والمراكب الحسنة والله تعالى خلق الجبال أوتاداً للأرض حين اضطربت فهي كالعلماء والملوك لأنهم يمسكون ما لا تمسكه الجبال الراسية، وربما دل على الغايات والمطالب لأن الطالع إليه لا يصعد إلا بجاهه، فمن رأى نفسه فوق جبل أو مسنداً إليه أو جالساً في ظله تقرب من رجل رئيس واشتهر به واحتمى به إما سلطان أو فقيه عالم عابد ناسك فكيف به إن كان فوقه يؤذن أذان السنة مستقبل القبلة أو كان يرمى عن قوس بيده، فإنه يمتد صيته في الناس على قدر امتداد صوته وتنفذ كتبه وأوامره إلى المكان الذي وصلت إليه سهامه، وإن كان من رأى نفسه عليه خائفاً في اليقظة أمن، وإن كان في سفينة نالته في بحره شدة وعقبة يرشى من أجلها.
وقال ابن سيرين: الجبل حينئذ عصمة إلا أن يرى في المنام كأنه فر من سفينة إلى جبل، فإنه يعطب ويهلك لقصة إبن نوح، وقد يدل ذلك على من لم يكن في يقظته في سفينة ولا بحر على مفارقة رأي الجماعة والانفراد بالهوى والبدعة فكيف إذا كان معه وحش الجبال وسباعها أو كانت السفينة التي فر منها إلى الجبل فيها قاض أو رئيس في العلم أو إمام عادل.
وأما صعود الجبال فيؤول بمطلب يطلبه وأمر يرومه فيسأل عما قد هم به في اليقظة أو أمله فيها من صحبة السلطان أو عالم أو الوقوف إليهما في حاجة أو في سفر في البر وأمثال ذلك، فإن كان صعوده إياه كما يصعد الجبال أو بدرج أو طريق آمن سهل عليه كل ما أهله وخف عليه كل ما حوله، وإن نالته فيه شدة أو صعد إليه بلا درج ولا سلم ولا سبب ناله خوف وكان أمره غرراً كله، فإن خلص إلى أعلاه نجا من بعد ذلك، وإن وهب من نومه دون الوصول أو سقط في المنام هلك في مطلوبه وحيل بينه وبين مراده أو فسد دينه في عمله وعندها ينزل به من التلف والإصابة من الضرر والمصيبة والحزن على قدر ما انكسر من أعضائه.
والسقوط من فوق الجبل والروابي والسقوف وأعالي الحيطان والنخل والشجر، فإنه يدل على مفارقة من يدل ذلك الشيء الذي سقط عنه في التأويل عليه من سلطان أو عالم أو زوج أو زوجة أو عبد أو ملك أو عمل أو حال من الأحوال يسأل الرائي عن أهم ما هو عليه في يقظته مما يرجوه ويخافه ويقدمه ويؤخره في فراقه له ومداومته إياه، فإن شكلت اليقظة لكثرة ما فيها من المطالب والأحوال أو لتغيرها من الآمال حكم له بمفارقة من سقط عنه في المنام على قدر دليله في التأويل، ويستدل على التفرقة بين أمريه على قدر دليله وأن علمه باستكماله من الشيء الذي كان عليه وقوته وضعفه واضطرابه ربما أفضى إليه من سقوطه من جدب أو خصب أو وعر أو سهل أو حجر أو رمل أو أرض أو بحر ربما عاد عليه في جسمه في حين سقوطه ويدل على السقوط في المعاصي والفتن والردى إذا كان سقوطه فيما يدل على ذلك مثل أن يسقط إلى الوحش والغربان والحيات وأجناس الفأر أو إلى القاذورات والحمأة، وقد يدل ذلك على ترك الذنوب والإقلاع عن البدع إذا كان فراره من مثل ذلك، أو كان سقوطه في مسجد أو روضة أو إلى نبي أو روضة أو إلى نبي أو أخذ مصحف أو إلى صلاة في جماعة.
وأما ما عاد إلى الجبل من سقوط أو هدم أو احتراف، فإنه دال على هلاك من دل الجبل عليه أو دماره أو قتله إلا أن يرتفع في الهواء على رؤوس الخلق، فإنه خوف شديد يظل على الناس من ناحية الملك لأن بني إسرائيل رفع الجبل فوقهم كالظلة تخويفاً من الله لهم وتهديداً على أما تسيير الجبال فدليل على قيامة قائمة إما حرب تتحرك ففيه الملوك بعضها على بعض أو اختلاف واضطراب يجري بين علماء الأرض في فتنة وشدة يهلك فيها العامة، وقد يدل ذلك على موت وطاعون لأنها من علامات القيامة.
أما الجبل إذا رجع زبداً أو رماداً أو تراباً فلا خير فيه لمن دل الجبل عليه لا في حياته ولا في دينه، فإن كان المضاف إليه ممن عز بعد ذلته وآمن بعد كفره واتقى الله من بعد طغيانه عاد إلى ما كان عليه ورجع إلى أولى حالتيه لأن الله تعالى خلق الجبال فيما زعموا من زبد الماء والزبد باطل كما عبر به تعالى في كتابه.
والجبل الذي فيه الماء والنبات والخضرة، فإنه ملك صاحب دين، وإذا لم يكن فيه نبات ولا ماء، فإنه ملك كافر طاغ لأنه كالميت لا يسبح الله تعالى ولا يقدسه.
والجبل القائم غير الساقط فهو حي وهو خير من الساقط والساقط الذي صار صخوراً فهو ميت لأنه لا يذكر الله ولا يسبحه، ومن ارتقى على جبل وشرب من مائه وكان أهلاً للولاية نالها من رجل ملك قاسي القلب نفاع وما لا يقدر ما شرب، وإن كان تاجراً ارتفع أمره وربح وسهولة صعوده فيه سهولة الإفادة للولاية من غير تعب، والعقبة عقوبة وشدة، فإن هبط منه نجا، وإن صعد ارتفاع وسلطنة مع تعب.
والصخور التي حول الجبل والأشجار قواد ذلك المكان، وكل صعود رفعة وكل هبوط ضعة وكل طلوع يدل على هم فنزوله فرج وكل صعود يدل على ولاية فنزوله عزل.
وإن رأى أنه حمل جبلاً فثقل عليه، فإنه يحمل مئونة رجل ضخم أو تاجر يثقل عليه، فإن خف خف عليه.
وإن رأى أنه دخل في كهف جبل، فإنه ينال رشداً في دينه وأموره ويتولى أمور السلطان ويتمكن، فإن دخل كهف جبل في غار، فإنه يمكر بملك أو رجل منيع، فإن استقبله جبل استقبله هم أو سفر أو رجل منيع أو أمر صعب أو إمرأة صعبة قاسية.
وإن رأى أنه صعد الجبل، فإن الجبل غاية مطلبه يبلغها بقدر ما أنه صعد حتى يستوي فوقه.
وكل صعود يراه الإنسان أو عقبة أو تل أو سطح أو غير ذلك، فإنه نيل ما هو طالب من قضاء الحاجة التي يريدها والصعود مستوياً مشقة ولا خير فيه.
وإن رأى أنه هبط من تل أو قصر أو جبل، فإن الأمر الذي يطلبه ينتقص ولا يتم.
ومن رأى أنه يهدم جبلاً، فإنه يهلك رجلاً.
ومن رأى أنه يهتم بصعود جبل أو يزاوله كان ذلك الجبل حينئذ غاية يسمو إليها، فإن هو علاه نال أمله، فإن سقط عنه يغترب حاله، وكل الارتفاع محمود إلا أن يكون مستوياً لقوله تعالى ” سأرهقه صعوداً “.
وإن رأى أنه يأكل الحجر، فإنه ييئس من رجاء يرجوه، فإن أكله مع الخبز، فإنه يداري ويحتمل بسبب معيشته صعوبة.
وإن رأى أنه يحذف الناس بالحجر، فإنه يلوط لأن الحذف من أفعال قوم لوط.
التل والرابية: إذا كانت الأرض دالة على الناس إذ منها خلقوا، فكل ما نشز منها وتل ورابية وكدية وشرف يدل على كل من ارتفع ذكره على العامة بنسب أو علم أو مال أو سلطان، وقد تدل على الأماكن الشريفة والمراتب العالية والمراكب الحسنة، فمن رأى نفسه فوق شيء منها، فإن كان مريضاً كان ذلك نعشه سيما إن رأى الناس تحته، وإن لم يكن مريضاً وكان طالباً للنكاح تزوج إمرأة شريفة عالية الذكر لها من سعة الدنيا بقدر ما حوت الرابية من سعة الأرض وكثرة التراب والرمل.
وإن رأى أنه يخطب الناس فوق ذلك أو يؤذن، فإن كان أهلاً للملك ناله أو القضاء أو الفتيا أو الآذان أو الخطبة أو الشهرة والسمعة لأنها مقام أشراف العرب.
ومن رأى أرضاً مستوية فيها رابية أو تل، فإنه رجل له من سعة الدنيا بقدر ما حوله من الأرض المستوية.
وإن رأى حوله خضرة، فإنه دينه أو حسن معاملته، فمن رأى أنه قعد على ذلك التل أو تعلق به أو استمكن منه، فإنه يتعلق برجل عظيم كما وصفت.
وإن رأى أنه جالس في ظل التل، فإنه يعيش في كنف الرجل.
وإن رأى أنه سائر على التلال، فإنه ينجو.
ومن رأى كأنه ينزل من مكان مرتفع، فإنه يناله هم وغم، والسير في الوهدة عسر يرجو صاحبه اليسر في عاقبته.
والصخور الميتة: تدل على الموتى لانقطاعها من الجبال الحية المسبحة وتدل على أهل القسوة والغفلة والجهالة وقد شبه الله تعالى بها قلوب الكفار والحكماء تشبه الجاهل بالحجر، وربما أخذت الشدة من طبعها والحجر والمنع من إسمها، فمن رأى كأنه ملك حجراً أو اشترى له أو قام عليه ظفر برجل على نعته أو تزوج إمرأة على شبهه على قدر ما عنده من الحال في اليقظة، ومن تحول فصار حجراً قسا قلبه وعصى ربه وفسد دينه، وإن كان مريضاً ذهبت حياته وتعجلت وفاته وإلا أصابه فالج تتعطل منه حركاته.
