اشترك في موقعنا الجيل القرآني

أرسل الينا البريد الالكتروني من أجل تلقي آخر محتوانا و التواصل بشكل مباشر و فوري مستهدين بالقرآن الكريم.

خصوصيتك مهمة بالنسبة لنا

3 حقائق تجعلك تتوقف عن القلق بشأن ‘ من خلق الله ‘ ؟

"اسم الله العربي مكتوبًا على خلفية خضراء بأوراق الشجر، رمزًا للإيمان بالله في الإسلام."

هل مرّ عليك يوم وداهمك سؤال حيّرك بشدة، مثل: “من خلق الله؟”. يمكن سمعته من طفل صغير، أو خطر ببالك وأنت غارق في لحظة تأمل. وسرعان ما تجد نفسك تتخبط بين الحيرة والقلق. لا تقلق، فلست وحدك في هذا الشعور. كثيرون مرّوا بنفس التساؤل. المشكلة ليست في السؤال، بل في تصورنا لطبيعة الله عز وجل.

في حديث شريف، نبّهنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذه الوساوس، حيث قال: “يأتي الشيطان إلى أحدكم فيقول: مَنْ خَلَقَ كذا؟ مَنْ خَلَقَ كذا؟ حتى يقول: مَنْ خَلَقَ الله؟”، ثم أرشدنا: “فليقل: آمنت بالله”. الحديث هذا يكشف أن أصل هذا التساؤل من وسوسة الشيطان، هدفه زعزعة الإيمان وزرع الشكوك في قلب المؤمن. لأن مثل هذه الأسئلة لا تقود إلى يقين، بل تدفع للضياع والاضطراب.

خذ مثلاً: نحن نرى السماء والبحر والجبال، وندرك عظمتها، لكن لا نحيط بكل أسرارها. فكيف بالعقل أن يدرك حقيقة خالقه؟ الله سبحانه فوق الزمان والمكان، لا تحده قوانين البشر ولا منطقهم. وأي محاولة لفهم ذاته بعقولنا المحدودة ستوقعنا في حيرة.

علينا أن نتذكر أن الله لا يُقاس بمقاييسنا، فهو الخالق العظيم الذي ليس كمثله شيء. وفي مواجهة مثل هذه الوساوس، علينا أن نطمئن ونثق بقدرة الله، ونتجنب الغوص في أسئلة قد تضعف اليقين وتشتت الإيمان.

 

السؤال بحد ذاته يفتقر للمنطق.

حين يتساءل البعض: “من خلق الله؟”، فهم يخطئون في فهم جوهري؛ إذ يحاولون قياس الله بمقاييس الزمان والمكان، بينما هو في العقيدة الإسلامية متعالٍ عن تلك الأبعاد. فالله لا ينتمي إلى الكون الذي نعيش فيه، بل هو خالقه، وبالتالي لا تنطبق عليه قوانينه. هو الأزلي، الذي لا بداية له ولا نهاية، كما قال الله تعالى:
{هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ} (الحديد: 3).

 

الله ليس كمثله شيء

في عالمنا، اعتاد العقل البشري أن يربط كل شيء بسبب، وهذا نمط تفكير منطقي حين يتعلق الأمر بالموجودات المخلوقة من حولنا. لكن عندما نحاول أن نُسقِط هذه القاعدة على الله، نكون قد خرجنا عن جادة الصواب. فالله لا يُقاس على ما سواه، ولا يُدرَك بمنطق الأسباب والمسببات الذي يحكم هذا الكون.

الله، جل جلاله، ليس كيانًا ماديًا يُقارن بالبشر أو بالكائنات أو بالنجوم أو بأي صورة تخطر في البال. قال تعالى في محكم كتابه:
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (الشورى: 11)
وهذه الآية تختصر حقيقة عظيمة: الله لا يُشبه شيئًا، ولا يشبهه شيء.

فإذا رسمت في ذهنك صورة لله تشبه أي مخلوق، فاعلم أنك لا تتحدث عن الله، بل عن خيالك.

 

مثال تقريبي: من خلق الرقم 1؟

تخيّل شخصًا يسألك: “مين خلق الرقم 1؟” السؤال نفسه بيبدو غريب، لأنه الرقم 1 مش شيء ملموس حتى نقول إنه “انخلق”. هو ببساطة فكرة رياضية، مبدأ ذهني موجود في عقل الإنسان. فكيف نقيس على الله – اللي هو أصل العقول وكل المبادئ؟ إحنا كبشر، عقولنا محدودة، ولو ما قدرنا نستوعب شيء خارج الزمان والمكان، ما يعني إنه مش موجود، بس يعني إن إحنا وصلنا لحدود إدراكنا.

