وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ

تفسير الآية رقم

25

من سورة

الروم

(Makkiyah)

تفسير ابن كثير (Tafsir Ibn Kathir)
ثم قال : ( ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ) كقوله : ( ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ) [ الحج : 65 ] ، وقوله : ( إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ) [ فاطر : 41 ] . وكان عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، إذا اجتهد في اليمين يقول : لا والذي تقوم السماء والأرض بأمره ، أي : هي قائمة ثابتة بأمره لها وتسخيره إياها ، ثم إذا كان يوم القيامة بدلت الأرض غير الأرض والسماوات ، وخرجت الأموات من قبورها أحياء بأمره تعالى ودعائه إياهم; ولهذا قال : ( ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون ) كما قال تعالى : ( يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا ) [ الإسراء : 52 ] .
وقال تعالى : ( فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة ) [ النازعات : 13 ، 14 ] ، وقال : ( إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون ) [ يس : 53 ] .
تفسير الطبري (Tafsir al-Tabari)
القول في تأويل قوله تعالى : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25)
يقول تعالى ذكره: ومن حججه أيها القوم على قُدرته على ما يشاء، قيام السماء والأرض بأمره خضوعا له بالطاعة بغير عمد ترى ( ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ ) يقول: إذا أنتم تخرجون من الأرض، إذا دعاكم دعوة مستجيبين لدعوته إياكم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأرْضُ بِأَمْرِهِ ) قامتا بأمره بغير عمد ( ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ ) قال: دعاهم فخرجوا من الأرض.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (إِذَا أنتُمْ تَخْرُجُونَ) يقول: من الأرض.
تفسير السعدي (Tafsir al-Sa'di)
أي: ومن آياته العظيمة أن قامت السماوات والأرض واستقرتا وثبتتا بأمره فلم تتزلزلا ولم تسقط السماء على الأرض، فقدرته العظيمة التي بها أمسك السماوات والأرض أن تزولا، يقدر بها أنه إذا دعا الخلق دعوة من الأرض إذا هم يخرجون { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ }
تفسير البغوي (Tafsir al-Baghawi)
(ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ) قال ابن مسعود : قامتا على غير عمد بأمره . وقيل : يدوم قيامها بأمره ( ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض ) قال ابن عباس : من القبور ( إذا أنتم تخرجون ) منها ، وأكثر العلماء على أن معنى الآية : ثم إذا دعاكم دعوة إذا أنتم تخرجون من الأرض .
تفسير القرطبي (Tafsir al-Qurtubi)
ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره إن في محل رفع كما تقدم ; أي قيامها واستمساكها بقدرته بلا عمد . وقيل : بتدبيره وحكمته ; أي يمسكها بغير عمد لمنافع الخلق . وقيل : بأمره بإذنه ; والمعنى واحد . ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون أي الذي فعل هذه الأشياء قادر على أن يبعثكم من قبوركم ; والمراد سرعة وجود ذلك من غير توقف ولا تلبث ; كما يجيب الداعي المطاع مدعوه ; كما قال القائل :
دعوت كليبا باسمه فكأنما دعوت برأس الطود أو هو أسرع
يريد برأس الطود : الصدى أو الحجر إذا تدهده . وإنما عطف هذا على قيام السماوات والأرض بثم لعظم ما يكون من ذلك الأمر واقتداره على مثله ، وهو أن يقول : يا أهل القبور قوموا ; فلا تبقى نسمة من الأولين والآخرين إلا قامت تنظر ; كما قال تعالى : ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون . وإذا الأولى في قوله تعالى : إذا دعاكم للشرط ، والثانية في قوله تعالى : إذا أنتم للمفاجأة ، وهي تنوب مناب الفاء في جواب الشرط . وأجمع القراء على فتح التاء هنا في تخرجون .
واختلفوا في التي في ( الأعراف ) فقرأ أهل المدينة : ومنها تخرجون بضم التاء ، وقرأ أهل العراق : بالفتح ، وإليه يميل أبو عبيد . والمعنيان متقاربان ، إلا أن أهل المدينة فرقوا بينهما لنسق الكلام ، فنسق الكلام في التي في ( الأعراف ) بالضم أشبه ; إذ كان الموت ليس من فعلهم ، وكذا الإخراج . والفتح في سورة الروم أشبه بنسق الكلام ; أي إذا دعاكم خرجتم أي أطعتم ; فالفعل بهم أشبه . وهذا الخروج إنما هو عند نفخة إسرافيل النفخة الآخرة ; على ما تقدم ويأتي . وقرئ ( تخرجون ) بضم التاء وفتحها ، ذكره الزمخشري ولم يزد على هذا شيئا ، ولم يذكر ما ذكرناه من الفرق ، والله أعلم .

اشترك في موقعنا الجيل القرآني

أرسل الينا البريد الالكتروني من أجل تلقي آخر محتوانا و التواصل بشكل مباشر و فوري مستهدين بالقرآن الكريم.

خصوصيتك مهمة بالنسبة لنا
تواصل معنا على :
شارك المحتوى :