وسقوط الحجر من السماء إلى الأرض على العالم أو في الجوامع، فإنه رجل قاس وال أو عشار يرمي به السلطان على أهل ذلك المكان إلا أن يكونوا يتوقعون قتالاً، فإنها وقعة تكون الدائرة فيها والشدة والمصيبة على أهل ذلك المكان فكيف إن تكسر الحجر وطار فلق تكسيره إلى الدور والبيوت، فإنه دلالة على افتراق الأنصبة في تلك الوقعة وتلك البلية فكل من دخلت داره منها فلقة نزل بها منها مصيبة، وإن كان الناس في جدب يتقون دوامه ويخافون عاقبته كان الحجر شدة تنزل بالمكان على قدر عظم الحجر وشدته وحاله فكيف إن كان سقوطه في الأنادر أو في رحاب الطعام، وإن كانت حجارة عظيمة قد يرمي بها الخلق من السماء فعذاب ينزل من السماء بالمكان لأن الله سبحانه قتل أصحاب الفيل حين رمتهم الطير بها فإما وباء أو جراد أو برد أو رياح أو مغرم أو غارة ونهبه وأمثال ذلك على قدر زيادة الرؤيا وشواهد اليقظة.
الحصا: تدل على الرجال والنساء وعلى الصغار من النساء وعلى الدراهم البيض المعدودة لأنها من الأرض وعلى الحفظ والإحصاء لما ألم به طالبه من علم أو شعر وعلى الحج ورمي الجمار وعلى القسوة والشدة وعلى السباب والقذف، فمن رأى طائراً نزل من السماء إلى الأرض فالتقط حصاة وطار بها، فإن كان ذلك في مسجد هلك منه رجل صالح أو من صلحاء الناس، فإن كان صاحب الرؤيا مريضاً وكان من أهل الخير أو ممن يصلي أيضاً فيه ولم يشركه في المرض أحد ممن يصلي أيضاً فيه فصاحب الرؤيا ميت، وإن كان التقاطه للحصاة من كنيسة كان الاعتبار في فساد المريض كالذي قدمناه، وإن التقطها من دار أو من مكان مجهول فمريض صاحب الرؤيا من ولد أو غيره هالك فأما من التقط عدداً من الحصى وصيرها في ثوبه أو ابتلعها في جوفه، فإن كان التقاطه إياها من مسجد أو دار عالم أو حلقة ذكر أحصى من العلم والقرآن وانتفع من الذكر والبيان بمقدار ما التقط من الحصار، وإن كان التقاطه من الأسواق أو من الفدادين وأصول الشجر فهي فوائد من الدنيا وفي دراهم تتألف له عن سبب الثمار أو النبات أو من التجارة والسمسرة أو من السؤال والصدقة لكل إنسان على قدر همته وعادته في يقظته، وإن كان التقاطه من طف البحر فعطايا من السلطان إن كان يخدمه أو فوائد من البحر إن كان يتجر فيه أو علم يكتسبه من عالم إن كان ذلك طلبه أو هبة وصلة من زوجة غنية إن كانت له أو ولد أو نحوه.
التراب: يدل على الناس لأنهم خلقوا منه وربما دل على الأنعام والدواب ويدل على الدنيا وأموالها لأنه من الأرض وبه قوام معاش الخلق والعرب تقول: أترب الرجل إذا استغنى، وربما دل على الفقر والميتة والقبر لأنه فراش الموتى، والعرب تقول: ترب الرجل إذا افتقر، وقال تعالى ” أو مسكيناً ذا متربة “. فمن حفر أرضاً واستخرج ترابها، فإن كان مريضاً أو عنده مريض، فإن ذلك قبره، وإن كان مسافراً كان حفره سفره وترابه كسبه وماله وفائدته لأن الضرب في الأرض سفر لقوله تعالى ” وآخرون يضربون في الأرض “. وإن كان طالباً للنكاح كانت الأرض زوجة والحفر إفتضاضاً والمعول الذكر والتراب مال المرأة أو دم عذرتها، وإن كان صياداً فحفره ختله للصيد وترابه كسبه وما يستفيده وإلا كان حفره مطلوباً يطلبه في سعيه ومكسبه مكراً أو حيلة.
وأما من عفر يديه من التراب أو ثوبه من الغبار أو به تمعك في الأرض، فإن كان غنياً ذهب ماله ونالته ذلة وحاجة، وإن كان عليه دين أو عنده وديعة رد ذلك إلى أهله وزال جميعه من يده واحتاج من بعده، وإن كان مريضاً نقصت يده من مكاسب الدنيا وتعرى من ماله ولحق بالتراب.
وضرب الأرض بالتراب دال على المضاربة بالمكاسبة وضربها بسير أو عصا يدل على سفر بخير، وقيل المشي في التراب التماس مال، فإن جمعه أو أكله، فإنه يجمع مالاً ويجري على يديه مال، وإن كانت الأرض لغيره فالمال لغيره، فإن حمل شيئاً من التراب أصاب منفعة بقدر ما حمل، فإن كنس بيته وجمع منه تراباً، فإنه يحتال حتى يأخذ من إمرأته مالاً، فإن جمعه من حانوته جمع مالاً من معيشته.
ومن رأى أنه يستف التراب فهو مال يصيبه لأن التراب مالك ودراهم.
وإن رأى أنه كنس تراب سقف بيته وأخرجه فهو ذهاب مال امرأته، فإن مطرت السماء تراباً فهو صالح ما لم يكن غالباً، ومن انهدمت داره وأصابه من ترابها وغبارها أصاب مالاً من ميراث، فإن وضع تراباً على رأسه أصاب مالاً من تشنيع ووهن.
ومن رأى كأن إنساناً يحثي التراب في عينه، فإن الحاثي ينفق مالاً على المحثي ليلبس عليه أمر أو ينال منه مقصوده.
وإن رأى كأن السماء أمطرت تراباً كثيراً فهو عذاب، ومن كنس دكانه وأخرج التراب ومعه قماش، فإنه يتحول من مكان إلى مكان.
الرمل: أيضاً يجري مجرى التراب في دلالة الموت والحياة والغنى والمسكنة لأنه من الأرض والعرب تقول: أدمل الرجل إذا افتقر، ومنه أيضاً المرملات وهن اللواتي قد مات أزواجهن، وربما دل السعي فيه على القيود والعقلة والحصار والشغب والنصب وكل ما سعى فيه من الهم والحزن والخصومة والتظلم لأن الماشي فيه يحصل ولا يركض راجلاً يمشي فيه أو راكباً على قدر كثرته وقلته ونزول القدم فيه يكون دلالته في الشدة والخفة.
ومن رأى أن يده في الرمل، فإنه يتلبس بأمرهن أمور الدنيا.
وإن رأى أنه استف الرمل أو جمعه أو حمله، فإنه يجمع مالاً ويصيب خيراً، ومن مشى في الرمل، فإنه يعالج شغلاً شاغلاً على قدر كثرته وقلته.
الرياح والمطر والصواعق والزلازل
الرياح تدل على السلطان في ذاته لقوتها وسلطانها على ما دونها من المخلوقات مع نفعها وضرها، وربما دل على ملك السلطان وجنده وأوامره وحوادثه وخدمه وأعوانه وقد كانت خادماً لسليمان عليه السلام، وربما دلت على العذاب والآفات لحدوثها عند هيجانها وكثرة ما يسقط من الشجر ويغرق من السفن بها لاسيما إن كانت دبوراً ولأنها الرياح التي هلكت عاد بها ولأنها رياح لا تلقح، وربما دلت الرياح على الخصب والرزق والنصر والظفر والبشارات لأن الله عز وجل يرسلها نشراً بين يدي رحمته وينجي بها السفن الجاريات بأمره فكيف بها إن كانت من رياح اللقاح لما يعود منها من صلاح النبات والثمر وهي الصبا وقد قال صلى الله عليه وسلم: نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور، والعرب تسمي الصبا القبول لأنها تقابل الدبور ولو لم يستدل بالقبول والدبور إلا باسمها لكفى، وربما دلت الرياح على الأسقام والعلل والهائجة في الناس كالزكام والصداع ومنه قول الناس عند ذلك هذه رياح هائجة لأنها علل يخلقها الله عز وجل.
ومن رأى رياحاً تقله وتحمله بلا روع ولا خوف ولا ظلمة ولا ضبابة، فإنه يملك الناس إن كان يليق به ذلك أو يرأس عليهم ويسخرون لخدمته بوجوه من العز أو يسافر في البحر سليماً إن كان من أهل ذلك أو ممن يؤمله أو تنفق صناعته إن كانت كاسدة، أو تحته رياح تنقله وترفعه ورزق إن كان فقيراً، وإن كان رفعها إياه وذهابها به مكوراً مسحوباً وهو خائف مروع قلق، أو كانت لها ظلمة وغبرة، فإن كان في سفينة عطبت به، وإن كان في علة زادت به وإلا نالته زلازل وحوادث أو خرجت فيه أو أمر السلطان أو الحاكم ينتهي فيها إلى نحو ما وصل إليه في المنام، فإن لم يكن شيء من ذلك أصابته فتنة غبراء ذات رياح مطبقة وزلازل مقلقة.
وإن رأى الرياح في تلك الحال تقلع الشجر وتهدم الجدر أو تطير بالناس أو بالدواب أو بالطعام، فإنه بلاء عام في الناس إما طاعون أو سيف أو فتنة أو غارة أو سبي أو مغرم وجور ونحو ذلك، فإن كانت الرياح العامة ساكتة أو كانت من رياح اللقاح، فإن كان الناس في جور أو شدة أو وباء أو حصار من عدو بدلت أحوالهم وانتقلت أمورهم وفرجت همومهم.
ورياح السموم تدل على أمراض حارة، والرياح مع الصفرة مرض والرياح مع الرعد سلطان جائر مع قوة.
ومن رأى أن الرياح حملته من مكان إلى مكان أصاب سلطاناً أو سافر سفراً لا يعود منه لقوله تعالى ” أو تهوي به الريح في مكان سحيق “.
ومن رأى سقوط الرياح على مدينة أو عسكر، فإن كانوا في حرب هلكوا والرياح اللينة الصافية خير وبركة والرياح العاصف جور السلطان والرياح مع الغبار دليل الحرب.