أما عن فكرة التسلسل اللانهائي، العقل بيقول إن كل شيء لازم له سبب، بس ما ينفع نرجع لورى بأسباب بلا نهاية، لأنه ببساطة كذا ما راح يبدأ أي شيء. يعني لو قلنا الله مخلوق، طيب مين خلق اللي خلقه؟ وبعدين مين خلق اللي خلق اللي خلقه؟ ونكمل في دايرة ما تخلص، وفي النهاية يصير الوجود كله مستحيل. عشان كذا لازم يكون فيه “سبب أول” – شيء ما في أحد سبقه، وهو الله. الإمام علي رضي الله عنه لخّصها وقال: “كان الله ولا شيء معه”.

ولتقريب الفكرة، تخيّل صف طويل من قطع الدومينو، كل وحدة تطيح اللي بعدها. مستحيل السلسلة تطيح من نفسها بدون بداية. لازم تكون فيه يد دفعت أول قطعة. اليد هذي – في التشبيه – هي الله، البداية اللي ما لها بداية.

 

الثقة في حكمة الله والتسليم لعظمته

 

الإيمان في التصور الإسلامي يرتكز على أن الله سبحانه وتعالى هو الكائن الأزلي، لا بداية له ولا نهاية، لا يسبقه شيء ولا يلحقه شيء. الله ليس ضمن منظومة الأسباب والمسببات التي نعيشها ونلمسها في تفاصيل حياتنا اليومية، بل هو متعالٍ عن الزمان والمكان، خالق كل شيء، لا يشبهه شيء، ولا يُقارن به شيء. لذا، حين يُطرح سؤال مثل “من خلق الله؟”، فإنه ينطوي على افتراض خاطئ بأن الله شبيه بالمخلوقات، وهو ما يتعارض جذريًا مع مفهوم الألوهية كما يطرحه الإسلام.

العقل البشري مهيأ بطبيعته لفهم ما له بداية ونهاية، لكن هنالك أمورًا تتجاوز طاقته وحدود إدراكه مهما بلغ من الفهم. ولهذا جاء التنبيه في القرآن الكريم صريحًا، حيث قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} (الإسراء: 85). هذه الآية ليست دعوة للجم التفكير أو كبح العقل، بل هي تذكير رقيق بضرورة التواضع أمام أسرار هذا الكون الواسع، وإيمان عميق بما لا يمكن للعقل المجرد أن يحيط به، خصوصًا عندما يكون العقل نفسه قد توصل إلى أن للوجود خالقًا لا يشبه المخلوقات، ولا يخضع لمقاييسها.

خذ على سبيل المثال قصة شاب يُدعى “أندرو”، كان مولعًا بالفلسفة والتشكيك، وبدأ رحلته بأسئلة وجودية محورية مثل: “من خلق الله؟”. لم يجد في البداية إجابة تُرضي منطقه أو تُسكِّن قلقه الوجودي، وبدلًا من أن يُعمّق فهمه لمفهوم “الأزلية”، غاص في دوامة من الشك والتساؤلات المتراكمة، حتى انتهى به الأمر إلى الإلحاد، ومن ثم إلى عزلة خانقة. كتب في مذكراته، قبيل أن يُنهي حياته: “كلما حاولت أن أُدرك كل شيء بعقلي، فقدت جزءًا من قلبي… حتى لم يتبقّ لي شيء منه.” هذا النموذج المؤلم يوضح بجلاء خطورة الانسياق وراء الأسئلة دون وجود مرجعية إيمانية أو توازن فكري يضبط مسار البحث.

وفي خاتمة الأمر، الإيمان لا يُلغِي دور العقل، بل يُعلّمنا متى يجب أن يتوقف. فبلوغ العقل هو أن يُدرِك حدوده، وبلوغ الإيمان هو أن يمنحك السكينة حين تقف على أعتاب المجهول. الله ليس فكرة يمكن إخضاعها للتجربة أو القياس، بل هو وجود أسمى من أن يُحتوى. والخضوع لحكمته هو قمة الحكمة، والثقة به هي سلام العقل وطمأنينة الروح.

Facebook
WhatsApp
Twitter

شارك المقالة 

مواضيع ذات صلة بـ :

3 حقائق تجعلك تتوقف عن القلق بشأن ‘ من خلق الله ‘ ؟

احصل على بريدنا الإلكتروني الأسبوعي حول القرآن

لمساعدتك في العناية الجيدة بايمانك، سنرسل لك إرشادات حول كيفية التعامل مع القرآن، السنة، الأديان، وأكثر من ذلك.

خصوصيتك مهمة بالنسبة لنا