عند الشيعة، يُقال إن النبي محمد ﷺ أطلق على ولدي الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام اسمين مأخوذين من التوراة: شبر وشبير، وهما اسمان عبريان قديمان.
ففي الروايات، عندما وُلد الحسن والحسين عليهما السلام، جاء جبريل عليه السلام إلى النبي ﷺ وقال له: “سمّ ابنك باسم ولد هارون”.
فسأله النبي: “وما اسمه؟”، فقال: “اسمه شبر”، فقال النبي: “لساني عربي”، فقال: “سمه الحسن”. وعندما وُلد الحسين، جاء نفس الأمر وسمّاه شبير، أي الحسين.
الشيعة يرون في ذلك دليلاً على التشابه بين الإمام علي والنبي هارون، وأن الحسن والحسين يشبهان أولاد هارون.
لكن من هم ناداب وأبيهو؟
في التوراة، ناداب وأبيهو هما ابنا النبي هارون، وكانا مقربين من الله، لكن فيما بعد خالفا أوامر الرب، فغضب عليهما. ويقال في بعض التفاسير إن ناداب يقابل شبر، وأبيهو يقابل شبير، من حيث المعنى أو المقام الديني.
كما أن بعض الروايات تقول إن اسم “شبر” يعني الجميل أو الطيب أو القوي، و”شبير” يعني الصغير من شبر أو الطيب الكريم.
وقد ذكر بعض العلماء أن هذه التسمية كانت بوحي من الله، وليس من اجتهاد النبي، مما يعطيها مكانة خاصة عند المسلمين.
هل شبر و شبير عبريان الأصل؟
“شبر” و”شبير” هما الاسمان المنسوبان إلى الحسن والحسين، حفيدي النبي محمد ﷺ، وأبناء الإمام علي وفاطمة الزهراء عليهما السلام.
تُشير روايات نُقلت عن النبي إلى أن هذه التسمية لم تكن عشوائية، بل جاءت على نهج تسمية ابني هارون عليه السلام. أما في التراث العبري، فإن ناداب وأبيهو هما بالفعل ابنا هارون، كما ورد في التوراة، تحديدًا:
في سفر الخروج 6:23 نجد: “وأخذ هرون إليشابع بنت عميناداب… فولدت له ناداب وأبيهو…”.
وفي سفر اللاويين 10:1-2، ورد ذكر معاقبتهما بسبب تقديم “نار غريبة” لم يأمر بها الرب.
ورغم اختلاف النطق بين الاسمين، يرى بعض اللغويين والباحثين تقاربًا في الأصل والمعنى.
ما الدلالة اللغوية لــ "شبر وشبير"؟
ترى بعض الدراسات في اللغات السامية أن “شبر” و”شبير” يحملان معاني ترتبط بالسمو، أو الطهارة، أو الكمال.
وتُنسب للإمام جعفر الصادق أقوال توضح أن هذين الاسمين مأخوذان من الآرامية أو العبرية القديمة، وأن موسى استخدمهما لتسمية أبناء أخيه هارون، وهو ما فعله النبي محمد ﷺ لاحقًا حين أطلق هذين الاسمين على حفيديه، في إشارة ذات رمزية واضحة.
وجاء في بعض التفاسير، منها ما أورده القرطبي، أن النبي قال: “سميتُ ابنيَّ باسم ابني هارون، شبر وشبير”، في مقارنة معنوية توضح مكانة الحسن والحسين في الإسلام، إلى جانب مكانة ناداب وأبيهو في بني إسرائيل.
رغم أن مصير ناداب وأبيهو انتهى بالعقوبة الإلهية لخطأ في أداء الشعائر، فإن ما يجمعهم بالحسن والحسين ليس في الأحداث بل في الرمزية.
الحسن والحسين ليسا مجرد أبناء لآل البيت، بل لهما مقام روحي عظيم، تؤكده أحاديث نبوية عديدة، منها:
حديث: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة» (رواه الترمذي).
وحديث: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى…» (رواه البخاري ومسلم)، وهو ما يعزز الربط الرمزي بين الإمام علي وهارون، وبالتالي بين أبنائهما.
بينما تُفصِّل التوراة في ذكر أبناء هارون ودورهم الكهنوتي، لا يذكرهم القرآن صراحة، إلا أنه يجلّ هارون وموسى ويكرم آل عمران، ويمنح آل البيت في الإسلام مكانة أخلاقية وروحية كبيرة، تتجلى في الكتاب والحديث.
ومن هنا، يمكن فهم اختيار النبي لأسماء “شبر وشبير” على أنه ليس مصادفة لغوية، بل امتداد رمزي لسلسلة الأنبياء، وإشارة إلى وحدة جوهر الرسالات.
شبر وشبير هما اسمان عبريان وردا في كتب أهل الكتاب، ويرى الشيعة أن النبي ﷺ سماهما لولدي علي رضي الله عنه ليؤكد مكانة الإمام علي مثل مكانة هارون، وليظهر الشبه بينهما. وتبقى هذه الأسماء دلالة رمزية على القرابة الروحية والدينية بين الأنبياء والأئمة.
لا تنسَ أن تشارك هذا المقال مع من يهتم بالدين والتاريخ، وندعوك للتواصل معنا فربما يبدأ من هنا نقاشٌ يُغني الفكر ويقرب القلوب.