السحاب: يدل على الإسلام الذي به حياة الناس ونجاتهم وهو سبب رحمة الله تعالى لحملها الماء الذي به حياة الخلق، وربما دلت على العلم والفقه والحكمة والبيان لما فيها من لطيف الحكمة بجريانها حاملة وقراً في الهواء ولما ينعصر منها من الماء، وربما دلت على العساكر والرفاق لحملها الماء الدال على الخلق الذي خلقوا من الماء، وربما دلت على الإبل القادمة بما ينبت بالماء كالطعام والكتان لما قيل إنها تدل على السحاب لقوله تعالى ” أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت “. وربما دلت على السفن الجارية في الماء في غير أرض ولا سماء حاملة جارية بالرياح، وقد تدل على الحامل من النساء لأن كلتيهما تحمل الماء وتجنه في بطونها إلا أن يأذن لها ربها بإخراجه وقذفه، وربما دلت على المطر نفسه لأنه منها وبسببها، وربما دلت على عوارض السلطان وعذابه وأوامره، وإذا كانت سوداء أو كان معها ما يدل على العذاب لما يكون فيها من الصواعق والحجارة مع ما نزل بأهل الظلمة حين حسبوها عارضاً تمطرهم فأتتهم بالعذاب وبمثل ذلك أيضاً يرتفع على أهل النار، فمن رأى سحاباً في بيته أو نزلت عليه في حجره أسلم إن كان كافراً ونال علماً وحكماً إن كان مؤمناً أو حملت زوجته إن كان في ذلك راغباً أو قدمت إبله وسفينته إن كان له شيء من ذلك.
وإن رأى نفسه راكباً فوق السحاب أو رآها جارية تزوج إمرأة صالحة إن كان عازباً أو سافر أو حج إن كان يؤمل ذلك وإلا شهر بالعلم والحكمة إن كان لذلك طالباً وإلا ساق بعسكر أو سرية أو قدم في رفقة إن كان لذلك أهلاً وإلا رفعه السلطان على دابة شريفة إن كان ممن يلوذ به وكان راجلاً وإلا بعثه على نجيب رسولاً.
وإن رأى سحباً متوالياً قادمة جانية والناس لذلك ينتظرون مياهها وكانت من سحب السماء ليس فيها شيء من دلائل العذاب قدم تلك الناحية ما يتوقعه الناس وما ينتظرونه من خير يقدم أو رفقة تأتي أو عساكر ترد أو قوافل تدخل، وإن رآها سقطت بالأرض أو نزلت على البيوت أو في الفدادين أو على الشجر والنبات فهي سيول وأمطار أو جراد أو قطا أو عصفور، وإن كان فيها مع ذلك ما يدل على الهم والمكروه كالسموم والرياح الشديدة والنار والحجر والحيات والعقارب، فإنها غارة تغير عليهم وتطرقهم في مكانهم أو رفقة قافلة تدخل بنعي أكثرهم ممن مات في سفرهم أو مغرم وخراج يفرضه السلطان عليهم أو جراداً ودباً يضر بنباتهم ومعايشهم أو مذاهب وبدع تنتشر بين أظهرهم ويعلن بها على رؤوسهم، وقيل إن السحاب ملك رحيم أو سلطان شفيق فمن خالط السحاب، فإنه يخالط رجال من هؤلاء، ومن أكل السحاب، فإنه ينتفع من رجل بمال حلال أو حكمة، وإن جمعه نال حكمة من رجل مثله، فإن ملكه نال حكمة وملكاً.
وإن رأى أن سلاحه من عذاب، فإنه رجل محتاج.
وإن رأى أنه يبني داراً على السحاب، فإنه ينال دنيا شريفة حلالاً مع حكمة ورفعة، فإن بنى قصراً على السحاب، فإنه يتجنب من الذنوب بحكمة يستفيدها وينال من خيرات يعلمها.
وإن رأى في يده سحاباً يمطر منه المطر، فإنه ينال بحكمة ويجري على يده الحكمة.
وإن رأى أنه تحول سحاباً يمطر على الناس نال مالاً ونال الناس منه.
والسحاب إذا لم يكن فيه مطر، فإن كان ممن ينسب إلى الولاية، فإنه لا ينصف ولا يعدل، وإذا نسب إلى التجارة، فإنه لا يفي بما يتبع ولا بما يضمن، وإن نسب إلى عالم، فإنه يبخل بعمله، وإن كان صانعاً، فإنه متقن الصناعة حكيم والناس محتاجون إليه.
والسحاب سلاطين لهم يد على الناس ولا يكون للناس عليهم يد، وإن ارتفعت سحابة فيها رعد وبرق، فإنه ظهور سلطان مهيب يهدد بالحق.
ومن رأى سحاباً نزل من السماء وأمطر مطراً عاماً، فإن الإمام ينفذ إلى ذلك الموضع إماماً عادلاً فيهم سواء كان السحاب أبيض أو أسود، وأما السحاب الأحمر في غير حينه فهو كرب أو فتنة أو مرض، وقيل من رأى سحاباً ارتفع من الأرض إلى السماء وقد أظل بلداً، فإنه يدل على الخير والبركة، وإن كان الرائي يريد سفراً تم له ذلك ورجع سالماً، وإن كان غير مستور بلغ مناه فيما يلتمس من الشر، وقيل إن السحاب الذي يرتفع من الأرض إلى السماء يدل على السفر ويدل فيمن كان راجعاً على رجعته من سفره، والسحاب المظلم يدل على غم والسحاب الأسود يدل على برد شديد أو حزن.
المطر: يدل على رحمة الله تعالى ودينه وفرجه وعونه وعلى العلم والقرآن والحكمة لأن الماء حياة الخلق وصلاح الأرض ومع فقده هلاك الأنام والأنعام وفساد الأمر في البر والبحر فكيف إن كان ماؤه لبناً أو عسلاً أو سمناً، ويدل على الخصب والرخاء ورخص الأسعار والغنى، لأنه سبب ذلك كله وعنده يظهر فكيف إن كان قمحاً أو شعيراً أو زيتاً أو تمراً أو زبيباً أو تراباً لا غبار فيه ونحو ذلك مما يدل على الأموال والأرزاق، وربما دل على الحوائج النازلة من السماء كالجراد أو البرد أو الرياح سيما إن كان فيه نار أو كان ماؤه حاراً لأن الله سبحانه عبر في كتابه عما أنزله على الأمم من عذابه بالمطر كقوله تعالى ” وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذرين “. وربما دل على الفتن والدماء تسفك سيما إن كان ماؤه دماً، وربما دل على العلل والأسقام الجدري والبرسام إن كان في غير وقته وفي حين ضرره لبرده وحسن نقطه وكل ما أضر بالأرض ونباتها منه فهو ضار للأجسام الذين أيضاً خلقوا منها ونبتوا فيها فكيف إن كان المطر خاصة في دار أو قرية أو محلة مجهولة، وربما دل على ما نزل السلطان من البلاء والعذاب كالمغارم والأوامر سيما إن كان المطر بالحيات وغير ذلك من أدلة العذاب، وربما دلت على الأدواء والعقلة والمنع والعطلة للمسافرين والصناع وكل من يعمل عملاً تحت الهواء المكشوف لقوله تعالى ” إن كان بكم أذى من مطر “.
ومن رأى مطراً عاماً في البلاد، فإن كان الناس في شدة خصبوا ورخص سعرهم إما بمطر كما رأى أو لرفقه أو سفن تقدم بالطعام، وإن كانوا في جور وعذاب وأسقام فرج ذلك عنهم إن كان المطر في ذلك الحين نافعاً، وإن كان ضاراً أو كان فيه حجر أو نار تضاعف ما هم فيه وتواتر عليهم على قدر قوة المطر وضعفه، فإن كان رشاً فالأمر خفيف فيما يدل عليه.
ومن رأى نفسه في المطر أو محصوراً منه تحت سقف أو جدار فأمر ضرر يدخل عليه بالكلام والأذى، وإما أن يضرب على قدر ما أصابه من المطر، وإما أن يصيبه نافض إن كان مريضاً أو كان ذلك أوانه أو كان المكان مكانه، وأما الممنوع تحت الجدار فإما عطلة عن عمله أو عن سفره أو من أجل مرضه أو سبب فقره أو يحبس في السجن على قدر ما يستدل على كل وجه منها بالمكان الذي رأى نفسه فيه وبزيادة الرؤيا وما في اليقظة إلا أن يكون قد اغتسل في المطر من جنابة أو تطهر منه للصلاة أو غسل بمائه وجهه فيصح له بصره أو غسل به نجاسة كانت في جسمه أو ثوبه، فإن كان كافراً أسلم، وإن كان بدعياً أو مذنباً تاب، وإن كان فقيراً أغناه الله، وإن كان يرجو حاجة عند السلطان أو عند من يشبهه نجحت لديه وسمح له بما قد احتاج إليه، وكل مطر يستحب نوعه فهو محمود وكل مطر يكره نوعه فهو مكروه.
وقال ابن سيرين: ليس في كتاب الله تعالى فرج في المطر إذا جاء اسم المطر فهو غم مثل قوله تعالى ” وأمطرنا عليهم مطراً ” وقوله ” وأمطرنا عليهم حجارة “. وإذا لم يسم مطراً فهو فرج الناس عامة لقوله تعالى ” ونزلنا من السماء ماء مباركاً “. وقيل المطر يدل على قافلة الإبل كما أن قافلة الإبل تدل على المطر، والمطر العام غياث.
وإن رأى أن السماء أمطرت سيوفاً، فإن الناس يبتلون بجدال وخصومة، فإن أمطرت بطيخاً، فإنهم يمرضون، وإن أمطرت من غير سحاب فلا ينكر ذلك لأن المطر ينزل من السماء، وقيل إنه فرج من حيث لا يرجى ورزق من حيث لا يحتسب، ولفظ الغيث والماء النازل وما شاكل ذلك أصلح في التأويل من لفظ المطر.
الرعد: يدل على وعيد السلطان وتهدده وإرعاده ومنه يقال هو يرعد ويبرق، وربما دل على المواعيد الحسنة والأوامر الجزلة لأنه أوامر ملك السحاب بالنهوض والجود إلى من أرسلت إليه، وتدل الرعود أيضاً على طبول الزحف والبعث والسحاب على العساكر والبرق على النصال والبنود المنشورة الملونة والأعلام والمطر على الدماء المراقة والصواعق على الموت.
