۞ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ

تفسير الآية رقم

171

من سورة

آل عمران

(Madaniyah)

تفسير ابن كثير (Tafsir Ibn Kathir)
ثم قال : ( يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين ) قال محمد بن إسحاق : استبشروا وسروا لما عاينوا من وفاء الموعود وجزيل الثواب .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هذه الآية جمعت المؤمنين كلهم ، سواء الشهداء وغيرهم ، وقلما ذكر الله فضلا ذكر به الأنبياء وثوابا أعطاهم إلا ذكر ما أعطى الله المؤمنين من بعدهم .
تفسير الطبري (Tafsir al-Tabari)
القول في تأويل قوله : يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: ” يستبشرون “، يفرحون =” بنعمة من الله “، يعني بما حباهم به تعالى ذكره من عظيم كرامته عند ورودهم عليه =” وفضل “ يقول: وبما أسبغ عليهم من الفضل وجزيل الثواب على ما سلف منهم من طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وجهاد أعدائه =” وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين “، كما:-
8232- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن أبي إسحاق: ” يستبشرون بنعمة من الله وفضل “ الآية، لما عاينوا من وفاء الموعود وعظيم الثواب. (48)
* * *
واختلفت القرأة في قراءة قوله: ” وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين “.
فقرأ ذلك بعضهم بفتح ” الألف “ من ” أنّ” بمعنى: يستبشرون بنعمة من الله وفضل، وبأنّ الله لا يضيع أجر المؤمنين.
* * *
= وبكسر ” الألف “، على الاستئناف. واحتج من قرأ ذلك كذلك بأنها في قراءة عبدالله: ( وَفَضْلٍ وَاللَّهُ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ). قالوا: فذلك دليل على أن قوله: ” وإن الله “ مستأنف غير متصل بالأول. (49) .
* * *
ومعنى قوله: ” لا يضيع أجر المؤمنين “، لا يبطل جزاء أعمال من صدّق رسوله واتبعه، وعمل بما جاءه من عند الله.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بالصواب، قراءه من قرأ ذلك: ” وأن الله “ بفتح ” الألف “، لإجماع الحجة من القرأة على ذلك.
——————
الهوامش :
(48) الأثر: 8232- سيرة ابن هشام 3: 126 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها: 8229.
(49) انظر معاني القرآن للفراء 1: 247.
تفسير السعدي (Tafsir al-Sa'di)
{ يستبشرون بنعمة من الله وفضل } أي: يهنىء بعضهم بعضا، بأعظم مهنأ به، وهو: نعمة ربهم، وفضله، وإحسانه، { وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين } بل ينميه ويشكره، ويزيده من فضله، ما لا يصل إليه سعيهم. وفي هذه الآيات إثبات نعيم البرزخ، وأن الشهداء في أعلى مكان عند ربهم، وفيه تلاقي أرواح أهل الخير، وزيارة بعضهم بعضا، وتبشير بعضهم بعضا.
تفسير البغوي (Tafsir al-Baghawi)
( يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله ) أي : وبأن الله ، وقرأ الكسائي بكسر الألف على الاستئناف .
( لا يضيع أجر المؤمنين ) أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أنا زاهر بن أحمد ، حدثنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلمته أن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر وغنيمة “ .
وقال : ” والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله – والله أعلم بمن يكلم في سبيله – إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما اللون لون الدم والريح ريح المسك “ .
أخبرنا الإمام أبو علي الحسن بن محمد القاضي ، أنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، أنا علي بن الحسن الدارابجردي أنا عبد الله بن يزيد المقرئ ، أنا سعيد ، حدثني محمد بن عجلان ، عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” الشهيد لا يجد ألم القتل إلا كما يجد أحدكم ألم القرصة “ .
تفسير القرطبي (Tafsir al-Qurtubi)
قوله تعالى : يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين
أي بجنة من الله . ويقال : بمغفرة من الله . وفضل هذا لزيادة البيان . والفضل داخل في النعمة ، وفيه دليل على اتساعها ، وأنها ليست كنعم الدنيا . وقيل : جاء الفضل بعد النعمة على وجه التأكيد ; روى الترمذي عن المقدام بن معدي كرب قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( للشهيد عند الله ست خصال – كذا في الترمذي وابن ماجه ” ست “ ، وهي في العدد سبع – يغفر له في أول دفعة ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين من أقاربه ) قال : هذا حديث حسن صحيح غريب . وهذا تفسير للنعمة والفضل . والآثار في هذا المعنى كثيرة . وروي عن مجاهد أنه قال : السيوف مفاتيح الجنة . وروي عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : أكرم الله تعالى الشهداء بخمس كرامات لم يكرم بها أحدا من الأنبياء ولا أنا أحدها أن جميع الأنبياء قبض أرواحهم ملك الموت وهو الذي سيقبض روحي وأما الشهداء فالله هو الذي يقبض أرواحهم بقدرته كيف يشاء ولا يسلط على أرواحهم ملك الموت ، والثاني أن جميع الأنبياء قد غسلوا بعد الموت وأنا أغسل بعد الموت والشهداء لا يغسلون ولا حاجة لهم إلى ماء الدنيا ، والثالث أن جميع الأنبياء قد كفنوا وأنا أكفن والشهداء لا يكفنون بل يدفنون في ثيابهم ، والرابع أن الأنبياء لما ماتوا سموا أمواتا وإذا مت يقال قد مات والشهداء لا يسمون موتى ، والخامس أن الأنبياء تعطى لهم الشفاعة يوم القيامة وشفاعتي أيضا يوم القيامة وأما الشهداء فإنهم يشفعون في كل يوم فيمن يشفعون .
قوله تعالى : وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين قرأه الكسائي بكسر الألف ، والباقون بالنصب ; فمن قرأ بالنصب فمعناه يستبشرون بنعمة من الله ويستبشرون بأن الله لا يضيع أجر المؤمنين . ومن قرأ بالكسر فعلى الابتداء . ودليله قراءة ابن مسعود ” والله لا يضيع أجر المؤمنين “ .

اشترك في موقعنا الجيل القرآني

أرسل الينا البريد الالكتروني من أجل تلقي آخر محتوانا و التواصل بشكل مباشر و فوري مستهدين بالقرآن الكريم.

خصوصيتك مهمة بالنسبة لنا
تواصل معنا على :
شارك المحتوى :