العلاقة بين الأسماء "شبر وشبير" و"ناداب وأبيهو" من منظور ديني وتاريخي
عبر مسارات الأديان الإبراهيمية، تتلاقى أسماء الشخصيات بين النصوص والتقاليد، وتتشكل خيوط رمزية تدعو للتأمل والتساؤل. من بين هذه الأسماء التي أثارت اهتمام الباحثين والمهتمين بالتراث الديني: “شبر وشبير” من جهة، و”ناداب وأبيهو” من جهة أخرى. خلف هذه الأسماء، تختبئ دلالات روحية وتاريخية عميقة، تعكس الروابط التي لا تزال قائمة بين الرسالات السماوية.
“شبر” و”شبير” هما الاسمان المنسوبان إلى الحسن والحسين، حفيدي النبي محمد ﷺ، وأبناء الإمام علي وفاطمة الزهراء عليهما السلام. تُشير روايات نُقلت عن النبي إلى أن هذه التسمية لم تكن عشوائية، بل جاءت على نهج تسمية ابني هارون عليه السلام. أما في التراث العبري، فإن ناداب وأبيهو هما بالفعل ابنا هارون، كما ورد في التوراة، تحديدًا:
في سفر الخروج 6:23 نجد: “وأخذ هرون إليشابع بنت عميناداب… فولدت له ناداب وأبيهو…”.
وفي سفر اللاويين 10:1-2، ورد ذكر معاقبتهما بسبب تقديم “نار غريبة” لم يأمر بها الرب.
ورغم اختلاف النطق بين الاسمين، يرى بعض اللغويين والباحثين تقاربًا في الأصل والمعنى.
ترى بعض الدراسات في اللغات السامية أن “شبر” و”شبير” يحملان معاني ترتبط بالسمو، أو الطهارة، أو الكمال. وتُنسب للإمام جعفر الصادق أقوال توضح أن هذين الاسمين مأخوذان من الآرامية أو العبرية القديمة، وأن موسى استخدمهما لتسمية أبناء أخيه هارون، وهو ما فعله النبي محمد ﷺ لاحقًا حين أطلق هذين الاسمين على حفيديه، في إشارة ذات رمزية واضحة.
وجاء في بعض التفاسير، منها ما أورده القرطبي، أن النبي قال: “سميتُ ابنيَّ باسم ابني هارون، شبر وشبير”، في مقارنة معنوية توضح مكانة الحسن والحسين في الإسلام، إلى جانب مكانة ناداب وأبيهو في بني إسرائيل.
رغم أن مصير ناداب وأبيهو انتهى بالعقوبة الإلهية لخطأ في أداء الشعائر، فإن ما يجمعهم بالحسن والحسين ليس في الأحداث بل في الرمزية. الحسن والحسين ليسا مجرد أبناء لآل البيت، بل لهما مقام روحي عظيم، تؤكده أحاديث نبوية عديدة، منها:
حديث: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة» (رواه الترمذي).
وحديث: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى…» (رواه البخاري ومسلم)، وهو ما يعزز الربط الرمزي بين الإمام علي وهارون، وبالتالي بين أبنائهما.
بينما تُفصِّل التوراة في ذكر أبناء هارون ودورهم الكهنوتي، لا يذكرهم القرآن صراحة، إلا أنه يجلّ هارون وموسى ويكرم آل عمران، ويمنح آل البيت في الإسلام مكانة أخلاقية وروحية كبيرة، تتجلى في الكتاب والحديث.
ومن هنا، يمكن فهم اختيار النبي لأسماء “شبر وشبير” على أنه ليس مصادفة لغوية، بل امتداد رمزي لسلسلة الأنبياء، وإشارة إلى وحدة جوهر الرسالات.
إجابات على أبرز الأسئلة المطروحة
هل الأسماء “شبر وشبير” من أصل عبري؟
نعم، وفقًا لتفسيرات لغوية ودينية، يُعتقد أن لهما جذورًا في العبرية أو الآرامية القديمة، ثم عُرّبتا لتُطلقا على الحسن والحسين.
هل اقتدى النبي بأسماء أبناء هارون؟
بحسب ما ورد في بعض الأحاديث، نعم. فقد جاء أنه قال: «سميتهما باسم ابني هارون»، في إشارة رمزية لربط القيادة الروحية بين الأمتين.
ما المعنى العميق لهذا التشابه؟
هذا التشابه ليس مجرد تقارب أسماء، بل هو إشعار بأن الرسالة مستمرة، وأن هناك رابطًا يربط الأنبياء بأهل بيتهم، امتدادًا للقيادة والتكليف الإلهي.
تشابه “شبر وشبير” مع “ناداب وأبيهو” لا يمكن النظر إليه كمجرد تشابه لفظي. إنه مفتاح لفهم أعمق لتاريخ الأديان ومسارات النبوة. لقد أعاد النبي ﷺ استحضار هذه الرموز ليؤكد أن الرسالة واحدة، وأن القيم الروحية تمتد وتتشابك من أمة إلى أخرى. وهذا التشابك يجعل دراسة مثل هذه الأسماء نافذة ثرية للحوار بين الثقافات والأديان.
لا تنسَ أن تشارك هذا المقال مع من يهتم بالدين والتاريخ، وندعوك لترك رأيك أو سؤالك في التعليقات – فربما يبدأ من هنا نقاشٌ يُغني الفكر ويقرب القلوب.