ومن رأى رعداً في السماء، فإنها أوامر تشيع من السلطان، وإن رأى ذلك من صلاحه بالمطر وكان الناس منه في حاجة دل على ذلك الأمطار أو على مواعيد السلطان الحسان، وقد يدل على الوجهين ويبشر بالأمرين، وإن كان صاحب الرؤيا ممن يضره المطر كالمسافر والقصار والغسال والبناء والحصاد، ومن يجري مجراهم فإما مطر يضر به ويفعله ويفسد ما قد عمله وقد أوذنوا به قبل حلوله ليتحذروا بأخذ الأهبة ويستعدوا للمطر، وأما أوامر السلطان أو جناية عليه في ذلك مضرة، فكيف إن كان المطر في ذلك الوقت ضاراً كمطر الصيف.
وإن رأى مع البرق رعوداً تأكدت دلالة الوعد فيما يدل عليه، وإذا كانت الشمس بارزة عند ذلك ولم يكن هناك مطر فطبول وبنود تخرج من عند السلطان لفتح أتى إليه وبشارة قدمت عليه أو لإمارة عقدها لبعض ولاته أو لبعث يخرجه أو يتلقاه من بعض قواده، وإن كان مع ذلك مطر وظلمة وصواعق فإما جوائح من السماء كالبرد والرياح والجراد، وإما وباء وموت، وإما فتنة أو حرب إن كان البلد بلد حرب أو كان الناس يتوقعون ذلك من عدو، وقيل الرعد بلا مطر خوف.
وإن رأى الرعد، فإنه يقضي ديناً، وإن كان مريضاً برئ، وإن كان محبوساً أطلق، وأما الرعد والبرق والمطر فخرف للمسافر وطمع للمقيم، وقيل الرعد صاحب شرطة ملك عظيم، وقيل الرعد بغير برق يدل على اغتيال ومكر وباطل وكذب وذلك لأنه إنما يتوقع الرعد بعد البرق، وقيل صوت الرعد يدل على الخصومة والجدال.
الصفحة القادمة
الشمس والقمر والكواكب
الشمس: في الأصل الملك الأعظم لأنها أنور ما في السماء من نظرائها مع كثرة نفعها وتصرف كل الناس في مصالحها، وربما دلت عن ملك المكان الذي يرى الرؤيا فيه وفوقه أرفع منه تدل السماء عليه وهو ملك الملوك وأعظم السلاطين لأن الله سبحانه وتعالى ملك الملوك وجبار الجبابرة ومدير السماء، ومن فيها والأرض، ومن عليها، وربما دلت الشمس على سلطان صاحب الرؤيا إذا رآها خاصة دون الجماعة والمجامع كأميره وعريفه أو أستاذه أو والده أو زوجها إن كانت امرأة، وربما دلت على المرأة الشريفة كزوجة الملك أو الرئيس أو السيد أو إبنته أو أمه أو زوجة الرائي أو أمه أو إبنته أو جمالها، والشعراء يشبهون جمال العذارى بالشمس في الحسن والجمال، وقد قيل إنها كانت في رؤيا يوسف عليه السلام دالة على أمه، وقيل بل على خالته زوجة أبيه، وقيل بل على جدته، وقيل بل كانت دالة على أبيه والقمر على أمه كل ذلك جائز في التعبير، فإن دلت الشمس على الوالد فلفضلها على القمر بالضياء والإشراق، وإن دلت على الأم فلتأنيثها وتذكير القمر فما رؤي في الشمس من حادث عاد تأويله على من يدل عليه ممن وصفناه على أقدار الناس ومقادير الرؤيا ودلائلها وشواهدها، وإن رؤيت ساقطة إلى الأرض أو ابتلعها طائر أو سقطت في البحر أو احترقت بالنار وذهبت عينها أو اسودت وغابت في غير مجراها من السماء أو دخلت في بنات نعش مات المنسوب إليها.
وإن رأى بها كسوفاً أو غشاها سحاب وتراكم عليها غبار أو دخان حتى نقص نورها أو رؤيت تموج في السماء بلا استقرار كان ذلك دليلاً على حادث يجري على المضاف إليها إما من مرض أو هم أو غم أو كرب أو خبر مقلق إلا أن يكون من دلت عليه مريضاً في اليقظة، فإن ذلك موته، وإن رآها قد اسودت من غير سبب غشيها ولا كسوف، فإن ذلك دليل على ظلم المضاف وجوره أو على كفره وضلالته، وإن أخذها في كفه أو ملكها في حجره أو نزلت عليه في بيته بنورها وضيائها تمكن من سلطانه وعز مع ملكه إن كان ممن يليق به ذلك أو قدوم رب ذلك المنزلة إن كان غائباً سواء رأى ذلك ولده أو عبده أو زوجته لأنه سلطان الجميع وقيم الدار وإلا ولدت الحامل ان كانت له جارية أو غلاماً يفرق بين الذكر والأنثى بزيادة تلتمس من الرؤيا مثل أن يأخذها فيسترها تحت ثوبه أو يدخلها في وعاء من أوعيته فيشهد بذلك فيها بالإناث المستورات ويكون من يدل عليه جميلاً مذكوراً بعلم أو سلطان، وإن كانت في هذه الحال مظلمة ذاهبة اللون غدر بالملك في ملكه أو في أهله إن لاق ذلك به وإلا تسور عليه سلطان أو عداه عليه عامل أو قدم غائب أو مات من عنده من المرضى والحوامل سقط جنينها أو ولدت ابناً يفرق بين هذه الوجوه بزيادة الأدلة.
وإن رأى الشمس طالعة من المغرب أو عائدة بعد غروبها أو راجعة إلى المكان الذي منه طلوعها ظهرت آية وعبرة يستدل على ما هيأتها بزيادة أدلتها، وربما دل ذلك على رجوع المنسوب إليها عما أمله من سفر أو عدل أو جور على قدر منفعة طلوعها ومغيبها وأوقات ذلك، وربما دل على نكسة المنسوب إليها من المرضى، وربما دل مغيبها من بعد بروزها لمن عنده حمل على موت الجنين من بعد ظهوره، وربما دل على قدوم الغائب من سفره والأموال العجيبة، وربما دل مغيبها على إعادة المسجون إلى السجن بعد خروجه، وربما دل على من أسلم من كفره أو تاب من ظلمه على رجوعه إلى ضلالته، وإن رأى ذلك من يعمل أعمالاً خفية صالحة أو رديئة دل على سترته وإخفاء أحواله ولم تكشف أستاره لذهاب الشمس عنه إلا أن يكون ممن أهديت إليه في ليلته زوجة أو اشترى سرية قال الزوجة ترجع إلى أهلها والسرية تعود إلى بائعها، وقد يدل أيضاً طلوعها من بعد مغيبها لمن طلق زوجته على ارتجاعها ولمن عنده حبلى على خلاصها ولمن تعذرت عليه معيشته أو صنعته على نفاقها وخاصة إن كان صلاحها بالشمس كالقصار والغسال وضرائب اللبن وأمثال ذلك ولمن كان مريضاً على موته لزوال الظل المشبه بالإنسان مع قوله تعالى ” ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً ثم قبضناه إلينا قبضاً يسيراً “. ولمن كان في جهاد أو حرب على النصر لأنها عادت ليوشع بن نون عليه السلام في حرب الأعداء له حتى أظهره الله عليهم ولمن كان فقيراً في يوم الشتاء على الكسوة والغنى وفي يوم الصيف على الغم والمرض والحمى والرمد.
ومن رأى جلوس الميت في الشمس في الصيف دلالة على ما هو فيه من العذاب والحزن من أجل مصاحبة السلطان أو من سبب من نزلت الشمس عليه على قدره وناحيته.
ومن رأى أنه تحول شمساً أصاب ملكاً عظيماً على قدر شعاعها، ومن أصاب شمساً معلقة بسلسلة ولي ولاية وعدل فيها، وإن قعد في الشمس وتداوى فيها نال نعمة من سلطان.
ومن رأى أن ضوء الشمس وشعاعها من المشرق إلى المغرب، فإن كان أهلاً للملك نال ملكاً عظيماً وإلا رزق علماً يذكر به في جميع البلاد.
ومن رأى أنه ملك الشمس أو تمكن منها، فإنه يكون مقبول القول عند الملك الأعظم، فمن رآها صافية منيرة قد طلعت عليه، فإن كان والياً نال قوة في ولايته، وإن كان أميراً نال خيراً من الملك الأعظم، وإن كان من الرعية رزق رزقاً حلالاً، وإن كانت إمرأة رأت من زوجها ما يسرها.
ومن رأى الشمس طلعت في بيته، فإن كان تاجراً ربح في تجارته، وإن كان طالباً للمرأة أصاب إمرأة جميلة، وإن رأت ذلك إمرأة تزوجت واتسع عليها الرزق من زوجها.
ومن رأى ضوء الشمس دل على هيبة الملك وعدله، ونقصان شعاع الشمس انحطاط هيبة الملك، ومن أصاب من ضوء الشمس أتاه الله كنزاً ومالاً عظيماً.
ومن رأى أن الشمس كلمته نال رفعة من قبل السلطان.
ومن رأى الشمس طلعت على رأسه دون جسده، فإنه ينال أمراً جسيماً ودنيا شاملة، وإن طلعت على قدميه دون سائر جسده نال رزقاً حلالاً من قبل الزراعة، فإن طلعت على بطنه تحت ثيابه والناس لا يعلمون أصابه برص، وكذلك على سائر أعضائه من تحت ثيابه.
ومن رأى بطنه انشق وطلعت فيه الشمس، فإنه يموت.
وإن رأت إمرأة أن الشمس دخلت من جربانها وهو طوقاً ثم خرجت من ذيلها، فإنها تتزوج ملكاً ويقيم معها ليلة، فإن طلت على فرجها، فإنها تزني.
وإن رأى أن الشمس غابت كلها وهو خلفها يتبعها، فإنه يموت.
وإن رأى أنه يتبع الشمس وهي تسير ولم تغب، فإنه يكون أسيراً مع الملك.
وإن رأى الشمس تحولت رجلاً كهلاً، فإن السلطان يتواضع لله تعالى ويعدل وينال قوة وتحسن أحوال المسلمين، فإن تحولت شاباً، فإنه يضعف حال المسلمين ويجور السلطان.
وإن رأى ناراً خرجت من الشمس فأحرقت ما حواليها، فإن الملك يهلك أقواماً من حاشيته.
وإن رأى الشمس احمرت، فإنه فساد في مملكته.
وإن رآها اصفرت مرض الملك، فإن اسودت يغلب وتتم عليه آفة.
وإن رأى إنها غابت فاته مطلبه، ومنازعة الشمس الخروج على الملك.
وإن رأى الشمس انشقت نصفين فبقي نصفها وذهب الآخر، فإنه يخرج على الملك خارجي، فإن تبع النصف الباقي النصف الذاهب وانضما وعادت شمساً صحيحاً، فإن الخارجي يأخذ البلد كله، فإن رجع النصف الذاهب إلى النصف الباقي وعادت شمساً كما كانت عاد إليه ملكه وظفر بالخارجي، فإن صار كل واحد من النصفين شمساً بمفرده، فإن الخارجي يملك مثل ما مع الملك من الملك ويصير نظيره ويأخذ نصف مملكته.
وإن رأى الشمس سقطت فهي مصيبة في قيم الأرض أو في الوالدين.
وإن رأى كأن الشمس طلعت في دار فأضاءت الدار كلها نال أهل الدار عزة وكرامة ورزقاً.
ومن رأى أنه ابتلع الشمس، فإنه يعيش عيشاً مغموماً، وإن رأى ذلك ملك مات.
ومن رأى الشمس نزلت على فراشه، فإنه يمرض ويلتهب بدنه.
وإن رأى كأنه يفعل به خير دل على خصب ويسار ويدل في كثير من الناس على صحة، ومن أخذت الشمس منه شيئاً أو أعطته شيئاً فليس بمحمود.
ومن دلائل الخيرات أن يرى الإنسان الشمس على هيأتها وعادتها وقد تكون الزيادة والنقص فيها من المضار، ومن وجد حر الشمس فأوى إلى الظل، فإنه ينجو من حزن، ومن وجد البرد في الظل فقعد في الشمس ذهب فقره لأن البرد فقر، ومن استمكن من الشمس وهي سوداء مدلهمة، فإن الملك يضطر إليه في أمر من الأمور.
وحكي أن قاضي حمص رأى كأن الشمس والقمر اقتتلا فتفرقت الكواكب فكان شطر مع الشمس وشطر مع القمر، فقص رؤياه على عمر بن الخطاب رضي الله، فقال له: مع أيهما كنت قال: مع القمر، فقرأ عمر ” فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة “. وصرفه عن عمل حمص فقضي أنه خرج مع معاوية إلى صفين فقتل.
ومن رأى الشمس والقمر والنجوم اجتمعت في موضع واحد وملكها وكان لها نور وشعاع، فإنه يكون مقبول القول عند الملك والوزير والرؤساء، فإن لم يكن نور فلا خير فيه لصاحب الرؤيا.
وإن رأى الشمس والقمر طالعين عليه، فإن والديه راضيان عنه، فإن لم يكن لهما شعاع، فإنهما ساخطان عليه.
وإن رأى شمساً وقمراً عن يمينه وشماله أو أمامه أو خلفه، فإنه يصيبه هم وخوف أو بلية وهزيمة ويضطر معها إلى الفرار لقوله تعالى ” وجمع الشمس والقمر يقول الإنسان يومئذ أين المفر “. وسواد الشمس والقمر والنجوم وكدورتها تغير النعم في الدنيا.
ومن رأى سحاباً غطى الشمس حتى ذهب نورها، فإن الملك يمرض.
وإن رآها وهي لا تتحرك في السحاب ولا تخرج منه، فإن الملك يموت، وربما كانت الشمس عالماً من العلماء، فإن انجلى السحاب انجلى الغم عنه.
القمر: في الأصل وزير الملك الأعظم أو سلطان دون الملك الأعظم والنجوم حوله جنود ومنازله ومساكنه أو زوجاته وجواريه، وربما دل على العالم والفقيه وكل ما يهتدي به من الأدلة لأنه يهدي في الظلمات، ويدل على الولد والزوج والسيد وعلى الزوجة والابنة ولجماله ونوره يشبه به ذو الجمال من النساء والرجال فيقال كأنه البدر وكأنه فلقة قمر، ثم يجري تأويل حوادثه ومزاولته كنحو ما تقدم في الشمس، وربما دل على الزيادة والنقص لأنه يزيد وينقص كالأموال والأعمال والأبدان مع ما سبق من لفظ المرور مثل مريض يراه في أول الشهر قد نزل عليه أو أتى به إليه، فإنه يفيق من علته ويسلم من مرضه، وإن كان في نقصان الشهر ذهب عمره واقترب أجله على مقدار ما بقي من الشهر فربما كان أياماً، وربما كان جمعاً أو شهوراً أو أعواماً بأدلة تزاد عند ذلك في المنام أو في اليقظة، وإن نزل في أول الشهر أو طلع على من له غائب فقد خرج من مكانه وقدم من سفره، وإن كان ذلك في آخر الشهر بعد في سفره وتغرب عن وطنه، ومن رآه عنده أو في حجره أو في يده تزوج زوجاً رأت عائشة رضوان الله عليها ثلاثة أقمار سقطت في حجرتها فقصت رؤياها على أبيها رضي الله عنه، فقال لها: إن صدقت رؤياك دفن في حجرتك ثلاثة هم خير أهل الأرض.
وإن رأى القمر غاب، فإن الأمر الذي هو طالبه من خير أو شر قد انقضى وفات، وإن رآه طلع، فإن الأمر في أوله.
ومن رأى القمر تاماً منيراً في موضعه من السماء، فإن وزير الملك ينفع أهل ذلك المكان، ومن نظر إلى القمر فرأى مثال وجهه فيه، فإنه يموت.
ومن رأى كأنه تعلق بالقمر نال من السلطان خيراً.
ومن رأى كأن القمر أظلم والرائي ملك، فإن رعيته يؤذونه وينكرون أمره.
ومن رأى القمر صار شمساً، فإن الرائي يصيب خيراً وعزاً ومالاً من قبل أمه أو امرأته.
وحكي أن إبن عباس رضي الله عنه رأى في المنام كأن قمراً ارتفع من الأرض إلى السماء بأشطان فقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ذاك إبن عمك يعني نفسه عليه أفضل الصلاة وأزكى التحيات.
وحكي أن إمرأة جاءت إلى ابن سيرين وهو يتغذى، فقالت: رأيت كأن القمر دخل الثريا ومنادياً ينادي أن ائتي ابن سيرين فقصي عليه رؤياك، فقبض يده عن الطعام وقال لها: ويلك كيف رأيت فأعادت عليه فأربد لونه وقام وهو آخذ ببطنه، فقالت أخته: مالك، فقال: زعمت هذه أني ميت إلى سبعة أيام فمات في السابع.
ورأى رجل كأنه نظر إلى السماء وتأمل القمر فلم يره ونظر إلى الأرض فرأى القمر قد تلاشى، فقص رؤياه على معبر، فقال: إن كان صاحب هذه الرؤيا رجلاً، فإنه صاحب كيمياء وذهب فيذهب ماله، وإن كان فقيراً فيسقط في الثرى، وإن رأت ذلك إمرأة قتل زوجها.
وأتى ابن سيرين رجل، فقال: رأيت كأن القمر في دارنا، قال: السلطان ينزل بمصركم.
واحتجاب القمر بالحجاب يجري في ذلك مجرى الشمس.
والهلال يدل أيضاً على الملك والأسير والقائد والمقدم والمولود البارز من الرحم المستهل بالصراخ وعلى الخبر الطارئ والفتح القادم من الناحية التي طلع منها وعلى الثائر والخارجي إذا طلع من غير مكانه أو كانت معه ظلمة أو مطر بالدم أو ميازيب تسيل من غير مطر، وعلى قدوم الغائب وعلى صعود المؤذن فوق المنار نقص من الكتاب رجاله، وإن كان عروسة فالنجوم نساؤها، فمن رأى قمرين يتقاتلان في السماء مع كل واحد منهما نجوم كان ذلك اختلافاً أو حرباً بين ملكين أو وزيرين أو رجلين عظيمين، والغائب منهما مغلوب يستدل عليه بناحيته في الأفق ومكانه في السماء فيضاف إلى ملك ذلك الملك في الأرض، وكذلك إذا رأى كوكبين يقتتلان ومعهما نجوم تتبع كل واحد منهما، وإن لم يكن معهما نجوم، ورأى ذلك في خاصيته أو بيته وكان له زوجتان أو شريكان كان الاختلاف بينهما باللسان أو باليد، وإن رأت ذلك إمرأة أو عبد أو رآهما يقاتلان على رأسه أو سقطا كذلك يتقاتل عليهما الزوج أو السيد مع أخيه أو مع رجل شريف من جنسه، وقد يدل ذلك في العبد على خصام يقع بين بائعه ومشتريه، وقد يدل في المرأة على شر يدور بين ولديها أو بين بنتيها أو بين والدها وزوجها أو بين زوجها وابنها إن كان أحد النجمين أكبر من الآخر.
النجوم والكواكب: رؤيا سقوط النجوم في الأرض أو في البحر أو احتراقها بالنار أو التقاط الطير لها فدلالة على موت يقع بين الناس أو قتل على قدر الكثرة والقلة وقد يقع ذلك في جنس دون جنس إن عرف الجنس الساقط من الكواكب، وأما من ملك النجوم في حجره أو كان يرعاها في السماء أو يديرها في الهواء، فإن كان أهلاً للسلطان ناله وكان والياً على الناس أو قاضياً أو مفتياً، وإن كان أوضع من ذلك فلعله ينظر في علم النجوم، وأما سقوطها عليه أو على رأسه، فإن كان مريضاً مات، وإن كان غريماً عليه ديون منجمة أو كان عبداً مكاتباً حلت نجومه وطولب بما عليه، وكذلك إن رأى جسمه عاد نجوماً، أو رأسه، فإن كانت النجوم له على الناس منجمة وصلت إليه واجتمعت له، وكذلك لو كان يلتقطها من الأرض أو من السماء لدنوها منه، وإن سقط النجم على من له غائب قدم عليه، وإن سقط على حامل ولدت غلاماً مذكوراً شريفاً إلا أن يكون من النجوم المؤقتة كبنات نعش والشعريين والزهرة فالسيد جارية على قدر ذكر النجم وجماله وجوهره، وقد يدل على موت الحامل إذا أيد ذلك شاهد معه يشهد بالموت.
ورؤيا الكواكب بالنهار دليل على الفضائح والاشتهار وعلى الحوادث الكبار وعلى المصائب والبوار، وعلى قدر الرؤيا وعمومها وخصوصها وكثرة النجوم وقلتها.
ومن رأى النجوم مجتمعة في داره ولها نور وشعاع، فإنه يصيب فرحاً وسروراً ويجتمع عنده أشراف الناس على السرر، وإن لم يكن لها نور فهي مصيبة تجمع أشراف الناس.
وإن رأى أنه يقتدي بالنجوم، فإنه على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعلى الحق.
وإن رأى أنه يسرق نجماً من السماء، فإنه يسرق من ملك شيئاً له خطر ويستفقد رجلاً شريفاً.
ومن رأى أنه تحول نجماً، فإنه يصيب شرفاً ورفعة.
ومن رأى أنه أخذ كوكباً رزق ولداً شريفاً كبيراً.
وإن رأى أنه مد يده إلى السماء فأخذ النجوم نال سلطاناً وشرفاً.
ومن رأى سبيلاً طلع عليه أصابه الإدبار إلى آخر عمره، ومن طلعت عليه الزهرة ناله الإقبال، وكذلك المشتري.
ومن رأى أنه ركب كوكباً أصاب سلطاناً وولاية ومنفعة ورياسة، وقيل من رأى أن الكواكب ذهبت من السماء ذهب ماله إن كان غنياً، وإن كان فقيراً مات، فإن من رأى بيده كواكب صغاراً، فإنه ينال ذكراً أو سلطاناً بين الناس.
ومن رأى كوكباً على فراشه، فإنه يصير مذكوراً، فإنه يفوق نظراءه أو يخدم رجلاً شريفاً.
ومن رأى الكواكب اجتمعت فأضاءت دل على أنه ينال خيراً من جهة السفر، فإن كان مسافراً، فإنه يرجع إلى أهله مسروراً، وقيل من رأى الكواكب تحت سقف فهو دليل رديء وتدل على خراب بيت صاحبها وتدل على موت رب البيت.
ومن رأى أنه يأكل النجوم، فإنه يستأكل الناس ويأخذ أموالهم، ومن ابتلعها من غير أكل تداخله أشراف الناس في أمره وسره، وربما سب الصحابة رضي الله عنهم، ومن امتص الكواكب، فإنه يتعلم من العلماء علماً.
وأما رؤيا الكواكب السيارة:
فزحل: صاحب عذاب الملك.
والمشتري: صاحب مال الملك.
والمريخ: صاحب حرب الملك.
والزهرة: إمرأة الملك.
وعطارد: كاتب الملك.
وسهيل: رجل عشار، وكذلك كان مسخ.
والشعري: تعبد من دون الله سبحانه وتعالى أو أمر باطل.
وبنات نعش: رجل عالم شريف لأنها من النجوم التي يهتدى بها في ظلمات البر والبحر.
ومن رأى أن الكواكب تناثرت من السماء فهو موت الملوك أو حرب يهلك فيه جماعة من الجنود.
ومن رأى كأن الفلك يدور به أو يتحرك، فإنه يسافر ويتحرك من منزل إلى منزل ويتغير حاله، ومن تحول نجماً من النجوم التي يهتدى بها، فإن الناس يحتاجون إليه في أمورهم وإلى تدبيره ورأيه.
والثريا: رجل حازم الرأي يرى الأمور في المستقبل لأنه إذا طلع غدوة فهو أول الصيف، وإذا كان سمت رؤوس الناس بالغداة، فإنه وسط الصيف، وإذا طلع عشاء، فإنه أول الشتاء.
وإن رأى أن الثريا سقطت فهو موت الأنعام وذهاب الثمار، والثريا مشتقة من الثرى، وقيل إنها تدل على الموت لأسمها.
السماء والهواء والليل والنهار
السماء تدل على نفسها فما نزل منها أو جاء من ناحيتها جاء نظيره منها من عند الله ليس للخلق فيه تسبب مثل أن يسقط منها نار في الدور فيصيب الناس أمراض وبرسام وجدري وموت، فإن سقطت منها نار في الأسواق عز وغلا ما يباع بها من المبيعات، وإن سقطت في الفدادين وأماكن النبات أذت الناس واحترق النبات وأصابه برد أو جراد، وإن نزل منها ما يدل على الخصب والرزق والمال كالعسل والزيت والتين والشعير، فإن الناس يمطرون أمطاراً نافعة يكون نفعها في الشيء النازل من السماء، وربما دلت السماء على حشم السلطان وذاته لعلوها على الخلق وعجزهم عن بلوغها مع رؤيتهم وتقلبهم في سلطانها وضعفهم عن الخروج من تحتها، فما رؤي منها وفيها أو نزل بها وعليها من دلائل الخير والشر، وربما دلت على قصره ودار ملكه وفسطاطه وبيت ماله فمن صعد إليها بسلم أو سبب نال مع الملك رفعة، وعنده، وإن صعد إليها بلا سبب ولا سلم ناله خوف شديد من السلطان ودخل في غزر كثير في لقياه أو فيما أمله عنده أو منه، وإن كان ضميره إستراق السمع تجسس على السلطان أو تسلل إلى بيت ماله وقصره ليسرقه، وإن وصل إلى السماء بلغ غاية الأمر، فإن عاد إلى الأرض نجا مما دخل فيه، وإن سقط من مكانه عطب في حاله على قدر ما آل أمره في سقوطه وما انكسر له من أعضائه، وإن كان الواصل إلى السماء مريضاً في اليقظة ثم لم يعد إلى الأرض هلك من علته وصعدت روحه كذلك إلى السماء، وإن رجع إلى الأرض بلغ الضر فيه غايته ويئس منه أهله ثم ينجوان شاء الله إلا أن يكون في حين نزوله أيضاً في بئر أو حفير ثم لم يخرج منه، فإن ذلك قبره الذي يعود فيه من بعد رجوعه وفي ذلك بشارة بالموت على الإسلام لأن الكفار لا تفتح لهم أبواب السماء ولا تصعد أرواحهم إليها.
ومن رأى أن سهام رميت من السماء على الناس، فإن كانوا في بعض أدلة الطاعون فتحت أبوابه عليهم، وإن كانت السهام تجرح كل من أصابته وتسيل دمه، فإنه مصادرة من السلطان على كل إنسان بسهمه، وإن كان قصدها إلى الأسماع والأبصار فهي فتنة تطيش سهامها يهلك فيها دين كل من أصابت سمعه أو بصره، وإن كانت تقع عليهم ضرر فيجمعونها ويلتقطونها فغنائم من عند الله كالجراد وأصناف الطير كالعصفور والقطا والمن غنائم وسهام بسبب السلطان في جهاد ونحوه أو أرزاق وعطايا يفتح لها بيوت ماله وصناديقه.
وأما دنو السماء فيدل على القرب من الله وذلك لأهل الطاعات والأعمال الصالحات، وربما دل ذلك على الملهوف المضطر الداعي يقبل دعاؤه ويستجاب لأن الإشارة عند الدعاء بالعين إلى ناحية السماء، وربما دل ذلك على الدنو والقرب من الإمام والعالم والوالد والزوج والسيد وكل من هو فوقك بدرجة الفضل على قدر همة كل إنسان في يقظته ومطلبه وزيادة منامه وما وقع في ضميره.
وأما سقوط السماء على الأرض فربما دل على هلاك السلطان إن كان مريضاً وعلى قدومه إلى تلك الأرض إن كان مسافراً وقد يعود أيضاً ذلك خاصة على سلطان صاحب المنام وعلى من فوقه من الرؤساء من والد أو زوج أو سيد ونحوهم، وقد يدل سقوطها على الأرض الجدبة أو كان الناس يدوسونها بالأرجل من بعد سقوطها وهم حامدون وكانوا يلتقطون منها ما يدل على الأرزاق والخصب والمال، فإنها أمطار نافعة عظيمة الشأن والعرب تسمي المطر سماء لنزوله منها.
ومن رأى سقوط السماء عليه أو على أهله دل على سقوط سقف بيته عليه لأن الله تعالى سمى السماء سقفاً محفوظاً، وإن كان من سقطت عليه في خاصيته مريضاً في يقظته مات ورمي في قبره على ظهره إن كان لم يخرج من تحتها في المنام، ومن صعد فدخلها نالت الشهادة وفاز بكرامة الله وجواره ونال مع ذلك شرفاً وذكراً.
ومن رأى أنه في السماء، فإنه يأمر وينهي، وقيل إن السماء الدنيا وزارة لأنها موضع القمر والقمر وزير والسماء الثانية أدب وعلم وفطنة ورياسة وكفاية لأن السماء الثانية لعطارد.
ومن رأى أنه في السماء الثالثة، فإنه ينال نعمة وسروراً وجواري وحلياً وحللاً فرشاً ويستغني ويتنعم لأن سيرة السماء الثالثة للزهرة.
ومن رأى أنه في السماء الرابعة نال ملكاً وسلطنة وهيبة أو دخل في عمل ملك أو سلطان لأن سيرة السماء الرابعة للشمس.
وإن رأى أنه في الخامسة، فإنه ينال ولاية الشرط أو قتالاً أو حرباً أو صنعة مما ينسب إلى المريخ لأن سيرة السماء الخامسة للمريخ.
وإن رأى أنه في السماء السادسة، فإنه ينال خيراً من البيع والشراء لأن سيرة السماء السادسة للمشتري.
وإن رأى أنه في السماء السابعة، فإنه ينال عقاراً وأرضاً ووكالة وفلاحة وزراعة ودهقنة في جيش طويل لأن سيرة السماء السابعة لزحل، فإن لم يكن صاحب الرؤيا لهذه المراتب أهلاً، فإن تأويلها لرئيسه أو لعقبه أو لنظيره أو لسميه.
وإن رأى أن السماء اخضرت، فإنه يدل على كثرة الزرع في تلك السنة.
وإن رأى أن السماء اصفرت دل على الأمراض.
وإن رأى أن السماء من حديد، فإنه يقل المطر.
وإن رأى أنه سقط من السماء، فإنه يكفر، وإن انشقت السماء وخرج منها شيخ فهو جدب تلك الأرض ونيلهم خصباً، فإن خرج شاب، فإنه عدو يظهر ويسيء إلى أهل تلك المواضع ويقع بينهم عداوة وتفريق، وإن خرج غنم، فإنه غنيمة، وإن خرج إبل، فإنهم يمطرون ويسيل فيهم سيل، وإن خرج فيهم سبع، فإنهم يبتلون بجور من سلطان ظلوم.
وإن رأى أن السماء صارت رتقاً، فإنه يحبس المطر عنهم، فإن انفقت، فإن المطر يكثر.
ومن رأى أنه ينظر إلى السماء، فإنه يتعاطى أمراً عظيماً ولا يناله والنظر إلى السماء ملك من ملوك الدنيا، فإن نظر إلى ناحية المشرق فهو سفر، وربما نال سلطاناً عظيماً.
وإن رأى أنه سرق السماء وخبأها في جرة، فإنه يسرق مصحفاً ويدفعه إلى امرأته.
ومن رأى أنه يصعد إلى السماء من غير استواء ولا مشقة نال سلطاناً ونعمة وأمن مكايد عدوه.
وإن رأى أنه أخذ السماء بأسنانه، فإنه تصيبه مصيبة في نفسه أو نقصان في ماله ويريد شيئاً لا تبلغه يده.
وإن رأى أنه دخل في السماء ولم يخرج منها، فإنه يموت أو يشرف على الهلاك.
وإن رأى كأنه يدور في السماء ثم ينزل، فإنه يتعلم علم النجوم والعلوم الغامضة ويصير مذكوراً بين الناس.
وإن رأى كأنه استند إليها، فإنه ينال رياسة وظفراً بمخالفيه.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت ثلاثة نفر لا أعرفهم رفع أحدهم إلى السماء ثم حبس الآخر بين السماء والأرض وأكب الآخر على وجهه ساجداً، فقال ابن سيرين: أما الذي رفع إلى السماء فهي الأمانة رفعت من بين الناس، وأما المحتبس بين السماء والأرض فهي الأمانة تقطعت، وأما الساجد فهي الصلاة إليها منتهى الأمة.
الهواء: من رأى نفسه فيه قائماً أو جالساً أو ساعياً فيكون على هوى من دينه أو في غرر من دنياه وروحه في المشي الذي يدم عليه عمله في الهواء أو حالة في اليقظة وآماله، فإن كان في بدعه فهو بدعته، وإن كان سلطان كافر فسد معه دينه وإلا خيف على روحه معه، فإن كان في سفينة البحر خيف عليه العطب، وإن كان في سفر ناله فيه خوف، وإن كان مريضاً أشرف على الهلاك، وإن سقط من مكانه عطب في حاله وهوى في أعماله لقوله تعالى ” أو تهوي به الريح في مكان سحيق “. فإن مات في سقطته كان ذلك أعلى بلوغ غاية ما يدل عليه من يموت أو بدعة أو قتل أو نحو ذلك.
وإن رأى أنه بنى في الهواء بنياناً أو ضرب فيه فسطاطاً أو ركب فيه دابة أو عجلة، فإن كان مريضاً مات أو عنده مريض مات وذلك نعشه وقبره، فإن كان أخضر اللون كان شهيد، وإن رأى ذلك سلطان أو أمير أو حاكم عزل على عمله أو زال عن سلطانه بموت أو حياة، وإن رأى ذلك من عقد نكاحاً أو بني بأهله فهو في غرر معها وفي غير أمان منها، وإن رأى ذلك من هو في البحر عطبت سفينته أو أسره عدوه أو أشرف على الهلاك من أحد الأمرين، وقد يدل ذلك على عمل فاسد عمله على غير علم ولا سنة إذا لم يكن بناه على أساس ولا كان سرادقه أو فسطاطه على قرار.
وأما ألوان الهواء فإن اسودت عين الرائي حتى لم ير السماء، فإن كانت الرؤيا خاصته أظلم ما بينه وبين من فوقه من الرؤساء، فإن لم يخصه برئيس عمي بصره وحجب من نور الهدى نظره، فإن كانت الرؤيا للعالم وكانوا يستغيثون في المنام أو يبكون أو يتضرعون نزلت بهم شدة على قدر الظلمة إما فتنة أو غمة أو جدب وقحط، وكذلك إحمراره والعرب تقول لسنة الجدب: سنة غبراء لتصاعد الغبار إلى من شدة الجدب فيكون الهواء في عين الجائع ويتخايل له أن فيه دخاناً فكيف إن كان الذي أظلم الهواء منه دخاناً، فإنه عذاب من جدب أو غيره.
ورؤيا الطيران في الهواء يدل على السفر في البحر أو في البر، فإن كان ذلك بجناح فهو أقوى لصاحبه وأسلم له وأظهر فقد يكون جناحه مالاً ينهض به سلطاناً يسافر في كنفه وتحت جناحه.
ومن رأى أنه طار عرضاً في السماء سافر سفراً بعيد ونال شرفاً.
ورؤيا السباحة في الهواء تدل أيضاً إذا كان بغير جناح على التغرير فيما يدخل فيه من جهاد أو حسبة أو سفر في غير أوان السفر في بر أو بحر.
وأما الوثب: فدال على النقلة مما هو فيه إلى غيره أما من سوق إلى غيره من دار إلى محلة أو من عمل إلى خلافه على قدر المكانين، فإن وثب من مسجد إلى سوق آثر الدنيا على الآخرة، وإن كان من سوق إلى مسجد فضد ذلك وقد يترقى الطيران في الهواء لمن يكثر من الأماني والآمال فيكون أضغاثاً، ومن وثب مكان إلى مكان تحول من حال إلى حال، والوثب البعيد سفر طويل، فإن اعتمد وثبه على عصا اعتمد على رجل قوي.
وأما الضباب: فالتباس وفتنة وحيرة تغشى الناس.
وأما الليل والنهار: فسلطانان ضدان يطلبان بعضهما بعضاً، والليل كافر والنهار مسلم لأنه يذهب بالظلام والله تعالى عبر في كتابه عن الكفر بالظلمات وعن دينه بالنور وقد يدلان على الخصمين وعلى الضرتين، وربما دل الليل على الراحة والنهار على التعب والنصب، وربما دل الليل على النكاح والنهار على الطلاق، وربما دل الليل على الكساد وعطلة الصناع والسفار والنهار على النفاق الأسواق والأسعار، وربما دل الليل على السجن لأنه يمنع التصرف مع ظلمته والنهار على السراج والخلاص والنجاة، وربما دل الليل على البحر والنهار على البر، وربما دل الليل على الموت لأن الله تعالى يتوفى فيه نفوس النيام والنهار على البعث، وربما دلا جميعاً على الشاهدين العدلين لأنهما يشهدان على الخلق.
ومن رأى الصبح قد أصبح، فإن كان مريضاً انصرم مرضه بموت أو عافية، فإن صلى عند ذلك الصبح بالناس أو ركب إلى سفر أو خرج إلى الحج أو مضى إلى الجنة كان ذلك موته وحسن ما يقدم عليه من الخير وضياء القبر، وإن استقى ماء طعاماً أو اشترى شعراً، فإن الصبح فرجه مما كان فيه من العلة، وإن رأى ذلك مسجون خرج من السجن، وإن رأى ذلك معقول عن السفر في بر أو بحر ذهبت عقلته وجاءه سراحه، وإن رأى ذلك من نشزت عليه زوجته فارقها وفارقته لأن النهار يفرق بين الزوجين والمتآلفين، وإن رأى ذلك مذنب غافل بطال أو كافر ذو هوى تاب عن حاله واستيقظ من غفلاته وظلماته، وإن رأى ذلك محروم أو تاجر قد كسدت تجارته وتعطل سوقه تحركت أسواقهما وقويت أرزاقهما، وإن رأى ذلك من له عدو كافر يطلبه أو خصم ظالم يخصمه ظفر بعدوه واستظهر بالحق عليه، وإن رأى ذلك للعامة وكانوا في حصار وشدة أو جور أو جدب أو فتنة خرجوا من جميع ذلك ونجوا منه، وكذلك دخول الليل على النهار يعبر في ضد النهار على أقدار الناس وما في اليقظة، وقيل طلوع الفجر يدل على سرور وأمن وفرج من الهموم وأول النهار يدل على أول الأمر الذي يطلبه صاحب الرؤيا ونصف النهار يدل على وسط الأمر وآخر النهار يدل على آخر الأمر.
ومن رأى أنه ضاع له شيء فوجده عند طلوع الصبح، فإنه يثبت على غريمه ما ينكره بشهادة الشهود لقوله تعالى ” إن قران الفجر كان مشهوداً “.
ومن رأى أن الدهر كله نهار لا ليل فيه والشمس لا تغرب بل تدور حول السماء دل ذلك على أن السلطان يفعل برأيه ولا يستشير وزيراً فيما يريده من الأمور.
ومن رأى كأن الدهر كله ليل لا نهار فيه عم أهل تلك الناحية فقر وجوع وموت.
وإن رأى أن الدهر كله ليل والقمر والكواكب تدور حول السماء عم أهل ذلك المكان ظلم وزير أو كاتب.
ورؤيا الظلمة ظلم وضلالة، وإذا كان معها الرعد والبرق فهي أبلغ في ذلك.
ورؤيا النور بعد الظلمة لمن رآه للعامة إن كانوا في فتنة أو حيرة اهتدوا وانجلت عنهم الفتنة، وإن كان عليهم جور ذهب عنهم، وإن كانوا في حدب فرح عنهم وسقوا وأخصبوا، ويدل للكافر على الإسلام وللمذنب على التوبة وللفقير على الغنى وللعازب على الزوجة وللحامل على ولادة غلام إلا أن تكون حجزته في تختها أو صرته في ثوبها أو أدخلته في جيبها فولد لها جارية محجوبة جميلة.
ورؤيا النور هو الهدى من الضلالة وتأويله بضد الظلام رأت آمنة أم النبي صلوات الله عليه وسلامه كأن نوراً أخرج منها أضاءت قصور الشام من ذلك النور فولدت النبي صلى الله عليه وسلم.
الحية والحشرات ودواب الأرض
أما الحيات: فإنها أعداء وذلك أن إبليس اللعين توسل بها إلى آدم عليه السلام، وعداوة كل حية على قدر نكبتها وعظمها وسمها، وربما كانت كفاراً وأصحاب بدع لما معها من السم، وربما دلت على الزناة ولدغهم وطبعهم، وربما أخذت الحياة من إسمها مثل أن ترى في الفدادين أو تنساب تحت الشجر فيها مياه وسيول وقد شبهوا نفخها بحسو الماء، وقد تكون الحية سلطاناً وقد تكون زوجة وولداً لقوله تعالى ” إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم “. ومن قاتل الحية أو نازعها قاتل عدواً، فإن قتلها ظفر بعدوه، وإن لدغته ناله مكروه من عدوه بقدر مبلغ النهشة، وأكل لحمها مال من عدو وسرور وغبطة، وإن لدغته بنصفين انتصف من عدوه، ومن كلمته الحية بكلام لين ولطف أصاب خيراً يعجب الناس منه.
وإن رأى حية ميتة فهو عدو يكفيه الله شره بغير حول ولا قوة، وبيضها أصعب الأعداء وسودها أشدهم.
وإن رأى أنه ملك من سود الحياة العظام جماعة قاد الجيوش ونالت ملكاً عظيماً، فإن أصاب حية ملساء تطيعه ولا غائلة ولا صلاح يؤذي أصاب كنزاً من كنوز الملوك، وربما كانت جده إذا كانت بهذه الصفة، ومن تخوف حية ولم يعاينها فهو أمن له من عدوه، وإن، عاينها وخافها فهو خوف، وكذلك كل خوف وكذا كل شيء يخافه ولا يعاينه وخروج الحية من الإحليل ولد، ومن أدخل حية بيتاً مكر به عدوه، فمن رأى أنه أخذها، فإنه يصير إليه مال من عدو في أمن لقوله تعالى ” خذها ولا تخف “.
والحية الصغيرة ولد.
وإن رأى الحيات تقتتل في السوق وقعت الحرب وظفر بالأعداء، والحية سلطان كتوم العداوة.
وإن رأى أن حية تخرج من ذكره مرة وترجع إليه مرة، فإنه يخونه، والحية امرأة، فمن رأى أنه قتل حية على فراشه ماتت امرأته.
وإن رأى في عنقه حية فقطعها ثلاث قطع، فإنه يطلق إمرأته ثلاثاً وقوائم الحية وأنيابها قوة العدو وشدة كيده، ومن تحول حية، فإنه يتحول من حال إلى حال ويصير عدواً للمسلمين.
وإن رأى بيته مملوءاً من الحيات لا يخافها، فإنه يؤوي في بيته أعداء المسلمين وأصحاب الأهواء والحيات المائية مال.
وإن رأى حية تمشي خلفه، فإن عدوه يريد أن يمكر به، فإن مشت بين يديه أو دارت حوله، فإنهم أعداء يخالطونه ولا يمكنهم مضرته.
وإن رأى حيات تدخل بيته وتخرج من غير مضرة، فإنهم أعدائه من أهل بيته وأقربائه.
وإن رآها في غير بيته فالأعداء غرباء.
ولحم الحية وشحمها مال عدو وترياق من عدو.
وإن رأى الحيات تقاتل في كل ناحية فقتل منهن حية عظيمة، فإنه يملك تلك البلدة، فإن كانت الحية المقتولة مثل سائر الحيات قتل أحد جنود الملك، فإن كانت الحية تصعد في علو أصاب راحة وفرحاً وسروراً.
وإن رأى حية تنحدر من علو مات رئيس في ذلك المكان.
وإن رأى حية خرجت من الأرض فهو عذاب في ذلك الموضع.
وإن رأى بستانه مملوءاً حيات، فإنه البستان ينمو والنبات الذي فيه يزيد ويحيا.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأن حية تسعى وأنا أتبعها فدخلت جحراً وفي يدي مسحاة فوضعتها على الجحر، فقال: أتخطب إمرأة قال: نعم، قال: إنك ستتزوجها وترثها فتزوجها فماتت عن سبعة آلاف درهم.
ورأى آخر كأن بيته مملوء حيات فقص رؤياه على ابن سيرين، فقال: اتق الله ولا تؤوي عدو المسلمين.
وأتت ابن سيرين امرأة، فقالت: يا أبا بكر إمرأة رأت جحرين خرج منهما حيتان فقام إليهما رجلان واحتلبا من رأسيهما لبناً، فقال ابن سيرين: الحية لا تحلب لبناً إنما تحلب السم، وهذه إمرأة يدخل عليها رجلان من رؤوس الخوارج يدعوانها إلى مذهبهما وإنما يدعوانها إلى شتم الشيخين رضي الله عنهما.
وأما حيات البطن: فهم الأقارب وخروجها من الرجل مصيبة في قريب الرجل.
وأما التنين: فمن رأى أنه تحول تنيناً طال عمره ونال سلطاناً، فإن أكل لحم تنين نال مالاً من الملك، والتنين رجل عدو كاتم العداوة، وإن كان له رؤوس كثيرة، فإنه يكون له فنون كثيرة في الرداءة والشر والسوء، فإن كان له رأسان أو ثلاثة أو أربعة إلى أن يبلغ سبعة رؤوس فكل رأس من رؤوسه بلية وفن من الشر فإذا صارت سبعة رؤوس فليس له نظير في كمال شره وعداوته ولا يطاق ولا يقوى به، ويدل هذا الحيوان في المرضى على الموت.
والضب: رجل من الممسوخ وهو بدوي قتال ورؤيته في المنام مرض.
وأما العقرب: فمن الممسوخ وهو رجل تمام يقتل بعض أقربائه.
وإن رأى كأن عقرباً أحرقت بالنار، فإنه يموت عدو له.
وإن رأى أنه أخذ عقرباً فطرحها على امرأته، فإنه يرتكب منها فاحشة والجرارة أشد عداوة، وقيل العقرب مال وقتلها مال يذهب منه ثم يرجع إليه ولدغها مال لا بقاء له.
وإن رأى في سراويله عقرباً دل على فساد امرأته، وكذلك إن رآها على فراشه.
وإن رأى أنه بلع عقرباً، فإنه يفضي سراً إلى عدوه.
وإن رأى في بطنه عقارب فهم أعداؤه من أقربائه، فإن أكل لحم عقرب نياً نال مالاً حراماً من عدو نمام بسبب إرث أو غيره.
وشوكة العقرب لسان الرجل النمام والعقرب في الأصل عدو لا يحور لبذاءة لسانه وجميع الحشرات المؤذية أعداء على قدر نكاياتها.
الوزغة: رجل ضال خامل يأمر بالمنكر وينهي عن المعروف.
العظاية: إنسان سوء يفسد في الناس فمن قتلها ظفر بإنسان كذلك، ومن أكل من لحمها مطبوخاً، أكل من مال ذلك الإنسان، فإن كان نيئاً اغتابه.
العلق: في التأويل العيال وهو الذي يرشف دم الإنسان.
الحرباء: مدلس صاحب حرب يهيجها بين الناس.
الأرضة: أجير أو جار أو خادم لص يسرق قماشات البيت قليلاً قليلاً.
بنات وردان: عدو ضعيف.
الخنفساء: عدو ثقيل قذر.
دابة الأذن: عدو للرؤساء.
السوس: رجل نمام ساع.
العنكبوت: من الممسوخ ويدل على إمرأة ملعونة تهجر فراش زوجها.
ورؤيا نسجها وبيتها اقتناء إمرأة بلا دين.
ومن رأى عنكبوتاً، فإنه يرى رجلاً مكايداً ضعيفاً متوارياً جديد العهد.
الفأرة: إمرأة فاسقة أو سارقة أو لها سريرة فاسدة، وإن كانت جماعة وألوانها مختلفة سود وبيض فهي الليالي والأيام تقرض الأعمار والأبدان في غفلة واستتار.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأني وطئت فأرة خرجت من إستها تمرة، فقال ألك إمرأة فاسقة قال: نعم، قال: تلد لك ولداً صالحاً.
والجرذ: لص ثقاب، وقيل إن الفأر يدل على العيال وعلى المماليك، وقيل إن خروج الفأر من الدار زوال النعمة.
اليربوع: من الممسوخ وهو رجل حلاف كذاب.
القنفذ: مسخ وهو رجل ضيق القلب قليل الرحمة سريع الغضب.
القمل: إذا كان في الثياب الجدد، فإنه زيادة دين، وإذا كانت على الأرض، فإنه قوم ضعاف، فإن دبت حواليه، فإنه يصاحب قوماً ضعافاً لا يناله منهم مضرة، وقرص القملة طعن عدو ضعيف.
ومن رأى كأن قملة كبيرة خرجت من جسده وذهبت عنه دل على نقص حياته، وقيل إن القمل العيال والإحسان إليهم، وقيل إن القمل يدل على الهموم والحبس وهو زيادة مرضه وأكلها غيبة، والكبار منها عذاب وقيل هو جيش الملك وعيال الرجال، ومن التقط القمل من ثوبه، فإنه يكذب عليه كذباً فاحشاً، فأما قمل الخط، فإنه عذاب لأنه من آيات موسى عليه السلام.
وأما النمل: هو جند ورؤيتها على الفراش أولاد.
ورؤيا النمل تدل على نفس صاحب الرؤيا، وقيل تدل على قراباته، وقيل إن خروج النمل من جحرهم غم.
ورؤيا النمل تدب على المريض موته ومعرفة كلام النمل ولاية لقصة سليمان عليه السلام.
ومن رأى النمل يدخل داره بالطعام، يكثر خير داره.
ومن رأى النمل يخرج بالطعام من داره افتقر وخروج النمل من الأنف أو الأذن أو غيرهما من الأعضاء يدل على موت صاحب الرؤيا شهيداً إذا رأى نفسه تفرح بخروجها، فإن كان يسوء خروجها فيخشى عليه والنمل إنسان ضعيف حريص والكثير منه جند أو ذرية أو مالك أو طول الحياة.
ومن رأى النمل يدخل قرية أو بلداً دخل ذلك البلد جند، فإن خرجوا منها، فإنهم يتحملون منها.
وإن رأى أن النمل هارب من بلد أو بيت، فإن اللصوص يحملون من ذلك الموضع شيئاً ويكون هناك عمارة لأن النمل والعمارة لا يجتمعان، وكثرة النمل في بلد من غير إضرار بأحد يدل على كثرة أهل البلد.
وأما اليسروع: وهو ذو خضر، فإنه رجل يتحلى بالدين ويدخل في أموال الرؤساء والتجار ويسرق قليلاً قليلاً ولا يتهم بذلك لحسن ظاهره.
وخشاش الأرض: يدل على أوغاد الناس وعامتهم وشرارهم كل حيوان على نعته وطبعه وعمله وضرره وعداوته، والنمل لصوص وكواسب.
والبراغيث: جند الله تعالى وبها أهلك نمرود والبرغوث المفرد رجل دنيء مهين طعان.
ومن رأى برغوثاً قرصه نال مالاً، وكذلك البق.
اشترك في موقعنا الجيل القرآني
أرسل الينا البريد الالكتروني من أجل تلقي آخر محتوانا و التواصل بشكل مباشر و فوري مستهدين بالقرآن الكريم.
خصوصيتك مهمة بالنسبة لنا